الاخوة المارون هنا ، شكرا لعبوركم ...
واخص بالشكر العميق الأخ العزيز بهجت (f)(f) موجها له تحية تليق به ، وأين هي هذه التحية التي تليق بمقامه الكبير ! .


وكما توقعت فلم تكن هناك إجابة على هذا السؤال ، رغم بساطته ، ووضوحه .

بعض المهرجين اقترح إن تلقى قنبلة نووية على سوريا ، في لغة ساخرة ، المقصد منها الرفض لأي تدخل دولي - وأمريكي بالتحديد - ، وذلك بالتقليل من هول جريمة اغتيال الحريري ، وكأني به يقول : لأن أمريكا تستفيد من تداعيات هذا الاغتيال ، فلابد إن يذهب دم الحريري هدرا .

البعض الآخر اقترح إن يعاقب النظام السوري دون الشعب ، ولم يحدد آلية ، أو كيفية لهذا العقاب ، وهنا مأزق آخر لهذا السؤال الافتراضي ، فإذا كان النظام السوري وأزلامه ، وأتباعه في لبنان هم من اغتال ، وقتل الحريري فمن هي الجهة التي يحق لها إن تحاكم هذا النظام ، وتقدم أركانه الضالعين في هذا الجرم لقاعة العدالة ؟! .. من هو الطرف القادر على سوق أزلام النظام ، وأركانه إلى المحكمة ، والقصاص منهم ؟! .. أن الإجابة المؤسفة هي : لا احد !.. غير المجتمع الدولي ، الذي تسيطر عليه أمريكا التي تستفيد - بطريقة انتهازية - من أي تحرك غبي ، وارعن من قبل الأنظمة القمعية لتنفيذ أجندة أخرى برفع شعار العدالة المزعومة .

أذن ، والوضع كذلك ، فلنتصور لفهمه إن الحادي عشر من سبتمبر لم يقع ، ولم يُخرج أمريكا من خارج حدودها - في انتهازية ، واضحة للاستفادة من تداعياته لتنفيذ أجندتها التوسعية الخاصة بها - .. يقيني التام إن جريمة اغتيال الحريري سوف تذهب أدراج الرياح ، ودماءه سوف تذهب هدر - ذلك على فرضية السؤال السابق - أن النظام السوري هو الفاعل - فليس هناك قوة دولية ضاغطة للمحاسبة ، ولا توجد قوة قادرة على التحقيق ، وتحقيق العدالة المفقودة ، ولأصبح دم الحريري مثل بقية الدماء السياسية اللبنانية التي اغتيلت في ظروف غامضة مشابهه تحت مرائى الوصاية السورية ، من أمثال رينية معوض ، حسن خالد ، وايلي حبيقة ، وغيرهم .. هذا خلاف الآخرين الذين سقطوا إثناء الحرب الأهلية اللبنانية ، وقيدت قضاياهم ضد مجهول لم يعرف حتى الآن .

انا هنا لا اتهم النظام السوري بأنه هو الذي اغتال الحريري ، أو اثبت التهمة عليه ، أو أدينه بها ، ولكن كل ما اسعي إليه هو إن اطرح هذه الفرضية على الذين يلهجون بالدفاع عن النظام السوري ، نافين التهمة عنه ، وتبرئته منها تماما ، بحجة انه يتعرض لمؤامرة من أطراف خارجية تسعى للنيل منه ، لكنهم في خضم حماسهم ذاك لا يضعون الاحتمال الثاني نصب أعينهم ، وهو إن النظام السوري قد يكون الفاعل ، فهذه الجريمة وفي ظل الوضع السالف ذكره ، بالاضافة لنتيجة التداعيات المعروفة للظروف السياسية اللبنانية التي مر بها - في ظرف سنتين فقط - ، لا يوجد لها سوى احتمالين وحيدين : ان يكون النظام السوري هو الفاعل ، أو لا ... وبما ان هؤلاء المتحمسين قد أجابوا على فرضية الاحتمال الأول بأنه برئ ، فلماذا لا يجيبون عن الفرضية الأخرى انه قد يكون الفاعل ، كيف يمكن التحقيق معه ؟! ... ومن هي الجهة التي قد تقوم بهذا التحقيق ؟! .. ومن ثم من هي الجهة التي يحق لها معاقبته ؟!.

وأنا اجزم بإن هؤلاء المدافعين باستماتة غير قادرين على تقديم إجابة ، لأنهم متيقنين انه لو كان النظام السوري هو المنفذ لهذه الجريمة في الظروف الدولية ، والإقليمية التي كان عليها الشرق الأوسط قبل الحادي عشر من سبتمبر فسوف ينجو بفعلته ، ولذهب دم الحريري هدرا !.. فهذه هي الحقيقة المؤلمة .

على إن قناعتي الأخرى التي تضاف لقناعتي الأولى تلك تقول - واستمرارا في فرضية إن النظام السوري هو قاتل الحريري - أن آخر ما تفكر به أمريكا هو كشف ملابسات الجريمة ، وتقديم الجناة إلي سيادة العدالة ، والقانون ، لأنها بدلا من ذلك سوف تستنزف سوريا بجملة من المطالب ، والتنازلات لآخر قطرة ، وسوف تجرها لفخ لن تنجو منه أبدا ، ولسوف تفعل بها مثلما فعلت بجارها العراق ... أي باختصار فأنها سوف تتخذ هذه الجريمة قميص عثمان ، وشماعة لتنفيذ أجندة خاصة بها ، لا تمت للقضية بأي صلة ! ..
وفي كلا الحالتين فسوف يذهب دم الحريري هدرا ، وقربانا لفوضى في المنطقة تجرنا لها أنظمة ديكتاتورية حكمت دهرا ، ولم تقدم شيئا ، وقوة أمريكية غاشمة لا ترى في منطقة الشرق الأوسط سوى النفط وإسرائيل ! .