ان أي لبناني او مطلع على الوضع اللبناني يعلم ان جنوب لبنان ممسوك أمنيا من قبل حزب الله، خصوصا المنطقة التي يمكن اطلاق هجمات صاروخية منها اتجاه اسرائيل، وهذا الامر قد يحصر اجمالا في ثلاثة احتمالات على الاقل:
1- ان يكون هذا البيان الصادر عن القاعدة ملفقا، كما بيانات أخرى سابقة في مجالات أخرى قد سلطت الضوء على تنظيم القاعدة في لبنان، ومن قام بهذه العملية هو تنظيم فلسطيني متعاون مع حزب الله.
2- ان يكون حزب الله نفسه هو من قام باطلاق هذا الهجوم - على الرغم من انكاره الامر، ولمن يعلم فإن مصداقية حزب الله بهذا الاطار عالية، ولكن وبسبب الاحداث الحاصلة مؤخرا لا يمكن استبعاد الامر - وذلك في سبيل قلب الطاولة الداخلية، والخروج من عنق الزجاجة الناتج عن التجاذبات الحادة الحاصلة التي يشهدها لبنان في الآونة الاخيرة.
3- ان تكون القاعدة فعلا هي من قامت بهذه الهجمات، وهذا بواقعه، وبعين موضوعية الى حد ممكن، لا يكون بتاتا الا بتعاون او على الاقل غض طرف من قبل حزب الله.. وهذا مع ما فيه من تشكيك أولي متبادر، بسبب الخلافات العقدية المستحكمة بين القاعدة والشيعة، فقد يمثل نوع من سابقة

بهذا، وان اراد المرء التفصيل أكثر بهذه الاحتمالات - وربما غيرها - لخرج معه ان الاحتمالين الاولين لهما حيز من الصدقية، وقد يطابقا الواقع، لكن الاحتمال الثالث، مع ما اشرت الى ما فيه من استغراب وتشكيك، فهو يستحق نوع من التوقف لما فيه من خطورة ان صدق، وهو الامر الذي دعا مصدر امني اسرائيلي للقول: "إذا كان هذا صحيحا، فإنه يعني أن القاعدة، وهو تنظيم معاد للشيعة، أفلح في التغلغل إلى قلب حزب الله، المنظمة الشيعية. ولذلك ينبغي التعامل مع البيان بارتياب شديد" .. وهذه الخطورة تتشكل بداية بما يتبدى من اعتماد الاطراف اللبنانية "الشام - بوشية" ومن هم ورائها من قوى اقليمية او دولية، على فزاعة تنظيم القاعدة اولا في سبيل تمرير خططها للمنطقة، وتبريرها.. فمن جهة أولى، وربطا للاحداث انطلاقا من الاتهامات الاميركية السابقة لإبران بإيواء قيادات من تنظيم القاعدة، وصولا الى ما روج من اكثر من مصدر عن اجتماعات تمت من فترة ليست بالقليلة بين عماد مغنية - يقال انه المسؤول الامني في حزب الله - وبين اسامة بن لادن، ربطا لهذا بالاتهامات الاميركية لسوريا بدعم "المقاومة العراقية" والتفاوض مع السوريين بالورقتين العراقية واللبنانية، لخرج معنا ان تنظيم القاعدة حاضر في جدول اعمال الادارة الاميركية بالشرق الاوسط، وهو جاهز كورقة ضاغطة ورابحة في تاليب المجتمع الدولي اتجاه من يرفع ضده ... ومن جهة ثانية ان ضممنا الاعلانات السورية السابقة عن ايقاف مجموعات من القاعدة تحاول الدخول الى لبنان، الى حملات توقيف وقتل مجموعات اخرى في سوريا، الى قضية ادخال القاعدة وحشرها في مسألة اغتيال الحريري .. وغيرها، لخرج معنا ان الطرف الآخر يستغل ورقة القاعدة تماما كاستغلال الادارة الاميركية لها ..

من هنا تظهر المشكلة بأن نكون ربما امام حالة قد فرضت على لبنان قوامها فتح المجال امام القاعدة لترتع فيه كما تشاء لتسهيل وتمرير المشاريع او المشاريع المضادة، او تلبس بعض الاطراف بلبوس القاعدة لتمرير تلك المشاريع او قلب الطاولة على احلاف او قوى سياسية اخرى لاستمرار البقاء وخدمة لدول مستفيدة من هذا، وبالنهاية سيكون بالطبع الخاسر الاكبر لبنان ..

رحم من قال "في الحب والحرب كل شئ مباح"