الخرافات ليست موجودة في الديانات فقط، هناك خرافات كثيرة تنتشر حين ينحسر الدين، العرافة والتنجيم والتشاؤم من الرقم ثلاثة عشر والقطط السوداء وأمور كثيرة لا تحضرني لكن أعرف أنكم تعرفون ما أتكلم عنه، السلوك الاجتماعي غير المنظم أيضا الذي يسبب الكوارث، ففي ملعب كرة قدم قد تجد الجمهور الذي يؤيد فريقا ما يعتدي على الجمهور الذي يؤيد الفريق الآخر إذا فاز هذا الفريق الآخر مسببا السخط والغضب لجمهور الخصم، فقد تجد هنا عصبيات وعنف ومشاعر كراهية غير منظمة تصل أحيانا إلى حد الجريمة، وهذه أمور لن تزول بزوال الأديان، بالعكس ..الأديان على الأقل تشبع حاجة الإنسان إلى الخرافة وتحثه على التفكير العقلي في نفس الوقت فتشده بخيط من كلا الاتجاهين حاملة معها سيلا من القيم والأخلاقيات والأنظمة التي تجعله مخلوقا اجتماعيا ، قرأت منذ وقت قصير في أرشيف الجزيرة عن شابين شقيقين من اسرائيل حاولا اللجوء إلى النرويج هربا من الخدمة الإجبارية في الجيش "لأن دينهما الأرثوذوكسي يحرم قتل الأطفال " ، الإنسان أيضا آمن منذ فجر التاريخ أن الكوارث الطبيعية كالإعصار والفيضانات والأمور التي لا يعرف لها سببا هي من عند الآلهة، وبالتالي قد يفسرها على أنها عقوبة من عند الله أو الآلهة ، هذا يختلف عن الكوارث مفهومة السبب التي تطرح أسئلة من نوع آخر، فأن تمر شخصية هامة بسيارتها في الطريق فيقفون المرور كي يدعوها تعبر ، مما يؤدي إلى فوضى وزحام قاتل فهذا من الأمور التي تبعث نقاشات من نوع : هل يقبل الله حج تلك الشخصية الهامة التي لم تتساو مع غيرها في أداء فريضة دين تشترك فيه معهم؟ تماما مثل من يهمل نفقة عياله كي يحج أو يبني مسجدا .
على كل حال المسلمون يرتاحون نفسيا حين يموتون في يوم مقدس أو في مكان مقدس، ماداموا لن يموتوا إلا مرة واحدة ولن يحجوا إلا مرة واحدة فلكن هي هي .
لا أريد أن أتدخل في دين لا أتبعه، لكن أظن أن على علماء ومراجع المسلمين بدل أن يحشروا أنفسهم بين المرء وزوجه ويصدروا فتاوى في أمور أفتى بها من قبلهم من كان أعلم منهم وأحلم أن يتخذوا موقفا ما من قضية معاصرة كهذه، ففي هذا الزمن الذي ازداد فيه عدد المسلمين وازداد عدد أفراد المجتمعات بتطور الطب وانعدام موت الأطفال وزيادة معدل عمر الإنسان وتوفر وسائل المواصلات وسهولتها أصبح عدد الحجاج إلى مكة يزداد كل عام، أظن أن عليهم أن يخطبوا أو حتى يفتوا حسب تقديرهم الشخصي للأمور، المهم أن يؤثروا نفسيا ويخففوا حماس من سبق له الحج وأدى فريضته أن يحج مرة أخرى لأنه بذلك يتعدى على حق غيره ويعسر عليه القيام بحجه خصوصا إذا كان هذا الغير ممن هم أضعف بنية منه وأن يستعيض عن ذلك بالعمرة في غير شهر الحج .

ربط الأفكار المعنوية بأمور مادية ملموسة يقوي الصلة بها ويعزز تأثيرها، ربطة العنق كانت جزءا من ملابس المرأة تعطيها لزوجها قبل أن يغيب طويلا في حرب، ربطها بطريقة معقدة كي لا تفلت من حول عنقه، لذلك هي الجزء الحريري الوحيد في لباس قطن .
حين تسمع موسيقى معينة في مناسبة معينة ترتبط تلك الموسيقى بمشاعر تلك المناسبة التي تعود إليك كلما سمعت تلك الموسيقى، تقنية الربط هذه تستخدمها الديانات بكثافة لذلك نجد أوجه تشابه كثيرة بين المؤمنين بالديانة الواحدة أو بديانات متشابهة بينما الملحدين لا يربطهم شيء ولا يشعرون بالانتماء إلى بعضهم البعض .

لم أرَ في الموضوع الأصلي أي نوع من الشماتة أو التشفي، غاية ما في الأمر أن لوجيكال رأى أن الناس يموتون بالجملة من أجل أمر لا يرى أنه يستحق ذلك .

أفهم المقاربة بين تحطيم الأصنام التي لم تستطع حماية نفسها فتحطمت وبين الحجاج الذين ذهبوا لزيارة ربهم فلم يمنع المضيف الموت عنهم، أين المعجزات؟ انتهى عصرها، نحن في عصر رب يحميك بيدك أنت أولا يفعل، اعقلها وتوكل، رب لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولا يكون في عون العبد إلا إن كان هذا في عون أخيه، هذا رب لا يحتاج إلى معجزات ولا إلى أن يحمي من يحج إليه كي يؤثر .