{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
في "التغريبة الفلسطينيّة" شاهد نفسك بطلاً... أو كومبارساً
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
في "التغريبة الفلسطينيّة" شاهد نفسك بطلاً... أو كومبارساً
التغريبـــة
2004/11/22


فــاروق وادي
مغامرة متعددة الأبعاد، كتابة وإخراجاً وإنتاجاً، انطوت عليها التغريبة الفلسطينيّة . إنها مغامرة في الكتابة أولاً، حرّكها طموح التجسيد الدرامي لتراجيديا المقاومة والرحيل والمنفي، وهو طموح لم يبرح مخيِّلة الكاتب وأحلامه منذ وقت بعيد.
لقد اشتغل كاتب النّص، الدكتور وليد سيف، علي مستويات دراميّة متعددة. فثمّة مادة ثريّة نابعة من تراجيديا التجربة الفلسطينيّة في حقبة هادرة تناولها المسلسل، ما استدعي المحافظة علي الجانب الثوثيقي في العمل إلي حدّ كبير. وثمّة المادة التخييليّة التي رصدت لحياة أسرة فلسطينيّة وقرية تعرّض أهلها للتهجير، ما اقتضي ملاحقة شخصيات زاخرة تنهض عليها البنية الملحميّة للنصّ.
الالتزام برصد وقائع التاريخ وأحداثه المريرة، أبقي الخيال الإبداعي مقيّداً إلي حدّ ما، فنهضت البنية الدراميّة علي خط رهيف يحاذر السقوط في النزعة التاريخيّة، مع الحرص علي حقّ المخيِّلة في ممارسة دورها. وتزداد صعوبات التخييل هنا، في أننا أمام تراجيديا صنعها التاريخ تفوق كلّ ما يمكن أن يصنعه الخيال الحرّ.
لقد كان علي الخيال أن يتنازل عن شيء من مساحته المفترضة، وكان علي الحقيقة التاريخيّة أن تقفز عن بعض تفاصيلها الهامّة لتمارس المُخيِّلة حقّها الإبداعي. ورغم بعض الهنّات، فقد ظلّ التوازن قائماً بين الواقعي والمُتخيّل إلي حدّ كبير.
الحقيقة التاريخيّة والنزعة التوثيقيّة والخطاب السياسي والأيدولوجي والطبقي للمسلسل، كلّها، عناصر تحالفت لتفرض علي كاتب النصّ العديد من الشخصيات النمطيّة (المختار، المثقف، المقاتل، الوجـــاهات التقليديّة، البورجـــوازيّة الوطنيّة.. الخ). وقيمة الشخصيّة النمطيّة تكمن في أنها لا تمثِّل نفسها فحسب، وإنما قطاعاً عريضاً من الفئة التي تنتمي إليها، غير أن عيبها يكمن في بهوت ملامحها الشخصيّة في كثير من الأحيان، إن لم يكن أمّحاء خصوصيتها الإنسانيّة (شخصيّة المثقّف علي وجه التحديد). إلاّ أن هذه النمطيّة تنكسر عند الحديث عن شخصيّة القائد الثوري، وربما كان التركيز علي عيوب بعض القيادات وممارساتها في ثورة 1936 قد أسهم في إخراج هذه الشخصيّة عن نمطيتها، وحتي كسر شيء من قداستها في المخيال الشعبي. كما حدث أن أسهمت قدرات الممثِّل أحياناً في كسر الرتابة النمطيّة للشخصيّة.
المغامرة الإخراجيّة التي خاضها حاتم علي، تكمن أولاً في خروجه هذه المرّة من المسلسل التاريخي والمسلسل الاجتماعي، إلي ارتياد شكل جديد. فهو يدخل واقعاً آخر وتاريخاً قريباً لم يزل بعض من عايشه علي قيد الحياة، ويحقق نجاحاً كبيراً ليس في اختيار كادراته وإدارة ممثليه وإنطاقهم بمستوي متفاوت الإتقان للهجة الفلسطينيّة المحكيّة، وإنما في تحريك المجاميع الهائلة بمقدرة فائقة وإقناع شديد، خاصة في المشاهد القتاليّة ومشهد الخروج الكبير عام 1948، ومشاهد تشكيل النواة الأولي للمخيّم في السنوات الأولي للنكبة، التي أعاد المسلسل إنتاجها بشكل لافت يستحق التقدير.
أما المغامرة الإنتاجيّة، فتتمثّل في تقديم مسلسل بهذا المستوي المتقدِّم، في زمن يشهد فيه الواقع العربي بمستوييه، الرسمي والشعبي، تراجعاً فادحاً عن الاهتمام بالموضوع الفلسطيني.
في هذا المناخ المُزري، تُقدِم شركة إنتاج سوريّة علي مغامرة غير مأمونة العواقب علي المستوي التجاري التسويقي، فتُقدِّم مسلسلاً ملحمياً ضخماً يرصد تاريخ المقاومة الفلسطينيّة ومأساة الرحيل الكبري، كاسرة بذلك رهبة الدخول إلي تراجيديا زاخرة، وموضوعاً يشهد انفضاضاً من حوله في القمم وفي الشارع علي السواء، فيعمل علي إحياء ذاكرة في طريقها إلي التكلُّس والنسيان.
إن الأعمال الكبري والجادة، وحدها، هي الجديرة بالنقاش. ومن هذا المنطلق، يمكننا أن نُسجِّل بعض الملاحظات الأوليّة حول هذا العمل الكبير..
فالمكان الفلسطيني المُقام لأغراض التصوير، ظلّ يُجافي حقيقة القرية الفلسطينيّة، سواء في طبيعتها الجغرافيّة أو في مبناها العمراني. ثمّة إمعان في بؤس المكان ونُدرة الخضرة فيه. ومثل هذا الأمر ليس مجرّد مسألة جماليّة أو رغبة رومانسيّة في رؤية ما يُشبه أمكنة تسكن في ذاكرة الآباء، لكن المشهد الجغرافي البائس قد يستدعي إلي الوعي الادعاء الصهيوني بأنهم جاءوا ليحيوا أرضاً قاحلة وهي رميم. صحيح أن المخرج لجأ، في كثير من الأحيان، إلي الالتفاف الخارجي علي هذا البؤس عبر تكرار عرض كادر بانورامي ثابت لقرية أخري أكثر جمالاً ومُحاطة بالخُضرة، إلاّ أن حيّز الحركة الدراميّة الأكبر كان يحدث علي أراضٍ شبه جرداء.
إن خطاب الدراما التلفزيونيّة هو خطاب بصري في الأساس، يمكن أن يرتقي بقيمته إلي مستوي الخطاب السينمائي بجماليته وكثافته. وهو ما يجد نقيضه في اللجوء إلي الخطاب اللفظي المباشر، سرداً وتعليقاً وتعبيراً عن مشاعر، وهو وإن لعب دوراً توثيقياً واختزالياً وبلغة ارتقت أحياناً إلي مستوي الشِّعر، إلاّ أن السرد البصري يبقي هو الأساس، أمّا السّرد اللفظي المباشر فهو يستعير أشكال التعبير الأدبي.
يتجلّي الخطاب البصري بالغ التأثير، كنموذج، في مشهد إرسال البنت إلي بيت زوجها الثاني. فهو واحد من المشاهد الإنسانيّة الدراميّة الهائلة بقيمتها البصريّة، إذ اجتمعت في صياغته الحركة المنكسرة للرجال، واللون الأصفر الكابي، مع أغنية مفترضة للفرح، ظلّت تشعّ حزناً لا يُنسي.
اختيار الممثلين كان موفقاً في الغالب. جولييت عوّاد (الأم) من بين الجميع كانت الأكثر تلقائيّة واتقاناً لتعبيراتها اللفظيّة والحركيّة، فبدت لا تمثِّل بقدر ما تعيش حياة. وإلي جانبها يقف خالد تاجا (الأب) بصمته المُعبِّر عن دواخله وعُمق الفجيعة، ويارا صبري (أم صالح) بحزنها وانكساراتها الإنسانيّة التي تخفيها في سريرتها، وباسل خيّاط (حسن) بحيويته الشخصيّة والأدائيّة الأكثر تميُّزاً من بين الأبناء.
وإذا كانت الموسيقي والأغنيات قد أضافت شحنة تعبيريّة هائلة إلي العمل الدرامي، فالعكس يمكن أن يُسجِّل حول الزيّ النسائي الفلسطيني، الذي ظلّ شبه غائب، وإن ظهر فحكراً علي طبقة الأغنياء وليس جزءاً من مشهد الحياة اليوميّة في القرية وفي أسواق المدن الفلسطينيّة.. وحتّي في المخيّم.
لقد جاءت التغريبة الفلسطينيّة ، بصياغتها الدراميّة المتميِّزة، وعمل مخرجها، وأداء ممثليها، وجهد طاقمها، لتحكّ جراحاً لم تندمل، وتعيد قراءة تجربتنا وأحزاننا من جديد.. وبمنظور جديد، ولتوقظ ذاكرة باتت عُرضة لرياح النسيان..
إنها نموذج للعمل الدرامي الذي يحرص علي احترام عقل المتفرِّج، وذائقته، ووجدانه، بحيث يمكننا القول، ودون تردد، أن الدراما التلفزيونيّة حول القضيّة الفلسطينيّة.. قد وُلدت اليوم!
كاتب من فلسطين
0
QPT3

11-22-2004, 04:50 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
في "التغريبة الفلسطينيّة" شاهد نفسك بطلاً... أو كومبارساً - بواسطة بسام الخوري - 11-22-2004, 04:50 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  موسيقا نسمعها غالباً بالدعايات فهل يعرفها أحد " مرفق مقطع فيديو " Free Man 2 2,219 11-17-2008, 12:32 AM
آخر رد: Free Man
  باقة فيروزيات على كيف كيفكم هدية ل "عمو" بني آدم :) (وعد الحر ديييييييين) Narina 5 2,360 07-23-2008, 12:47 PM
آخر رد: Narina
  قدود حلبية و موشحات (إهداء ل "يجعله عامر") Narina 12 5,942 07-17-2008, 02:18 PM
آخر رد: Narina
  دعوة لمشاهدة الفيلم الرائع " الأرض " بنى آدم 4 2,185 02-21-2008, 01:03 AM
آخر رد: bassant
  بطل "الامين والمأمون".. مقاوم يحمل البندقية وعاشق يحب اليهودية! تروتسكي 1 1,175 09-20-2007, 11:43 AM
آخر رد: تروتسكي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS