استشهادي ..

شكرا لك على مشاركتك .

(f)


اخواني ..


هذه العقبات الست المذكورة أعلاه : لا يستغلها الشيطان بترتيب تنازلي فقط ! وانما بترتيب تصاعدي ايضا .. كيف ذلك ؟

كلما أدكم العبد على عقبة منها : انتقل الى التي بعدها : من المباحات الى المفضول الى الصغائر الى الكبائر الى البدع الى الكفر والردة .

وهذه عقوبة من الله تعالى اذا لم يتبع العبد كل عقبة منها توبة وانابة وندم ,,

فاذا ترك العبد التوبة والندم على التقصير في حق الله : يكون حينئذ العقاب بالانتقال الى المنزلة التي بعدها عدلا منه سبحانه باختياره للعبد الطريق الذي اختاره هو لنفسه .

قال تعالى : في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا .

فالله سبحانه نخاف عدله ولا نخاف ظلمه , المخلوق نخاف ظلمه وأما الله فنخاف عدله .



يقول ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله تعالى :

قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحيكم . واعلموا ان الله يحؤل بين المرء وقلبه:

فان الله سبحانه بين العبد وبين قلبه فيعلم هل استجاب له قلبه وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه .

( وكأن الخطاب كما يلي ) : انكم ان تثاقلتم عن الاستجابة و أبطأتم عنها فلا تأمنوا أن الله يحول بينكم وبين قلوبكم فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانة فيكون كقوله ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة وقوله فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم . ( الفوائد / 90 )


ويقول رحمه الله :

ان الرجل إذا حضرت له فرصة القُربة والطاعة فالحزم كل الحزم في انتهازها والمبادرة إليها , ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلما ثبتت.

والله سبحانه يعاقب من فتح له بابا من الخير فلم ينتهزه بأن يحول بين قلبه وإرادته فلا يمكنه بعد من إرادته فلا يمكنه بعد من إرادته عقوبة له .

فمن لم يستجب لله ورسوله إذا دعاه حال بينه وبين قلبه وإرادته فلا يمكنه الاستجابة بعد ذلك قال تعالى

يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

وقد صرح الله سبحانه بهذا في قوله :

ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة (الأنعام110 )

وقال تعالى : فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم

قال: وهو كثير في القرآن . ( زاد المعاد 3 / 574 )




ويعقّب شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله قائلا :

كما يثاب المؤمن على الحسنة بحسنة أخرى فإذا عمل بعلمه ورثه الله علم ما لم يعلم وإذ عمل بحسنة دعته إلى حسنة أخرى قال تعالى :

والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم

وقال تعالى : ويزيد الله الذين اهتدوا هدى / سورة مريم 76

وقال : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا/ سورة العنكبوت 69

وقال : ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما / سورة النساء 66

وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم


انتهى كلامه رحمه الله .


والجملة الجامعة لهذه المداخلة ايها الاخوة الكرام : عبارة قالها أحد السلف :

إن من ثواب الحسنة : الحسنة بعدها , وان من عقوبة السيئة : السيئة بعدها .

وهذا فهم سديد موفّق لنصوص الكتاب والسنة .

نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لعمل الخير وأن يقينا طرق الفجور والضلال انه سميع قريب مجيب .

:97: