{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كوابيس بيروت
ابن حوران غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 776
الانضمام: Aug 2003
مشاركة: #5
كوابيس بيروت
هذا الكابوس مهدى لذكرى الأعياد التي ستأتي بعد ايام

عيد الميلاد المجيد وكل عام وانتم بألف خير (f)


وعيد رأس السنة والله يديم عليكم الصحة ويجعل العام القادم مليء
بالخير والرحمة والسلام والحب :h:




وعيد الأضحى المبارك وكل عام وأنتم بألف خير (f)


إهداء للعجوز العيد .......




_ كابوس 98 _


توقف قطار الليل، وكان رصيفه بركة دم . هبط راكبه الوحيد ، وكان أسم
الزمان بيروت ...
تجمعت حوله الطيور الليلية والقطط والرياح والأشجار والفئران ترقبه بفضول .
كان جسده من جذع زيتونة موغلة العتق ، وشعره من أعشاب الأعماق البحرية
وفي عينيه دهاليز لا متناهية الأبعاد والمرايا ... وعلى شفتيه ابتسامة نصف بريئة
نصف مذهولة ...
فقد أدهشه ألا يأتي لاستقباله أحد .
صرخ بحزن : أين أنت يا شعبي ؟ أين أنتم أيها الأطفال .. أيها الفقراء ..
أيها البسطاء .. أين ذهب الجميع ؟ ..
وتقدم منه بوم لطيف المعشر وسأله ع، أسمه .. ورد الشيخ : أسمي العيد .
وانفجرت مخلوقات الطبيعة ضاحكة ، فالحياة بحد ذاتها هي عيدهم اليومي المستمر ...
أنهم لا ينتظرون مرور قطار العيد لأنهم ببساطة يقطنونه ! ... وقرر سنجاب حريري الذيل أن البشر مضحكون لأنهم ينتظرون زيارات العجوز العيد دون أن يلحظوا أن شروق الشمس اليومي ورقصة المد والجزر وأناشيد المطر والفصول كلها أعياد نسوها في غمرة انشغالهم بصنع الدمار والبشاعة .
مشى نحو بيروت .
أستوقفه حاجز مسلح وسأله عن أسمه ، قال : أسمي العيد لم يبدُ على أحد أنه
تذكر هذا الاسم . أحدهم فقط بدا وكأن يحاول استرجاع صورة ملونة داخل رأسه ،
لكنه لم يستطيع ، فقد كانت أصوات الرصاص طيلة أسابيع قد مزقت شاشة ذاكرته ...
كرر : أنا العيد . قالوا : تشرفنا . أين تذكرتك ( بطاقتك الشخصية ) ؟ .
أشار العيد بيده المعروفة كسنبلة إلى هلال نحيل في السماء وقال : القمر تذكرتي ‍ .
لم يرفعوا رؤوسهم إلى الأعلى . كانوا قد اعتادوا على استعمالها للصيد فقط . أحدهم
فقط صوب رصاصة إلى القمر ، وأطلق النار بدقة ، فأصابه ، وأنفجر الهلال وسقطت
جثته كومة من الرماد . وضحك الرجال وأطلقوا سراح العجوز المجنون لأنه أرخص
من رصاصة ...

* * *
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة، ماذا فعلتِ بجدائلكِ ؟
هكذا سأل العجوز امرأة عرفها منذ زمن طويل وأحبها … كانت جميلة وأنيقة
وترتدي القفازات باستمرار .
قالت : قصصت جدائلي وخنقت بها أولادي واحداً بعد واحد !
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، ماذا فعلتِ بحبيبكِ ؟
_ غدر بي ، فشنقته على أسوار قلبي …
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، ماذا فعلتِ بأسوار قلبكِ ؟
_ علقت عليه جثث أيامي ، وتركتها لنسور الصحو يأكل عيونها وأكبادها …
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، ماذا فعلتِ بجلدكِ الأملس الشفاف ؟
_ زوجته للتراب ، طهرته بالأشواك وعطرته برائحة البارود .
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، لماذا لم تنتظريني على رصيف محطة الليل
كما في كل عام ؟ ..
_ ولكنني العيد …
_ ولكنك عابر سبيل . تعبت من عابري السبيل كعاهرات الموانئ …
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة التي أسمها بيروت .. هل فقدتِ رشدكِ ؟ .
_ ربما … وربما لا .. ربما للمرة الأولى استعدت رشدي ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، شفتاك مشققتان كالقديد ، وجهكِ محروق كرمل
الصحارى ، عنقكِ هزيل كطائر محروق العش … كيف تستمرين ؟..
جرته السيدة من يده … ثمة تل من سبع طبقات … طبقة من الملح ثم الجثث ثم
الدم ثم الخطيئة ثم الندم ثم التوبة ثم الوعي … وفي التراب الغامض لهذا المزيج ، ثمة
نبتة خضراء تشق دربها في العتمة والريح وشهقات
الاحتضار الممزوج بشهقات الولادة ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، كيف تقضين لياليكِ الآن ؟..
_ على شاطئ كسرت علبي الليلية وتركتها تهترىء كعلب السردين الفارغة
الصدئة … أني أراهن اليوم على مستقبل آخر ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، أخشى أن تكون هذه هي النهاية … أنك لم تعودي
جميلة …
_ لم أكن قط جميلة . ل جمال بلا عدالة . كنت قناعاً جميلاً وها أنا أخلع قناعي ،
ولأخلع مجوهراتي وفرأتي وقفازاتي وأغسل وجهي … ولو بالدم ..
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، لقد ضعيتِ دوركِ .
_ لقد رفضتِ دوري كراقصة أولى في كباريه الشرق الأوسط !..
من رمادي قد أخرج ، من نهر الدم قد أتطهر .. أنها فرصتي الوحيدة
لأكون ولأنجو ...
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة أين فندقكِ الوثير الأرائك لأنام ؟ …
_ الوطن ليس فندقاً … في زياراتك المقبلة آمل أن تقيم بيننا دائماً … وتصير
مواطناً في مملكة الفرح … مملكتي .
_ أيتها السيدة ، أيتها السيدة ، إلى أين تمضين ؟
_ إلى حيث أنجو ، أو أموت !!..

* * *

لملم العجوز حقائبه وألعابه الرثة ، وزماميره السخيفة و ( كوتياناته ) الهزلية وعاد
إلى المحطة …
في الظلمة ، كانت النبتة الخضراء تتوهج بينما الفقراء والبسطاء والأطفال يغرسون
جذورها داخل شرايينهم لتكبر …
وجاء البوم اللطيف يحاول أن يؤنس العجوز ريثما يصل القطار ، ويروي له النكات
المرحة ، لكن العجوز _ العيد كان ما يزال يتساءل بحيرة : هذه السيدة
التي أسمها بيروت ، تراها تنتحر أم تخلع أقنعتها لتخرج من رمادها جديدة
كطائر الفينيق ؟
تراه يصير حقاً مواطناً دائماً في جمهوريتنا ؟ أم أنه في زيارته المقبلة سيطلق
الرصاص على رأسه ليموت منتحراً على رصيف محطتها الغامضة ؟ ..
وكل هذا الصخب والعنف . كل هذا الصراخ . أكان احتضاراً أم ولادة ؟ ..


:wr:



12-20-2005, 05:08 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-07-2005, 12:02 AM,
كوابيس بيروت - بواسطة bareya - 12-13-2005, 03:09 PM,
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-15-2005, 05:25 PM,
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-19-2005, 01:04 AM,
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-20-2005, 05:08 PM
كوابيس بيروت - بواسطة هجرس - 12-20-2005, 08:26 PM,
كوابيس بيروت - بواسطة ابن حوران - 12-21-2005, 01:30 AM,
كوابيس بيروت - بواسطة هجرس - 12-21-2005, 04:11 AM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  موفق رفيق خوري...رواية جديدة تحمل اسم " حيفا بيروت حيفا " بسام الخوري 15 5,292 10-08-2010, 07:23 AM
آخر رد: هاله

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS