كلمة لاديني كلمة تحتوي على تناقض:

إذا كان لكل الديانات بعد ميتافيزيقي، روحاني، فكل ملحد له أيضا فلسفة واقتناعات لها بعد معنوي وبالتالي لا يمكن أن تقاس بمعايير مقننة وملموسة.
دعنا نترك الديانات الأشهر جانبا، إسلاما أو مسيحية أو بوذية إلخ... لكن الإنسان مهما كان فله دينه، حتى الشيوعيون يرون في نظريتهم دينهم وأفيونهم، ومدمني المخدرات وعرابدة الخمور لا يخلو ادمانهم من "انزلاقات" روحانية، الملحد نفسه مثلا قد يكون مؤمنا بنظرية سياسية أو اجتماعيه، يعني بفكرة طبيعتها فلسفية معنوية، وقد يخشع لمقطع موسيقي أو يسقط في قصة غرام، وربما كان شاعرا يتغنى بجمال البستان، كل ذلك له بعده المعنوي، يعني الروحاني، وفي جوهره لا يختلف عن تصرف من يبحث عن الخشوع في مسجد أو كنيسة.

ليس من الصراحة أن يكتب ويدعي البعض في نوادي الإنترنت أن إلحادهم حصنهم فأصبحوا أشخاصا من حجر الغرانيت أو أناسا أتوا من المريخ، هذا شبيه بالخربشة على جدران المراحيض لأن من يفعل ذلك يظن أن جدران المرحاض تعطيه نوعا من الحماية وبالتالي الحق في كتابة ما يستنكره هو نفسه!
الحقيقة هي أن الإنسان روحاني الطبع، ومن تبرأ من خزعبلات القطيع الدينية، وأصبح لاديني، فأنا على يقين أن نفسه تقدس اقتناعا ما يمثل بالنسبة لها المثل الأعلى بكل ما لذلك من قيمة معنوية. المشكلة هي أننا دائما نختزل مفهوم الدين والآلهة في نطاق ما تمدنا به المفاهيم الكلاسيكية للدين والآلهة، لكن الإنسان ضعيف جدا وبحاجة للقيم المعنوية الروحانية، وكل من يدعي العكس أصدقه أول الأمر، لكنني إن صادفته بعد ثلاثة أيام حيا يُـرزق ولم ينتحر بعد، أقول له بكل صراحة: إنك تكذب!