{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
رواية بنت الرياض نسخة خالية من الأخطاء الفنية
قارع الأجراس غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 262
الانضمام: Dec 2005
مشاركة: #5
رواية بنت الرياض نسخة خالية من الأخطاء الفنية
[CENTER](12)




حياة (لا بأس بها) حدثنا آدم قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا الحكم ، عن إبراهيم ، عن الأسود قال : سألت عائشة : ' ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟ ) قالت : ' كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ' . صحيح البخاري : 676 لم أتوقع صراحةً كل هذا التفاعل مع إيميلاتي المتواضعة ! لق بدأ المشروع في ذهني منذ حوالي خمس سنوات ، أي منذ بداية قصة صديقاتي كما أكتبها لكم الآن ، لكنني لم أعمل على تحقيق الفكرة سوى مؤخراً ، بعد أن لاحظت أن طاقة ذهني الاستيعابية قد استُنفذ جُلّها ، وجاء الوقت الذي يجب أن أعصر فيه إسفنجة عقلي وقلبي بقوة حتى أتمكن من استيعاب المزيد في حياتي لاحقاً . لم تكن العلاقة الزوجية بين راشد وقمرة بالعلاقة السينمائية المثالية إلا أنها لم تكن تعيسة في نفس الوقت . كان راشد منصرفاً عنها إلى دراسة وتاركاً لها مسؤولية الاعتناء بالمنزل بعد أن لاحظ عدم حماسها للالتحاق بالجامعة ، وغرم صعوبة ذلك فلي البداية ، إلا أنها تعلمت تدريجياً كيفية الاعتماد على النفس وأصبحت تمتلك من الجرأة في سؤال المارة عن العناوين أو سؤال البائعين عن الأسعار ما لم تكن تمتلكه من قبل . كانت لقاءاتها وراشد معدودة ، إلا أنها كانت تحصل في المقابل على كل ما تحتاجه من نقود متى طلبت ، ودون أن تطلب في أغلب الأحيان . حتى احتياجاتها (الأخرى) ، كان يعطيها منها ما يكفيها بين الحين والآخر . لم تكن قمرة قادرة على المقارنة بين ما يعطيه إياها وبين ما يمنحه الرجال الآخرين لنسائهم ، لكن ما كانت تحصل عليه كان مرضياً بالنسبة لها . وحدها احتياجاتها النفسية لم يكن يلتفت إليها ، ومع ذلك فقد كانت تعتبر نفسها أوفر حظاً من كثير من قريناتها . اكتشفت طيبة راشد بعد معاشرتها له ، مع أن هذه الطيبة لم تكن تظهر بوضوح في تعامله معها ، لكنها لمستها في تعامله مع الآخرين ، أمه ، أخواته ، العامة في الشارع ، الأطفال ! كان راشد يتحول إلى طفل صغير أمام أي طفل يلتقيه ، يلاعبه ويداعبه برقة وحنان لا مثيل لهما . اقتنعت بأن راشد سيحبها مع الوقت ، فهو في بداية زواجهما كان جافاً معها ، لكنه مع مرور الأيام صار أكثر تقبلاً لها وأقل حدة معها ، رغم أنه ظل يثور عليها أحياناً لأسباب تراها تافهة ، لكن أليس جميع رجال نجد كذلك ؟ لا تظنه مختلفاً عن أبيها وإخوتها وعمومتها وخالها وأبنائهم . كان هذا هو طبعه ، وهذا ما كان يصبرها . إنما للصبر حدود وحد صبرها كان (كاري)! كان أكثر ما يغيظها في راشد عدم استشارته لها في أي من الأمور المتعلقة بالمنزل فحينما أراد تركيب جهاز استقبال للقنوات التلفزيونية ، اختار الباقة التي تضم قنواته المفضلة ، مع أنها لا تضم قناة إتش بي أو التي تعرض مسلسلها المفضل(سكس آند ذا سيتي) المسلسل الذي يتحدث عن العلاقة بين الرجال والنساء ، تتابعه قمرة بشغف وإن كانت لا تفهم من حوارات أبطاله إلا القليل . أغاظها تصرفه كثيراً خاصة عندما أظهر عدم اكتراثه بثورتها . كان كمن يقول أن لا شأن لها في تحديد أساسيات هذه الشقة ، وكأنها شقته وحده!. ظل يثيرها في أمور من هذا القبيل كل يوم ، ومع ذلك فالويل لها إن نسيت تجهيز ثيابه كل مساء ، وكيها قبل أن يستيقظ من نومه كل صباح ، ولا يحق لها أن تطالبه بمساعدة في ترتيب المنزل أو إعداد الطعام أو غسل الصحون ، مع أنه معتاد على معيشة العزوبية طوال سنوات دراسته بأمريكا ، أما هي فقد كان يحيط بها الخدم في منزلهم بالرياض ، يأتمرون بما تقوله لهم ويوفرون لها ما تطلب هي وإخوتها في لحظات . كان راشد يقضي وقتاً طويلاً في الجامعة ، وعندما كانت تسأله عن سبب تأخره اليومي كان يخبرها أن يجري بحوثاً على الإنترنت باستخدام أجهزة الكمبيوتر المتوفرة في مكتبة الجامعة . في الأشهر الأولى كانت قمرة تمضي وقتها أمام التلفاز أو في قراءة روايات عبير التي جلبتها معها من الرياض ، أو تعيد قراءة روايات بيار روفايل التي عرفتها سديم عليها وهما في المرحلة المتوسطة . كان لدى راشد في الشقة جهاز كمبيوتر لا يستخدمه ، سمح لها باستخدامه إن هي أرادت ذلك ، لكنه لم يكن متصلاً بشبكة الإنترنت . قضت قمرة أشهراً في التعليم على استخدام الكمبيوتر . كان راشد يساعدها أحياناً لكنها كانت تحاول الاعتماد على نفسها إلى حد كبير . كانت تلاحظ إقبال راشد وحرصه على تقديم المساعدة كلما لاحظ إصرارها على التعلم وحدها وعدم لجوئها إليه في كل صغيرة وكبيرة كما كانت تفعل في بداية زواجهما . هل يشعر الرجل بتهديد لسلطته عندما يرى بوادر تفوق المرأة ؟ هل يخاف الرجال من استقلالية نسائهم ؟ وهل يظنون أن استقلال المرأة وتحقيقها لذاتها هو اغتصاب غير مشروع لصفة القوامة التي أثبتها الله لهم ؟ اكتشفت قمرة قاعدة مهمة في التعامل مع الرجل ، وهي أن الرجل يجب أن يشعر بقوة المرأة واعتمادها على نفسها ، ويجب أن تفهم المرأة أن علاقتها بالرجل ينبغي ألا تقتصر على الحاجة ، حاجتها لنقوده ، ولقيامه بمسؤوليات المنزل ، وحاجتها لعنايته بها وبأطفالها ، وحاجتها قبل كل شيء للشعور بأهميتها في هذا الكون التي هي بحاجة – مع الأسف الشديد – لرجل حتى يُشعرها بها . بينما كانت قمرة تتصفح بعض الملفات التي تحتوي على صور لخلفيات الجهاز وقعت عيناها على ملف يحوي عدداً كبيراً من الصور لامرأة من شرق آسيا ، عرفت بعدها أنها من اليابان ، واسمها كاري . بدت كاري رغم ضآلة جسمها كغيرها من الشرق آسيويين ، في سن قريبة من سن راشد أو أكبر منه بقليل ، وكانت تظهر في بعض الصور إلى جانبه وهما مستلقيان باسترخاء فوق الكنبة في نفس الشقة التي تسكنها قمرة الآن معه ! لم تكن المسألة حينها بحاجة إلى تفسير . شكلت تلك الصور الحلقة المفقودة في سلسلة الفتور غير المبرر في علاقة راشد بها ! كان راشد على علاقة بهذه الفتاة قبل زواجه بقمرة وليس ببعيد أن يكون على علاقة بها حتى الآن! توالت الدلائل بعد ذلك تباعاً ، فعلاوة على سهراته اليومية مع كاري على الإنترنت أو الهاتف (وما أدراها ؟!) ، اعتاد راشد أن يقضي يومين من كل شهر خارج المنزل مع (أصدقائه) في رحلة برية . كانت ترحب بتلك الرحلات التي تفعل براشد فعل السحر فيعود لها منشكحاً وسعيداً ومبالغاً في إظهار مودته ، حتى أنها كانت تشعر بالامتنان نحو (أصدقائه) وتنتظر رحلة الشهر التالي بفارغ الصبر كشف تمكن من إخفاء علاقته بهذه المرأة لمدة تسعة شهور ؟ وكيف لم تتمكن قمرة من اكتشاف علاقة زوجها بامرأة أخرى ؟ لقد كانت الأشهر الأولى بعد زواجها به صعبة بحق ، إلا أنه تغير بعدها تدريجياً وصار زوجاً نجدياً تقليدياً أشبه بزوج أختها حصة ، فكيف استطاع أن يمثل عليها طوال هذه المدة ؟ هل كان يلتقي تلك المرأة باستمرار ؟ وهل تسكن معهم في نفس الولاية أم أنه كان يسافر إليها كل شهر ؟ هل يحبها ؟ هل ينام معها ويجبرها على تناول حبوب منع الحمل كما يفعل بزوجته ؟ لو أن أحداً أخبرني أن قمرة المستكينة سوف تفعل ما فعلته لما صدقته قبل أن أراها بعيني ، فالزوجة الصغيرة حملت السلاح وقررت أن تقاتل دفاعاً عن زواجها وتصارع من أجل بقائه . لم تخبر أحداً باكتشافها المؤلم سوى صديقتها سديم ، التي أخبرتها بأمر انفصالها عن خطيبها وليد بعد عقد القران . شعرت أن صديقتها الهاربة إلى المنفى اللندني هي الأقدر على تفهم مشاعرها في تلك الفترة ، رغم أنها لم تعرف سبب انفصال سديم عن وليد إلا بعد ذلك بسنة . حذرتها سديم خلال مكالماتهما اليومية من أن تخبر راشداً عن اكتشافها ، ونصحتها باتباع خطة الدفاع عوضاً عن الهجوم الذي لا تمتلك أسلحة كافية من أجله : - ما قدامك إلا أنك تقابلينها وتتفاهمين معها . - وش أقول لها ؟ ابعدي عن جوزي يا خطافة الرجالة !؟ - لا يا بنتي . تجلسين معها وتحاولين تعرفين منها طبيعة علاقتها بزوجك ومن متى هالعلاقة . ما تدرين ! يمكن حتى يكون مخبي عنها أنه متزوج ! . - أنا باموت واعرف وش لقى فيها ذي القردة أم عيون ممغطة؟! . - أهم من إنك تعرفين وش لقى في شكلها ، إنك تعرفين وش لقى في شخصيتها. ما يقولون اعرف خصمك ؟! هل أصابت قمرة عندما قررت أن تحارب من أجل الحفاظ على استقلال مملكتها ؟ أم أن الزواج الناجح في الأساس هو ما لا يحتاج إلى حروب لاستمراره ، وعلى ذلك فإن كل زواج يستدعي الحرب هو زواج محكوم عليه بالفشل مسبقاً ؟ عثرت على رقم هاتف كاري وعنوانها في مفكرة راشد . كان لها قزماً في اليابان (منه عرفت أنها يابانية) ورقماً في ولاية إنديانا القريبة التي درس فيها راشد الماجستير . اتصلت قمرة بكاري على الرقم الثاني وطلبت منها لقاءها بعد أن عرفتها بنفسها . ردت كاري بهدوء معلنة موافقتها وأخبرتها أنها مستعدة لزيارة شيكاغو لرؤيتها في أقرب فرصة! كان ذلك بعد اكتشاف قمرة للعلاقة المحرمة بين زوجها وتلك المرأة اليابانية بحوالي شهرين ، بذلت فيهما الكثير من المجهود حتى تسيطر على انفعالاتها المتضاربة وكي لا يشعر راشد بأي تغير من ناحيتها قبل موعد لقائها بعشيقته . انقطعت قمرة خلال هذه الشهرين عن تناول أقراص منع الحمل دون استشارة والدتها التي تعرف رأيها مسبقاً (مالك إلا عيالك يا بنيتي) العيال يربطون الرجال .. لم تكن قمرة تريد أن يكون الأطفال هم الرابط الوحيد أو بالأحرى المُجبر الوحيد لراشد للاستمرار معها ، لكنه هو من اضطرها لذلك ، ولذا فليتحمل مغبة أفعاله ! وليتحمل أبناؤهما مغبة أفعالهما كليهما !. الدوار والغثيان الصباحي مع الاستفراغ المزعج ، عوارض الحمل المعروفة والتي كانت قمرة تنتظرها بفارغ الصبر قبل أن تتصل بكاري . ذهبت إلى السوبرماركت الموجود في أسفل العمارة التي يسكنانها لتحصل على ما يؤكد لها شكوكها . لم تعرف وجهتها هذه المرة فلجأت لإحدى البائعات هناك وهي تشير إلى بطنها بيديها بشكل كروي : -آي... آي ... بريقنانت ! - أوه !! كونقرا جيوليشنز مام ! لم تحب قمرة يوماً اللغة الإنجليزية ولم تكن بارعة فيها كصديقاتها ، كانت تنجح كل عام بصعوبة وفي إحدى السنوات لم تنجح إلا في امتحان الدور الثاني بعد أن أشفقت عليها المعلمة ومنحتها من الدرجات أكثر مما تستحق . - نو... ! آي آي بريقنانت ... هاو ؟ وهي تبسط كفها الأيمن بإشارة : كيف ؟ - (والحية بادية على وجه البائعة السمراء) سوري ماي دير ، بت آي دونت قت وات يومين ! - (وهي تشير إلى نفسها بسبابتها مكررة) مي ... مي ... هاو بريقنانت؟؟ هاو بيبي ؟ هاو ؟؟؟ نادت البائعة اثنتين من زميلاتها البائعات وتبرعت إحدى المتسوقات العجائز للمشاركة في حل اللغز وفك طلاسم ما تقوله قمرة . بعد عشر دقائق من الشرح والإشارات حصلت قمرة أخيراً على ما تريد ، اختبار منزلي لكشف الحمل .

[CENTER](13)



المواجهة : بين اللي تسوى واللي ما تسوى حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : ما ضرب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خادماً له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئاً . سنن ابن ماجه : 2060 سمعت أن مدينة الملك عبد العزيز تسعى لحجب مواقع البريد الإلكتروني التي أبعث رسائلي الأسبوعية من خلالها ، من باب سد الذرائع ودرء المفاسد . أعرف أن معظمكم يعرف ألف طريقة للوصول إلى المواقع المحجوبة ، لكنني قد أموت متكهربة إن تم هذا الحجب قبل أن أفرغ لكم ما في صدري من شحنات سالبة وموجبة تأبى التعادل بداخلي ! لم أطلب سوى مساحة صغيرة على الشبكة العنكبوتية
أتربع في وسطها لأسبحن عليكم ، فهل كفرت ؟! على العموم ، أعرف أنني لو لم أكمل لكم اليوم ما حدث مع قمرة لتطوع أحدكم بالقضاء على جهازي بفيروس لا يمكن الخلاص منه ولذلك فإني لن أتعب أعصابكم لمدة أسبوع آخر . (ملاحظة صغيرة بخصوص الحوار في هذا الإيميل ) لغير الناطقين بالنجدية : التاس والسين تعادلان الكاف ، وذلك في بعض المدن كالقصيم ، كما تعادل الجيم الكاف في بعض الدول الخليجية كالكويت .

** بعد أن قضت ساعات طوال تحت يدي مصففة الشعر ، وبعد أن تزينت بمجوهراتها الثمينة التي لم ترتدها منذ مغادرتها الرياض ، اتجهت قمرة نحو الفندق الذي نزلت فيه كاري ، وهي تحذر وساوسها الثائر من أن يقنعها بخنق تلك الساقطة حال رؤيتها لها. كار- التي أرتني قمرة فيما بعد صورة للممثلة الصينية لوسي لو لتخبرني أنها نسخة منها – نزلت إلى بهو الفندق لتلتقي بقمرة التي قتلها الانتظار ، مدت لها يداً لم تلتقطها قمرة ، التي كانت ما تزال في صراع مع وسواسها الثائر . اتخد اللقاء منحى غير الذي رسمته سديم لصديقتها . كانت كاري هي التي تدير دفة الحوار ، تبدأ حديثها وتنهيه بثبات وثقة دون أن ترتبك أو تتلعثم في انجليزيتها كغريمتها. - أنا سعيدة بلقائك . لقد سمعت كلاماً كثيراً عنك من راشد . أظن أن رغبتك بملاقاتي هي تصرف حكيم من قبلك . - هذه المرأة الملعونة ! كيف تجرؤ ؟ - يسعدني طبعاً أن تريني حتى تكوّني فكرة عما يحبه زوجك . لقد عانى راشد الكثير ولا بد من أن تعملي على تحسين نفسك من الداخل والخارج حتى ترتقي للمستوى الذي يستهويه ، حتى ترتقي لمستواي ! كانت القطة قد أكلت لسان قمرة التي لم تتوقع هجوماً مثل هذا ! بعد أن سمعت لما قالته كاري انفجرت في وجهها صارخة : - شت أب ! يو بتش ! يو تيك ماي هزبند آند يو توك ؟!! الترجمة لغير الناطقين بالفنزويلية : جعلتس اللي ماني بقايلة ! بعد لتس عين تحتسين بعد ما خيتي رجلي ؟! يو مانز ثيف !! ( يا خطافة الرجالة بس بالإنجليزية ) قسم بالله آي ول كل يو! أنا أوريتس يا حيوانة !! ( والله لأخلص عليك ، وأظن الباقي واضح !). تتفجر كاري ضاحكة وتشعر قمرة بذاتها تنكمش وتتضاءل أمام عدوتها . بمنتهى الصفاقة ، اتصلت كاري براشد أمام عيني زوجته لتخبره أنها في شيكاغو وأنها آتية للقائه حيث يكون .
** لم تكن قمرة بحاجة لمن يخبرها كيف سيكون شكل راشد (الأسد) عندما يأتيها بعد أن تطلعه عشيقته على تفاصيل ما جرى بينها وبين زوجته ، ولذلك كانت قد أخرت لقاءها بالساقطة حتى تأكدت من حقيقة حملها . علمتها سوالف الحريم التي طالما سمعتها من أمها وقريباتها أن الحمل هو الطريقة الأضمن لاستمرار الحياة الزوجية ، أقول استمرارها ولا أقول نجاحها . دخل عليها بعد أقل من ساعة من لقائها بكاري ، وليته لم يدخل .. - قومي قدامي - وين ؟! - بتعتذرين لكاري عن اللي سويتيه فيها وعن الكلام الزبالة اللي قلتيه لها . مهوب أنا اللي تسوين معه هالحركات يا قمير ، فاهمة وإلا لأ ؟! إذا اهلتس ما عرفوا يربونتس أنا اللي باربيتس ! - أنت منت بصاحي ! والله لو تموت ما رحت !! كأنا أعتذر لهالفلبينية ؟! وعلى إيش !! مين فينا اللي لازم يعتذر للثاني !؟ أنا والآ انت وهي !!؟؟ - (ممسكاً بذراعها بعنف ) شوفي يا حرمة ! الجيّة بتجين والاعتذار بتعتذرين ، ومن بعدها بتركبين أول طيارة وتطسين على بيت أهلتس ولا عاد أبغي أشوف خشتس هنا مرة ثانية . موب أنا اللي واحدة مثلتس تمشي كلامها عليه ! - إيه هين !! أنا حرمة وهي الليدي اللي ما ترضى عليها كلمة!! وش معنى الشغالات اللي ترضى لهم يمشون كلامهم عليك؟!! أتتها الصفعة مدوية على خدها الأيمن ! - هالشغالة تسواتس وتسوى أهلتس بعد ، انتي فاهمة ؟!! على الأقل هاذي ما جا أبوها يتلصق بأبوي لين زوج بنته لولده وهو داري إن الولد يحب له واحدة بأمريكا وعايش معها له سبع سنين! هذي الشغالة حبتني ووقفت جنبي وسكنتني في بيتها يوم ما كان بجيبي قرش ، يوم ما أهلي رفضوا يزوجوني إياها وقطعوا عني المصروف ثلاث سنين ! هذي اللي ما هي عاجبتس ما ركضت وراي عشان الفلوس وحلال أهلي ! هذي اللي موب عاجبتس أصدق وأشرف منتس ومن أهلتس بستين ألف مرة ! توقف ذهن قمرة عن الاستيعاب بعد الصفعة المؤلمة ، كان كل ما قاله راشد بعدها من إهانات مجرد امتداد للصفعة التي لا تريد أن تنتهي ! دون أن تعي ما تقول وأن الوقت غير مناسب أبداً لتصريح مثل هذا (هل يجوز استخدام الأطفال كدروع بشرية وقت الحروب الزوجية ؟ ) قالت وسط دموعها وهي تتحسس موضع الصفعة بانكسار بإحدى يديها وبطنها باليد الأخرى : - أنا حامل . يخفت صوت قمرة تدريجياً مع تساعد الموقف ، ويرتفع صوت راشد الذي تحول إلى كتلة من غضب وصارت عيناه جمرتين حمراوين مشتعلتين : - وشو ؟! حامل ! انتي حامل !! كيف وشلون ؟!! من سمح لتس تحملين ؟؟ إنتي ما تاخذين حبوب ؟ إحنا ما اتفقنا على أنه ما في حمل إلى أن أخلص الدكتوراه ونرجع للسعودية ؟؟ انتي محسبة انتس تلوين ذراعي بهالحركات الوسخة؟!! - أنا اللي حركاتي وسخة ! أنا اللي أبغي أعلّق واحدة ما لها ذنب معي سنين وأخليها تشتغل عندي خدامة إلى أن آخذ شهاديت وأرميها بعدها مثل الكلبة؟؟ أنا اللي أتزوج بنت الناس وأثرثر من وراها مع اللي تسوى واللي ما تسوى ؟!!! تأتيها الصفعة الثانية فتسقط على الأرض وهي تولول بحرقة . غادر راشد الشقة إلى أحضان (اللي ما تسوى) تاركاً قمرة تسب وتلعن وتلطم خديها وتبصق عليه باستحقار وهي في حالة من الهستيريا أقرب للجنون!

[CENTER](14)



عن ميشيل وفيصل أحدثكم الحب مشاعر قلبية لا سيطرة للإنسان عليها ، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، ولولا أن الحب من أغلى الأشياء ، لما ذهب كثير من زمن الأنبياء فيه ، وقد جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المفهوم بأن نار الحب إذا اشتعلت لا يطفئها إلا النكاح وذلك بقوله : (لم ير للمتحابين مثل النكاح) ابن ماجة : 1847، فالحب الذي يبقى مقيداً بلجام العفاف والتقوى لا حرج فيه ، وسبيله الوحيد النكاح، فإن لم يحصل كان الصبر مع مرارته هو الحل الوحيد . إننا نفرق بين الحب كممارسة وسلوك وبين الحب كمشاعر ، فالحلال منه إذا كان مجرد مشاعر ، أما إذا تحول الحب إلى سلوك كلمسة وقبلة وضمة ففي هذه الحالة يكون حكمه حراماً وينتج عنه سلبيات كثيرة لأنه من الصعب على المحب ضبط حبه ، ولكن ما هو الحب الذي نريده ، نريد الحب الذي يغير القلوب والنفوس . نريد الحب الذي يدفع بأصحابه للقيام بأعمال يسطرها لهم التاريخ كأحلى قصة بين متحابين . موقع جاسم المطوع الإلكتروني أصبحت تستهويني قراءة تعليقاتكم على القصة ، فبعد إيميلي الأخير وصلني ما يقارب مائة رسالة ! قرأتها جميعاً لأتكد أننا شعب اتفق على ألا يتفق ، فمن متعاطف مع قمرة إلى محتقر لها ومن مؤيد لراشد إلى ناقم عليه . أؤكد لكم أنني استمتعت بقراءة كل رأي من آرائكم المتباينة حتى التي أختلف معها . سعيدة أنا بمتابعتكم رسائلي ، وسعيدة أكثر باختلافاتكم لأنها تشير إلى بداية تكوين بعضكم لفكر مستقل عن رأي الأغلبية ، رأي يتقنعون به ويؤمنون بمبادئه ويتمسكون به (أو هذا ما أتمناه) ! وهذه أروع الفوائد التي جنيتها معكم من إيميلاتي .

** وجدت ميشيل في فيصل كل ما كانت تبحث عنه في الرجل ، فقد كان يختلف عن بقية الشباب الذين تعرفت عليهم منذ استقرارها في السعودية ، وأكبر دليل على ذلك استمرار العلاقة بينهما لما يقارب العام مع أن أطول علاقاتها السابقة لم تدم أكثر من ثلاثة أشهر . كان فيصل شاباً متحضراً ، يعرف تماماً كيف يتعامل مع المرأة ولا يستغل الفرص كما يفعل الباقون ، كان لديه العديد من الصديقات كما كان لدى ميشيل العديد من الأصدقاء لكنهما أصبحا (كوبل) بعد فترة قصيرة من تعارفهما وحرصا على إعلان ذلك أمام جميع أصدقائهما . رقته الآسرة وسلوكه الرفيع جعلاها تعيد النظر في حساباتها وتغير الانطباع السيء الذي كونته عن الشباب في بلدها بعد عدد من التجارب القصيرة . لم يخطر ببالها قبل تعرفها على فيصل أن بإمكان الشاب السعودي أن يكون رومانسياً كغيره من شباب العالم المتحضر . كان فيصل يتبعها بسيارته كل صباح وهي في طريقها إلى الجامعة مع سائقها الخاص . كانت رؤيته في الساعة السابقة صباحاً يجول شوارع الرياض معها وهو يغالب النعاس – خاصة في الأيام التي لا تبدأ محاضراته فيها قبل الظهر – تدغدغ قلبها بحنان لا يسعها إلا الاعتراف به والتلذذ بطعمه . لم تستطع يوماً أن تشرح لأحد أصدقائها أو حتى صديقاتها المقربات ما تشعر به من ضياع ، فرغم أن صديقاتها كن يدركن مدى كراهيتها للمجتمع السعودي وتقاليده الصارمة واستهزائها بما يفرضه على الفتاة من قيود ، إلا أن ما بداخلها من صراع حضاري كان بحاجة لعقل واعٍ وفكرٍ مستنير وشخص متفتح الذهن حتى يستوعب ما يدور في ذهنها من تداخلات . وجدت ميشيل لذتها بعد ذلك مع فيصل ، الذي أدرك تماماً ما تعانيه ، فصارت تبث همومها في كل حين . بعد أن عثرت أخيراً على الفتى الذي يفهمها بعد سنوات من التخطيط ، كيف لها أن تصوم من جديد عن لذة البوح ؟ فتحت ميشيل صندوقها الأسود القابع في أعماقها وقامت بعرض محتوياته بحرص على فيصل ، الذي ساعدها في نفض الغبار عن كل قطعة منها ، ثم أعاد طيها قبل أن يودعها الصندوق من جديد ، بعد أن تأكد كلاهما أن مفتاح الصندوق الوحيد أصبح في جيبه هو . في منزل أم نوير اجتمعت به . تؤمن أم نوير بالحب ولم تحاول يوماً تصويره للشابات الأربع على أنه نجاسة يجب الترفع عنها ، إلا أنها كانت تعلم أن الحب الصادق لا يجد له متنفساً في هذا البلد ، وأن أية علاقة مهما كانت عفيفة لا بد وأن تقابل بالرفض والكبت الذي قد يدفع أبطالها للوقوع في الكثير من الأخطاء ، لذا فعندما أخبرتها ميشيل عن عزمها على دعوة فيصل إلى منزلها (في غياب أبويها) بعد أن ملت لقاءه في المقاهي والمطاعم التي يندسان خلف ستائرها كل مرة كهاربين من العدالة ، وطلبت منها الإذن بأن تخبر أبويها أنها ستمضي السهرة في منزلها ، عندها فتحت أم نوير باب منزلها في وجه الحبيبين الحائرين حماية لحبهما من نفسيهما ، وحماية لعلاقتهما البريئة من التحول إلى ما هو أكبر من ذلك قبل أن يتم الارتباط الرسمي بينهما ليحفظ لكل منهما حقوقه ، في زمن لا يعترف إلا بالأوراق الرسمية . أمسك فيصل بكلب ميشيل المدلل باودر يداعبه ، وهو كلب أبيض صغير من فصيلة البودل ، وراح يستمع إلى ميشيل وهي تسرد له إحدى قصصها ، كعادتها باللغة الإنجليزية التي تمنحها حرية أكبر في البوح والانطلاق . - عندما كان عمري خمس سنوات ، وكنا آنذاك لا نزال في أمريكا ، اكتشف الأطباء إصابة ماما بسرطان عنق الرحم . خضعت ماما للعلاج الكيميائي ثم أجريت لها عملية اسئصال للرحم ، وهكذا فقدت قدرتها على الحمل والإنجاب . بمجرد عودتنا إلى الرياض بعد انتهاء العلاج الإشعاعي ، وقبل أن تستعيد أمي شعرها المتساقط ، بدلاً من مواساتنا اقترحت عمتي أمام أمي وأمامي تزويج أبي من أخرى تستطيع أن تنجب ابناً يحمل اسمه ، وكأنني أحمل اسم رجل غريب ! مع علينا ، لو أنني سأقف عند كل خطأ يُرتكب في هذا المجتمع المتناقض لما انتهيت من الحديث أبداً ! دادي أصر على رأيه ورفض أن يتزوج من امرأة أخرى ، فهو يحب مامي كثيراً ومتعلق بها . أحبها منذ أن رآها لأول مرة في أميركا في ليلة رأس السنة التي كان يقضيها عند أحد الأصدقاء . تعرف عليها في تلك الليلة وتزوجها بعدها بشهرين . عائلة أبي لم ترض يوماً عن هذه الزيجة وظلت جدتي تتأفف عند زيارة أمي لها حتى اليوم . عاد أبي معنا إلى أميركا بعد أقل من شهر من رحيلنا عنها ، أبي الذي كان يحلم بالعودة إلى وطنه حتى أشب على أرضه كفتاة سعودية ، عجز عن تعليم أقاربه احترام خصوصياته ، فآثر الهجرة من جديد ... تدخل عليهما أم نوير لتفقد الأوضاع . كم هي طيبة أم نوير ، فهي على الرغم من تحررها إلا أنها تخاف على البنات الأربع كبناتها وتعمد إلى مراقبتهن بطرقها اللطيفة المكشوفة . تجلس معهما لدقائق ، تسأل فيصل عن صحة الوالدة التي لم ترها والإخوة الذين لا تعرف أياً منهم ، تلتفت إلى ميشيل وتسألها عن الشريط الكئيب الذي يستمعان إليه. - بنك فلوويد ، آنتي . - (مبديةً امتعاضها) ويه! قميضه وا علينا عليه ! اش حقه جذي ؟ الحين هذا بدال ما تحطين له : آه يا لاسمر يا زين ، الشوق أمرني أطيعك وانسى خلاني ! تحطين له هاللي يتحلطم !؟ . تغمز أم نوير باتجاه فيصل الذي يضحك بحبور حتى تبدو غمازتاه الجذابتان . تصرخ ميشيل : - آنتي ؟ بليز لا تكبرين راسه علي ! ما صدقنا نلقى واحد حلو وما هو شايف نفسه! ويضحكون جميعاً . تعود لتكمل قصتها بعد انصراف أم نوير وهما يتناولان ما وضعته أمامهما من مكسرات وبنك ونقل تأتي بهم من الكويت . - عدنا بعد ذلك بثلاث سنوات إلى الرياض ومعنا مشعل . هل تصدق أنني أنا التي اخترت ميشو من بين مئات الأطفال حتى يكون أخاً لي ؟ لقد شعرت حينها بأنني أصنع القدر ! أعجبني شعره الأسود القريب من لون شعري ووجهه البريء . أحسسته قريباً مني . كان في شهره السابع عندما تبنيناه ، كان سو كيوت ! حالماً رأيته أخبرت أمي وأبي أن هذا الطفل هو أخي الذي يبحثان عنه . عندما عدنا إلى الرياض ، اجتمع أبي بأبويه وإخوته وأخواته ، وقال لهم بوضوح أن مشعل الصغير سوف يكون ابنه الذي لم يشأ الله أن يهبه إياه عن طريق دايان – والدتي – وأن عليهم جميعاً احترام قراره ، وأن يعدوه بألا يكشفوا هذا السر أمام مشعل في يوم من الأيام . كان أفراد العائلة المقربون الوحيدين الذين علموا بمرض أمي لأن أحداً لم يرها هنا طوال فترة مرضها وعلاجها ، ولم يسمح أبي بانتشار الخبر . خيّر أبي أهله ما بين رضوخهم لقراراته مقابل بقائه معهم ، وما بين عودته للعيش في أميركا إن لم يوافقوا . بعد أسبوع من المداولات العائلية ، وافقت الأسرة على انضمام مشعل الصغير إليها . أبي كان متأكداً من موافقتهم ، لا لحبهم له وإنما لأن البزنس العائلي كان بحاجة ماسة لخبرات والدي وطاقاته . عدنا لأمريكا لتصفية شؤوننا هناك ، وبعد سنة كنا نحن الأربعة في الرياض ، نبدأ مرحلة جديدة من حياتنا ... عوّدها فيصل على صمته أثناء حديثها خاصة إذا كان حديثاً ذا شجون كهذا ، لكنها خافت صمته هذه المرة ، فراحت تبحث في عينيه عن ردة فعل أو انفعال ما يشي بما يفكر به بعد سماع كلامها ، ولما لم تجد ما يطمئنها أضافت بحزن : - نحن لا نخاف من أحد ولم نخف حقيقة مشعل عن الناس لأننا نخجل من ذلك . صدقني كان أبي علي استعداد لنشر الحقيقة على صفحات الجرائد والمجلات لولا تأكده من أن مجتمعه هنا لن يتقبل ابنه بنفس الحفاوة التي تقبلها به مجتمع زوجته في أمريكا . أليس من المحزن أن أضطر لإخفاء حقيقة مثل هذه عن ميشو وعن صديقاتي ؟ ليتني كنت أستطيع إخبارهن ، لكنهن لن يفهمن ! سوف يسمونه بأسماء مؤلمة من وراء ظهري وسيعاملونه وفقاً لتلك المسميات الجارحة ، وهذا ما لن أقبل به ! إنها حياة أبي وأمي وقد اختارا أن يعيشاها بهذه الطريقة فلم يتدخل الجميع في شؤونهما ؟ لم أجبر على التمثيل أمام الآخرين حتى لا يضطهدونني ؟ لم لا يحترم المجتمع اختلاف أسرتي عن بقية الأسر السعودية ؟ الجميع يعتبرونني فتاة سيئة لمجرد أن والدتي أمريكية ! كيف أستطيع العيش في مجتمع جائر كهذا ؟؟ قل لي كيف يا فيصل ؟!! . تندفع في البكاء الذي أصبح يلذ لها وهي بصحبته . وحده الذي يعرف كم دمعة بالضبط يجب أن يدعها تذرف قبل أن يداعبها بلطف لتتوقف عن البكاء . وحده يعرف أنها ستقهقه رغماً عنها لو اشترى لها من أقرب دكان للبقالة (قوطي شاني) أو (حلاو بقر) !. فيصل هذه المرة كان يفكر بنفسه . راح يواسيها برقة وهو يتخيل الحوار الذي سيدور بينه وبين والدته حالما يعود إلى المنزل . لقد حاول تأجيل هذا الحوار مراراً لكنه هذه المرة عازم على أن يفتح(أو يقفل!) الموضوع مع والدته . الله يستر !

[CENTER](15)




ألبي! ألبي! ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون . ومنهم من ينظر إليكم أفأنت تهدي العمي ولو كانوالا يبصرون. إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون . سورة يونس 42-44 أعرف أنكم تتوقون لمعرفة ما حدث بين فيصل ووالدته ، ولذلك نعود اليوم إلى فصل فيصل وميشيل من القصة ، ميشيل التي احتار الناس في كوني إياها أو سديم ! فأنا ميشيل إذا ما استخدمت مصطلحات إنجليزية ، ثم أصبح سديم في الأسبوع التالي إذا ما كتبت قصيدة لنزار قباني ... يا حياة الشقا !


** فينك يا يوسف يا وهبي تيجي تشوف اللي بيحصل . حركة أو (لازمة) ألبي ألبي! التي ابتدعتها لتضحكنا أصبحت من الخدع الأكثر انتشاراً في أوساطنا المحلية مؤخراً ، وخصوصاً بين الأمهات ، عندما يحين الوقت للتعامل مع طلبات الأبناء المدللين . حالما سمعت أم فيصل اسم ميشيل ركبها ستميت عفريت ! تدارك فيصل خطأه بسرعة : ينادونها ميشيل لكن اسمها الحقيقي مشاعل ! مشاعل العبد الرحمن ! نظرة سوداء من عيني أمه أصابته بالرعب وعقدت لسانه ! خشي الشاب أن تكون هناك عداوة قديمة ما بين العائلتين ، لكن اتضح له أن الأم لم تكن قد سمعت باسم عائلة ميشيل من قبل . من هو العبد الرحمن ؟ وأي عبد للرحمن ؟ ما أكثر عباد الرحمن !! كان اسم عائلتها عادياً جداً ، لا يرقى إلى مصاف العوائل التي تناسب أو تخالد عائلة البطران ! حاول أن يوضح لها أن أبا ميشيل لم يستقر في البلد سوى من سنوات قليلة ولذلك فإن اسمه غير معروف للكثيرين من أهل الرياض ، لكنها لم تفهم . من هم إخوته ؟ يقول أن والد ميشيل هو أنجح مَن بالعبد الرحمن! وقد اعتاد بعد عودته من أميركا التي عاش فيها طويلاً ألا يختلط إلا بمن يوافقونه تمدناً وأفكاراً ، ولكن ذلك كأنما زادها امتعاضاً . عائلة تلك الفتاة ليست من مواخيذهم . لا بد من سؤال الأب ، فهو أعرف منها بمسائل الأنساب ، لكن الموضوع منذ بدايته لا يبشر بخير. لقد ضحكت عليه البنت! آه من بنات هذه الأيام !! ويا لابنها الصغير الغر الذي لم تكن تتوقع منه أن يقع في شباك فتاة كهذه ! سألته عن أخوال البنت ، وأراد أن يكحلها فعماها ! عندما سمعت الأم أن أم الفتاة أمريكية قررت أن تقفل باب هذا النقاش العقيم حول هذه المهزلة إلى غير رجعة بأن تلجأ لتكنيك يوسف بيه وهبي بعد السعوَدة : - قم با وليدي . قم بسرعة جب لي دوا الضغط والقلب ، شكل السكر انخفض معي! حاول الابن أن يقنعها ، أن يكسب رضاها عن ميشيل . عدد لها محاسن الفتاة . حدثها عن أشياء لا تهمها ، فتاة مهذبة متعلمة وطالبة جامعية مثقفة ، تعبه بخليطها الشرقي الغربي . البنت تفهمه ، البنت متحضرة وليست قروية كبقية البنات اللواتي سبق له التعرف إليهن أو اللاتي تلمح والدته إلى مشاريعها في تزويجه إحداهن . لم يستطع أن يقول لها صراحة أن البنت تحبه وأنه هو يحبها أكثر . تناولت الأم أدويتها التي إن لم تكن تنفع فهي لا تضر ، وهي تمسح دموعاً كثيرة ، وتتحدث وهي تمسح على شعره بحنان عن آمالها الكبيرة في تزويج ابنها الأصغر من أحسن البنات ، وإهدائه أحسن منزل وأحسن سيارة وتذاكر لقضاء أحسن شهر عسل . بكى فيصل اليائس ، فيصل البائس تحت قدمي أمه الغالية ، أمه التي لا يحب أحداً في الكون أكثر منها ولم يعارضها يوماً . بكى البنت المتحضرة ، حبيبته التي تفهمه ويفهمها أكثر من أي اثنين في هذا العالم ، ميشيل ذات الجمال النجدي والشخصية الأمريكية ، التي لن تكون من نصيبه .

[CENTER](16)




هل هذا هو الاستقرار العاطفي ؟ أيها الشاعر : كم مزهرةٍ عوقبت لم تدرِ يوماً ذنبها إبراهيم ناجي لم يصدق الكثيرون ما فعله فيصل ، أو بالأحرى ما لم يفعله ! أؤكد لكم أن هذا ما حصل ، وأنه روى تفاصيل حواره مع والدته – التي سردتها لكم – لميشيل بعد بضعة أسابيع عاشها في حيرة وتخبط ، بين قلب يهوى وعقل يعرف تماماً الحدود المرسومة مسبقاً من الأهل لخياراته في الحياة . لا أعرف سبب استغرابكم ! إن مثل هذه القصص تحدث عندنا يومياً دون أن يشعر أحد سوى الاثنين المعنيين بها ، والمكتويين بنارها ، وإلا فمن أين أتت كل هذه الأشعار الحزينة والأغاني الكئيبة في تراثنا ؟ إن صفحات الشعر في الجرائد وبرامج الإذاعة والمنتديات الأدبية على الإنترنت تقتات على مثل هذه القصص والأحزان وخيبات الأمل! أنا سأروي لكم الأحداث التي تحدث في منازلنا والمشاعر التي تعترينا نحن الفتيات عند مرورنا بمثل هذه الأحداث . لن أتطرق لما في صدور التماسيح لأنني ببساطة لست على علم كافٍ بطبيعتهم التمساحية ، ثم أنهم بصراحة لا يقعون ضمن اختصاصاتي واهتماماتي . أنا أتحدث عن صديقاتي فقط ، وعلى من يجد في نفسه من التماسيح رغبة في التعبير عن أصدقائه أن يكتب لي ويخبرني عما يدور في مستنقعاتهم ، لأننا – معشر السحالي – في أمس الحاجة لمعرفة أفكارهم وفهم دوافعهم التي تخفى علينا دائماً . البعض أقام الدنيا ولم يقعدها بعد إيميلي الأخير وقصة فيصل مع ميشيل ، وهؤلاء للأسف تعلو أصواتهم دائماً على أصوات البقية لأنهم من أتباع سياسة (خذوهم بالصوت لا يغلبوكم ) أليس أحرى بهؤلاء الناقمين إن أرادوا الثورة ، أن يثوروا على أفكار بشعة وتقاليد مريضة بدلاً من أن يثوروا على من تحاول فقط الحديث عنها . يستهجن الجميع جرأتي في الكتابة ، ويلومونني على ما أثيره من مواضيع التابو التي لم نعتد مناقشتها في مجتمعنا بهذه الصراحة ، وخاصة من قبل فتاة صغيرة مثلي ، ولكن أليس لكل شيء بداية ؟ من كان يتخيل أن مارتن لوذر كنق القس المسالم سوف يحرر السود في أميركا من قوانين التمييز العنصري ويبدأ حركة المساواة بين البيض والملونين باحتجاج بسيط منه وأفراد كنيسته على الفصل بين البيض والسود في مقاعد الحافلات في مدينته ؟ من يدري ؟ قد أواجه المصاعب الآن كما واجهها لوذر كنق الذي اعتقل منذ نصف قرن وهو في بداية نضاله ضد المعتقلات الخاطئة في مجتمعه . ضحى هذا الرجل بنفسه لخدمة القضية ، ولم يقل أن ليس بالإمكان إصلاح العالم ، وها هو يُذكر الآن كبطل من أبطال هذا القرن بعد أن عومل كمجرم في حياته . قد أجد قليلاً م نالمؤمنين بقضيتي الآن وقد لا أجد ، لكنني أشك في أن أجد كثيراً من المعارضين بعد نصف قرن من الآن .

** عادت قمرة إلى بيت أهلها في زيارة عادية . أمها التي كانت تعلم كل شيء آثرت إخفاء النبأ عن الجميع . (سحابة صيف) هكذا كانت تسمي شجار ابنتها مع راشد ووعده إياها بالطلاق ، حتى أبوها الذي كان في إجازة في المغرب آنذاك ، قررت ألا تخبره عما حدث . هو بالذات لم يهتم بأي من أفراد هذا البيت يوماً ولن يهتم . كانت أم قمرة العقل المدبر والمحرك لهذا البيت وستبقى كذلك . عندما زارتها النسوة مهنئات بالحمل كانت قمرة تردد ما لقنته إياها أمها :- - راشد يا عميري طول وقته بهالجامعة ، حتى الإجازة ما يرضى ياخذها . يوم دري إني حامل ويحلف إني أبشر أهلي وأنا وسطهم . كلها شهر وارجع له . أعرفه ما يطيق يصبر عني ! كانت أمها تقول : (كلش ولا الطرق وأنا امتس) ولو أخوك طلق حرمته بس حنا بناتنا ما يتطلقن ...). لم يمهلهما راشد التنبل طويلاً حتى تتمكن الأم من تدبير حل للمشكلة ، وكما حدث مع سديم ، أتت ورقة الطلاق إلى والد قمرة بعد وصولها للرياض بأسبوعين لتقطع على الأم سير خططها ، وكأن راشد كان بانتظار اللحظة التي يتخلص فيها من هذه الزوجة المفروضة عليه . وصلتها الورقة البعبع التي كانت تراها في الأفلام المصرية . لم تكن الورقة مفزعة لشكلها وإنما لمضمونها . عندما ناولها إياها أخوها ، قرأت قمرة السطور المكتوبة فتهاوت على أقرب مقعد وهي تصيح : (يمه طلقني!) يمه راشد طلقني خلاص طلقني ! احتضنتها والدتها وهي تبكي وتدعو على الظالم : (الله يحرق قلبك وقلب أميمتك) يا راشد مثل ما حرقت قلبي على بنيتي !. أختها حصة التي تزوجت قبلها بسنة وكانت حاملاً في شهرها الثامن في عرس قمرة كانت تدعو معهما ولكن على الرجال كافة ، فهي أيضاً تعاني منذ زواجها . زوجها خالد الذي كان في غاية الدماثة والرقة أثناء فترة الملكة ، تحول بعد الزواج إلى شخص آخر ، لا يعبأ بها ولا يلتفت لرغباتها . كانت تشكو لأمها دوماً من إهماله لها ، فهو لا يهتم إذا ما غضبت ولا يذهب بها إلى الطبيب إذا مرضت . أثناء حملها كانت تذهب مع والدتها لمتابعة تطور الحمل ، وكانت تذهب مع أختها الكبرى نفلة لشراء مستلزمات الطفلة بعد الولادة ، وأكثر ما كان يغيظها في خالد هو بخله المستفز وتقتيره غير المبرر عليها مع أنه ميسور الحال ولا يبخل بأي شيء على نفسه ، فهو مثلاً لا يعطيها مصروفاً شهرياً كما يفعل زوج أختها نفلة مع أختها ، وكذلك والدها مع والدتها ، وإنما كان يعطيها عندما تلح في الطلب حتى تشعر بالمهانة . كانت إذا ما طلبت منه ثلاثة آلاف ريال لشراء فستان ترتديه في عرس قريبتها ، تذرع بأي حجة كي لا يعطيها النقود ، ما في داعي للفستان ، عندك فساتين كثيرة ، أو أنا ما شريت لك فستان قبل ست شهور ؟ أو أنا فلوسي على قدي ، خذي من أبوك اللي كل يوم جايب لواحد من اخوانك سيارة جديدة ... ولا هم رموك علي وتبروا منك ؟! وغيرها من الأعذار المستفزة التي كانت تدفعها في أغلب الأحيان لصرف النظر عن أي مطلب تريده ، وفي تلك المرات القليلة التي يعطيها فيها نقوداً ، يعطيها خمسمائة بدلاً من الثلاثة آلاف التي طلبتها أو خمسين إن هي طلبت الخمسمائة منذ البداية حتى لا تعرض نفسها لإذلاله ، ولسبب تجهله ، كانت أمه العقربة كما تلقبها تساعده وتصفق له في تقتيره وتنكيده عليها ! عانت قمرة الكثير بعد طلاقها من راشد ، فعلى الرغم مما سمعته من سديم عن مرارة معاناتها بعد انفصالها عن وليد ، إلا أن كثيراً من المشاعر التي اجتاحت قمرة لم تختبرها سديم ، فالأخيرة لم تخنقها العبرة كل ليلة عندما يحل وقت النوم الذي صار أسوأ الأوقات من كل يوم . منذ عودتها إلى بيت أهلها وهي لا تستطيع النوم لأكثر من ثلاثة ساعات متواصلة ، تصحو بعدها في ضيق وبمزاج نكد ، وهي التي لم يكن يستعصى عليها أن تنام العشر والعشرين ساعة متواصلة قبل الزواج وحتى أثناءه . هل كان هذا هو الاستقرار العاطفي الذي كان الحديث الشاغل لرفيقاتها غير المتزوجات ؟ لم تلاحظ يوماً أهمية وجود راشد في حياتها حتى خرج منها . عندما تضطجع على جانبها الأيسر وركبتها اليسرى تكاد تلتصق بذقنها بينما ساقها اليمنى ممدودة ، فلا تجد قدمها قدم راشد إلى جانبها ، تتقلب كثيراً وتشعر بأن السرير يشتعل من تحتها ، أو أن خيوطه تتحول إلى إبر تنغرز في مسام جلدها. تبسمل وتحوقل وتقرأ المعوذتين وآية الكرسي وما تحفظه من أدعية ما قبل النوم ثم تحتضن وسادتها وتضطجع على بطنها فتغفو بعد لأي ورأسها عند زاوية الفراش اليمنى بينما قدماها عند الزاوية اليسرى . فقط عندما تضطجع بالورب على هذا النحو ، تستطيع أن تملأ جزءاً كبيراً من الفراغ الذي خلفه راشد في سريرها ، وجزءاً من ذلك الفراغ الذي خلفه في حياتها .

[CENTER](17)



كله ولا السعودي! ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يُسراً إنّ مع العسر يُسراً فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب . سورة الشرح : 1-8 قرأت خلال الأسابيع الماضية أخباراً في صحف محلية شهيرة كالرياض والجزيرة والوطن ، تتحدث عني ! أعني عن إيميلاتي تحديداً . كتبوا عن : ضجة تعم الأوساط المحلية حالياً تقف وراءها فتاة مجهولة ترسل إيميلاً نهار كل جمعة إلى معظم مستخدمي الإنترنت في السعودية ، وتقص في هذه الرسائل قصص صديقاتها الأربعة : قمرة القصمنجي ، وسديم الحريملي ، ولميس جداوي ، وميشيل العبد الرحمن . الفتيات اللواتي ينتمين إلى الطبقة المخملية من طبقات المجتمع ، والتي لا يعرف أخبارها عادة سوى من ينتمي إليها . تطل الكاتبة كل أسبوع على الناس بتطورات جديدة وأحداث شيقة جعلت الجميع ينتظر يوم الجمعة للحصول عليها ، وتنقلب الدوائر الحكومية وقاعات الجامعات وأروقة المستشفيات وفصول المدارس صباح كل سبت إلى ساحات لمناقشة أحداث الإيميل الأخير والكل يدلي بدلوه ، فمن مؤيد لهذه الفتاة ومن معارض لها . هناك من يرى أن ما تقوم به الصبايا هو شيء طبيعي ومعروف وهناك من يغلي غيظاً وهو لا يصدق ما يدور حوله من تجاوزات في مجتمعنا المحافظ . أياً كانت النتيجة ، فإن ما لا شك فيه أن هذه الرسائل الغريبة قد قامت بخلق ثورة داخل مجتمعنا الذي لم يعتد مثل هذه الأمور ، وعليه فإنها ستظل مادة خصبة للمداولة والحوار مدة طويلة ، حتى بعد توقف الإيميلات عن الصدور ...
** بدأت سديم تستمع بعملها الصيفي في بنك HSBC وبدأت تندمج مع زملائها من الموظفين. كان الجميع يعاملونها بود ولطف لكونها أصغر العاملين الموجودين ، ويحاولون تقديم المساعدة والنصح لها باستمرار . ارتاحت لطاهر بشكل خاص ، الموظف الباكستاني المسلم الأكثر مرحاً وظرفاً . لم يكن عملها شاقاً . كانت مهمتها تقتصر على استقبال المراجعين ومساعدتهم في تعبئة الاستمارات المطلوبة ، أو فرز بعض الأوراق والملفات وترتيبها . لم يكن من بين زملائها في العمل من يستهويها إلى حد الإعجاب ولذلك فقد كانت تتصرف مع الجميع بعفوية وانطلاق ، كما أنه لم يكن بين الموظفين أي عربي ولذلك فقد كانت تتصرف وكأنها واحدة منهم ، تمازح هذا وتضحك مع ذاك ، ولا تضع لنفسها قيوداً كالتي تضعها عادة وهي برفقة مجموعة عربية وخاصة خليجية وتحديداً سعودية . إدوارد صاحب العينين الزرقاوين والشعر الأسود الذي يصل إلى ما أسفل أذنيه بقليل ، صاحب البورشة الذي كان يأتي للبنك مرتدياً أغلى الثياب ، وحده كان يلفت انتباهها . عندما رأته أول مرة مرتدياً بدلة كحلية غامقة مع قميص خمري وربطة عنق من نفس اللون تأكدت من أنه مختلف في وسامته وأناقته وحتى في لكنته الأيرلدنية عن الآخرين ، أما طاهر فقد كان محبوباً من قبل الجميع على الرغم من بساطته . رحلتها من شقتها في ساوث كنزنغتون حتى البنك الواقع في كناري وورف باستخدام المترو كانت تستغرق ما يقارب أربعين دقيقة كل صباح . كانت تقضي رحلتها اليومية في تصفح جرائد المترو المجانية الملقاة على المقاعد ، وسماع فيروز من مسجلها الصغير الووكمان . اقترح عليهم إدوارد بعد انتهاء الدوام في أحد الأيام أن يذهبوا جميعاً إلى البيانو بار على هاي ستريت كنزنجتون. وافقت سديم على المجيء مع مجموعة من الموظفين لوجود طاهر من ضمنهم ، ولأن البار الذي يريدون الذهاب إليه لا يبعد كثيراً عن شقتها ، لكنها أعلنت أنها ستنصرف عندما يأتي صديق طاهر لاصطحابه لمشاهدة فيلم في السينما ، فطاهر صار مثل الأخ الأكبر الذي تشعر في وجوده بالراحة والاطمئنان . ظلت سديم تتأمل البيانو الذي رُصت فوقه الكؤوس الرطبة وقد بدت أوتاره من خلال غطائه الزجاجي الشفاف . ذكرها هذا البيانو بالبيانو الأبيض الذي كان في منزل خالتها بدرية القديم بالرياض . كان طارق ابن خالتها يتلقى دروساً في العزف عليه ، وكان ينقل إليها كل ما يتعلمه من دروس . كانت في الثانية عشر من عمرها آنذاك بينما كان هو الخامسة عشر . الساعة تقارب السادسة مساءً . كان الوقت ما يزال مبكراً والمكان شبه خالٍ ، ولم يكن العزف على البيانو يبدأ عادة قبل الساعة السابعة والنصف مساءً . قررت سديم أن تحاول العزف رغم أنها لم تتمرن منذ سبع سنوات . اعتذرت مسبقاً عن العزف الرديء وبدأت ترتجل النوت واحدة تلو الأخرى حتى تصل إلى النوت المطلوبة ، ثم أعادت العزف من البداية وبإتقان أكبر هذه المرة . عزفت إحدى مقطوعات عمر خيرت ، موسيقيها المفضل . كان العزف صعباً هذه المرة بدون طارق الذي كان يغنيها عن استخدام يدها اليسرى أثناء العزف . كان صديق طاهر متجهاً للبار لاصطحاب صديقه إلى السينما ، لكن الأنغام العربية المنبعثة من الأسفل استوقفته . من موقعه على درجات السلم ، أطل فراس من النافذة الزجاجية الموجودة ليستكشف مصدر هذا اللحن العربي . لمح شابة جميلة لم يسبق له أن التقاها ضمن شلة طاهر . ظل مصغياً لعزفها حتى علا صوت التصفيق وعادت الفتاة إلى مقعدها إلى جانب صديقه. نزل فراس الدرجات الباقية حتى وصل إلى طاولة صديقه ، ألقى تحية سريعة على الحاضرين ثم طلب من صديقه الإسراع في الخروج معه حتى يلحقا بالفيلم . سأل طاهر سديم إن كانت متأكدة من أنها لا تريد مشاركته وصديقه الذهاب إلى سينما أوديون القريبة ، لكنها اعتذرت متمنية لهما قضاء وقت ممتع ، فاتجها وحدهما يساراً باتجاه السينما بينما اتجهت هي يميناً نحو شقتها . بعد أسبوع من ذلك اليوم أقام طاهر حفلة عيد ميلاده الثلاثين ، في مقهى كوليكشنز هناك التقاها فراس للمرة الثانية ، لكنه في هذه المرة قرر أن يخبرها أنه سعودي مثلها ، فلا بد وأنها تظنه باكستانياً كصديقه ، والحق معها ، فطاهر نسي أن يقوم بواجب التعارف بينهما في البيانو بار ، ولو أنه سعد بذلك ! يمكنه الآن أن يعرّفها بنفسه على طريقته : - الأخت عربية ؟ - سديم طايرة عيونها ! هاه ؟؟ أنت عربي ؟! - سعودي . فراس الشرقاوي - سديم الحريملي ... أنا آسفة كنت أحسبك باكستاني مثل طاهر ! - ضاحكاً من صراحتها المحرجة , وانتي اللي يشوفك يقول عنك أسبانية ، حتى انجليزيتك ما شاء الله ؟ بيرفكت ! - أنا سعودية .. - مبتسماً حي الله أهلنا - تقول في سرها : حي الله أهلنا ؟ فاقدهم مرة يعني ؟ كل السعودية في لندن الحين وانت مسوي فيها وطني ومتشقق تشوف أحد من أهلك ! يا نصبك ! أمم ... هلا بك.. - أنا سمعتك ذاك اليوم وانت تعزفين فعرفت إنك عربية ، وبعدين لما سألت طاهر قال لي إنك سعودية . - بالله ؟؟ ما أتذكر إنك جيت وأنا أعزف ! - لأني ظليت متخبي على الدرج وأناظرك من الشباك . كانت أول مرة اسمع فيها عزف شرقي في البيانو بار . الصراحة ، كان عزفك رهيب . - كراً ، هذا من ذوقك وهي تلتقط حقيبتها من المقعد المجاور طيب أنا لازم أمشي ا
02-06-2006, 10:35 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
رواية بنت الرياض نسخة خالية من الأخطاء الفنية - بواسطة قارع الأجراس - 02-06-2006, 10:35 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  دولة فلسطين: القانون الدولي في صراع الشرق الأوسط, بحث عن نسخة عربية خالد 4 2,014 09-06-2012, 12:08 PM
آخر رد: خالد
  رواية عالم صوفي/ عرض للدكتور محمد الرميحي بسام الخوري 1 2,624 06-15-2011, 08:50 AM
آخر رد: بسام الخوري
  ايه العقل من رآك (عبدالله القصيمي) نسخة كاملة هدية لفرسان التنوير الوهيم 5 3,987 04-15-2011, 12:53 AM
آخر رد: قارع الأجراس
  رواية اسمها سورية - 40 كاتب ومؤلف في 1585 صفحة ، ملف واحد بحجم 25 ميجا مع الفهرسة ali alik 10 4,908 04-09-2011, 11:21 PM
آخر رد: kafafes
  رواية فنسنت فان جوخ - رائعة ايرفنج ستون في 772 صفحة .. لأول مرة ali alik 2 4,230 12-25-2010, 02:04 PM
آخر رد: kafafes

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS