جنبلاط يتوسط لدى الشام


أكد مصدر حزبي أنه قام مؤخراً بوساطة لدى القيادة السورية من أجل ترطيب العلاقة مع النائب وليد جنبلاط بناءً لطلب الأخير، ولكنه لم يفلح في اختراق حائط الجليد القائم بين الطرفين.
ذكر مصدر حزبي على علاقة وطيدة بالقيادة السورية أنه كان قد زار مؤخراً دمشق موفداً من قيادته من أجل إعادة تحسين العلاقة بين القيادة السورية والنائب وليد جنبلاط بعد أن تجاوزت التصريحات والمواقف كل الخطوط الحمر ، ووصلت إلى مرحلة الخطر الشديد، وأشار المصدر الحزبي إلى أنه موفداً من قيادته بناءً لطلب النائب جنبلاط نفسه.
وفي تفاصيل الوساطة يؤكد المصدر على أنه زار دمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد تحديداً ، وما أن فاتحه بمضمون المبادرة التي يحملها حتى سمع الرفض القاطع لأي طرح في هذا المجال، ويشير المصدر إلى أنه سمع مطولاً من الرئيس بشار الأسد الخدمات التي نالها النائب جنبلاط من سوريه إلى حد أن القيادة السورية كانت تُلام دوماً من بعض حلفائها اللبنانيين بسبب الرعاية والتبني المطلق لكل مطالب النائب جنبلاط في كل المجالات، وأن سوريه باتت متهمة بكل الإرتكابات التي قام بها النائب جنبلاط ومحازبيه في لبنان بحق المسيحيين وسواهم ، ومع ذلك لم تترك القيادة السورية النائب جنبلاط في أي مأزق لا بل أنها كانت تتحمل عنه كل الأعباء المادية والمعنوية والسياسية وصولاً إلى عام 2000 حيث تم تشريع قانون انتخابي لكل لبنان من أجل مراعاة مخاوف النائب جنبلاط حيث سمي القانون بقانون غازي كنعان، حتى أنه من بين الأسرار التي رافقت انتخابات العام 2000 هي أن اللواء الراحل كنعان نظم شخصياً التحالفات التي تسمح للنائب جنبلاط بالفوز في منطقة جبل لبنان وتحديدا في دائرة بعبدا - عاليه حيث تم التمني على قيادة أحد الأحزاب التي كانت في لائحة مواجهه للائحة جنبلاط أن لا تحشد كامل طاقتها في مواجهته وبذلك تسنى له الفوز الكاسح مقابل خصومه، وختم الرئيس الأسد حديثه متمنياً على الوسيط عدم بحث الأمر ثانية.
ويشير المصدر إلى أنه فور تبلغ النائب جنبلاط بفشل المبادرة التي قام بها الوسيط الحزبي ، غادر لبنان في اليوم نفسه إلى فرنسا وأقام فيها بضعة أيام ، وفي هذه الأثناء قام مرجع حزبي رفيع المستوى بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد وكرر مفاتحته بالمبادرة التي تقضي بتحسين العلاقات مع النائب جنبلاط وبناءً لطلب الأخير نفسه ، ونظراً للثقة المطلقة التي يوليها الرئيس الأسد لهذا المرجع تم قبول الأمر وعلى أن يكون عبر العميدين رستم غزاله وجامع جامع من قبل القيادة السورية والوزير غازي العريضي من قبل النائب جنبلاط، كون الوزير العريضي لم يشارك في حملة التحريض والشتم التي تعرضت لها سوريا من فريق الغالبية النيابية.
وفور تبلغ النائب جنبلاط بقبول الرئيس الأسد لفكرة تحسين العلاقات عاد إلى لبنان فوراً وأجتمع بالمرجع الحزبي في الليلة نفسها مطولاً ، وعمم بعدها على فريق عمله وعلى اللقاء الديمقراطي بضرورة وقف التصاريح بحق القيادة السورية، وعلى الأثر أرسل الوزير غازي العريضي إلى دمشق حيث التقى بالعميدين رستم غزاله وجامع جامع في أحد المراكز العسكرية على طريق المزة، وكان اللقاء بحضور الوسيط الحزبي في القسم الأول منه حيث تم استعراض المواقف التي سبقت وتلت الخروج السوري من لبنان إثر مقتل الرئيس الحريري، وسمع من الوزير العريضي وجهة نظر النائب جنبلاط حول عملية الاغتيال التي تعرض لها النائب مروان حمادة والرئيس الحريري مشيراً إلى أن النائب جنبلاط مقتنع بعدم علاقة سوريه في العمليتين إلا أنه لا يستطيع وقف العاصفة القائمة في هذا الاتجاه ، مؤكداً بأن النائب يتهم الرئيس لحود شخصياً بالأمر وليس القيادة السورية، وبعد انتهاء الوزير العريضي من نقل وجهة نظر جنبلاط ، انتقل الجميع إلى الغداء في مطعم الريحان الكائن في منطقة بلودان، واستكملت الجولة الثانية من المباحثات دون حضور الوسيط أي بحضور العميدين غزاله وجامع والوزير العريضي فقط، حيث شرح العمد غزاله وجهة نظر القيادة السورية ومطالبها من أجل ترطيب حدة العلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي ، حيث تبلغ الوزير العريضي الحل الذي تراه القيادة السورية وهو أن العلاقة السورية مع الحزب الاشتراكي تبدأ بإعلان اعتذار رسمي من قبل النائب جنبلاط عن كل الإساءات التي وجهها بحق القيادة السورية، ويستكمل تحسين العلاقات بعد استلام السيد تيمور مقاليد السلطة في الحزب التقدمي وإجراء عملية تنقية لصفوف الحزب من العناصر المعادية لسوريا ، وعبره فقط تعود العلاقات تدريجياً إلى ما كانت عليه سابقاً.
وفور وصول الوزير العريضي إلى المختارة برفقة الوسيط الحزبي ولقاء النائب جنبلاط وبعد أن شرح له تفاصيل الحوار الذي أجراه مع العميدين غزاله وجامع وصولاً إلى إمكانية تحسين العلاقة مع الحزب الاشتراكي ولكن عبر ابنه ووريثه تيمور حتى كاد النائب جنبلاط أن يقضي نحبه غضباً ، وأعقب ذلك حملة عنيفة شنها على القيادة السورية والرئيس السوري تحديداً مستخدماً فيها أقذع الألفاظ كقوله عن الرئيس السوري بأنه رجل مريض ، وبعدها عادت واشتعلت حملة التصريحات النارية بحق القيادة السورية ، وبذلك تكون قد استنقذت كل المحاولات في إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه بين سوريه وجنبلاط، خصوصاً بعد أن تبلغ الأخير ما مفاده قراراً صريحاً بإعدامه ، وعلى أثر ذلك تم نقل النائب جنبلاط على وجه السرعة إلى مستشفى عين وزين حيث أجريت له فحوصات طبية عاجلة نتيجة انفجار أحد شرايين يده اليسرى وعزى طبيبه الخاص السبب في ذلك إلى ارتفاع في درجات السكري لدى النائب جنبلاط، وهذا ما أستدعى سفره في اليوم التالي إلى فرنسا للنقاهة والمعالجة في إحدى المصحات الباريسية .
ويشير الوسيط الحزبي إلى أن العلاقات التي كانت قائمة بين النائب كمال جنبلاط والقيادة السورية لم تصل قبل اغتياله إلى ما وصلت إليه حدة العلاقات بين سوريه وجنبلاط الابن.