اقتباس:  (HUMAN)   كتب/كتبت  
جميل يا محارب النور وphilalethist
لكن حلقات الفلسفة المتواصلة لا تعني الوصول إلى
الحقيقة مع تقدم الزمن
أم أنني مخطئ ؟
مودتي (f)

الحقيقة... :o

يا لها من كلمة مخيفة وخطيرة... :15:

الفلسفة لم تفعل على امتداد أكثر من 2000 إلا البحث ليس عن الحقيقةوأؤكد لك عزيزي HUMAN أن لا أثرها لها حتى اليوم.

أعجبني جدا هذا النص وسترى أنه ممتع رغم طوله:


الفلاسفة لم يفعلوا من شيء إلا البحث عن الحقيقة (الجوهر) وانقسموا واختلفوا والفلسفة نفسها لم تتطور وتتوسع إلا بفضل ذلك الخلاف والبحث الشاق عن الجوهر. من الفلاسفة الماقبل سقراطيين إلى ارسطو إلى ديكارت إلى كانط إلى هيغل إلى ماركس وإلى اليوم... أين أنت أيتها الحقيقة؟... لاحياة لمن تنادي... أخشى أنه لا وجود أصلا لشيء إسمه حقيقة (الشكيين) أو لا يمكننا التوصل لمعرفة الحقيقة (اللاأدريين) أو أن هناك طرق غير عقلية يمكن بفضلها التوصل للحقيقة (برغسن/الحدس)، الخ.

باختصار يوم نجد الحقيقة تموت الفلسفة

ربما هذا هو الاختلاف الرهيب بين [SIZE=5]الدين والفلسفة: فالدين مؤسس على الحقيقة بل على الحقائق المطلقة (عكس النسبية)وأهم حقيقة هي الله. أما الفلسفة فتنطلق من اللاحقيقة بل ويوم تجدها تبدأ في دكها بمختلف الأدوات: الدهشة/أرسطو، الشك/ديكارت، النقد/كانط، التهديم/نيتشه (رغم أن هذا ليس منهجا فلسفي مثل سابقيه)، الجدل/هيغل وماركس

الفلسفة يتم اثراؤها من خلاف الاختلاف أما الدين فالاختلاف غير مطلوب فيه تماما :D

الدهشة أمر مستحب في الفلسفة لأنها بداية التعرف عن الخلل أو الجهل والعلم بالجهل هو في حد ذاته كسب. أما في الدين فلا يوجد أي شيء يثير الدهشة فكل شيء واضح ومقيد: اوامر ونواهي على الانسان تتبعها والعمل بها قدر الامكان.

الشك سلاح في الفلسفة أما في الدين فهو أمر خطير وربما يؤدي بصاحبه لما لا تحمد عقباه. أصلا الدين قائم على الايمان (عكس الشك).

النقد سلاح في الفلسفة أما في الدين فهو منكر ونوع من الكفر: ماذا ستنقد؟ كلام الله والكتاب المقدس والشرائع السماوية؟

لا يجد فيلسوف مثل نيتشه أي حرج في أن يدعو لتحطيم كل شيء والبدء من الأول. تصور ماذا تعني هذه الدعوة في الدين: كفر ما بعده كفر.

إذن فمقارنة بين الدين (اين توجد الحقيقة) والفلسفة (التي تبحث عن الحقيقة ولا تجدها) ترينا أن الحقيقة كلمة تثير الفزع في الفلسفة. ولهذا أصبحت الفلسفات الحديثة (ما بعد الحداثوية مثلا التفكيكية) ترى أن الحقيقة مجرد وهم. والفلا سفة عموما اليوم (ربما منذ هايدغر) اصبحوا يؤمنون أن النتائج في الفلسفة (مثلا ايجاد الحقيقية) ليست مهمة بقدر أهمية عمل التفلسف ذاته. أي باختصار فكر واعمل عقلك وليس مهما النتائج. بحيث أن الفلاسفة اليوم يكادون ينسون كلمة الحقيقة. وإذا ما سألت عن الحقيقة عزيزي HUMAN فلتتجه لمجالات أخرى الدين أوالعلم أو الفن... أما الفلسفة فللأسف كلما تقدم الزمن كلما ابتعدت عن الحقيقة (يا لها من مأساة لذيذة: الفلسفة تتدعي البحث عن الحقيقة ولكنها كلما تقدمت في بحثها كلما ابتعدت عن الحقيقة :frown: )

مع تحياتي للجميع (f)