{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قصة تطور الإنسان
قعقاع غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 97
الانضمام: Nov 2004
مشاركة: #43
قصة تطور الإنسان
من كتاب هارون يحيى: خديعة التطور:

الفصل الثامن:
تزييفات التطوريين:
لا يوجد أي دليل دامغ من المتحجرات يؤيد صورة الرجل القرد، التي يتم تلقينها باستمرار في وسائل الإعلام والدوائر الأكاديمية لدعاة التطور.. ذلك أن دعاة التطور يمسكون فرش الرسم في أيديهم ويصنعون بها مخلوقات خيالية، إلا إن حقيقة عدم وجود متحجرات مشابهة لهذه الرسوم تمثل مشكلة خطيرة بالنسبة لهم.. وتتمثل إحدى الوسائل المثيرة التي يستخدمونها في التغلب على هذه المشكلة في صنع متحجرات لا يستطيعون العثور عليها.. ويعتبر إنسان بيلتداون (Piltdown Man) (الذي يُعدّ أكبر فضيحة في تاريخ العلم) مثالاً نموذجياً لهذه الوسيلة.

إنسان بِلتْداون: الفك لغوريلا والجمجمة لإنسان!
في سنة 1912 أكّد طبيب معروف وعالم متحجرات هاو يدعى تشارلز داوسون، عثوره على عظمة فك وجزء من جمجمة داخل حفرة في بيلتداون بإنكلترا.. وعلى الرغم من أن عظمة الفك كانت أشبه بعظمة فك القرد، إلا إن الأسنان والجمجمة كانتا أشبه بأسنان وجمجمة الإنسان.
وكُتب على هذه العينات اسم إنسان بِلتْداون (Piltdown Man).. ونتيجة للمزاعم القائلة بأن عمر العينة هو خمسمئة ألف سنة، تم عرضها في العديد من المتاحف، بوصفها دليلاً قاطعاً على تطور الإنسان.. ولأكثر من أربعين سنة، كُتبت الكثير من المقالات العلمية عن إنسان بيلتداون، كما أُعدّت له العديد من التأويلات والرسوم، وقُدِّمت المتحجرة بوصفها دليلاً مهماً على تطور الإنسان، وكُتب ما لا يقل عن خمسمئة رسالة دكتوراه حول هذا الموضوع (55).. وقال عالم المتحجرات الأمريكي المشهور هنري فيرفيلد أوسبورن أثناء زيارته للمتحف البريطاني سنة 1935: "يجب أن يتم تذكيرنا مراراً وتكراراً بأن الطبيعة مليئة بالمفارقات، وتُعد هذه المتحجرة اكتشافاً مذهلاً عن الإنسان البدائي". (56)
وفي سنة 1949 حاول كينيث أوكلي (وهو من قسم المتحجرات في المتحف البريطاني) أن يجرب طريقة اختبار الفلورين، وهي عبارة عن اختبار جديد يستخدم لتحديد تاريخ بعض المتحجرات القديمة.. وأجري الاختبار على متحجرة إنسان بيلتداون، وكانت النتيجة مذهلة.. ذلك أنه قد اتضح أثناء الاختبار أن عظمة فك إنسان بيلتداون لا تحتوي على أية فلورين.. ويدل هذا على أنها لم تظلّ مدفونة في الأرض لأكثر من بضع سنين.. أما الجمجمة، التي احتوت على مقدار ضئيل من الفلورين، فقد تبين أن عمرها لا يتجاوز بضعة آلاف من السنين.
وكشفت الدراسات الكرونولوجية الأخيرة التي أجريت باستخدام طريقة الفلورين، أن عمر الجمجمة لا يتجاوز بضعة آلاف من السنين، كما تحدد أن الأسنان الموجودة في عظمة الفك ـ والتي تنتمي إلى الأورانغ أوتان، وهو من أنواع الغوريلات ـ قد تآكلت اصطناعياً، وأن الأدوات البدائية المكتشفة مع المتحجرات هي مجرد أدوات بسيطة مقلَّدة، شُحذت بواسطة أدوات فولاذية(57)..وفي التحليل المفصل الذي أتمه وينر سنة 1953، تم الكشف للجمهور عن هذا التزوير، إذ كانت الجمجمة تخص إنساناً عمره نحو خمسمئة سنة، في حين كانت عظمة الفك السفلي تخص قرداً مات مؤخراً، وقد تم ترتيب الأسنان على نحو خاص في شكل صف، ثم أُضيفت إلى الفك وتم حشو المفاصل لكي يبدو الفك شبيهاً بفك الإنسان.. وبعد ذلك تم تلطيخ كل هذه القطع بثاني كرومات البوتاسيوم لإكسابها مظهراً عتيقاً، ثم بدأت هذه اللطخ بالاختفاء عند غمسها في الحمض.. ولم يتمكن غروس كلارك، الذي كان ضمن أعضاء الفريق الذي كشف هذا التزييف، من إخفاء اندهاشه من هذا الموقف فقال: "لقد ظهرت للعين في الحال أدلة على حدوث كشط صناعي.. وكانت هذه الأدلة واضحة جداً لدرجة تجعل المرء يتساءل: كيف لم يتم الانتباه إليها من قبل؟!"(58).. وفي أعقاب كل هذه الأحداث، تم نقل إنسان بيلتداون على عجل من المتحف البريطاني، بعدما عرض فيه لمدة تزيد عن أربعين سنة!

إنسان نبراسكا: سن خنزير!
في سنة 1922, أعلن هنري فيرفيلد أوسبرن، مدير المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، عن عثوره على ضرس متحجرة في غرب نبراسكا، بالقرب من سنيك بروك، يعود إلى العصر البليوسيني.. وزعم البعض أن هذا الضرس يحمل صفاتٍ مشتركةً بين كل من الإنسان والقرد، وبدأت مناقشات علمية عميقة، فسّر فيها البعض هذا الضرس على أنه يعود إلى إنسان جاوة منتصب القامة (Pithecanthropus erectus)، في حين ادعى البعض الآخر أنه أقرب إلى أضراس الإنسان.. وقد أطلق على هذه الحفرية، التي أحدثت جدالاً مكثفاً، اسم إنسان نبراسكا، كما أُعطيت -في الحال- اسماً علمياً هو: هسبيروبايثيكوس هارولدكوكي (Hesperopithecus haroldcooki).
وأبدى العديد من الخبراء تأييدهم لأوسبرن.. واستناداً إلى هذا الضرس الأوحد، رُسمت إعادة بناء لرأس إنسان نبراسكا وجسده.!!!.. وأكثر من هذا، فقد تم رسم إنسان نبراسكا مع زوجته وأطفاله في شكل عائلة كاملة في محيط طبيعي!!!
وقد وضعت كل هذه السيناريوهات من ضرس واحد فقط!.. وأجازت الأوساط التطورية هذا الإنسان الشبح، لدرجة أنه عندما قام باحث يدعى ويليام بريان بالاعتراض على هذه القرارات المتحيزة القائمة على ضرس أوحد، تعرض لانتقاد شديد!
وفي سنة 1927 عُثر على أجزاء أخرى من الهيكل العظمي لإنسان نبراسكا.. ووفقاً لهذه الأجزاء المكتشفة حديثاً، لم يكن الضرس يخص لا إنساناً ولا قرداً.. وأدرك الجميع أنه يخصّ نوعاً منقرضاً من الخنازير الأمريكية البرية يسمى (prosthennops)، وأطلق ويليام غريغوري على مقاله المنشور في مجلة العلوم (Science)، حيث أعلن عن هذا الخطأ، العنوان الآتي: الهسبيروبايثيكوس: يظهر أنه ليس قرداً ولا إنساناً (59).
وبعد ذلك، تم على عجل إزالة كل رسوم الهسبيروبايثيكوس هارولدكوكي وعائلته من أدبيات التطور!

أوتا بينغا: الأفريقي المحبوس في القفص:
بعد أن قدم دارون في كتابه سلالة الإنسان (The Descent of Man) مزاعم حول تطور الإنسان من كائنات شبيهة بالقرود، بدأ يبحث عن متحجرات تدعم هذا الجدل.. ومع ذلك، اعتقد بعض دعاة التطور أن الكائنات المكونة من نصف قرد ونصف إنسان لن توجد في سجل المتحجرات فحسب، بل ستوجد أيضاً على قيد الحياة في مناطق مختلفة من أرجاء العالم.. وفي مطلع القرن العشرين، نتجت عن هذه المساعي الرامية إلى إيجاد حلقات انتقالية حية حوادث مؤسفة، يتمثل أكثرها وحشية في قصة قزم يُدعى أوتا بينغا.
فقد قام أحد الباحثين في مجال التطور باصطياد أوتا بينغا سنة 1904 في الكونغو.. ويعني اسمه بلغته المحلية: الصديق.. وكان هذا الرجل متزوجاً ولديه طفلان، وبعد أن قُيد أوتا بينغا بالسلاسل ووضع في قفص كالحيوان، نُقل إلى الولايات المتحدة، حيث قام علماء التطور بعرضه على الجمهور في معرض سينت لويچ العالمي إلى جانب أنواع أخرى من القردة، وقدموه بوصفه أقرب حلقة انتقالية للإنسان.. وبعد عامين نقلوه إلى حديقة حيوان برونْكچ في نيويورك، وعرضوه تحت مسمى السلف القديم للإنسان مع بضعة أفراد من قردة الشمبانزي وبعض الغوريلاّت، وقام الدكتور التطوري ويليام هورناداي، مدير الحديقة، بإلقاء خطب طويلة عن مدى فخره بوجود هذا الشكل الانتقالي الفريد في حديقته، وعامل أوتا بينغا المحبوس في القفص وكأنه حيوان عادي.. ونظراً لعدم قدرته على تحمل المعاملة التي تعرض لها، فقد انتحر أوتا بينغا في النهاية!" (60)
إنسان بيلتداون، إنسان نبراسكا، أوتا بينغا... تبين كل هذه الفضائح أن علماء التطور لا يتورعون عن استخدام أي نوع من أنواع الوسائل غير العلمية في سبيل إثبات نظريتهم.. وإذا أخذنا هذه النقطة في الاعتبار، عندما نلقي نظرة على الأدلة الأخرى المزعومة بشأن خرافة تطور الإنسان، فسنواجه موقفاً مشابهاً.. وهنا سنجد قصة خيالية وجيشاً من المتطوعين مستعداً لتجربة كل شيء من أجل إثبات هذه القصة.

الفصل التاسع:
سيناريو تطور الإنسان:
رأينا في الفصول السابقة أنه لا توجد أية آليات في الطبيعة يمكن أن تؤدي إلى تطور الأحياء، وأن أنواع الأحياء لم تدخل حيز الوجود نتيجة عملية تطورية، بل ظهرت فجأة في تركيبها المثالي الحالي، أي أن كل نوع منها خُلِقَ على حِدَة.. ومن ثم يتضح لنا أن تطور الإنسان، أيضاً، يجسد قصة لم تحدث أبداً!
ما الذي يقدمه دعاة التطور -إذن- كأساس لهذه القصة؟
يتمثل هذا الأساس في وجود الكثير من المتحجرات التي يمكن لدعاة التطور أن يبنوا عليها تأويلات خيالية.. وعلى مرّ التاريخ، عاش أكثر من ستة آلاف نوع من أنواع القردة، كان الانقراض مصيراً لمعظمها، ولا يوجد -اليوم- على سطح الأرض سوى مئة وعشرين نوعاً من أنواع القردة.. وتمثل الستة آلاف نوع هذه (التي انقرص معظمها) مصدراً ثرياً لدعاة التطور.
لقد كتبَ دعاة التطور سيناريو تطور الإنسان، عن طريق تنظيم بعض الجماجم التي تخدم أغراضهم بالترتيب من الأصغر إلى الأكبر، وبعثرة جماجم بعض الأجناس البشرية المنقرضة بينها.. وحسبما ورد في هذا السيناريو: فإن للبشر والقردة الحديثة أسلافاً مشتركة، وقد تطورت هذه الكائنات بمرور الزمن فصار بعضها قردةَ اليوم، في حين أصبحت مجموعةٌ أخرى اتبعت فرعاً آخر من فروع التطور إنسانَ اليوم.
غير أن جميع نتائج البحوث البالانتولوجية والتشريحية، والبيولوجية، قد أظهرت أن هذا الادعاء التطوري يتسم -كغيره من الادعاءات الأخرى- بالخيال والبطلان، إذ لم يتم تقديم أية أدلة سليمة أو حقيقية تثبت وجود قرابة بين الإنسان والقرد، اللهم إلا التزييف والتشويه والرسوم والتعليقات المضلِّلة.
ويثبت لنا سجل المتحجرات على مر التاريخ أن الإنسان كان إنساناً وأن القرد كان قرداً.. أما بالنسبة لبعض المتحجرات التي يدّعي دعاة التطور أنها أسلاف للإنسان، فإنها تخص أجناساً بشرية قديمة عاشت حتى فترة قريبة جداً (قبل نحو عشرة آلاف عام) ثم اختفت.. وفضلاً عن ذلك، فإن العديد من المجتمعات البشرية التي ما زالت تعيش بيننا اليوم تتسم بنفس الهيئة والصفات الجسدية التي تتسم بها الأجناس البشرية المنقرضة، التي يدعي دعاة التطور أنها أسلاف الإنسان.. وتعتبر كل هذه الأشياء دليلاً واضحاً على أن الإنسان لم يمرَّ قط بأية عملية تطور في أية فترة من فترات التاريخ.
وأهم من ذلك كله، هو وجود اختلافات تشريحية لا حصر لها بين القردة والبشر، لا يعد أي منها من النوع الذي يمكن أن يظهر من خلال عملية التطور.. ويتمثل أحدها في المشي على قدمين.. وكما سنصف بالتفصيل لاحقاً: فإن المشي على قدمين يعتبر صفة مميزة للإنسان، كما أنه إحدى أهم الخواص التي تميز الإنسان عن الحيوانات الأخرى.

شجرة العائلة المتخيَّلة للإنسان:
يقضي الادعاء الداروني بأن الإنسان العصري قد تطور من أحد أنواع المخلوقات الشبيهة بالقردة.. وأثناء عملية التطور المزعومة هذه، التي من المفترض أنها قد بدأت منذ نحو أربعة إلى خمسة ملايين سنة، يدّعي الدارونيون وجود بعض الأشكال الانتقالية بين الإنسان العصري وأسلافه.. ووفقاً لهذا السيناريو الخيالي بكل ما في الكلمة من معنى، تم وضع قائمة بأربع فئات أساسية هي:
1- القرد الجنوبي (Australopithecine).
2- الإنسان القادر على استخدام الأدوات (Homo habilis).
3- الإنسان منتصب القامة (Homo erectus).
4- الإنسان العاقل (Homo sapiens).
ويطلق دعاة التطور على ما يزعمون أنها الأسلاف الأولى لكل من الإنسان والقرد اسم Australopithecus (أي: القرد الإفريقي الجنوبي).. ولهذه القردة الجنوبية أنواع مختلفة، ولكنها ليست أكثر من مجرد نوع قديم من أنوع القردة المنقرضة.. ويتصف بعضها ببنية قوية، في حين يتصف البعض الآخر بصغر الحجم والنحول.
ويصنف دعاة التطور المرحلة التالية من تطور الإنسان تحت اسم Homo (أي: الإنسان)، وحسبما يدعي دعاة التطور، فإن الكائنات الحية المندرجة تحت سلسلة الإنسان تعتبر أكثر تطوراً من القرد الجنوبي، ولا تختلف كثيراً عن الإنسان العصري.. ويقال إن الإنسان العصري الموجود في الأيام الحالية، أي الإنسان العاقل، قد تكوّن في آخر مرحلة من مراحل تطور الجنس البشري.
وأما فيما يتعلق بمتحجرات مثل إنسان جاوة وإنسان بكين ولوسي (التي تظهر في وسائل الإعلام من حين لآخر، والتي توجد في المنشورات وكتب المحاضرات الخاصة بدعاة التطور) فسوف نجدها متضمَّنة في أحد الأنواع الأربعة المذكورة أعلاه، التي يفترض أن تنشأ عنها أنواع فرعية (sub-species).
وكان لا بد من استبعاد بعض الأشكال الانتقالية المرشَّحة في الماضي (مثل رامابايثيكوس Ramapithecus) من شجرة العائلة المتخيَّلة لتطور الإنسان، بعد أن تم الإدراك بأنها قردة عادية.(61)
ومن خلال وضع الخطوط العريضة لسلسلة الروابط التي تتمثل في: القردة الجنوبية، فالإنسان القادر على استخدام الأدوات، فالإنسان منتصب القامة، فالإنسان العاقل، يلمّح دعاة التطور إلى أن كل نوع من هذه الأنواع يُعتبر سَلَفاً لنوع آخر.. ومع ذلك، كشفت البحوث العلمية الأخيرة لعلماء المتحجرات أن القردة الجنوبية والإنسان القادر على استخدام الأدوات والإنسان منتصب القامة قد عاشوا في مناطق مختلفة من العالم في نفس الفترة الزمنية.. بل وأكثر من هذا، كشفت البحوث أيضاً أن قسماً معيناً من البشر المصنفين تحت فئة الإنسان منتصب القامة قد عاشوا حتى عصور حديثة جداً.. كما أن الإنسان العاقل النياندرتالي والإنسان العصري (Homo sapiens sapiens) قد عاشا معاً في نفس المنطقة.. ويشير الوضع بوضوح إلى بطلان الادعاء القائل بأن هذه الأنواع أسلاف لبعضها البعض.
ومن الناحية الفعلية، أظهرت كل الاكتشافات والبحوث العلمية، أن سجل المتحجرات لا يوحي بحدوث أية عملية تطور حسب ما اقترحه دعاة التطور.. أما فيما يتعلق بالمتحجرات التي ادعى علماء التطور أنها أسلاف البشر، فإما أنها تخص أجناساً مختلفة من البشر، أو أنها تخص أنواعاً من القردة.
إذن: أي المتحجرات يخص الإنسان وأيها يخص القردة؟.. هل من الممكن اعتبار أي واحدة منها شكلاً انتقالياً؟.. للحصول على إجابة لهذه الأسئلة، دعونا نلق نظرة أقرب على كل فئة من الفئات.

الأوسترالوبايثيكوس: نوع من أنواع القردة:
إن كلمة أوسترالوبايثيكوس (Australopithecus)، أي الفئة الأولى، تعني القرد الجنوبي. ويفترض أن يكون هذا الكائن قد ظهر لأول مرة في أفريقيا قبل أربعة ملايين سنة تقريباً وعاش حتى نحو مليون سنة مضت.. ويضم هذا النوع بعض الطوائف، إذ يفترض دعاة التطور أن أقدم نوع من أنواع القردة الجنوبية هو (A. Afarensis)، يأتيه القرد الجنوبي الأفريقي (A. Africanus) الذي يتسم بعظام أنحل، ثم القرد الجنوبي القوي (A. Robustus) الذي يتسم بعظام أكبر نسبياً. أما فيما يتعلق بالقرد الجنوبي المتوحش (A. Boisei)، فإن بعض الباحثين يقبلونه بوصفه نوعاً مختلفاً، في حين أن البعض الآخر يقبله بوصفه طائفة أو نوعاً فرعياً من أنواع القردة الجنوبية القوية.
وتعد جميع أنواع القردة الجنوبية قردة منقرضة تشبه قردة اليوم.. ذلك أن لجماجمها سعة تعادل سعة جماجم قردة الشمبانزي الموجودة اليوم أو تقل عنها.. وتوجد في أيديها وأرجلها أجزاء بارزة تستخدمها في تسلق الأشجار كما هو الحال بالنسبة لقردة اليوم، كما تتسم أرجلها بالقدرة على القبض على الأشياء لمساعدتها في التعلق على فروع الأشجار.. وتتصف هذه القردة بقصر القامة (إذ لا يتجاوز طولها مئة وثلاثين سنتمتراً).. وكما هو الحال بالنسبة لقردة الشمبانزي الموجودة اليوم، فإن ذكر القرد الجنوبي أكبر حجماً من أنثاه.. وتوجد العديد من الصفات التي تعد دليلاً على أن هذه الكائنات الحية لم تكن تختلف عن قردة اليوم، ومن هذه الأدلة: جماجمها، وتقارب عيونها، وحدة أضراسها، وبنية فكها، وطول أذرعها، وقصر أرجلها.
ويدعي دعاة التطور أنه على الرغم من تطابق الصفة التشريحية للقردة الجنوبية وقردة اليوم، إلا أن القردة الجنوبية تمشي منتصبة القامة مثل البشر بخلاف القردة!
ويجسد ادعاء المشي بقامة منتصبة -في الواقع- الرأي الذي كان يعتنقه علماء متحجرات أمثال ريتشارد ليكي ودونالد يوهانسون منذ عشرات السنين، غير أن الكثير من العلماء قد قاموا بإجراء قدر كبير من البحوث على التركيب الهيكلي للقردة الجنوبية وأثبتوا بطلان هذه الحجة. وقد أجرى أشهر عالِمَيْ تشريح على مستوى العالم من إنكلترا والولايات المتحدة، وهما اللورد سولي زوكرمان والبروفسور تشارلز أوكسْنَارد، بحوثاً مكثفة على مختلف عينات القردة الجنوبية، التي أظهرت أن هذه المخلوقات لا تمشي على قدمين، بل تستخدم نفس طريقة المشي التي تستخدمها قردة اليوم. وبعد أن درس اللورد زوكرمان عظام هذه المتحجرات لمدة خمسة عشر عاماً بدعم من الحكومة البريطانية، توصل هو وفريقه المكون من خمسة اختصاصيين، إلى نتيجة مفادها أن القردة الجنوبية لم تكن سوى نوع من أنواع القردة العادية، وأنها -بلا شك- لم تكن تمشي على قدمين، وذلك على الرغم من أن زوكرمان نفسه كان أحد دعاة التطور (62).
وعلى نحو مشابه، قام أيضاً تشارلز أوكسنارد، وهو داع آخر من دعاة التطور المشهورين ببحوثهم في هذا الموضوع، بتشبيه الهيكل العظمي للقردة الجنوبية بالهيكل العظمي لغوريلا الأورانغ أوتان الحديث (63).
وأخيراً، في سنة 1994, بدأ فريق من جامعة ليفربول بإنكلترا في إجراء بحوث مكثفة من أجل الوصول إلى نتيجة مؤكدة.. وفي النهاية، استنتج الفريق أن: القردة الجنوبية تمشي على أربعة أقدام. (64)
وباختصار، لا يوجد ما يربط القردة الجنوبية بالبشر، لأنها مجرد نوع منقرض من أنواع القردة.

الإنسان القادر على استخدام الأدوات:
القرد الذي تم تقديمه على أنه إنسان:
إن التشابه الكبير بين البنيتين العظمية والجمجمية للقردة الجنوبية والشمبانزي، وكذلك دحض الادعاء القائل بأن هذه الكائنات كانت تسير منتصبة القامة، قد تسبّبا في ظهور قدر كبير من الصعوبة بالنسبة لعلماء المتحجرات من أنصار التطور.. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه، حسب المخطط المتخيل للتطور، يأتي ترتيب الإنسان منتصب القائمة بعد القردة الجنوبية. وكما توحي كلمة إنسان، فإن الإنسان منتصب القامة هو صنف من أصناف البشر لديه هيكل عظمي مستقيم، وتبلغ سعة جمجمته ضعف سعة جمجمة القردة الجنوبية.. ويعد التحول المباشر من القردة الجنوبية (التي هي عبارة عن قردة شبيهة بالشمبانزي) إلى الإنسان منتصب القامة الذي لا يختلف عن الإنسان العصري في هيكله العظمي، أمراً محالاً حتى بالنسبة لنظرية التطور.. ومن هنا جاءت ضرورة وجود روابط، أي أشكال انتقالية.. ومن هذه الضرورة، ظهرت فكرة الإنسان القادر على استخدام الأدوات (Homo Habilis).
وفي الستينيات، قامت أسرة ليكي، المعروفة بأكملها بأنها صائدة للمتحجرات، بتقديم التصنيف الخاص بالإنسان القادر على استخدام الأدوات.. ووفقاً لأسرة ليكي، فإن هذا النوع الجديد الذي صنفوه على أنه إنسان قادر على استخدام الأدوات، يتميز بجمجمة ذات سعة أكبر نسبياً، وقدرة على المشي بقامة منتصبة واستخدام الأدوات الحجرية والخشبية. ومن ثم يمكن أن يكون هذا النوع سَلَفاً للإنسان.
غير أن المتحجرات الجديدة التي اكتُشفت من نفس النوع في أواخر الثمانينيات غيرت هذا الرأي تماماً.. فقد صرح بعض الباحثين (أمثال برنارد وود و لورنغ بريش اللذين اعتمدا على هذه المتحجرات المكتشفة حديثاً) بأن الإنسان القادر على استخدام الأدوات، وهو ما يعنيه مصطلح Homo habilis، يجب أن يصنَّف تحت فئة القردة الجنوبية القادرة على استخدام الأدوات، وهو ما يعنيه مصطلح Australopithecus habilis، لأن هناك صفات مشتركة كثيرة بين الإنسان القادر على استخدام الأدوات والقردة المسماة بالقردة الجنوبية.. إذ يتسم هذا الإنسان -مثله مثل القردة الجنوبية- بأذرع طويلة، وأرجل قصيرة، وهيكل عظمي شبيه بالهيكل العظمي للقردة.. كما أن أصابع يديه وأصابع قدميه معدة للتسلق، وتعتبر بنية فكه السفلي مشابهة جدا لتلك الخاصة بقردة اليوم، كما أن متوسط سعة جمجمته البالغ 600 سم3 يعد دليلاً على حقيقة كونه قرداً.. وباختصار، يمكن القول بأن الإنسان القادر على استخدام الأدوات، الذي قدمه بعض دعاة التطور بوصفه نوعاً مختلفاً، هو في الواقع نوع من أنواع القردة مثله مثل كافة القردة الجنوبية الأخرى.
وقد أظهرت البحوث التي أجريت في السنوات التالية فعلياً أن الإنسان القادر على استخدام الأدوات لا يختلف عن القردة الجنوبية في شيء.. وقد بينت جمجمة المتحجرة OH 62 وهيكلها العظمي، اللذان عثر عليهما تيم وايت، أن هذا النوع يتصف بصغر سعة جمجمته وطول ذراعيه وقصر ساقيه، مما يمكنه من تسلق فروع الأشجار، مثله مثل قردة اليوم تماماً.
وقد دلت التحاليل التفصيلية التي أجرتها عالمة الأنثروبولوجيا الأمريكية هولي سميث في سنة 1994، على أن ما يسمى الإنسان القادر على استخدام الأدوات لم يكن إنساناً، بل كان قرداً.. وفيما يتصل بالتحاليل التي أجرتها على أسنان القردة الجنوبية، والإنسان القادر على استخدام الأدوات، والإنسان منتصب القامة، والإنسان النيانتدرالي، قررت سميث ما يأتي:
"إن التحاليل التي استندت إلى طبيعة وبنية تطور الأسنان، أشارت إلى أن الأسترالوبيثاكينيس وهوموهابيلس ينتميان إلى نفس أنماط القرود الأفريقية، وأما تلك الخاصة بالإنسان منتصب القامة والإنسان النياندرتالي فقد أشارت إلى أنهما يملكان نفس البنية العائدة للإنسان المعاصر"(65).
وفي نفس السنة، توصل فرد سبور وبرنارد وود وفرانز زونفيلد (وجميعهم من اختصاصيي التشريح) إلى نفس النتيجة ولكن باستخدام طريقة مختلفة تماماً.. وتعتمد هذه الطريقة على التحليل المقارن للقنوات شبه الدائرية الموجودة في الأذن الداخلية للإنسان والقرد، والمسئولة عن الحفاظ على التوازن.. وقد اختلفت قنوات الإنسان الذي يمشي منتصب القامة اختلافاً كبيراً عن تلك الخاصة بالقرد الذي يمشي منحنياً إلى الأمام.. وفضلاً عن ذلك، جاءت نتائج تحليل قنوات الأذن الداخلية لكل القردة الجنوبية، وكذلك عينات الإنسان القادر على استخدام الأدوات التي حللها كل من سبور ووود وزونفيلد، جاءت كلها مماثلة لقنوات القردة العصرية.. أما فيما يتعلق بنتائج تحليل قنوات الأذن الداخلية للإنسان منتصب القامة، فقد أثبت التحليل أنها مماثلة لقنوات إنسان اليوم(66).
وقد أفرز هذا الاستنتاج نتيجتين هامتين هما:
1- أن المتحجرات المشار إليها باسم الإنسان القادر على استخدام الأدوات لم تكن تنتمي في الواقع إلى طائفة الإنسان، بل كانت تنتمي إلى طائفة القردة الجنوبية.
2- أن الإنسان القادر على استخدام الأدوات والقردة الجنوبية كانا جميعاً من الكائنات الحية التي تتميز بمشية منحية، وبالتالي بهيكل عظمي مماثل لهيكل القردة، وليست لها أية علاقة من أي نوع كان بالإنسان.

إنسان رودولف: الوجه الملصق خطأ:
إن مصطلح إنسان رودولف (Homo Rudolfensis) هو الاسم الذي أُطلق على بضعة أجزاء تخص متحجرة تم اكتشافها سنة 1972.. وقد أطلق نفس الاسم على الطائفة التي من المفترض أن تمثلها هذه المتحجرة، وذلك بسبب العثور على أجزاء المتحجرة على مقربة من نهر رودولف في كينيا. ويقر معظم علماء المتحجرات بأن هذه المتحجرات لا تنتمي إلى نوع مميز، بل إن الكائن الحي المسمى بإنسان رودولف هو في الواقع إنسان قادر على استخدام الأدوات.
وقد قام ريتشارد ليكي، الذي اكتشف المتحجرات، بتقديم الجمجمة (التي أطلق عليها اسم KNM-ER 1470 وقال إن عمرها يبلغ 2.8 مليون سنة) على أنها أعظم اكتشاف في تاريخ الأنثروبولوجيا وعلى أن لها آثاراً كاسحة.. ووفقاً لليكي، فإن هذا الكائن، الذي كانت سعة جمجمته صغيرة مثل القرد الجنوبي ومع ذلك كان وجهه مثل وجه الإنسان، هو الحلقة المفقودة بين القرد الجنوبي والإنسان.. ولكن، بعد فترة قصيرة، اتضح أن وجه الجمجمة KNM-ER 1470 الشبيه بوجه الإنسان والذي كثيراً ما ظهر على أغلفة المجلات العلمية، جاء نتيجة لصق معيب لأجزاء الجمجمة، الأمر الذي من الممكن أن يكون قد حدث عن عمد.. وقد أوجز البروفسور تيم بروماج، الذي أجرى دراسات حول تشريح وجه الإنسان، هذه الحقيقة التي كشفها بمساعدة المحاكاة الحاسوبية سنة 1992 بقوله:
"عندما أُعيدَ بناء الجمجمة «KNM-ER 1470» لأول مرة تم تركيب الوجه على الجمجمة في وضع يكاد يكون عمودياً وأشبه ما يكون بالوجوه المسطحة للإنسان العصري.. ولكن الدراسات الأخيرة للعلاقات التشريحية أظهرت أن في الحياة الفعلية لا بد أن يبرز الوجه بشكل ملحوظ، مكوِّناً ملامح تشبه ملامح القرد، بل تشبه بالأحرى وجوه القردة الجنوبية" (67)
وكتب في هذا الموضوع عالم المتحجرات التطوري كرونين ما يأتي:
"لقد لوحظ في وجه هذه الجمجمة- الذي تم بناؤه أي أعيد تركيبه بشكل تقريبي - صغر حجم القحف، وكبر الأنياب، وغيرها من الصفات التي أشارت إلى أن المتحجرة رقم KNM-ER 1470 تشارك القردة الجنوبية هذه الصفات البدائية.. كما أن متحجرة KNM-ER 0741 تحمل - مثلها مثل النماذج الأخرى المبكرة للإنسان - صفاتٍ مشتركة مع القردة الجنوبية ذات البنية الصغيرة.. ولا توجد هذه الصفات في النماذج الإنسانية المتأخرة أي في الإنسان المنتصب"(68).
وقد توصل لورنج براس من جامعة ميشيجان إلى نفس الاستنتاج بعد التحاليل التي أجراها على تركيب فك الجمجمة KNM-ER 1470 وأضراسها، وقال إن كبر حجم الفك وسعة الجزء الذي تشغله الأضراس أوضح أن لهذه الجمجمة نفس وجه القرد الجنوبي وأسنانه بالضبط. (69)
أما البروفسور ألان والكر، عالم المتحجرات من جامعة جون هوبكنز، الذي قام بإجراء دراسات على هذه الجمجمة بنفس القدر الذي أجراه ليكي، فقد دافع قائلاً إن هذا الكائن الحي يجب ألا يصنف تحت فئة الأنواع البشرية مثل الإنسان القادر على استخدام الأدوات وإنسان رودولف، بل على العكس يجب أن يضم إلى الفئة الخاصة بأنواع القرد الجنوبي. (70)
وإيجازاً لما سبق: تُعتبر تصنيفات مثل تصنيفات الإنسان القادر على استخدام الأدوات أو إنسان رودولف، التي تم تقديمها بوصفها حلقات انتقالية بين القردة الجنوبية والإنسان منتصب القامة، ضرباً من ضروب الخيال.. وكما أكد العديد من الباحثين اليوم، فإن هذه الكائنات الحية تعد أفراداً في سلسلة القرد الجنوبي، إذ أن كل خواصها التشريحية تكشف أن كلاً منها يمثل نوعاً من أنواع القردة.
وتلي هذه الكائنات، التي يُعتبر كل واحد منها نوعاً من أنواع القردة، المتحجرات البشرية.

الإنسان منتصب القامة وما بعده: البشر
وحسبما ورد في المخطط العجيب لدعاة التطور، ينقسم التطور الداخلي لأنواع الإنسان إلى الأقسام الآتية: أولاً، الإنسان منتصب القامة، ثم الإنسان العاقل القديم والإنسان النياندرتالي، يأتيه الإنسان الكرومانيوني (Cro-Magnon)، وأخيرا الإنسان العصري.. ومع ذلك، فإن كل هذه التصنيفات ما هي -في الواقع- سوى أجناس بشرية أصلية، ولا يزيد الاختلاف بينها عن الاختلاف بين شخص من الأسكيمو وشخص أسود، أو بين غجري وأوروبي.
فلندرس أولاً الإنسان منتصب القامة، الذي يشار إليه بوصفه أكثر أنواع البشر بدائية.. فكما توحي كلمة منتصب (erect)، فإن مصطلح Homo erectus يعني الإنسان الذي يمشي منتصب القامة. وقد اضطر دعاة التطور إلى تمييز هذا الإنسان عن سابقيه بإضافة صفة الانتصاب، ذلك أن كل المتحجرات المتاحة للإنسان منتصب القامة تتسم باستقامة الظهر بدرجة لم تُلحَظ في أية عينة من عينات القردة الجنوبية أو الإنسان القادر على استخدام الأدوات.. ولا يوجد أي فرق بين الهيكل العظمي للإنسان العصري وما يسمى الإنسان منتصب القامة.
ويتمثل السبب الرئيسي الذي دفع دعاة التطور إلى تعريف الإنسان منتصب القامة على أنه بدائي في سعة جمجمته (900 - 1100 سم3)، التي تعتبر أصغر من متوسط السعة لدى الإنسان العصري، وكذلك في نتوءات حواجبه الكثيفة.. ومع ذلك، فإن كثيراً من الأشخاص الذين يعيشون في العالم اليوم لديهم نفس السعة الجمجمية للإنسان منتصب القامة (مثل الأقزام على سبيل المثال)، وهناك أجناس أخرى تتسم أيضاً بنتوء الحواجب (مثل سكان أستراليا الأصليين على سبيل المثال).
ومن الحقائق المتفق عليها عادة أن الاختلافات في سعة الجمجمة لا تنم -بالضرورة- عن وجود اختلافات في الذكاء أو القدرات، ذلك أن الذكاء يعتمد على التنظيم الداخلي للمخ أكثر منه على حجمه. (71)
وتتجسد المتحجرات التي عرّفت العالم بالإنسان منتصب القامة في متحجرتَي إنسان بكين وإنسان جاوة المكتشفتَين في آسيا.. ولكن اتضح بمرور الوقت أن هاتين المتحجرتين لا يمكن الاعتماد عليهما، لأن إنسان بكين ليس سوى بعض عناصر من الجبس فقدت أصولها، في حين أن إنسان جاوة كان مركَّباً من جزء من جمجمةٍ أضيف إليه عظمة حوض تم العثور عليها على بعد أمتار من الجمجمة دون وجود أية دلائل على أن هاتين القطعتين تنتميان إلى نفس الكائن الحي.. لهذا السبب، حظيت متحجرات الإنسان منتصب القامة التي عثر عليها في أفريقيا بأهمية متزايدة.
ولعل أشهر العينات المكتشفة في أفريقيا للإنسان منتصب القامة هي متحجرة Narikotome homo erectus أو غلام توركانا (Turkana Boy) التي عُثر عليها قرب بحيرة توركانا في كينيا.. وقد تم التأكيد على أن المتحجرة لغلام في الثانية عشر من عمره كان سيصل طوله في سن المراهقة إلى نحو 183 سم.. ولم يكن التركيب العمودي الخاص بالهيكل العظمي للمتحجرة يختلف عن مثيله في الإنسان العصري.. وفي هذا الصدد قال عالم المتحجرات الأمريكي ألان والكر إنه يشك في قدرة أي عالم بالانتولوجي على التمييز بين الهيكل العظمي لهذه المتحجرة وبين الهيكل العظمي للإنسان العصري (72).. وبالنسبة للجمجمة قال والكر: إنها أشبه ما تكون بجمجمة الإنسان النياندرتالي (73) وكما سنرى في الفصل التالي، يعد الإنسان النياندرتالي أحد أجناس الإنسان العصري.
وحتى ريتشارد ليكي، الذي يعتبر أحد دعاة التطور، أدلى بتصريح مفاده أن الاختلافات الموجودة بين الإنسان منتصب القامة وبين الإنسان العصري ليست أكثر من مجرد تنوعات بين الأجناس: سيرى المرء أيضاً اختلافات في شكل الجمجمة ودرجة بروز الوجه وغلظة الحواجب، وغير ذلك.. ولكن هذه الاختلافات ليست أكثر وضوحاً على الأرجح من الاختلافات التي نراها اليوم بين الأجناس الجغرافية المنفصلة للإنسان العصري.. ويظهر هذا التنوع البيولوجي عندما تنفصل الجماعات جغرافياً عن بعضها البعض لفترات طويلة جداً من الزمن. (74)
وقد أجرى البروفسور ويليام لاولن من جامعة كونكتكت دراسات تشريحية مكثفة على شعوب الأسكيمو وسكان جزر أليوت، ولاحظ وجود تشابه غير عادي بين هؤلاء الناس والإنسان منتصب القامة.. وتجسد الاستنتاج الذي توصل إليه لاولن في أن كل هذه الأجناس المميزة هي -في الواقع- أجناس مختلفة من الإنسان العاقل أي الإنسان العصري:
"عندما نتأمل الاختلافات الشاسعة الموجودة بين المجموعات المنعزلة أمثال الأسكيمو والبوشمان، التي من المعروف أنها تنتمي إلى نوع الإنسان العاقل، يبدو من المبرَّر أن يستنتج المرء أن هذه العينات المكتشَفة من الإنسان المنتصب - المعروف بتنوعه - تنتمي إلى نفس نوع هومو سابينس أي الإنسان العصري". (75)
ومن ناحية أخرى، توجد فجوة هائلة بين الإنسان منتصب القامة ـ أي الجنس البشري ـ في سيناريو التطور الموضوع، وبين أنواع القردة في هذا السيناريو (هي: القردة الجنوبية والإنسان القادر على استخدام الأدوات وإنسان رودولف).. ويعني هذا أن البشر الأوائل قد ظهروا في سجل المتحجرات فجأة وعلى الفور دون أي تاريخ تطوري، ولا يمكن أن توجد دلالة أوضح من ذلك على أنهم قد خُلقوا.
ولكن الاعتراف بهذه الحقيقة يتعارض تماماً مع الفلسفة والأيدلوجية المتعنتة لدعاة التطور.. ونتيجة لذلك، يحاول هؤلاء الدعاة أن يصوروا الإنسان منتصب القامة، وهو جنس بشري بحق، على أنه كائن نصفه قرد.. لذلك نجد أنهم عندما يعيدون بناء الإنسان منتصب القامة يتشبثون برسمه بملامح القرود.. ومن ناحية أخرى، وباستخدام نفس طرق الرسم، يضفون الصبغة البشرية على قرَدة أمثال القرد الجنوبي وما يسمونه الإنسان القادر على استخدام الأدوات.. وبهذه الطريقة، يسعون إلى تقريب القردة إلى البشر وإغلاق الفجوة الكبيرة بين هاتين الطائفتين المتميزتين من الأحياء.

النياندرتاليون:
النياندرتاليون (Neanderthals) هم عبارة عن مجموعة من البشر ظهرت فجأة قبل مئة ألف سنة في أوروبا واختفت (أو تم استيعابها في أجناس أخرى عن طريق الامتزاج) بهدوء ولكن بسرعة منذ 35 ألف سنة.. وكان الفرق الوحيد بينهم وبين الإنسان العصري هو أن هيكلهم العظمي أقوى وسعة جمجمتهم أكبر قليلاً.
ويُعدّ النياندرتاليون جنساً بشرياً، ويكاد الجميع يعترف بهذه الحقيقة اليوم.. وقد حاول دعاة التطور بشدة أن يقدموهم على أنهم نوع بدائي، ولكن كل الاكتشافات تدل على أنهم لا يختلفون عن أي إنسان قويّ يمشي في الشارع اليوم.. وقد كتب أحد العلماء الثقات المشهورين في هذا الموضوع (وهو إريك تراينكاوس، عالم المتحجرات من جامعة نيومكسيكو) ما يأتي:
"لقد أظهرت المقارنات التفصيلية بين بقايا الهيكل العظمي للإنسان النياندرتالي وبقايا الهيكل العظمي للإنسان العصري عدم وجود أي شيء في تشريح الإنسان النياندرتالي يدلل بشكل قاطع على أن قدراته الحركية أو اليدوية أو الفكرية أو اللغوية أقل من نظيراتها في الإنسان العصري". (76)
ولهذا السبب يعمد العديد من الباحثين المعاصرين إلى تعريف الإنسان النياندرتالي بوصفه نوعاً فرعياً من أنواع الإنسان العصريّ، ويطلقون عليه اسم الجنس النياندرتالي للإنسان العاقل (Homo sapiens neandertalensis).. وتثبت الاكتشافات العلمية أن النياندرتاليين كانوا يدفنون موتاهم، ويصنعون الآلات الموسيقية، وتجمعهم قرابات ثقافية مع الإنسان العصري الذي كان يعيش في نفس الفترة الزمنية.. وعلى نحو دقيق: يعتبر النياندرتاليون جنساً بشرياً قوياً انقرض فقط بمرور الزمن.

الإنسان العاقل القديم، والهومو هيلدربرجنسيچ، والإنسان الكرومانيوني:
يُعد الإنسان العاقل القديم (Homo Sapiens Archaic) آخر خطوة قبل الإنسان العصري في المخطط التخيلي للتطور.. وفي الواقع، لا يملك دعاة التطور الكثير ليقولوه عن هؤلاء البشر، إذ لا توجد سوى اختلافات بسيطة جداً بينهم وبين الإنسان العصري.
بل يذهب بعض الباحثين إلى القول بأن ممثلي هذا الجنس ما زالوا أحياء حتى اليوم، ويشيرون إلى السكان الأصليين في أستراليا كمثال.. ويتسم السكان الأصليون هناك أيضاً، مثلهم مثل الإنسان العاقل، بحواجب بارزة كثيفة وفك سفلي مائل إلى الأمام وجمجمة سعتها أصغر قليلاً.. وفضلاً عن ذلك، حدثت اكتشافات مهمة تلمح إلى أن مثل هؤلاء البشر قد عاشوا في المجر وفي بعض قرى إيطاليا قبل فترة ليست بعيدة.
أما فيما يتصل بمجموعة البشر المعروفة في أدب التطور باسم هومو هيلدربرجنسيس (Homo Heilderbergensis)، فإنها تعد من نفس مجموعة الإنسان العاقل القديم.. ويرجع السبب في استخدام مصطلحَين مختلفين لتعريف الجنس البشري ذاته إلى اختلاف المفاهيم لدى دعاة التطور.. وتشير كل المتحجرات المتضمَّنة تحت تصنيف الهومو هيلدربرجنسيچ إلى أنهم أشخاص يشبهون الأوروبيين العصريين شبهاً كبيراً من الناحية التشريحية، وقد عاشوا في إنكلترا أولاً ثم في إسبانيا قبل خمسمئة ألف إلى سبعمئة ألف سنة.
وتشير التقديرات إلى أن الإنسان الكرومانيوني (Cro-Magnon) قد عاش قبل ثلاثين ألف سنة، وكان يتميز بجمجمة على شكل قبة وجبين عريش. وكانت سعة جمجمته البالغة 1600 سم3 تفوق متوسط سعة جمجمة الإنسان العصري وتبرز منها حواجب كثيفة، كما كان يتسم بنتوء عظمي في الظهر يعد أحد السمات المميزة لكل من الإنسان النياندرتالي والإنسان منتصب القامة.
وعلى الرغم من أن الإنسان الكرومانيوني يُعتبر جنساً أوروبياً، إلا أن بنية جمجمته وحجمها يشبهان -بدرجة كبيرة- بعض الأجناس التي تعيش في أفريقيا والمناطق الاستوائية اليوم. واستناداً إلى هذا الشبه، يرى البعض أن الإنسان الكرومانيوني كان أحد الأجناس الأفريقية القديمة. وقد بينت بعض الاكتشافات الباليوأنثروبولوجية الأخرى أن الأجناس الكرومانونية والنياندرتالية قد امتزجت مع بعضها البعض ووضعت الأسس للأجناس التي نراها اليوم. وبالإضافة إلى هذا، فمن المقبول في أيامنا الحالية أن ممثلي الجنس الكرومانيوني ما زالوا يعيشون في مناطق مختلفة من قارة أفريقيا وفي إقليمي سالوت ودوردوين في فرنسا، وقد لوحظ أيضاً وجود أناس يتصفون بصفات مشابهة يعيشون في بولندا والمجر.

أنواع تعيش في نفس العصر مع أسلافها!!
يشكل كل ما درسناه حتى الآن صورة واضحة لنا، ألا وهي: إن سيناريو تطور الإنسان هو خيال في خيال.. ذلك أنه لكي توجَد شجرة عائلة كهذه، يجب أن يكون تطور تدريجي قد حدث من القرد إلى الإنسان، كما يجب أن يكون سجل المتحجرات الخاص بهذا التطور قد تم اكتشافه.. ومع ذلك، توجد فجوة هائلة بين القِرَدة والبشر، إذ يُعدّ بناء الهيكل العظمي، وسعة الجمجمة، ومعايير أخرى مثل المشي بقامة منتصبة أو بانحناء حاد إلى الأمام، من العلامات المميزة الفارقة بين البشر والقردة (وقد أشرنا إلى البحث الحديث الذي أجري في سنة 1994 حول قنوات التوازن في الأذن الداخلية، حين تم تصنيف القرد الجنوبي والإنسان القادر على استخدام الأدوات ضمن فئة القردة، بينما صُنّف الإنسان منتصب القامة ضمن فئة البشر).
وهناك اكتشاف مهم آخر يؤكد عدم إمكانية وجود شجرة عائلة بين هذه الأنواع المختلفة، ويتمثل هذا الاكتشاف في أن الأنواع التي تم تقديمها على أنها أسلاف لبعضها البعض قد عاشت ـ في الواقع ـ مع بعضها البعض في نفس العصر.. فإذا كان القرد الجنوبي قد تحول ـ حسبما يدعي دعاة التطور ـ إلى إنسان قادر على استخدام الأشياء، وإذا كان هذا الإنسان قد تحول بدوره إلى إنسان منتصب القامة، فيفترض ـ بالضرورة ـ أن تكون هذه الكائنات قد عاشت في عصور متعاقبة.. ومع ذلك، لا يوجد مثل هذا الترتيب الزمني.
وحسب تقديرات دعاة التطور، فقد عاشت القردة الجنوبية منذ أربعة ملايين سنة حتى مليون سنة مضت.. ومن ناحية أخرى، يُعتقد أن الكائنات الحية التي تصنف على أنها إنسان قادر على استخدام الأدوات قد عاشت حتى 1.7 إلى 1.9 مليون سنة مضت.. أما فيما يتصل بإنسان رودلف، الذي يقال إنه أكثر تطوراً من الإنسان القادر على استخدام الأدوات، فمن المعروف أن عمره يتراوح بين 2.5و 2.8 مليون سنة!.. أي أن إنسان رودلف أكبر بما يقرب من مليون سنة من الإنسان القادر على استخدام الأدوات الذي يفترض أن يكون سَلَفاً له!.. ومن ناحية أخرى، يرجع عمر الإنسان منتصب القامة إلى نحو 1.6مليون سنة، مما يعني أن عينات الإنسان منتصب القامة قد ظهرت على الأرض في نفس الإطار الزمني لسلفها المزعوم، أي الإنسان القادر على استخدام الأدوات.
ويؤكد آلان والكر على هذه الحقيقة قائلا: "توجد أدلة من شرقي أفريقيا، على أن أفراداً قليلين من فئة القردة الجنوبية قد كُتب لهم البقاء حتى فترة متأخرة، كانت تعاصر أولاً الإنسان القادر على استخدام الأدوات، ثم الإنسان منتصب القامة" (77).
وقد عثر لويچ ليكي على متحجرات لكل من القرد الجنوبي والإنسان القادر على استخدام الأدوات والإنسان منتصب القامة تكاد تكون مجاورة لبعضها في إقليم أولدوفاي جورج في الطبقة الثانية من طبقات الأرض. (78)
ومن المؤكد أنه لا وجود لشجرة عائلة من هذا النوع. ويفسر عالم المتحجرات من جامعة هارفرد، ستيفن جاي غولد، هذا المأزق الذي يواجه نظرية التطور -على الرغم من كونه هو نفسه من دعاة التطور- بقوله:
"ماذا حل بسلّمنا في التطور إذا كانت هناك ثلاث سلالات من الكائنات الشبيهة بالإنسان -القردة الجنوبية الإفريقية والقردة الجنوبية القوية والإنسان القادر على استخدام الأدوات- تعيش معاً في نفس الفترة الزمنية، ومن الواضح أن أياً منها لم ينحدر من الآخر؟.. وفوق ذلك، لا تبدي أية سلالة من السلالات الثلاث أية ميول تطورية أثناء فترة بقائها على الأرض؟!"(79)
وعندما ننتقل من الإنسان منتصب القامة إلى الإنسان العاقل، نرى -ثانيةً- أنه لا توجد أية شجرة عائلة يمكن أن نتحدث عنها.. فهناك أدلة تبين أن الإنسان منتصب القامة والإنسان العاقل القديم قد ظلا على قيد الحياة حتى قبل 27 ألف سنة، بل حتى عشرة آلاف سنة من زمننا الحالي.. ففي مستنقع كاو بأستراليا تم العثور على جماجم لأناس منتصبي القامة يبلغ عمرها نحو 13 ألف سنة تقريباً، أما في جزيرة جاوة فقد عُثر على جمجمة إنسان منتصب القامة عمرها 27 ألف سنة. (80)

التاريخ السري للإنسان العاقل:
إن أكثر حقيقة مدهشة ومهمة تقوم بإبطال الأساس الذي تقوم عليه شجرة العائلة المتخيلة في نظرية التطور، هي تاريخ الإنسان العصري الموغل في القدم بشكل غير متوقع.. ذلك أن البيانات الباليوأنثروبولوجية تكشف أن الأشخاص المنتمين إلى نوع الإنسان العاقل، الذين كانوا يشبهوننا تماما، قد عاشوا حتى تاريخ يمتد إلى ما يقرب من مليون سنة ماضية.
وجدير بالذكر أن لويچ ليكي، عالم الباليوأنثروبولجيا الشهير التطوري، هو الذي توصل إلى أول الاكتشافات حول هذا الموضوع. فقد عثر ليكي في سنة 1932 في إقليم كانجيرا حول بحيرة فكتوريا بكينيا على بضع متحجرات تعود إلى العصر البلستوسيني الأوسط، لم تكن تختلف عن الإنسان العصري في شيء.. ولكن العصر البلستوسيني الأوسط يعني مليون سنة مضت (81).. وبما أن هذه الاكتشافات قد قلبت شجرة العائلة التطورية رأساً على عقب، فقد رفضها بعض علماء الباليوأنثروبولجيا من أنصار التطور.. ومع ذلك، ظل ليكي يؤكد دائماً أن تقديراته كانت صحيحة.
وعندما كان هذا الجدل على وشك أن يأخذ طريقه إلى النسيان، أدت متحجرة عُثر عليها في أسبانيا سنة 1995 إلى الكشف بطريقة رائعة عن أن تاريخ الإنسان العاقل أقدم بكثير مما كان مفترضاً.. وقد عُثر على المتحجرة محل النقاش في كهف يعرف باسم غْرانْ دولينا في منطقة أتابوركا في إسبانيا بواسطة ثلاثة من علماء الباليوأنثروبولجيا الإسبان من جامعة مدريد.. وكانت المتحجرة لوجه غلام في الحادية عشرة من عمره يشبه الإنسان العصري تماماً، ولكن ثمانمئة ألف سنة قد انقضت على موت الطفل.. وقد غطت القصةَ مجلةُ Discover، في عددها الصادر في كانون الأول (ديسمبر) سنة 1997 بقدر كبير من التفصيل.
لقد زعزعت هذه المتحجرة معتقدات فيرارس الذي قاد البعثة الاستكشافية لكهف غران دولينا.. فقد قال فيرارس:
"لقد توقعنا أن نجد شيئاً كبيراً، شيئاً ضخماً منتفخاً.. كما تعلم، شيئا بدائياً.. لقد توقعنا أن يكون غلام عمره ثمانمئة ألف سنة مشابهاً لطفل توركانا، ولكن ما عثرنا عليه كان وجهاً معاصراً تماماً.. بالنسبة لي كان الأمر مثيراً.. لقد كان العثور على شيء غير متوقع أبداً كهذا من نوعية المواقف التي تهز كيانك، فعدم العثور على متحجرات أمر غير متوقع، مثلما يُعتبر العثور عليها أمراً غير متوقع أيضاً.. ولكن لا بأس في ذلك.. غير أن أروع ما في الأمر أن ما كنت تعتقد أنه ينتمي إلى الحاضر اتضح أنه ينتمي إلى الماضي.. إن الأمر يشبه العثور على شيء مثل... مثل جهاز تسجيل في كهف غران دولينا.. سيكون هذا أمرا مدهشاً جداً، فنحن لا نتوقع العثور على أشرطة كاسيت وأجهزة تسجيل في العصر البلستوسيني الأسبق.. ويعتبر العثور على وجه معاصر أمراً مماثلاً.. لذلك فقد دُهشنا جداً عندما رأينا هذا الوجه".(82)
لقد أكدت المتحجرة على أن تاريخ الإنسان العاقل يجب أن يعود إلى ثمانمئة ألف سنة مضت.. وبعد أن أفاق علماء التطور الذين اكتشفوا المتحجرة من الصدمة الأولى، قرروا أن المتحجرة تنتمي إلى نوع مختلف، لأنه -وفقاً لما ورد في شجرة العائلة التطورية- ليس من المفترض أن يكون الإنسان العاقل قد عاش قبل ثمانمئة ألف سنة.. ولهذا السبب اختلقوا نوعاً خيالياً أطلقوا عليه اسم الإنسان السَّلَف (Homo antecessor) وضموا جمجمة أتابوركا إلى هذا التصنيف.

كوخ عمره 1.7 مليون سنة:
هناك الكثير من الاكتشافات التي تثبت وجود الإنسان العاقل حتى قبل 800 ألف سنة.. وتتمثل إحدى هذه الاكتشافات في اكتشاف لويچ ليكي الذي عثر عليه في أوائل السبعينيات في منطقة أولدوفي جورج.. ففي هذه المنطقة، وبالتحديد في الطبقة الثانية من طبقات الأرض (Bed II) اكتشف ليكي أن أنواع القرد الجنوبي والإنسان القادر على استخدام الأدوات والإنسان منتصب القامة كانت تعيش معاً في نفس الفترة الزمنية.. ولكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو البناء الذي عثر عليه ليكي في الطبقة نفسها (الطبقة الثانية).. ففي هذه الطبقة، عثر ليكي على بقايا كوخ حجري. ويتمثل الجانب غير العادي في هذا الحدث في أن هذا البناء، الذي لا يزال يستخدم في بعض أجزاء من أفريقيا، ما كان يمكن لأحد أن يقوم ببنائه غير الإنسان العاقل! ومن ثم، ووفقاً لما توصل إليه ليكي، فلا بد أن يكون القرد الجنوبي، والإنسان القادر على استخدام الأدوات، والإنسان منتصب القامة، والإنسان العصري، قد عاشوا معاً قبل نحو 1.7 مليون سنة تقريباً. (83)
ولا يوجد شك في أن هذا الاكتشاف لا بد أن يبطل نظرية التطور التي تدّعي أن الإنسان العصري قد تطور من أنواع شبيهة بالقردة مثل القرد الجنوبي.

آثار أقدام إنسان عصري عمرها 3.6 مليون سنة!
تُرجع بعض الاكتشافات الأخرى -با
11-29-2004, 02:07 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 08-28-2002, 09:29 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-05-2002, 11:57 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة دنكيشوط - 09-07-2002, 01:59 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-07-2002, 12:27 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة ابن سوريا - 09-08-2002, 06:39 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-10-2002, 01:48 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة maryam - 09-10-2002, 02:58 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-11-2002, 06:51 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-18-2002, 10:12 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-19-2002, 08:51 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-21-2002, 07:53 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة thunder75 - 09-21-2002, 11:58 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة ابن سوريا - 09-22-2002, 01:04 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-22-2002, 01:30 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-25-2002, 09:58 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Adonis - 09-26-2002, 12:03 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة ابن العرب - 09-26-2002, 03:19 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-27-2002, 07:46 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة ابن العرب - 10-07-2002, 11:59 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 10-07-2002, 01:59 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة أبو منذر - 10-11-2002, 08:08 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 10-12-2002, 01:25 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة osiris - 02-20-2003, 10:03 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Arabia Felix - 02-21-2003, 10:33 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الحكيم الرائى - 03-16-2003, 01:31 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة إبراهيم - 04-01-2003, 02:46 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Logikal - 12-07-2003, 04:54 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 12-08-2003, 02:03 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة خالد - 05-16-2004, 06:24 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة ابن سوريا - 05-16-2004, 11:09 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Jerry - 09-18-2004, 04:14 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 09-23-2004, 01:27 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Al gadeer - 09-23-2004, 07:46 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة ابن سوريا - 09-24-2004, 03:51 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Arabia Felix - 09-24-2004, 02:55 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة ضيف - 10-04-2004, 01:13 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة إبراهيم - 10-28-2004, 02:29 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Al gadeer - 10-28-2004, 11:44 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة إبراهيم - 11-02-2004, 01:41 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Al gadeer - 11-02-2004, 10:52 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة قعقاع - 11-22-2004, 11:06 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة قعقاع - 11-23-2004, 04:03 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة قعقاع - 11-29-2004, 02:07 AM
قصة تطور الإنسان - بواسطة Jupiter - 11-29-2004, 07:20 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة زياد - 11-29-2004, 02:50 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة قعقاع - 12-02-2004, 02:12 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة زياد - 12-11-2004, 04:33 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة الختيار - 12-11-2004, 05:34 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة اسد الليل - 12-26-2004, 12:27 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة Praad - 02-06-2005, 07:32 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة نورسي - 02-06-2005, 09:40 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة زياد - 08-03-2005, 02:57 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة أسد الغابة - 06-27-2007, 08:09 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة أسد الغابة - 06-27-2007, 08:21 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة إبراهيم - 06-27-2007, 08:53 PM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة skeptic - 11-19-2007, 03:00 AM,
قصة تطور الإنسان - بواسطة خوليــــو - 11-19-2007, 06:31 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تطور لون البشرة سائل الرب 1 1,445 12-07-2011, 09:53 PM
آخر رد: علي هلال
  علماء يحاولون معرفة ما يدور في ذهن الإنسان بالمسح الإشعاعي Blue Diamond 1 1,778 06-26-2010, 12:43 PM
آخر رد: Blue Diamond
  كيف تطور العقل البشري نبيل حاجي نائف 0 1,765 07-11-2009, 08:21 AM
آخر رد: نبيل حاجي نائف
  احفورة "إيدا" Ida: اكتشاف استثنائي لـ "الحلقة المفقودة" في تطور الإنسان the special one 4 3,366 06-18-2009, 08:05 PM
آخر رد: بنى آدم
  سلسلة تطور النباتات طريف سردست 3 3,913 10-15-2008, 02:11 AM
آخر رد: حسن سلمان

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS