{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
طبائع الاستبداد .... عبد الرحمن الكواكبي
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
طبائع الاستبداد .... عبد الرحمن الكواكبي
قراءة في العلمنة القومية في سوريا والعالم العربي
(1)
د. ربيع الدبس
لعل المنهجية تفرض علينا الانطلاق من تحديد وظيفة الفكر، وهذا الانطلاق بدوره يسوّغه كون هذه الوظيفة القاسم المشترك الذي يجعل المقارنة بين فكر وفكر أمراً ممكناً. فوظيفة أي فكر إنما هي الإجابة عن أسئلة مصيرية، تلبية لحاجات بشرية حيوية وجوهرية. والانطلاق من تحديد التساؤلات والحاجات البشرية لا بد منه لتحليل بنية كل من الفكر الديني والفكر الصحافي وللتحقق من نوعية أو صلاحية الإجابة التي يقدمها كل منهما. فإذا كان الفكر الديني ينطلق من فرضية أن الوجود الإلهي، ذا العلاقة بالإنسان، هو الأساس، وأن كلام الله يتخطى الإدراك البشري لما يحتويه من قدرة خارقة وغيبيات، ومن أن الغرض الديني هداية الناس في دنياهم كي يحظوا بنعيم الآخرة، فإن الفكر العلماني ، ومن موقع مختلف، ينطلق من مبادئ أخرى ، أكثرها جدية أن العقل البشري سيد نفسه . وأن الدين وٌجد لتشريف الحياة لا الحياة لتشريف الدين، وأن الخبرة الحسية أساس المعرفة. أضف إلى ذلك الاعتقاد بمبدأ تاريخية الكيان البشري والوجود البشري. من هنا رفض المسبقات والماورائيات والغيبيات(1) .

ويرى بعض الباحثين أن النظرية العلمانية مرت في خمس مراحل كما هو الأمر في أوروبا ، حيث نشأ الفكر العلماني أواخر القرون الوسطى ثورة على هيمنة الدين وتسلط رجاله ، وعلى اضطهادهم أصحاب الفكر وإذلالهم الناس باسم الدين.

وكانت نشأته نتيجة التقدم العلمي الذي تلا استقلال العلم عن الفلسفة الميتافيزيقية وعن الدين وغيبياته. وفي مراحل تكوين العلم برزت القيم التي ارتكز عليها والتي استند إليها تصوره لما هو الإنسان .

مراحل نشوء العلمانية الأوروبية:

- المرحلة الأولى: تجسدت بما سمي عصر النهضة في القرن السادس عشر ، وهذا عُرف بالأنسنة ، أي بالإنسان قيمة مركزية عليا، كما عرف بالاختبار اليقيني مصدراً للمعرفة ، كما شهد حركة الإصلاح الديني عبر وثائق فهم المسيحية فهماً جديداً يدين الباباوات ، ويطرح نهجاً جديداً شكل فيما تلاه من تنظيرات دستور البروتستنتية.

- المرحلة الثانية: يمثلها ما سمي عصر التنوير في القرن الثامن عشر ،.. حين أعطي العقل مكانته الأسمى باعتباره مصدر المعايير والمعارف والقوانين والقيم الحضارية.

- المرحلة الثالثة: كانت جملة الثورات السياسية، بدءاً بالثورة الفرنسية القائلة بالحرية والفردية قيمة مطلقة. وانتهاءً بالثورة الروسية أوائل القرن الحالي.

- المرحلة الرابعة: كانت الثورة الصناعية بدءاً من أواسط القرن التاسع عشر، ومن نتائجها التكنولوجيا التي تنقل الحضارة إلى مستوى جديد من الاختراعات الآلية، وتنقل الانسان إلى مناخ جديد هو العالم الصناعي- الاصطناعي.

- المرحلة الخامسة والأخيرة: تمثلت بالثورات الثقافية المعاصرة، وهي ثورات أحدثها العلم من جهة والفكر الحر من جهة أخرى(2).

نقول هذا دون أن نأخذ بالطرح القائل إن العلمنة في أساسها وفروعها مفهوم غربي. قد تكون الثورة العلمانية بدأت في الغرب حرباً على السلطة الكنسية، لكن ذلك لم يكن آخر المطاف.



العلمنة بالمنظور القومي مفهوماً وروّاداً:

في تراث أمتنا شرارات علمانية بل ومضات. وربما اعتبر بعضنا أن إرهاصات الثورة العلمانية انطلقت من عندنا بدءاً من الرواقية التي وضع أسسها الفيلسوف السوري العظيم زينون قبل الميلاد.

ولعل مفاصل الرواقية تقوم على أمرين: أولهما ريادتها في شرعة العقل والدعوة التي تسييده في تسيير شؤون الحياة، والثاني ريادتها في مبدأ الأخوة البشرية. ثم أتى السيد المسيح ليعلن باللغة الآرامية السورية على أرض فلسطين قوله الواضح: "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله". أما بالنسبة للإسلام فيرى بعض الباحثين أن القرآن الكريم دعا إلى إقامة الدين لا إلى إقامة الدولة . وذلك في كل نصوصه كما رأى الإمام عبد الرحمن الكواكبي أن الدولة الدينية التي نشأت خلال التاريخ الإسلامي كانت دولة بشرية لا دولة إلهية وإلا لما زالت.

غير أن ما يعنينا في هذا الباب إنما هو الإشارة إلى رواد العلمنة في العالم العربي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وقد بثوا ومضاتها إما عبر الصحف التي كانوا يصدرونها، أو الحركات التي أنشأوها أو الخطب التي ألقوها أو الكتب التي ألفوها.

· نبدأ بالدكتور شبلي الشميّل الذي نشر معظم أفكاره في "المقتطف" . والشميّل يعتبر رائد فكرة التطور على المدى العربي ، وبعضهم دعاه "داروين القرن العشرين". وهو نقيض غيره من المفكرين الأحرار معاصريه، أدان التعصب القومي ، وكان حذراً تجاه الطرح القومي بشكل عام. ومن قوله: "العلم هو دين الانسان الحقيقي".

· ثانياً: بطرس البستاني الذي يمكن اعتبارهDynamo النهضة السورية في القرن الماضي ، أو معلم القرن التاسع عشر من دون منازع . وقد دعا بوضوح وإلحاح إلى نبذ الفروقات المذهبية والاعتصام بالمبادئ الوطنية القائمة على العلمنة.

· ثم يأتي دور فرنسيس المرّاش ، المثقف الحلبي الذي أظهر منذ حداثته نزعة قوية إلى الروح الجديدة في عصره. وأتى كتاباه "مشهد الأحوال" و "غابة الحق" دليلين على إيمانه بالصالح العام، لكن نزعته الأدبية الطاغية على الروح العلمية، إضافة إلى عدم ربط العلمنة بالشأن القومي ، قللا من فعله في مسيرة عصر النهضة .

الدكتور خليل سعاده ربما كان قائد الحركة القومية في المهجر الأميركي الجنوبي حيث لجأ بعدما اضطهده الأتراك. لقد كان صارخاً في علمانيته ، ودعا إلى إحلال الرابطة الوطنية مكان الرابطة الدينية .

· [U][SIZE=5]أما الكواكبي . الإمام والمفكر ، فقد ميز بين العرب والمسلمين، بعكس جمال الدين الافغاني والشيخ محمد عبده. سماه مارون عبود "مرجل اليقظة العربية"، كما اعتبر أنطون سعاده أن الثورة الثقافية السورية قد ابتدأت بحركة الكواكبي الثورية.

وفي مقال نشر في المقطم عام 1899 دعا الكواكبي علناً إلى فصل الدين عن الدولة ، وتساءل: إذا سقطت الدولة فهل يسقط الدين الذي نربطه بها؟ وهذه فقرة مما كتبه في مؤلفه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد".

" يا قوم، وأعني بكم الناطقين بالضاد من غير المسلمين، أدعوكم إلى تناسي الإساءات والأحقاد ،.. وما جناه الآباء والأجداد، فقد كفى ما فُعل ذلك على أيدي المثيرين، وأجلّكم من أن لا تهتدوا لوسائل الاتحاد وأنتم المتنورون السابقون. فهذه أمم أوسترية وأميركية قد هداها العلم لطرائق شتى وأصول راسخة للاتحاد الوطني ، دون الديني، والوفاق الجنسي دون المذهبي، والارتباط السياسي دون الإداري، فما بالنا نحن لا نفتكر في أن نتبع إحدى تلك الطرائق أو شبهه، فيقول عقلاؤنا لمثيري الشحناء من الأعاجم والأجانب: دعونا يا هؤلاء. نحن ندبر شأننا، نتفاهم بالفصحاء ونتراحم بالإخاء ، ونتواسى في الضراء ، ونتساوى في السّراء. دعونا ندبر حياتنا الدنيا ، ونجعل الأديان تحكم في الآخرة فقط. دعونا نجتمع على كلمات سواء ، ألا وهي: فلتحي الأمة، فليحي الوطن، فلنحي طلقاء أعزاء(3).


· نتقدم الآن إلى فرح أنطون ومجلته "الجامعة".فإذا كانت مجلة "المقتطف" مخصصة للعلوم و"الهلال" للتاريخ فإن "الجامعة" كانت للثقافة العامة والأدب العالمي. وعلى صفحات هذه المجلة برزت ردوده العلمية الواضحة على محمد عبده حول الدين والدولة. وقد تأثر فرح أنطون بابن رشد في الفلسفة العربية ، وبإرنست رينان في الفلسفة الغربية. لكنه كما يقول دونالد ريد في كتابه القّيم عنه : إنه أحد أوائل السوريين الذين تصدّوا علناً للمسألة العلمانية وتبنوها(4). والحق أن هذا الرائد العلماني الآتي من طرابلس الشام والذي ثقف نفسه بنفسه ولم ينل شهادات عليا قد بلغ أصفى فكره، ربما، في خطبته أمام شلالات نياغرا، وفي كتابه عن القدس الجديدة ، وكذلك في قصيدته بعنوان "بين نيتشه وتوليستوي".

وفي كتابه بعنوان "ابن رشد وفلسفته" يلحظ فرح أنطون أن لا مدنية، ولا عدالة، ولا تراحم، ولا مساواة، ولا استقرار، ولا حرية، ولا فلسفة، ولا علم ، ولا تقدم ما لم يتم فصل السلطتين الدينية والمدنية عن بعضهما.

· يأتي الآن دور جبران خليل جبران الذي كان رائد الحركة الثقافية السياسية في أميركا الشمالية بالنسبة للجالية السورية، بدءاً بالدور الانقلابي الذي تنكبته الرابطة القلمية، وصولاً إلى المرامي الاجتماعية البعيدة في الأدب الجبراني الذي دعا إلى وحدة سورية الطبيعية وفق أسس علمانية. ومن يراجع كتابه(البدائع والطرائف) وسائر كتبه يتبين الاتجاه القومي اللاطائفي في تراثه كله. ولعل قطعته الفكرية- الأدبية الرائعة في "حديقة النبي" تنطق بما هو أبلغ من أي تحليل:

" ويل لأمة تكثرُ فيها الطوائف والمذاهب ويقلّ فيها الدين".

" ويل لأمةٍ مجزأةٍ ، وكل جزءٍ فيها يحسب نفسه أمة". إلخ...

وعلى المستوى السوري العام شارك آخرون بنسبٍ متفاوتة في الإضافة النوعية لنهر العلمنة. نذكر منهم أمين الريحاني، فارس نمر، يعقوب صروف، نجيب عازوري، شكري غانم، بشارة زلزل، فارس صهيون، لويس الخازن، إسكندر بارودي، قسطنطين زريق، ساطع الحصري. وإذا كان مؤسسو حزب البعث العربي الاشتراكي ومفكروه قد قالوا بالعلمنة فإن وسائل التعبير لديهم تباينت عن وسائل الآنف ذكرهم ،.. باعتبار أنهم نظروا إلى العروبة جسماً روحه الإسلام، بكل ما يرمز إليه من سمات حضارية.

وقبل أن ننتقل إلى الإضاءة على العلمنة في أعمال أنطون سعاده، نعّرج على مصر منوهين بالدور الذي مارسه مفكرون علمانيون أو ليبراليون في تاريخها وتاريخ العالم العربي المعاصر. من هؤلاء: لطفي السيد، طه حسين، رفاعة الطهطاوي، سلامة موسى، إسماعيل مظهر، الشيخ علي عبد الرزاق الذي أثار كتابه "الإسلام وأصول الحكم" دوياً ،.. بل عاصفة من الجدل والحوار الهادئ والانفعالي معاً. ومجمل طرح الكتاب الذي صودر من الأسواق أننا لسنا بحاجة إلى الخلافة سواء في شؤوننا الدينية أو في شؤوننا الزمنية. إن الخلافة كانت دائماً وتستمر لتكون كارثة على الإسلام والمسلمين، ومصدر شر وفساد(5). ولا نغفل ذكر المفكر المصري جمال حمدان ،.. مع أن قراءه قلة بل ندرة. كذلك يصعب إغفال التيار النقدي أو الفكري المتعلمن من المغرب العربي والذي يعبر عنه بعمق أمثال محمد عابد الجابري ومحمد أركون.

كما يُحسن بنا ألاّ ننسى التيار العلماني الذي غذّته في العالم الثورة الشيوعية والمبادئ الماركسية – اللّينينية ، وان بمنحى إلحادي آخر. كذلك لا بد من ذكر الدور الذي قام به مصطفى كمال أتاتورك في علمنة تركيا- وريثة دولة الخلافة الاسلامية المنهارة في أوائل هذا القرن. وما تركه ذلك من صراع فكري وحوافز. فالعلمنة أولاً موقف من الوجود والحياة في المبدأ. وهي تلفظ- عربياً – بفتح العين لأنها من جذر "عالم" لا "علم" لكونها تختص بهذا العالم، بهذا الوجود،.. بهذه الحياة، لا بالحياة الأخرى الموعودة أو بالماورائيات المفترضة في الاطروحات الدينية.

هذا التعريف المبدئي يسير بنا من النظر المبسط إلى النظر المركب لنرى أنه في الميدان السياسي /الاجتماعي الذي هو ساحة العملية العلمانية – من القضايا المحسومة أن تستقل الدولة القومية عن الشريعة الدينية والرابطة الدينية
11-17-2004, 11:39 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
طبائع الاستبداد .... عبد الرحمن الكواكبي - بواسطة بسام الخوري - 11-17-2004, 11:39 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  اعتذر عما فعلت...! (عبد الرحمن اليوسف) إسماعيل أحمد 5 1,063 08-29-2007, 02:08 PM
آخر رد: عادل نايف البعيني
  أين اللغة والأدب : عبد الرحمن منيف؟ ابن العرب 25 3,910 05-31-2005, 08:21 PM
آخر رد: إبراهيم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS