مدة سحب القرار هي ذات المدة التي يكون القرار معرضاً فيه بالطعن بالإلغاء أمام القضاء ، وهي ستون يوماً من تاريخ صدوره..
فإذا كان القرار يمكن طلب إلغائه أمام القضاء فإنه يجوز للإدارة سحبه ، وإذا أغلق طريق الطعن القضائي في القرار يصبح السحب غير ممكن حتى لا تظل القرارات غير المشروعة مفتوح للإدارة حق سحبها ممنوع على الأفراد طلب إلغائها أمام القضاء..
ومدة السحب حددها القضاء بمدة الطعن القضائي للتوفيق بين ما يجب أن يكون للإدارة من حق في إصلاح ما ينطوي عليه قرارها من مخالفة قانونية ، وبين وجوب استقرار الأوضاع القانونية المترتبة على القرار الإداري ، وهذا يستلزم الاتساق بين الميعاد الذي يجوز لصاحب الشأن طلب إلغاء القرار بالطريق القضائي وبين الميعاد الذي يجوز فيه للإدارة سحب القرار ، وللمساواة بين الأفراد وجهة الإدارة..
غير أن ثمة حالات استقر عليها الفقه والقضاء يستدعي المنطق السليم سحب القرار فيها دون التقيد بمدة معينة ، وهذه الحالات تعد استثناء على الأصل العام وهي:
1ـ القرارات الإدارية المنعدمة :
لازالت التفرقة بين القرار الباطل والقرار المنعدم تثير خلافا بين الفقه والقضاء ، ويذهب أستاذنا الفاضل الأستاذ الدكتور سليمان الطماوي رحمه الله تعالى فقيه وعلامة القانون الإداري بمصر إلى التفرقة بين القرار المنعدم والقرار الباطل إلى (فكرة الوظيفة) فكل عمل منبت الصلة بالوظيفة الإدارية كما يحددها القضاء على ضوء المبادئء الدستورية العامة في الدولة ، بحيث لا يمكن اعتباره تنفيذاً مباشراً أو غير مباشر للوظيفة الإدارية هو عمل معدوم . أما إذا أمكن إرجاع عمل الإدارة إلى وظيفتها الإدارية ، سواء أكانت قد مارست تلك الوظيفة في حدودها المشروعة أو تجاوزت تلك الحدود فهو عمل إداري يحتفظ بصفته الإدارية وما تستتبعه تلك الصفة من أحكام (انتهى)..
2ـ القرارات الصادرة بناء على غش أو تدليس:
فلا يجوز لشخص أن يستفيد من غشه أو تدليسه تأسيساً على القاعدة القانونية (بأن الغش يفسد كل أمر) ، ولكي نقول بأن هناك غشاً أو تدليساً يلزم:
أ ـ أن تكون الأعمال التي بها غش أو تدليس صدرت من المستفيد.
ب ـ أن تكون هذه الأعمال الصادرة من المستفيد هي التي حدت بالإدارة إلى إصدار القرار ، ومن الأمثلة على القرارات الصادرة بناء على غش أو تدليس ويمكن سحبها في أي وقت:
ـ قرار بمنح الجنسية للأجنبي بناء على أوراق مزورة
ـ قرار تعيين في إحدى الوظائف بناء على شهادات غير صحيحة
ـ قرار قبول في إحدى المدارس بناء على شهادة ميلاد مزورة
ـ قرار بتأسيس شركة مساهمة قام على مخالفة قانونية وغش من المعني بالأمر
جـ ـ التسويات المالية الخاطئة
ثانياً: آثار السحب:
يترتب على سحب القرار الإداري إنهاء كل أثر له منذ إصداره ، أي إنهائه بأثر رجعي فهو يميت القرار منذ إصداره..
والسحب قد يكون كلياً إذا شمل القرار بأكمله ، وقد يكون جزئياً إذا شمل بعض أجزاء منه . وفي كلتا الحالتين يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل إصدار القرار المسحوب..
إلا ان السحب قد يترتب عليه آثار إنشائية ، وقد يترتب عليه آثاراً هدامة:
أولاً: الآثار الإنشائية للسحب:
في حالات كثيرة لا يترتب على السحب إنهاء كل أثر للقرار بأثر رجعي ، بل يجب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور القرار الإداري الذي تقرر سحبه ، فعلى سبيل المثال: إذا صدر القرار بخصم مرتب شهر من موظف وتم سحب القرار فيلزم عودة ما خصم من المرتب إلى الموظف ، وإذا كان الموظف قد صدر قرار بإنهاء خدماته وتم سحب هذا القرار يلزم عودته إلى العمل واعتبار مدة خدمته متصلة ، فإذا قامت الإدارة بتعيينه تعييناً جديداً ولم تحسب له مدة الخدمة بين قرار الإنهاء والعودة للعمل فإن قرار تعيينه الجديد يعد قراراً (غير مشروع)..
ثانياً: الآثار الهدامة للسحب:
يترتب على قرار السحب آثاراً تهدم القرار السابق تظهر في إزالة المسحوب بأثر رجعي منذ تاريخ إصداره ، وإزالة كافة الآثار القانونية والمادية التي ترتبت عليه بأثر رجعي..
ويثور التساؤل في حالة سحب قرار التعيين أو الترقية بالنسبة لأحد الموظفين:
أـ بالنسبة لسحب قرار التعيين:
فهل يترتب على سحب قرار التعيين بطلان كل القرارات التي اتخذها الموظف الذي صدر قرار بحسب تعيينه أم لا؟ وهل يرد الراتب الذي حصل عليه خلال الفترة من صدور قرار التعيين وحتى صدور قرار السحب؟..
بالنسبة للراتب وأي مزايا مالية حصل عليها لا ترد ، لأن الأجر مقابل العمل ، ويحتفظ الموظف بأية مبالغ حصل عليها من الإدارة..
أما بالنسبة للقرارات التي اتخذها فإنها تعد سليمة استناداً لنظرية الموظف الفعلي..
ب ـ بالنسبة لسحب قرار الترقية:
استقر القضاء على أن يترتب على سحب القرار الإداري بالترقية أن يقوم الموظف برد جميع الفروق المالية التي حصل عليها ، ويستثنى من ذلك حالة ما إذا أخطأت الإدارة في التقدير ، وقام الموظف بأعباء الوظيفة المرقى إليها..