اقتباس:  بهجت   كتب/كتبت  
 

1-هل يمكن البقاء بدون عملية تنمية حقيقية ؟.
2-هل هناك طريق واحد أم سبل متعددة للتنمية ؟.

إذا كان من الممكن بالعصور السابقة البقاء في حالات ثبات نظرا للطبيعة الإنعزالية للحضارات المختلفة - لظروف جغرافية - فهذا الوضع بات مستحيلا اليوم و غدا بسقوط عوامل العزلة الجغرافية أولا ثم الثورة الصناعية و إحتياجات الإنتاج الضخم و التوزيع ثانيا ثم أخيرا سقوط آخر عوامل العزلة و هي العزلة المعلوماتية - العالم بات كمجموعة من التروس الضخمة تجبر بعضها بعضا على الحركة و لا وجود لترس منعزل - و في حالة وجود ترس معطوب سوف يتم سحقه.

أما عن السؤال الثاني فيجب أولا أن نفرق بين العوامل المساعدة على التنمية و التقدم (و عكسها العوامل المثبطة) و العوامل الأساسية - و يمكن تشبيه ذلك بالتفاعلات الكيميائية - فالحرارة مثلا قد تكون عنصر مساعد لإتحاد عنصرين أو لإنفصالهما و كذلك وجود ما يسمى بالعناصر المنشطة للتفاعل و لكن كلا العنصرين هو عامل أساسي لا يتم التفاعل بدونه - و في حالتنا التقدم و التنمية:

هناك عوامل مساعدة:
الموارد الإقتصادية - المواد الخام - القوة البشرية - الطبيعة الجغرافية و المناخية ......إلخ.
و لكن لعدم الخلط كل هذه العوامل هي عوامل مساعدة تنشط عملية التنمية و لكنها ليست أساسية على الإطلاق و غياب تلك العوامل لا يمنع التنمية (و مثال اليابان خير دليل).

و هناك عوامل مثبطة:
شدة التنافس الإقتصادي - الحروب و العداوات الإقليمية و الدولية.
و لكن يبقى مثال اليابان - بعد التدمير الذي طالها بالحرب العالمية الثانية و القنابل الذرية - و شدة التطاحن الإقتصادي مع الولايات المتحدة و أوروبا ثانيا خير دليل على أن وجود العوامل المثبطة أحدها أو كلها قد يعيق التنمية و لكن لن يكون السبب نهائيا بموتها و تراجعها للخلف.
و هذا بالضبط ما يمكن الرد به على أصحاب نظريات المؤامرات (مرة على الإسلام و مرة على القومية العربية ..إلخ) فنحن لا يمكن أن ننفي المؤامرات و هي وضع إنساني طبيعي في حالة المنافسات - و لكن أليس هذا ما يعيشه كل العالم؟ و حتى نحن كأفراد؟

إن القول بتخلف التنمية بالبلاد العربية لنقص العوامل المساعدة غير وارد (كما هو واضح للجميع غنى المنطقة بالموارد الهائلة و القوة البشرية بلا عدد).
أما القول بتراجع التنمية بسبب العوامل المحبطة أو وجود الإمبريالية و المؤامرات فهو إفتراض بوجود طرف واحد فقط في المعادلة (أصحاب المؤامرة) و بإنعدام و سلبية الطرف الآخر (نحن) و هو الشماعة التي يعلق عليها أصحاب الفشل الفكري التخلف لكي يعلقوا التقدم (و هو مصطلح ذو دلالات أخرى عندهم) على حلول وهمية من أشباه ألف ليلة و الخلفاء الراشدين أو أمجاد يا عرب و تحيا الوحدة العربية.

يبقى العامل الأساسي الوحيد بهذه المعادلة و هو العامل الثقافي - و هو فعلا متغيب عن مجتمعاتنا.
بدون الثقافة الليبرالية كمرجعية للعقل الجمعي لمجتمعاتنا لن يكون هناك سوى تقدمات واهمة و لحظية (هذا ن سمينا وفرة دول الخليج تنمية).

لي عودة لباقي التساؤلات

تحياتي