تورد ترجمة حياة "لابن منظور" تقول فيها بأنه ولد في "مصر" وقيل: "طرابلس الغرب"، وتوفي في "مصر".
أذكر بأن النسخة "الورقية" القديمة التي كنت استعملها من "لسان العرب" كان تقرر على الغلاف بأنه "جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي
المصري" ...
لا أعلم إذاً مصادر "هاجر" في اعتراضه على "مصرية" إبن منظور. ولكن، ليته يؤصل الاعتراض ويأتينا بمصدر يفيدنا ويقطع الشك باليقين.
-----------
اقتباس:ولكن ما يهمنا الآن أن نقول:
مذا يمكن أن يفيدنا اليوم قاموس ( لسان العرب ) وقد فنيّ العديد من مفرداته ولم يعد مستعملا اليوم. وبالتالي يعجز الباحث عن حمله متنقّلا إذا أراد استعمال القاموس دائما.
لهذا أخذت القواميس الصغيرة تغزو البيوت لتحتل مكان الضخام من أماتها.
لم أستعمل منذ عشرين سنة إلا "لسان العرب". فأنا أعشق هذا القاموس بحق، وهو حقاً الأكمل بين القواميس "الكلاسيكية القديمة". ومع هذا فإنني أرى بأن "لسان العرب" بحاجة لإعادة تنظيم وتنضيد وتحديث. وليت هناك من يتصدى اليوم لهذا القاموس الضخم فيأخذ مرادفاته "جميعها" ويرتبها بشكل "حديث" ويضيف إليها ما جد واستجد من كلمات دخلت لغتنا بعد عهد "ابن منظور".
فالعربية بحاجة اليوم لقاموس "شامل جامع مانع" يحتوي على جميع ما جاء عند "ابن منظور" مضافاً إليه جميع ما استوعبته العربية من كلمات حتى يومنا هذا.
أعلم هنا أنني أخالف صديقنا "محمد الدره"، ولكني أهتم كثيراً بشؤون المختصين. فالقواميس الصغيرة الكافية الوافية في مجالها موجودة أيضاً، وأعتقد بأن "المنجد" الذي قامت على إصداره "المطبعة اليسوعية" وصولاً إلى "الرائد" "لجبران مسعود" تكفي في مجال الاختصار والتبسيط.
حقاً، لا مانع من أن نؤلف قاموساً نزيل من بين صفحاته جميع كلمات "لامية الشنفرى" وندعوه "القاموس المعاصر" مثلاً. ولكن من ناحية أخرى، علينا الاعتناء "بالبحاثين" و"المختصين" واتحافهم ببديل "للسان العرب" أكثر حداثة وترتيباً وتنضيداً مما هو موجود حالياً. فلسان العرب قد يغني عن "العين" وعن "الصحاح" وعن "تاج العروس" ولكن لا شيء يغني عن "لسان العرب" عند البحاثة، حتى ولا "القاموس المحيط" رغم الجهد الجبار الذي بذله المعلم بطرس البستاني في تأليف هذا القاموس الرائع.
هنا فلأسجل رأياً مخالفاً لصديقنا محمد الدرة بالنسبة للكلمات المهجورة، ولأقل: بأنه ليس من كلمة مهجورة في لغتنا إلا ويستطيع أدباؤنا احياءها لو هم راموا هذا أو رغبوا به. وهذا حظ عظيم لمن عرف كيف يستغله، فغنى العربية مذهل في مجال التعابير والكلمات والمرادفات، وتعدد الألفاظ يعطي للكاتب والأديب مجالاً كبيراً جداً من القدرة على التصرف بالمعاني والألفاظ. لذلك، فليست بنا حاجة إلى "إعدام" الألفاظ "القديمة" بعدم تضمينها القواميس الجديدة، بل بالعكس، فكما نحن بحاجة لقواميس مبسطة خفيفة لطلبة المدارس، وأخرى مختصرة لطلبة الجامعات، فإننا بحاجة "لقاموس" كبير - للمختصين والأدباء - يجمع بين أطرافه جميع "كلمات" لغتنا بطريقة حديثة معاصرة. ولعل "لسان العرب" يكون نقطة الانطلاق لهذا العمل الضخم الجبار.
وكما قلت أعلاه، ليس هناك من "كلمة أو عبارة عربية مهجورة" إلا وتستطيع يوماً أن تنهض من رقدتها عندما يأتيها كاتب يعرف كيف ينفخ في الصور، فيقيمها ويجلسها من جديد في مجلس أدبي معاصر حديث. وهذا بحد ذاته تميز للعربية على سائر اللغات الأخرى، الحديثة العهد نسبياً، وإحياء متجدد لكلماتها، وفي نفس الوقت إمكانية لا نظير لها - بين اللغات الأخرى - للأدباء والمتأدبين، في مطاولة الفكرة بأعداد هائلة من الألفاظ قد تعينهم على تحسين النص وجلاء معناه.
أخيراً، سوف أعطي مثلاً عرض لي شخصياً قبل أسبوعين أو ثلاثة من اليوم. فلقد كنت أكتب مداخلة في "النادي" وفي رأسي بيت شعر أورده "أبو العباس المبرد" في "الكامل" (الصفحات الأولى من الجزء الأول على ما أذكر) يقول:
إن لها لسائقاً عشنزرا
إذا ونين ونية تشنزرا
كان البيت في رأسي، وكانت العبارة مؤاتية، فعادت كلمات مهجورة قد لا تجدها في قواميس اللغة مثل "عشنزر" و"تشنزر" كي تدخل صفحات "نادي الفكر العربي" بعد ألف عام من الإهمال (لا أعتقد بأن هناك من استعمل هذه الألفاظ لوحشيتها).
قد أكون وفقت في هذا، وقد لا أكون. ولكني أريد أن أنوه إلى إمكانية بعث الألفاظ "القديمة" من أقبيتها حتى لو كانت قد تعفنت فيها.
وردة على ضريح "إبن منظور" الذي له علي شخصياً جهداً مشكوراً (f)
ووردة لصديقنا "حمدي" الذي تذكر هذا الشيخ الجليل والمؤلف الذي أعان أجيالاً من الأدباء والمتأدبين (f)
ووردة لصديقنا محمد الدرة على مشاركته (f)
واسلموا لي
العلماني