[SIZE=4]سبحان الذي قال (تبت يدا أبي لهب وتب) ولم يقل (تبت يدا عبد العزى وتب) لأنه لو ذكره باسمه (عبد العزى) لكانت السورة تعني فقط عبد العزى عم الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الله ذكر اللقب (أبو لهب) ، واللقب يطلق كناية عن وصف أو نعت أو فعل مما يعني أن أبا لهب الأول ماهو إلا سلفا ومثلا ضربه الله لأبي لهب آخر.
فليستمع الكاتب أبو لهب للتأويل الذي لم يسمع به من قبل:
سورة المسد والسور التي بعدها جاءت كشرح مفصل لسورة النصر.
سورة النصر هي : بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا.
سورة المسد) ، فإذا كان الناس يدخلون في دين الله أفواجا فإن أولي القربى يجب أن يكونوا أول الناس دخولا فهم أعلم الناس بصدق النبي وأمانته، فإن رفض أحد من أقارب النبي الدعوة إلى الإيمان فإنه يصبح أجدر الناس باللوم والغضب.
مثلا : إذا بايع الناس ملكا جديدا ورفض شقيق الملك مبايعة أخيه بالإضافة إلى بعض أعضاء المعارضة ، فمن الأولى باللوم وغضب الملك؟
أليس شقيق الملك هو الأولى بذلك؟ أليس من المفروض أن يكون أول الناس مبايعا لأخيه ليكون قدوة للناس؟
كذلك كان على أبي لهب أن يكون أول المؤمنين بدعوة ابن أخيه ، وحيث أنه لم يفعل واختار أن يكون مع الأعداء فقد أصبح أجدر الناس بلعنة الله .
وهكذا من الحكمة أن تأتي سورة المسد لتناسب (ورأيت النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا).
ماذا عن سورة الإخلاص؟ : قل هو الله أحد... إلى آخر السورة).
ماذا يقابلها في سورة النصر؟
الجواب : فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ .
ماعلاقة التسبيح بسورة الإخلاص؟
التسبيح هو تنزيه الله، وحيث أن الله أمرنا أن نسبحه حمدا على النصر
فإننا لا نعلم صيغة التسبيح التي تقال في هذه المناسبة.
ما هو النصر الذي تقتضي حكمة الله أن يتحقق؟
النصر هو تحقيق الغاية والهدف ، كل قضية فشلت في تحقيق هدفها لا تعتبر انتصرت ، أما إذا نجحت في تحقيق غايتها فذلك هو النصر.
الإسلام هدفه هو تصحيح عقيدة قوم قالوا إن الله ليس واحدا وإنما هو والد (ولد مسيحا) وهو مولود (تولد من ثلاثة أقانيم).
إذن فالحكمة تقتضي أن يحقق الإسلام غايته فينتصر بالبينة لإزالة الباطل فينفك أهل الكتاب عما هم فيه من ضلال.
إذا بقي أهل الكتاب على ما هم فيه إلى قيام الساعة فمعنى ذلك أن الإسلام لم ينتصر لأنه لم يحقق هدفه.
إذن فنصر الله للإسلام هو أن يظهر الحجة التي تقنع أهل الكتاب فتستيقن أنفسهم أن الله واحد أحد صمد لم يلد (لا المسيح ولا غيره) ، ولم يولد (لم يتولد من ثلاثة أقانيم).
والله تعالى يعلمنا ما نقوله من تسبيح يتناسب مع هذا النصر بقوله : قل هو الله أحد ، الله الصمد، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفؤا أحد.

ماذا عن سورتي الفلق والناس؟
ما علاقة سورتي الفلق والناس بسورة النصر؟
إنهما تعتبران شرحا مفصلا لقوله تعالى في سورة النصر (واستغفره إنه كان توابا).
فنحن لا نعلم صيغة الاستغفار التي تتنا سب مع ما بعد النصر، وحيث أن بعد البيان يأتي الامتحان (وتلك سنة الله ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين) فإنه من المؤكد أنه ستكون فتن : دجال يريد أن يخرج الناس من النور إلى الظلمات ،والشيطان سيغتاظ من دخول الناس أفواجا لذلك فإنه سيكون أكثر نشاطا في إضلال الناس وسيجند أولياءه
من الجن والإنس.
والاستغفار المناسب لهذه الفتن هو الاستعاذة بالله منها ، وهكذا يعلمنا الله ما نقوله في هذا الموقف فيقول :
قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق .... إلى آخر السورة.
و سورة الناس : قل أعوذ برب الناس ... إلى آخر السورة..

إذن فنصر الله للمؤمنين بفتح مكة لم يكن إلا مثلا لنصر الله والفتح الذي سيأتي في المستقبل ، وكما لم يعد يوجد من العرب من يقول : الملائكة بنات الله ، كذلك ستأتي أهل الكتاب البينة فينفكوا عما هم فيه من ضلال.

ماذا عن أبي لهب؟
هل سيكون لأبي لهب مثلا في الآخرين؟
من المعلوم أن الهدى إذا أظهره الله واستيقنته أنفس الناس فإنهم سينقسمون إلى قسمين:
1) قسم استيقن فآمن.
2) قسم استيقن فكفر.
ما هو الدافع الذي يمنع الكافر من الإيمان؟
إنه الهوى ، لأن الإيمان يأتي ليحارب الفساد ، والمنتفعون من الفساد الذي يدر عليهم الأموال هم المتضررون من الإصلاح فمن الطبيعي أن
يقاوموا الإصلاح الذي سيحد من نفوذهم ، والمال.
فإذا جاء نصر الله والفتح ووقفت ضده دولة ذات مال ولها حلفاء يطيعونها كما تطيع المرأة زوجها ألا يكون زعيم هذه الدولة مثلا لأبي لهب؟
وما يغني عنه ماله