{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كوابيس بيروت
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #4
كوابيس بيروت
زملائي الأعزاء سأحاول أن أنتقي من هذه الرواية الرائعة
كل كابوس يحمل فكرة عميقة ويحمل وجع عميق ويحمل خيال عبقري .

بتأني سأظل أختار لكم (f)

إلى ذكرى الجنون الطاهر

_ كابوس 24 _


أنه الغروب ...
دوماً يأتيني حبيبي مع الغروب ... مع الفجر ... مع الرعد ... مع المطر .. مع كل
ما هو مهيب وأزلي ..
دوماً يأتيني حبيبي مع الخريف ، كأن الخريف هو آثار أقدامه على الأرض ... يهبط
إلي من جنون سمفونية الموت والمتفجرات ، ويدخل ممزقاً بالرصاص تماماً كما شاهدته
آخر مرة .. وأركض إلى صدره المزروع بالزجاج المسنن ، فتنغرس قطعه في صدري أيضاً
كلما زاد في ضمي إليه ، ونلتحم بالموت والوجع ، وتصير سكاكين الزجاج جسوراً
بل وشرايين مشتركة لجسدينا ... وشيئاً فشيئاً يخيم الظلام .. ويتلاشى بين يدي
وأنا أصرخ به : ولكنني مازلت أُحَبُك ...



_ كابوس 25 _


(( ولكنني أُحَبُك )) ..
وكانت السيارة تركض بنا في شوارع بيروت في أواخر الربيع الماضي ( ربيع 75 )
يوم انفجار العنف .. _ الجولة الأولى _ ...
(( ولكنني أُحَبُك )) ...
وكنا نتحدث عن مهزلة اكتشفناها فيما بعد ، وهي أن الكلمة المكتوبة في خانة
المذهب لديه هي غيرها لدي .. أي أننا باختصار من دينين مختلفين ...
(( ولكنني أُحَبُك )) ...
وكان يبلغني رفض والده القاطع لزواجنا ... بسبب الفارق في الدين !.
ولكنني أُحَبُك
لم يكن بوسعي أن أصدق أن الأديان وجدت لتدمير الحب بدلاً من إشعال ناره ...
ولكنني أُحَبُك
قال : إذن سنتزوج على أية حال .. سنتزوج مرة في الصحراء أمام النجوم والكون
وذاتينا والله الحاضر في داخلنا وفي كل مكان ... ومرة في كنيسة ... وأخرى في جامع ،
فقد نرضي الجميع ..
قلت : إرضاء الجميع مستحيل ، وعمل غير أخلاقي . من واجبنا أن نوقف جنون التقسيم داخل عقولهم ، بدلاً من مسايرتهم ..
وفجأة أوقفنا حاجز عجيب غريب ... كان هنالك خيط رفيع من ( المصيص ) وقد ربط من طرف الرصيف ، إلى الرصيف الآخر ، ... وأمام هذا الحاجز العجيب وقفت مجموعة من الأطفال قائدهم وأكبرهم في العاشرة من عمره ...
كنا نضحك . عز علينا أن نمزق لهم خيطهم ( الحربي ) فتوقفنا لحاجزهم . كانوا جميعاً
يحملون العصي كما لو كانت بنادق ، فازددنا ضحكاً ... وطلبوا مشاهدة تذاكرنا
( بطاقات الهوية الشخصية ) فخرجناها لهم وقد سلتنا المسرحية وقال حبيب : انهم يذكرونني ( بشقاوة ) تلاميذي في المدرسة حين كنت أدرس في صفوف الصغار ..
وقال لنا الصبي ابن العاشرة : يجب خطف المرأة وقتلها . أنها من غير ديننا . اما أنت
تستطيع أن تمر .
كان صوته مرعباً وحاداً مثل أنياب قط صغير متوحش . وتأملنا وجوه الأطفال
فبدت لنا مثل وجوه كبار مركبة على أجساد أطفال ... وبدأت لحاهم تطول ...
وأظافرهم تكبر ... ووجوههم تتجعد والعرق يتصبب من جباههم ... صاروا مجموعة
من قطاع الطرق الأقزام ... خفت وصرخت بينما أنطلق حبيبي بالسيارة وهو يسأل :
ماذا دهاكِ ؟ ..

بعدها بأسابيع ، وكانت المعارك ما تزال مستعرة أوقفنا في المكان نفسه حاجز .. هذه
المرة لم يكونوا أطفالاً أقزاماً .. هذه المرة كانت البنادق حقيقية .. هذه المرة كانوا تلامذة حبيبي فعلاً .. تنهد يوسف بارتياح حين شاهد وجوههم وقال لي وهو يفتح باب السيارة
ليحدثهم : أنهم تلاميذي فلا تخافي .. أما هم فتحدثوا إلينا كأطفال الحاجز الأول .
اللهجة نفسها ... العيون المنومة نفسها كأنما بفعل سحر شرير غامض ... طلبوا تذاكرنا
قال لهم : ولو .. ألا تعرفون أستاذكم .. أنا يوسف ...
كرر تلميذه السؤال بصراحة أكثر . أعطيتهم تذكرتي وكذلك فعل أستاذهم ، حبيبي .
بدأ أحدهم يشتمني لأنني أخرج مع شاب من غير ملتي ... وغضب يوسف ، وصرخ بتلميذه : حتى أنت يا ..
وفوجئت برد التلميذ . قال له ببرود معدني عجيب : كل ما نعرفه الآن هو أنك من دين
آخر .. دين الذين خطفوا ابن عمي وعذبوه وقتلوه .. صرخ بهم : أيها الأغبياء ..
آلا ترون أنكم فقراء مثلي .. الفقر ملتنا الأولى ... الفقر يجعلنا حلفاء بوجه الذين لهم
مصلحة في متابعة ابتزازنا عن طريق تخديرنا بخلاف ديني .. اسمعوا يا أبنائي ... ورد
أصغرهم ، لم تكن لحيته قد نبتت بعد :
_ سئمنا محاضراتك يا أستاذ ... تفضل معي ..
ولم يكد حبيبي يدير ظهره ويخطو على الرصيف حتى دوى صوت الرصاص ، وكان صوته في الليل عالياً وشبيهاً بزعيق طيور بحرية جائعة فوق جثة طافية ، وتمزق حبيبي أمام
عيني ،تمزق كتفاه وذراعاه وصدره وكل موضع في جسده كنت قد قبلته ، دفعه الرصاص واخترقه فتهاوى فوق الواجهة الزجاجية لإحدى شركات الطيران وقد اخترقته
سكاكين الزجاج أيضاً ...
لم أصرخ ... كنت مدهوشة ... كان كابوساً لا يصدق ... ركضت إليه ، وانحنيت
فوقه ، ثم انفجرت اضحك اضحك واضحك ... كان موته نكتة غير معقولة ... وكان
تصميم طائرة إعلانية ما يزال يضيء وينطفئ ... يضيء وينطفئ داخل الواجهة الزجاجية لمكتب شركة الطيران ... طالما حلمنا بالرحيل معاً ... لكن طائرات الحب
من الورق ورصاص الواقع من نار ...
صفعني أحدهم مرات على وجهي قائلاً أن ذلك سيعيد لي رشدي ... وبسكينه حفر
لي على ذراعي رمزي الديني .. وكان الألم مروعاً ، وقال لي : كي لا تنسي
بعد اليوم انتمائك ... وتخرجي مع شاب من غير ملتكِ ... وركضت في دروب الليل صارخة : لكنني أنتمي للحب وللحياة ... هذا محفور في قاع عظامي من الداخل ، لا فوق جلدي من الخارج ..



:wr:



12-19-2005, 01:04 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-07-2005, 12:02 AM,
كوابيس بيروت - بواسطة bareya - 12-13-2005, 03:09 PM,
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-15-2005, 05:25 PM,
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-19-2005, 01:04 AM
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-20-2005, 05:08 PM,
كوابيس بيروت - بواسطة هجرس - 12-20-2005, 08:26 PM,
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-21-2005, 01:30 AM,
كوابيس بيروت - بواسطة هجرس - 12-21-2005, 04:11 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  موفق رفيق خوري...رواية جديدة تحمل اسم " حيفا بيروت حيفا " بسام الخوري 15 5,292 10-08-2010, 07:23 AM
آخر رد: هاله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 6 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS