الزملاء المحترمين,

لا شك في ان موضوع اغتيال الحريري بكل ما يحمله من مشاعر الاسى و الحزن و النقمة على من ارتكبه, الا ان ما جرى اثره ذهب في اتجاهات بعيدة كل البعد عن المنطق و كانت الحقيقة و دم الشهيد هي اول ضحايا ما جرى...

ابدأ من اساس هذا الموضوع هنا: سعد الحريري: سوريا وراء أعمال القتل ويجب ان يستقيل لحود و انا بدوري اسأل: كيف عرف و ما هو دليله؟ فليقدمه

في كل جريمة تحصل هنام تحقيق و كشف للفاعلين و الادوات و المواد و المخططين و المسهلين, الا انه في هذه الجريمة بالذات عرف الجميع كل الحقائق بمجرد سماع دوي الانفجار, و صدر الحكم و اعلن,
و حشدت الجهود للمعاقبة و كل ذلك بدون اي وقائع و ادلة ملموسة...


كل الذين يقولون ان النظام السوري هو من اغتال لا يوردون اي وقائع جرمية بل مجرد استنتاجات و تخمينات, و حتى عبد الحليم خدام لو دققنا في تصريحه, لوجدنا انه اكد أن الأجهزة الأمنية لا تقتل أحدا بوزن الحريري بدون موافقة بشار الأسد و لكنه لم يقل انها هي التي قتله, مع العلم انه بالتأكيد انه يعرف فيما لو هي الفاعلة و يستطيع ان يقولها بصراحة... الا انه استخدم نفس اللغة الملتوية التي حتى ميلس استخدمها تاركا تقديم اي ادلة حسية جرمية للمجهول, ترك الامور مبهمة و متروكة لخيال و استنتاج المشاهد المسكين.

و بانتظار ظهور هكذا ادلة, فان كل الاتهامات لا تساوى في اي محكمة ثمن بصلة بالية...

و الاعتماد على وسائل الاعلام في بناء الحكم كما فعل الزميل بهجت المصري مثلا هو غاية في التضليل...
فاعتمادا على وسائل الاعلام مثلا يسمع المشاهد المتلقي ان كل الاغتيالات التي حصلت في لبنان هي لكمال جنبلاط و حسن خالد و الحريري و قصير و حاوي والتويني (اي تلك المتهم بها السوريون) و اذا سألت اي شخص عربي سيذكر لك فقط تلك اللائحة التي اصبحت مشهورة, و لكن من قتل مثلا رشيد كرامي رئيس الوزراء السني؟ و اين هو الان و حليف مع من؟ و كم عدد الاغتيالات التي حدثت منذ كمال جنبلاط الى اليوم؟
و المشاهد المتلقي نفسه و اعتمادا على وسائل الاعلام سيتخيل ان سوريا هي عبارة عن فرع لجهنم الحمراء على الارض, و ان الزبانية هي من تحكم تماما كاي فيلم رعب و خيال علمي... و الفساد مستشري حتى في دود الارض, مع العلم ان ما في سوريا من قمع و فساد -لا ننكره- لا يختلف ابدا عن اي بلد عربي اخر.. حيث التوريث السياسي و القمع و مصادرة الحريات و النهب المالي (و حتى المشرع منه عبر النسب المقطوعة من اموال النفط التي تذهب لجيوب العائلات الحاكمة) كلها توازي ان لم تكن تفوق باشواط ما يحدث في سوريا... فلماذا فقط التركيز على سوريا؟

هل الاعلام -الذي هو في النهاية ابواق لاصحاب المال و صناع القرار هو مرجعنا في الحكم في هكذا قضية حساسة؟ كلا, و ما جرى بالنسبة لاسلحة صدام و مختبراته الكيميائية المتطورة و صور الاقمار الصناعية ما زالت ماثلة امامنا و لم يمض عليها وقت لننسى ... فهل سنكرر القصة ذاتها؟

و لذلك و بانتظار الدليل الدامغ (الذي بالطبع قد لا يظهر ابدا كما تنبأت انا فور اغتيال الحريري يوم تغني البعض "بالثعلب الالماني" ميلس) فان علينا ان نفكر في جميع الاحتمالات و الفرضيات و ان لا نأخذ الامور على مظاهرها و بساطتها... فالقصة اعقد مما يتخيل الكثيرون...

تحياتي...