للأسف:(
لست في معرض الهجوم على أشخاص أو أنظمة فالقضية في نظري أكثر تعقيداً ووساخة
نحن شعوب تتعاطى بسذاجة وعاطفية مع هذه القضايا، يعني لبنان ليست الدولة الوحيدة التي حصلت فيها هذه الفوضى الأمنية..حصل هذا في أوربا مثلاً في فرنسا من شهرين أو ثلاثة، ثلاثة آلاف سيارة تم إحراقها بالشوارع، قتلى وجرحى في التمرد الذي حدث.
منظمة العمل المباشر في فرنسا هذه تخصصت في الهجوم على البنوك تدخل البنك وتسلب أموال الناس لدرجة أنّهم في فترة من الفترات سحبوا أموالهم من البنوك، ومع أن فرنسا تعلم أن قيادات منظمة العمل المباشر موجودة في كورسيكا أو هنا أو هناك لم تدع أية لجنة تحقيق دولي ولم تلجأ إلى الأمم المتحدة لأن هذا غير معهود في الحياة الدولية.
أقول بأن هذا التدويل الذي تسعى إليه بعض الأطراف عندنا في الشرق الأوسط هو فرض أميركي علينا لكي يُسهّل الضغط والتصرف بالأزمة الكبيرة في المنطقة اللي هي أزمة الصراع العربي الإسرائيلي
إن العقيدة العسكرية للولايات المتحدة تتلخص بمبدأ تغذية النزاعات الخفيفة المَحدودة المَحكومة استراتيجياً يعني تقوم العقيدة العسكرية للولايات المتحدة على تشجيع وتغذية النزاعات الخفيفة المحدودة بين الدول على أن تكون هذه النزاعات محكومة استراتيجيا. دائماً أمريكا تقتل القتيل وتمشي في جنازته.
مهمة الدبلوماسي الأميركي ليست حل الأزمة بقدر ما هي الإمساك بخيوطها وإدارتها وكلّما طالت الأزمة كلّما كان أمام الولايات المتحدة فرصة كبيرة لتطويع الأزمة أياً كانت، أينما كانت، كيفما كانت
بالنسبة لمسلسل الاغتيالات بعد اغتيال الحريري وهي أربعة عشر عملية تمت في لبنان آخَرها كان اغتيال الصحفي جبران تويني ،لا أعتقد أن الأميركيين مهتمين أن يعرفوا مَن قَتل الحريري وربّما يعرفون، لكن هذا بالنسبة لواضع الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة ليس هو المهم، المهم هو التمكّن من خيوط هذه الأزمة وهذا التحقيق للضغط على سوريا.
الأدوات التي تجعله يتمكّن من هذه الخيوط، فهي مجلس الأمن الذي يعطيه الشرعية باعتبار أن التدخل الأميركي ينطلق من مجلس الأمن اليوم.
أما ما هو السيناريو الذي سيلعب فهو بالذات أسلوب تغذية النزاع الخفيف المحدود والمحكوم استراتيجياً على أن يستمر هذا النزاع بدون حل، والهدف الأساسي هو تعويم الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط، فرض اتفاقات على سوريا واتفاقات على لبنان، حيث لازالت لبنان وسوريا.. الملف السوري اللبناني غير خاضع لمفاعيل العلاقات المصرية الصهيونية والعلاقات الأردنية الصهيونية، بقيت سوريا ولبنان أو الملف السوري اللبناني حتى الآن لم يُحسم وبالتالي أنا أتصوّر بأنّ اهتمام الأميركان الآن ليس البحث عمَن قَتل الحريري أو مَن قَتل جبران تويني أو غيره من الذين تم اغتيالهم

إن موضوع لبنان وسوريا هو بداية لعملية التسوية هذه وأنّ تدويل أي قضية في أي دولة يعني نقص أو نهاية سيادة هذه الدولة
متى كان الاغتيال أو عنف أو فوضى في الدولة يُبيح الدعوة إلى تحقيق دولي، في لبنان هذا هو مايُفرض الآن..

الآن كلما تمت عملية اغتيال في لبنان تضم القضية للتحقيق الدولي.

وهذا سيؤكّد على الدور الأميركي في المنطقة والتدخل الأميركي في شؤون المنطقة وهذا سيمسح حتى النهاية كل المؤسسات المحلية من جامعة عربية والمؤتمر الإسلامي.. يعني سيُلغي تماماً دور الشعوب في المنطقة وتصبح أميركا هي الشرطي الذي يلجأ إليه الناس كلّما أصيب أحدهم أو طُعن أحدهم أو قُتل أحدهم؟

أما نحن فلهاثنا ينحصر في لعب دور المحقق كونان أو في أحسن الأحوال كولومبو لمعرفة الحئيئة هذا إن أردنا الارتقاء عن الانغماس في تفاصيل وتعقيدات الحياة اليومية التي لا تنتهي عند الانسان العربي المسحوق حتى العظم.
معي ولا لأ؟!