الزميلة المحترمة روزا لوكسمبرج

أتأسف يا زميلتي إن كانت كلمة التهريج قد لامست فيك وترا لم اقصده ، لأنني لم أعنيك تماما بها ، فأنت مجرد مؤيده لفكره ساخرة مهرجة - مرة أخرى - طرحها احد الزملاء هنا .. ويسعدني تماما تعبيرك لرأيك بوضوح اكبر في مداخلتك اللاحقة ، واجدها في قمة الصدق والروعة ... لكن ما لم افهمه هو وصفك لسؤال افتراضي قدمته في بداية الموضوع بأنه قمة التهريج ، هل كان ذلك بدافع دفع الشتيمة بأخرى مشابهه لها ، والبادي اظلم ؟! ... أم ماذا ؟! ..

لكن دعيني أنبهك لإجابة عن هذا السؤال تدور في عقلي إذا ما افترضت إن سوريا هي التي قد قامت بقتل الحريري ، لن أتحدث لكِ بكلمات لا تعني شيئا من خلال لوك مصطلحات مثل امبريالية ، وهموم الشعوب العربية المقهورة ، وكل هذه الكلمات التي قد لا اختلف معك كثيرا بها ، بل سوف أكون واقعيا أكثر ، منطلقا من الواقع الحالي الذي يفرض نفسه في العالم ، والمنطقة ، وذلك بخيارين اراهما مطروحين فأما إن تنجو سوريا بفعلتها ، وهذا ما لا يمكن إن يحدث في هذه الظروف الدولية المستجدة ، وأما إن تقدم تنازلات متتالية لأمريكا ، وهذا ما تسير عليه ، وما سوف يحدث - وبدون القاء قنبلة نووية :) - فسوريا قدمت جملة من التنازلات ، ولسوف لن ينقطع هذا التقديم ، بما فيه التحقيق مع الرئيس السوري شخصيا ، بكل ما يعنيه هذا التنازل من مهانة ، وذل ، فسوريا طيعة تماما في هذه الحالات ، وهي مرنة كثيرا في هذا الاتجاه ، فقط ما تريده سوريا من أمريكا ان ترضى بجملة التنازلات هذه !... فهل تعتقدي ان امريكا الامبريالية ، والتوسعية سوف ترضى ؟! ...
لا ، لن ترضى ، لأنه لا يوجد سقف محدد لجملة المطالب تلك .

اشرتي يا زميلتي لأحداث حماة ، وعذابات الشعب السوري ، وإذا أشاركك الآم أولئك المقهورين ، والمعذبين ، بل قد أفوقك تعاطفا مع الشعب السوري النبيل ، لأنني اعتبر نفسي منه ، وهو مني ، أنبهك إن تلك الأحداث قد وقعت قبل ما استجد في العالم ، والمنطقة بعد الحادي عشر من سبتمبر ... على إن هذه الأنظمة الديكتاتورية ، العبثية ، القمعية غير قادرة على ممارسة ذلك العهر والفحش في القهر ، وانتهاك ابسط معاني حقوق الإنسان مثلما كانت تفعل في السابق .. ليس لان امريكا لن تسمح بذلك ، بل لانها تعي ان العالم قد تغير ، ولم يعد مسموحا بتلك الانواع من المجازر التي ترتكب بدم بارد مثل حماة وحلبجة ، فهي تعلم انها قد تُتخذ ذريعة لتغيير خريطة المنطقة والسيطرة عليها ، بازرالة عروش تلك الانظمة ... بل يا زميلتي سوف القي على ناظريك نكتة ، وأنت تقرئين هنا ، مفادها إن هذه الأنظمة تتنافس - الان - في ضرب اخر من ضروب العبث ، غير ما الفناه من القمع ، والقهر الذي مارسته على الشعوب في السابق ، ألا وهو الإصلاح ، والتنافس في الظهور بمظهر المطبق ، والمُحترم لحقوق الإنسان ، والمنادي بالانتخابات ، ومشاركة الشعب في الحكم ، حتى إن رئيس بلدك المصري ( قد تنازل أخيرا ) بالسماح لآخر من العامة بمنافسته في الانتخابات - ولو كان ذلك صوريا - الا انه فعل ! .. وفي بلد مثل السعودية التي كانت توجد بها فتاوي دينية تحرم الانتخابات ، أجريت في العام الماضي انتخابات بلديه ... وعليه لعله يكون واضحا لديك إن اغتيال الحريري حدث في زمن مختلف عن زمن مجزرة حماة وغيرها ، التي تطالبين بالثأر لها .

- قلتي يا عزيزتي ما يلي في الملاحظة الثانية :

فحتى إن كان النظام السوري هو الذي خطط ودبر لإغتيال "الرئيس" "الشهيد" فالنظام الأمريكي هو المستفيد الأول من هذا الإغتيال.

هذا هو المقصد من السؤال ، ان كان النظام السوري هو الفاعل فهو غبي ، ومتهور قام بحساب العملية بحسابات أخرى لم يدري إثناء إجرائها إن أمريكا هي المستفيد الأول من الاغتيال ! .. ألست معي انه قمة العبث ، والتهور في أمور يمكن حلها ، ومعالجتها بغير أسلوب الغاب ، والقرون الوسطى ؟! ..
أما عن كيف نعاقب النظام دون ان يتضرر الشعب السوري ، فأجدني في حيرة مثلك في ذلك ، وفي الجهة التي تقوم بذلك ، لكن ما أنا على يقين منه إن الفاعل - ان كان النظام السوري - فقد سلم رأسه لعدوه بمنتهى الحماقة ، والغباء ، وعليه إن يدفع الثمن لغبائه ذاك ، وليس عذر الشعب السوري إن يُحكم من مجموعة من الحمقى ، وانه أبقاهم عليه طوال هذه السنين .

وأخيرا عذرا لأي أساءه ظننتي أنها بدرت مني لم اقصدها ،
وتقبلي هذه (f)