{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
رواية العار أو لاجا لتسليمة نصرين ( كاملة )
eyad 65 غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 689
الانضمام: Sep 2004
مشاركة: #4
رواية العار أو لاجا لتسليمة نصرين ( كاملة )
اليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوم الرابــــــــــــــــــــــــــــع



أتى حيدر إلى منزل سورنجان ليس للاطمئنان , ولكن لتبادل الشائعات كان حيدر عضوا في حز " رابطة عوامي " في وقت ما انضم إليه سورنجان لبدء مشروع صغير ثم انسحب عندما أدرك أنه لا يفضي إلى شيء . موضوع حيدر المفضل هو السياسة كان سورنجان أيضا مغرما بالسياسة جدا ولكن فقد اهتمامه بها مؤخرا . ما فعلته حكومة أرشاد و ما تفعله خالدة و ما قد تفعله حسينة جعل السياسة عنده اقل أهمية من قضاء فترة راحة لا إزعاج فيها , كان حيدر يطنب في الحديث حول موضوع الإسلام كدين قومي عندما قاطعه سورنجان وهو ينهض من الفراش :
بالمناسبة يا حيدر أي حق يملكه بلدكم أو برلمانكم للتمييز بين الناس وفقا لانتمائهم الديني ظ
كان حيدر يجلس على ويمد قدميه على المائدة يقلب في صفحات كتاب . انفجر ضاحكا عندما سمع سؤال سورنجان و قال :
مالذي تعنيه ب " بلدكم " ؟ أليس هو بلدكم أيضا ظ
رسم سورنجان ابتسامة متكلفة وقال :
سوف أسالك بضعة أسئلة أنتظر منك إجابة مباشرة عنها
أنزل حيدر قدمه عن المائدة و قال :
إجابة سؤالك هي النفي , هذا البلد لا يفرق بين الناس على أسس دينية
سحب سورنجان نفسا عميقا من سيجارته وقال :
هل لدى البلد أو البرلمان الحق في تفضيل أو مناص3رة دين على بقية الأديان ؟
لا
هل لدى البرلمان الحق في تعديل أهم مادة في الدستور و هي العلمانية ؟
بالتأكيد لا
استقلال البلد مبني على قاعدة المساواة بين الناس في إطار الحقوق , الم تنهدم هذه القاعدة باسم التعديلات الدستورية ؟
نظر حيدر إلى سورنجان متشككا , هل يمزح ؟ لماذا يسال أسئلة أجيب عنها بالفعل ؟ واصل سورنجان سؤاله السادس :
بإعلان الإسلام دينا قوميا , ألا يحرم مواطنوا البلد غير المسلمين من دعم الأمة
نعم
أثناء كان واضحا أن سورنجان و حيدر يعلمان الإجابات و الأكثر من ذلك أن سورنجان كان يدرك تماما أن وجهات نظر حيدر تتفق تماما مع وجهات نظره في هذه المسائل . ولكن السبب وراء محاصرة حيدر بالأسئلة الخاصة بتعديل المادة الثامنة هو اكتشاف ماإذا كانت غرائز حيدر الطائفية يمكن أن تطفو أم لا . أطفا سورنجان سيجارته و قال :
سؤالي الأخير هو : خلال آخر عهد الحكم البريطاني قسمت الهند إلى بلدين وتسبب هذا في تعقيدات كثيرة . اليوم لماذا تستدرج بنغلادش إلى دوامة جدل حول الأمتين ؟ لمصلحة من هذا الموقف ؟
لم يجب حيدر هذه المرة أشعل سيجارة ونفخ بعض دخانها ثم قال :
الحقيقة أنه حتى جناح تجاهل قضية الأمتين والعرقية كجزء من بنية البلد الأساسية وأعلن قولته " من الآن و صاعدا لن يتم تعريف الهندوس و المسلمين و المسيحيين و البوذيين بديانتهم المحترمة , لكن بهويتهم الباكستانية "
اعتدل سورنجان في جلسته و قال :
لقد كنا أفضل كباكستانيين أليس كذلك ؟
نهض حيدر فجأة وقد أثاره كلام سورنجان و قال :
لا , باكستان لم تكن خيرا بالمرة وعندما كانت باكستان لم يكن لدى أحد منكم شيء يتطلع إليه . بعد مولد بنجلادش سمحتم لأنفسكم بالاعتقاد بأنكم ستناولون شرف التمتع بالحقوق و الإمتيازات كمواطنين من الدرجة الأولى , لأن هذه الدولة علمانية , ولكن عندما اكتشفتم أن آمالكم وأحلامكم لا تتحقق شعرتم بالألم فعلا .

انفجر سورنجان ضاحكا , وقال مبتسما :
حتى أنت تقول " أحلامكم , آلامكم " من هو " أنتم " ؟ الهندوس ؟ بعد كل هذه السنوات من عدم الإيمان بأي دين تصفني بالهندوسي؟

انتزع سورنجان نفسه من الفراش وبدأ يجوب الحجرة قلقا .. في الهند قتل أكثر من 650 شخصا , اعتقل البوليس ثمانية من الزعماء الأصوليين من بينهم رئيس حزب بهارتيا جانتيا وأعلن الحداد اعتراضا على هدم مسجد بابري , اختفت حوادث العنف في بومباي و رانش وبعض المدن الأخرى . أطبق سورنجان قبض1تيه باستياء من الهندوس المتعصبين . لو أن الأمر بيده لجمع المتعصبين من كل أنحاء الأرض و أطلق عليهم الرصاص , زعماء الطوائف في الهند أعلنوا أن " الحكومة الهندوسية مسئولة عن هدم مسجد بابري ... ولكن مقابل هذا الخطأ لا يجب أن يتحمل هندوس بنغلادش المسؤولية , ليس لدينا مشاعر سلبية تجاه هندوس هذا البلد ولا تجاه معابدهم .. فلننهض بروح الإسلام الحق و نحافظ على الوحدة الوطنية ".

بث التلفزيون و الراديو الرسالة , ولكن تبين أن هذا مظهر خادع ففي يوم الإعلان عن الاحتجاج على هدم المسجد انفتحت أبواب الجحيم و توابع المأساة التي تركها البلطجي و قطاع الطرق خلفهم لم تكن مسبوقة . باسم الاحتجاج عاد قتلة 1971 لينهبوا و يحرقوا مقر لجنة جاتاك دالال نيرمال اليسارية و مقر الحزب الشيوعي , لماذا ؟ أية مؤامرة خططوا لها ؟ بحث سورنجان عن إجابات لهذه الأسئلة . في كل أنحاء شبه القارة تندلع أحداث عنف باسم الدين , وتعرض الأقليات للأذى و كونه من الأقليات فهو يفهم مأساتهم تماما ليس هناك مسيحي في بنغلادش يمكن اعتباره مسؤولا عن فظائع البوسنة و الهرسك . و بالمثل ليس هناك هندوسي في بنغلادش يمكن أن يحاسب على ما ارتكب ضد مسلمي الهند على أيدي أبناء بلدهم الهندوس . كيف يمكن لسورنجان أن يوضح هذا المنطق البسيط ؟ ومن سيسمع له ؟ قال حيدر :
هيا , هيا سنذهب و ننضم إلى منظمة " الترابط الإنساني " التي ستعقد مسيرة لدعم الوفاق الطائفي

الترابط الإنساني ! الفوز بالأحلام و الاستقلال التي صحبته كانت بوضوح ثمرة الوحدة الوطنية والرؤية التي اشترك بها الجميع , وكذلك الجهود التي بذلت للحفاظ على الاستقلال و سادة دولتهم . في 1971 بدأت حركة لمكافحة كل التأثيرات الطائفية و الفاشية و تقوية روح الصداقة و التفاهم في كل أنحاء البلد , كما بذل الجهد لترسيخ السلام العالمي أيضا بالدعوة إلى " الإخاء الدولي " من خلال نشاط اللجنة المتعددة الطوائف و الأعراف القومية والتي جاهدت لتأسيس فروع " الترابط الإنساني " في كل أنحاء البلاد . سال سورنجان :
ما علاقة هذا بي ؟
ماذا تعني ؟ ألا يعنيك الأمر مطلقا ؟
لا
وقف حيدر مصعوقا فسقط كرسيه , و أشعل سيجارة أخرى و قال :
هل يمكن أن تعد لي كوبا من الشاي ؟
ليس لدينا سكر في البيت
كان حيدر على وشك الكلام مجددا عن مسيرة " الترابط الإنساني " عندما قاطعه سورنجان :
ماذا قالت حسينة في اجتماع " رابطة عوامي " أمس ؟
اقترحت ارسال قوة عسكرية إلى كل منطقة للمحافظة على السلام
هل سينقذ هذا الهندوس , أعني نحن ؟
نظر حيدر إلى سورنجان دون أن يقول شيئا , ثم غير الموضوع بشكل مفاجىء
أين مايا ؟
ذهبت إلى الجحيم
صعق حيدر , وفي محاولة لامتصاص الصدمة حاول أن يجعل الأمر نكتة , فقال باسما :
هل تستطيع أن تصف لي شكل الجحيم ؟
الثعابين تعض و العقارب تلدغ و النيران تحرق الأجساد تماما ولكن لا تموت
عظيم أنت تعرف عن الجحيم أكثر مما أعرف أنا
ينبغي علي ذلك . ففي النهاية نحن الذين سنذهب إليه
لماذا يخيم السكون على البيت ؟ أين والداك ؟ هل أرسلتهما إلى مكان ما ؟
لا
هل لاحظت شيئا يا سورنجان ؟ الجماعة الإسلامية يعرضون قضية غلام عزام في ضوء مختلف باستغلال مسجد بابري كمبرر
ربما , ولكنني لا أشعر تجاه غلام عزام مثلك , ولا يهمني أن يحكم عليه بالإعدام أو لا
أشعل حيدر سيجارة أخرى , لم يفهم رغبة سورنجان في البقاء في البيت يوم المسيرة . في 26 آذار من هذا العام عندما عقدت محكمة الشعب كان سورنجان هو الذي أتى و أيقظ حيدر , لم يرغب حيدر في الذهاب بسبب المطر و حاول إقناعه بالبقاء معه ولكنه رفض و أصر أن يذهبا رغم الرياح و المطر
من التسعة حتى الحادية عشرة صباحا حاول حيدر أن يقنع سورنجان بالذهاب معه لكنه لم يفلح في ذلك



أتت كيرونموي بمايا من منزل بارول , فور وصولها إلى البيت ارتمت عل صدر أبيها باكية . لم يستطع والده تهدئتها وفي الغرفة المجاورة كان سورنجان يستشيط من الغضب . إنه يكره الدموع التي لا نفع منها, هل حققت الدموع أي شيء في العالم ؟ ما يحتاج إليه والده هو عناية طبية عاجلة بقد اشترى الأدوية التي وصفها الدكتور هاريبادا لثلاثة أيام و ربما كان هناك المزيد من الأدوية في دولاب الأم لا تعلم بها

اختلط غضب سورنجان بالرثاء على الذات شعر أنه لا يوجد أحد بالأسرة يهتم به وكل هذا لأنه عاطل عن العمل الآن صحيح أنه لم ينجح أبدا في الحصول على عمل دائم و لكن سبب ذلك هو كراهيته للعمل لدى الآخرين وهو يفكر في احتمال إحياء مشروع عمل قديم مع حيدر شعر بالجوع الشديد .. ورثى لحاله مرة أخرى من يمكن أن يعد له الطعام في هذه الساعة ؟ لا مايا و لا أمه كلفت نفسها بالمجيء إلى غرفته لمعرفة ما إذا كان جائعا . هل تتجاهلانه لأنه بلا عمل و كسول ؟

لم يذهب لرؤية والده اليوم . وهذا كان مظهر من مظاهر علاقته بأسرته إنه تقريبا لا يساهم بأي شيء من أحلهم , ومع ذلك يتوقع الكثير منه روتينه اليومي كان بلا هدف أو تخطيط ويتكون أساسا من ساعات التسكع مع أصدقائه و أصحابه و الانخراط في السياسة ما الذي جناه من وراء ذلك ؟

انصرف حيدر الذهاب معه لم يكن ليحرره من إحساسه المتعمق مؤخرا بأنه كائن ضائع كان هو و حيدر صديقين لسنوات طويلة وكثيرا ما كانا يتناقشان خلال حياتهما الطويلة عن فوائد و أهمية المنطق و العقل والوعي , ويناديان بحماية التراث الوطني الثقافي و يتحمسان في الدفاع عن حقوق الإنسان . اليوم أدرك سورنجان أن جهودهما كانت بلا طائل . والأفضل له إما أن ينخرط في حياة تمتلىء بمتع الشراب واللهو أو أن يصبح عضوا مسئولا مسؤولية كاملة عن الأسرة . المثالية لا نفع لها وهي التي زادت من هذه الهموم و القلق . أشعل سيجارة , وانسحب اهتمامه إلى كتاب صغير على المائدة لم يره من قبل . كان عن الصراع الطائفي عام 1990 فتحه و استغرق في سطوره المزعجة



قام الدكتور هاريبادا بتدريب كل من مايا و كيرونموي على تدليك ضلوع سودهاموي ومساعدته على استعادة قوته بدأت صحته بالتحسن بفضل العلاج الطبيعي و الدواء . ولكنه لم يتمكن من استعادة ذاته القديمة مرة أخرى و أكثر من آلمه ذلك كانت ابنته مايا . رؤية أبيها القوي الممتلىء بالحياة راقدا مثل لوح من الخشب أفقدتها كثيرا من حيويتها و حماسها . كانت تجفل من الألم كلما ناداها أبوها بصوته المخنوق " مايا , مايا " حتى في رقاده هذا , كأنه مجرد ظل من ذاته القديمة , كانت عيناه اللتان بلا تعبير تدوران وكأنهما تحملان شيئا ما لمايا كان أبوها ينصحها دائما أن تكون كالسهم المستقيم صادقة مع نفسها هو نفسه كان دائما شريفا بإفراط ومعارضا لي محظورات اجتماعية يرى أنها مقيدة كانت الأم تذمره دائما بأن ابنتهما تكبر ولابد أن يفكرا في زواجها ولكنه كان يعارضها قائلا :
يجب أن تدرس ثم تحصل على عمل إذا رغبت بعد هذا أن تتزوج فلتفعل
د
فتتقبل كلام زوجها بتنهيدة استسلام ثم تعود إلى موضوع آخر تفضله وهو إرسال مايا إلى خالها في كالكتا . انجالي و أبيهاونيليما و شيباني كن جميعا من عمرها وكاهن ذهبن إلى كالكتا لاستكمال الدراسة .
لماذا نذهب ؟ هل هناك ما يمنع التعليم في هذا البلد ؟ هل ألغوا المدارس و الكليات ؟

ابنتنا كبرت ولا أستطيع النوم ليلا من قلقي عليها .. ألم يتعرض الصبية لبيجويا اثناء ذهابها إلى الكلية ؟

هذه الأشياء تحدث لبنات المسلمين أيضا هل تريدين أن تقولي لي أن المسلمات لا يتعرضن للاغتصاب أو الاختطاف ؟
في الحقيقة أدركت كيرونموي أن زوجها لن يوافق أبدا على خططها لمايا , وأن مايا نفسها لم تبدي أي رغبة في الذهاب إلى كالكتا . لقد ذهبت مرة واحدة فقط ولم تستمتع ابدا في مشاركتهم أنشطتهم فكانت تمضي اليوم كله وحدها تفكر في بيتها في بنغلادش .

وفغقا للخطة الأصلية كان المفروض أن تمضي عطلة عيد البوجاس في كالكتا , ولكن قبل أن تنتهي إجازتها بوقت طويل طلبت من زوج خالتها أن يعيدها, قالت خالتها :
ولكن ديدي أرسلتك لتقضي عشرة أيام
فلمعت عينا مايا بالدموع وقالت إني أفتقد إلى منزلنا

تمتلىء كالكتا في عيد البوجاس دائما بالأضواء والمرح والتسلية ولكن كل هذا لم يجذب مايا وعادت بعد سبعة أيام بالرغم من أن الوالدة كانت تأمل أن تبدأ في حب المكان وحب البقاء هناك

جلست مايا عند رأس والدها تفكر في جاهنجير , تحدثت إليه مرتين من تلفون منزل بارول .. بدا أنه فقد حماسه القديم لصحبتها , قال إن عمه في أمريكا دعاه لاستكمال دراسته هناك , وأنه يعد ترتيبات المغادرة , صدمت مايا وكادت أن تصرخ , لكنها تماسكت نفسها و قالت :
هل ستسافر فعلا ؟
نعم إنها أمريكا بالطبع سأذهب
ماذا ستفعل هناك ؟
سأشغل نفسي بأي شيء لبعض الوقت حتى أحصل على الجنسية
ألن تعود ؟
ماذا سأفعل إذا عدت ؟ هل يمكن لأي إنسان عاقل أن يفعل في هذا البلد ؟
متى ستذهب ؟
الشهر القادم شاشا يتعجلني إنه يخشى من احتمال تورطي في السياسة هنا

ولا مرة واحدة خلال محادثتهما سألها جاهنجير ماذا ستفعل في غيابه . هل يتوقع منها أن تلحق به , أو على الأقل تنتظره ؟ حبهما الذي دام أربع سنوات ولقاءاتهما في المطاعم ومناقشاتهما الدائمة حول زواجهما على ضفاف بحيرة كرسنت .. كيف تنسيه أحلام أمريكا كل هذا ؟ كيف تنسيه تطلعاته جائزة حياته , مايا ؟

جلست مايا بجوار والدها لا تفعل شيئا سوى التفكير في جاهنجير . تحاول ولا تستطيع أن تنساه , وحتى تزداد همومها أضيف إليها ألام أبيها شبه المشلول .

عذاب الأم كان أعمق و يستحيل تخفيفه . كانت تستيقظ فجأة في منتصف الليل باكية . لماذا تبكي أو على من , كانت أسرارا لا تبوح بها . تجف الدموع وتواصل تأدية أعمالها في صمت , الطبخ , الغسل , مراعاة زوجها.

توقفت كيرونموي عن استخدام السيندور في تفريق شعرها و اللوها و السانخا في تزيين رسغيها كما تفعل الهندوسيات المتزوجات . طلب منها زوجها أن تتوقف عن ذلك عام 1971 وتوقفت هي عن استخدامها تماما مع عام 1975 , وتوقف هو أيضا عن ارتداء الدهوتي الذي يحبه ذهب إلى الخياط تارو خليفة وطلب منه تفصيل مجموعة من البيجامات , عندما عاد إلى المنزل في هذا اليوم أصابه صداع و حمى . كانت زوجته تعرف أنه يصاب بالحمى عندما يكون مهموما .

الذي فاجأ مايا و حيرها هو يلوك أخيها الذي ظل بمعزل عن الأسرة حتى في هذا الوقت العصيب و يقبع في حجرته طوال اليوم لا يبالي بواجباته ولا يطلب الطعام عندما يجوع , و الغريب أنه لم يكن قلقا حتى على أبيه المريض المحتضر , أصدقاؤه يزورونه في حجرته حيث يجلسون و يخوضون مناقشات حامية . يخرج عندما يريد دون أن يخبر أحدا بوجهته أو موعد عودته . لا أحد يطلب منه مالا ولكن أليس من واجبه كابن أن يرعى والده على الأقل ؟ أن يحضر له الدواء و يستدعي له الطبيب أو على الأقل أن يجلس بجانبه ليشجعه و يقويه . لأن جميعهم كانوا يعرفوا أن أباه يحب أن يأتي ليجلس معه و يثبت له أنه مهتم به .

تحسن الأب كثيرا تحت علاج الدكتور هاريبادا أصبح كلامه أقل تلعثما ولكن لا يزال يجد صعوبة في تحريك أطرافه المشلولة . أكد له الطبيب أنه مع استمرار العلاج الطبيعي ستتحسن حالته أكثر . بقيت مايا مع أبيها طوال الوقت لتلبية احتياجاته , استطاعت توفير كل هذا الوقت لأنها توقفت عن إعطاء الدروس لتلميذتيها , أخبرتها أم آخر تلميذة ذات يوم بأن ابنتها لن تتلقى مزيدا من الدروس لأنهم راحلون إلى الهند . سألتها مايا :

لماذا الهند ؟
أطرقت أم التلميذة ميناتي دون أن ترد تقول شيئا , تذكرت مايا شيئا آخر عن تلميذتها ميناتي كانت تدرس في مدرسة بهيكارونيا وذات يوم أثناء درس الحساب سمعتها تتمتم " الحمد لله رب العالمين ... الرحمن الرحيم " ولما أبدت مايا دهشتها قالت الفتاة :
إننا نتلوا فقرات من القران في طابور الصباح
هل هذا صحيح ؟ إنهم يتلون القران في طابور الصباح ؟
نعم سورتين , ثم النشيد الوطني بعد ذلك
ماذا تفعلين أثناء تلاوة السور ؟
أتلو مثلهم وأغطي رأسي أيضا
أليس هناك صلاه للهندوس أو البوذيين أو المسيحيين ؟
لا

وجدت مايا هذا الشيء محيرا جدا و وبدا لهل أنه شيء لا أخلاقي أن واحدة من أشهر مدارس العاصمة لا تراعي وضع صلوات من مختلف الأديان لتلاوتها في طابور الصباح .

تذكرت مايا التلميذة الأخرى التي كانت تعلمها , اسمها سومية وكانت من أقارب بارول . ذات يوم قالت لمايا فجأة :
ديدي , لا أريد أن تعلميني أكثر من ذلك
ولم لا ؟
ابا يقول أنه سيجد لي مدرسة مسلمة .

بهذه الطريقة فقدت مايا تلميذتيها .. ولكنها لم تذكر ذلك لأي أحد في المنزل حتى لا تقلقهم بدون داع . سورنجان يأخذ نقودا من مصروف البيت , وإذا بدأت هي في عمل نفس الشيء فكيف ستتدبر أمرها .

كانت كيرونموي في المطبخ تعد الأرز و الدال المفروض أن تعد أيضا بعض الحساء وعصير الفاكهة سودهاموي ولكن من سيأتي لها بالفاكهة ؟ تعجبت كيف يمكن لابنها أن يرقد في الفراش طوال اليوم بينما هم بأمس الحاجة إليه , انزعجت مايا من أخوها لسبب آخر أيضا لقد توسلت إليه في السابع من ديسمبر أن يجد لهم ملجأ ولكنه لم يرفع إصبعا واحدا للمساعدة , إنهم لا يزالون يتعرضون لخطر كبير ولكن كل مايفعله أخوها غير النافع هو الكسل .

بدت محبطة و مكتئبة بسبب لامبالاة أخيها , ومع الفتور العام الذي يسيطر على أفراد أسرتها , بدأت مايا أيضا في التوقف عن التفكير في خطط يتجاوزون بها الأزمة . أصبحت سلبية تدريجيا وتعلمت أن تتقبل الأشياء كما هي , طالما أن سورنجان لم يكلف نفسه أن يقلق على صحتهم أو سلامتهم لماذا تفعل هي ؟ وفي النهاية هي لا تعرف أحدا يمكنهم الذهاب إليه . حتى في منزل بارول لم تشعر بالراحة , بارول كانت بدون شك صديقة مخلصة جدا ولم يكن أحد في بيتها يتساءل عن وجودها في منزلهم ولكن هذه المرة كانت نظرة عيون أهل بارول مختلفة , وبالرغم من أنهم كانوا يعرفونها جيدا بدا لأول مرة وكأنهم يستغربونها . كأن نظرتهم تقول لماذا أنت هنا ؟ وقالت بارول أيضا إن منزلها ليس آمنا بشكل كاف لبقاء مايا فيه لوقت طويل .

فكرت مايا : أي ظلم هذا أن يثار السؤال عن الأمان معها فقط وليس مع بارول مثلا ؟ هل يمكن أن يحدث و تضطر بارول أن تأتي للبحث عن ملجأ في منزل مايا ؟ كان بعض أقارب بارول في زيارة لهم عندما سألوا مايا :
ما اسمك ؟
مايا
ما اسمك كاملا ؟
في هذه اللحظة تدخلت بارول و قالت بسرعة أن اسم صديقتها هو زكية سلطان . فيما بعد شرحت لمايا سبب إصرارها على إخفاء اسم مايا :
إنهم مختلفون عنا شيء مثل رجال الدين الكبار . ولن يدهشني أن يذهبوا و يقولوا أننا نأوي الهندوس في منزلنا .

حاولت مايا أن تتفهم وجهة نظر صديقتها و لكنها ظلت تتألم . أي جريمة في أن يأووا الهندوس ؟ لماذا ينبغي على الهندوس أن يبحثوا عن مأوى أصلا ؟ لقد اجتازت مايا امتحاناتها بتفوق وحصلت على نجمة في امتحانات المرحلة المتوسطة بينما بالكاد نجحت بارول , وحتى الآن يبدو و كأن بارول هي التي تملك أوراق اللعب كلها .

بابا أطبق أصابعك , حاول أن ترفع يدك .
أطاع سودهاموي مثل طفل صغير مطيع و تشجعت مايا من عودة بض القوة إلى أصابعه و تمسكت بيديه
ألن يأكل دادا ؟
من يعرف لقد رأيته نائما

بدت أمها غير مبالية إطلاقا بسورنجان . هي أيضا لم تأكل لكنها أعت لمايا نصيبها من الطعام . كانت نايا المرهقة نعسانة وتطرق برأسها فجأة . أصوات الشعارات الغاضبة في الخارج تصل إلى الغرفة المظلمة القاتمة المغلقة الأبواب والنوافذ . " أيها الهندوس إذا أرتم أن تحيوا , ارحلوا عن هذا البلد سمع سودهاموي الشعارات أيضا وضغط بأصابعه على يد مايا علامة أخرى أنه استعاد بعض قوته .

تقلصت معدة سورنجان من شدة الجوع , قبل ذلك سواء جاع أم لا , كان هنالك طبقا من الأرز بانتظاره دوما على المائدة . واضح أن اهتمام أسرته به تضائل ولكنه قرر ألا يطلب منهم الطعام . خرج إلى الصالة , غسل وجهه في الحمام وتنشف ثم عاد إلى حجرته غير قميصه و غادر المنزل في الشارع لم يكن قد قرر بعد إلى أين يذهب , إلى حيدر ؟ ولكنه لن يكون في البيت في هذه الساعة , إلى بلال أو كمال ؟ ربما ولكن ماذا لو اعتقدا أنه جاء يبحث عن مأوى ؟ أو شفقة ؟ لا , لن يذهب إليهما , سوف يتجول في المدينة وحده . في النهاية المدينة ملكه في وقت ما لم يكن يستطيع تحمل الرحيل عن ميمسنج وفي الليلة التي باع أبوه فيها البيت دون أن يخبره . وعندما استيقظ في اليوم التالي لم يكن يدرك أن المكان الذي ولد فيه المعبق بالزهور و البركة الكريستالية الرائقة التي كان يسبح فيها , كل منزل آل دوتا لم تعد ملكه . عندما عرف أنه سيترك البيت خلال أسبوع ثار وانفجر غاضبا و خرج ولم يعد إلى المنزل لمدة يومين .

لم يفهم والده سبب عاطفيته الشديدة هذه . ولماذا أي شيء يجرح كبريائه ؟ أحيانا يشعر أن اللوم يقع على أفراد أسرته كلهم , وهو منهم . أحيانا يشعر أن بارفين كانت هي المخطئة فلقد جعلته يعتقد أنها تحبه .. كانت دائما تهرع إلى حجرته و تقول :/
هيا لنرحل بعيدا
إلى أين ؟
بعيدا إلى التلال
أين هي التلال؟
أين هي التلال ؟ يجب أن نذهب إلى سياهيت أو شيتا جونج لنجد تلالا
سنقوم بذلك و نبني بيتا هناك
وماذا نأكل ؟ العشب ؟
عندئذ كانت تضحك و تلقي بنفسها عليه قائلة :
هناك كلمات طائشة تقولها البنات عادة . في الواقع أنهن لا يمتن

سورنجان كان على حق . بارفين لم تمت . لقد تزوجت مثل طفلة مطيعة من الشخص الذي أتى به والداها . قبل يومين من زواجهما جاءت إليه لتخبره بأن اسرتها تريد منه اعتناق الإسلام ضحك سورنجان و قال :
أنت تعلمين جيدا أنني لا أؤمن بالأديان
لا , لابد أن تصبح مسلما
لا أريد أن أصبح مسلما
وهذا يعني أنك لا تريدني
بالطبع أريدك ,لكن لماذا ينبغي أن أصبح مسلما لأتزوجك !؟
تلون وجه بارفين الجميل بحمرة الغضب على الفور

كان يعرف سورنجان حجم الضغط الذي تمارسه عليها أسرتها لتتركه , وتساءل عن موقف أخيها حيدر . إنه صديقه ولكن لم يعلق أبد عن علاقتهما ./ صمته ضايق سورنجان جدا ولكن لم يكن هناك وسيلة يجبره فيها على إبداء رأيه . لم يعتنق سورنجان الإسلام وبالتالي نبذت بارفين حلمها بالعيش معه على التلال . هل يمكن نبذ الأحلام بهذه السهولة – مثل تماثيل البوجاس الصغيرة التي تلقى في الماء , هل هدف الأحلام فقط هو منح الناس إحساسا مؤقتا بالسعادة ؟ لقد تزوجت بارفين من رجل أعمال مسلم ولكن سرعان ما اصطدم الزواج بمشاكل قال له حيدر ذات يوم :
ربما تتطلق بارفين من زوجها
تتطلق ؟ بعد عامين من الزواج ؟ أراد سورنجان أن يقول هذا ولكنه تمالك نفسه , طرد بارفين من رأسه , ولكن أخبار طلاقها المحتمل أسعدته و أحيت ذكرياته معها

ألا يزال محتفظا باسم بارفين بعناية ورقة فائقتين , ملفوفا بأمان في قلبه ؟ ربما ! كم مضى منذ رآها آخر مرة ؟ شعر بالحنين و بذل جهدا حتى يحول أفكاره نحو راتنا

راتنا متيرا فتاة جميلة تناسب سورنجان جدا . إذن سوف تتطلق بارفين .. كيف يفترض أن يؤثر هذا فيه ؟ لقد تزوجت من شخص مسلم وافقت عليه أسرتها , كلهم توقعوا خيرا من هذا الزواج كأنه مضمون أن الزواج من نفس الدين و الطائفة لابد أن يدوم , لماذا تعود إذا ؟ ألم يصحبها زوجها إلى التلال ؟ ألم يحقق أحلامها ؟ وأين مكانه هو في كل ذلك ؟ ‘نه مجرد شاب هندوسي لا يفعل شيئا سوى التجول في الشوارع .

استقل عربة ريكشا من تقاطع تيكاتولي لم تغادر غقله بارفين , من داخل قلبه كان يطا وجهها متقافزا و يستولي على اهتمامه . وهي معه كانت تقبله ويحتضنها بقوة ويقول له :
أنت عصفور صغير
فتضحك بارفين وتقول :
وأنت قرد
هل هو قرد فعلا ؟ بالطبع هو قرد وإلا لماذا ركدت حياته هكذا ؟ مضت خمس سنوات , مثل عناقيد الماء الأصفر التي تتكاثر في الأحواض الآسنة , ولكن هل استفاد شيئا من الوقت و الحياة ؟ على الإطلاق ! لم تقل واحدة غير بارفين " أحبك " اليوم الذي قالت له بارفين ذلك سألها:
هل راهنت شخصا ما على أنك تستطيعين أن تقولي لي هذه الكلمات ؟
لا على الإطلاق
هل تعنين ما قلته ؟
أنا أعني ما أقوله دائما

نفس هذه الفتاة التي حدثته بثقة انهارت في اللحظة التي فتحت فيها أسرتها موضوع الزواج . كل أحلامها تبخرت , فرديتها و الأشياء التي أرادت تحقيقها , كل شيء ذهب . فكر أيضا أن بارفين لم تعترض على زواجها أبدا ولم تقل : " أريد أن أتزوج هذا القرد الذي يعيش في ذلك المنزل " بيته كان على بعد خطوتين من بيتها , ذهبت كيرونموي ومايا إلى حفل الزفاف ولكنه لم يذهب .

قال لسائق الريكشا أن يذهب إلى شاميلباج كان ضوء الغسق يغمر المدينة وشعر بالجوع الشديد . كان في الماضي يعاني من عسر الهضم ولكن الآن يعاني من الصفراء أيضا . وصف له أبوه مضادات للحموضة ولكنه يكره الأدوية التي تبيض لون شفتيه . وبالإضافة إلى ذلك فقد نسي الأقراص في البيت قرر الذهاب إلى عند بولوك ليأكل شيئا . سيكون في بيته بالتأكيد على اعتبار ألم يغادر منزله منذ خمسة أيام .
أول شيء قاله له عندما فتح له بولوك :
أرجوك أحضر لي شيئا لآكله , لا أعتقد أنهم طبخوا أي شيء في منزلنا
لماذا ؟

الدكتور سودهاموي دوتا يعاني من أزمة صحية , وزوجته و ابنته مشغولتان في تمريضه . سودهاموي دوتا ابن الثري سو كومار دوتا عاجز اليوم عن دفع تكاليف علاجه

الحقيقة أنه يجب عليك أن تفعل شيئا مفيدا أن تحصل لنفسك على عمل
أوه , لقد حاولت ! ولكنك لا تستطيع الحصول على عمل في بلد مسلم . بالإضافم من يرغب في العمل عند هؤلاء الجهلة ؟
صدم بولوك و قال :
هل تشتم المسلمين يا سورنجان !
لا داعي للرعب أنا أشتمهم حقا , ولكن أمامك أنت فقط , هل تعتقد أنه من الممكن أن تشتمهم في وجوههم ؟ سيفصلون رأسي عن جسدي
قدمت له نيلا في الحال بعض الأرز و الخضروات بالكاري
سورنجان-دا- , ألم تأكل شيئا طوال اليوم ؟
ابتسم سورنجان بضعف وقال :
من يهتم بأمر أكلي ؟
لا بد أن تتزوج
لبتلع سورنجان طعامه و قال :
أتزوج ! من ترضى بالزواج مني ؟ !
ليس من العدل أن تتوقف عن التفكير بالزواج لمجرد أن هذه البنت بارفين
ليس هذا هو السبب لقد كنت أجهل أنني قد أضطر إلى الزواج
لم يكن سورنجان يستمتع بالطعام كما لو أنه فقد حاسة الذوق أو يأكل لمجرد إسكات جوعه . سال بولوك وهو يأكل :
هل يمكن أن تقرضني بعض المال ؟
كم تريد ؟
القدر الذي تستطيع التخلي عنه , لا أحد
في البيت يخبرني عن الوضع المالي , ولكنني أعتقد أن كيس أمي خاوي
حسنا , سوف أعطيك ما تريد . ولكن هل لا زلت تتابع آخر تطورات الموقف في البلد ؟
أعرف ما تريد أن تخبرني به .. أنهم دمروا معابد كثيرة ونهبوا و أحرقوا بيوت الهندوس و قتلوا و ضربوا رجالهم و اغتصبوا مسائهم , إذا كان هناك أي شيء جديد أخبرني به
هل كل هذا طبيعي بالنسبة لك ؟
ولكن بالطبع إنه طبيعي ماذا تتوقع غير ذلك في هذا البلد ؟ أنت تجلس عاري الظهر ولا تستطيع الحراك عندما يضربونك عليه !
جلي بولوك في مواجهة سورنجان صامتا لبرهة ثم بدأ يعدد عشرات الأماكن التي و المواقع المختلفة التي تعرضت للنهب والحرق والاعتداء , ؛تى أن سورنجان قاطعه قائلا :
هل هذا صحيح ؟
كل هذه الأشياء حدثت يا سورنجان لا أعلم حقا كيف سننجو في هذا البلد . في شيتا جونج الجماعات والحزب الوطني البنغالي انضموا معا في تدمير المنازل و المعابد . لقد أخذوا الآنية والملابس من أكبر عدد من بيوت الهندوس وأخرجوا الأسماك من أحواضهم منذ أيام و الهندوس لا يجدون ما يأكلونه .. ألن تعترض على شيء من هذا ؟
هل تعلم ماذا سيحد
ث لو اعترضنا ؟ تذكر قصيدة د.ل.رول التي تقول :" إذن أنا رفستك , ولكن كيف يمكن أن تكون وقحا وتتألم بسبب هذا ؟"
عاد سورنجان إلى الوراء بظهره وأغلق عينيه بينما واصل بولوك الكلام :
لقد دمروا أكثر من ألف منزل في بهولا . هذا الصباح تم رفع حظر التجول لمدة اثنتي عشر ساعة . و خلال هذه الساعات القليلة اعتدى رجال مسلحون بالعصي و القضبان الحديدية على دار عبادة لاكشمينارا للمرة الثالثة . واكتفى رجال الشرطة بالوقوف و التفرج وهم سعداء أكثء منهم منزعجين . في بورها نودين هوجم أكثؤ من ألف و خمسمائة شخص ودمر ألفا منزل على الأقل . في تاجمودين دمر ألفان ومائتا منزل تماما و ألفا منزل جزئيا . وفي بهولا دمر مائتين وستين معبدا

ضحك سورنجان و قال :
أنت تعطينا وصفا تفصيليا مثل الصحف . هل تشعر بالأسف على حدوث هذه الأشياء ؟
حملق بولوك في سورنجان بتعجب و قال :
ألا تشعر أنت بالأسف ؟
ضحك سورنجان مرة أخرى و قال :
لا , لا أشعر بأسف على الإطلاق

بدت الحيرة على وجه بولوك وهو يقول:
في الحقيقة لدي عدد من الأقارب هناك ولا يمكنني إلا أن أشعر بالقلق تجاههم

المسلمون فعلوا فعلتهم ولكن لن يحدث أن يسعى الهندوس إلى الثأر, أخشى أنني لا أستطيع التعاطف معك يا بولوك . أنا آسف حقا.

نظر بولوك باستغراب إلى سورنجان . ثم غادر الحجرة و عاد بألفي تاكا أعطاها له , عندئذ سأله سورنجان :

كيف حال ألوك؟ هل ضمه أصحابه إلى فريقهم
لا إنه وحيد طوال اليوم وليس هناك ما يفعله سوى مراقبة أصحابه بينما هو يعاني وحده في الحجرة .

هل تعلم يا بولوك هؤلاء الذين نعتقد أنهم غير طائفيين أو أنهم أهلنا و أصدقاؤنا هم طائفيون للغاية في أعماقهم .. إننا نختلط ونندمج كثيرا مع المسلمين في هذل البلد , ولا نتردد في أن نقول السلام عليكم " أو قول كلمة " باني " بدلا من " جال " و " جوسول " بدلا من " سنان " إننا نحترم ممارساتهم الدينية ونتجنب شرب الشاي أو التدخين علنا خلال شهر رمضان . بل إننا لا نذهب إلى مطاعمهم في هذا الشهر رغم أنها مفتوحة . ولكن ما مدى قربهم منا في الواقع ؟ ولمن نقدم هذه التضحيات ؟ ما عدد الإجازات التي نحصل عليها في البوجاس ؟ ومع هذا مطلوب من الهندوس أن يعملوا ساعات أطول في المستشفيات بينما هم يتمتعون بإجازتي عيد طويلتين . لقد مرر التعديل الثامن و أطلق حزب " رابطة عوامي " احتجاجه الصاخب ولكن هذا كل شيء . حسنة نفسها غطت رأسها كما تفعل النساء بعد العودة من الحج . إنهم متشابهون جميعا يا بولوك وليس أمامنا سوى الانتحار أو الهجرة

تحرك سورنجان نحو الباب . لقد طلبت منه أمه مؤخرا الذهاب لزيارة رئيس الدين الذي باعوا له منزلهم في ميمنسنج بمبلغ بخس , ربما يساعدهم على تجاوز أزمتهم المالية الحالية . ولكن ه رفض أن يطلب المساعدة من رئيس الدين .. كان يكره الاقتراض في كل الأحوال ولكن الأزمة حادة ولا بد من دفع نقود للبقال و أشياء أخرى . بدلا من الذهاب إلى رئيس الدين اقترض من بولوك . ربما لأنه ساعده من قبل , أو ربما , مرة أخرى , لأنه هندوسي مثله , فإن بولوك يمكن أن يفهم أكثر من غيره متاعب الأقلية . في الحقيقة , خلال اليومين الماضيين توصل سورنجان إلى قرار بعدم طلب المساعدة من أي مسلم .

ودع بولوك أسرته و اتجه إلى المنزل . وهو يمشي فكر في الطريقة التي يعاملونه بها في البيت . لا أحد يريد أن يحمله مسئولية أي شيء . ربما لأنهم يعتقدون أنه وطني لا يهتم سوى بمصلحة الوطن العامة و ليس لديه الوقت لأي شيء آخر . سوف يعطي أمه المال اليوم. أدهشته الطريقة التي تحافظ والدته فيها على تماسك الأسرة . لم تشكُ أبدا من أي شخص ولا حتى ابنها عديم النفع , شعر فجأة أن حياته لا تستحق أن يحياها . هاهو والده معلق بين الموت والحياة , يحتاج إلى شخص بجواره دائما . مافائدة حياة مثل هذه ؟ ولماذا ينبغي أن يعيش ؟ فكر للحظة في شراء بعض أمبولات البيثيدرين وقتل نفسه , وللحظة استطاع أن يتخيل موته بوضوح . سوف يرقد في فراشه ميتا , ولكن أسرته لن تعلم بموته . سيعتقدون أنه متعب ويستريح ولا يجب أن يزعجوه . سوف تأتي مايا و تقول :

يا دادا انهض .. يجب أن تفعل شيئا من أجل بابا

ولكن دادا لن يرد . استغرق في مثل هذا الأفكار أثناء مشيه , ولاحظ مسيرة تمر بجوار ناصية بيجوي ناجار . إتها مسيرة الوئام الطائفي . كانوا يرددون شعارات تؤكد على الإخاء بين الهندوس و المسلمين . لم يستطع أن يمنع نفسه من ابتسامة ساخرة , قبل أن يعود إلى البيت , مر على منزل جوتام . كان أحسن حالا ولكنه لايزال يرتعب من أقل ضوضاء .

الغريب أن شخصا مثل حوتام شغل كل وقته بمهنته كطبيب , دون أن يهتم بالساسة , والأكثر من هذا ليس له أعداء في المنطقة , يتعرض للضرب هكذا بدون رحمة لمجرد أن مسجد بابري هدم في الهند ! جلست أم جوتام بالقرب منهما وهمست في أذن سورنجان بحرص :
سوف نرحل
ترحلون ؟
نعم , نعد الترتيبات لبيع البيت

لم يرغب في معرفة مكان رحيلهم . إذا جلس أكثر من ذلك سيضطر إلى سماع الحقيقة المرعبة بأنهم سيرحلون عن البلد كله . ولذلك دفع كرسيه للوراء و نهض بسرعة ليرحل . ولكن أم جوتام أوقفته و قالت بصوت تخنقه الدموع :

لا يا بني لا تذهب الآن , الله أعلم إذا كنا سنلتقي مرة أخرى قبل رحيلنا أم لا . ابق معنا بعض الوقت ..

أنا آسف يا ما شيما ولكن لدي بعض العمل في ا لبيت . سآتي لأراكم مرة أخرى

لم يستدر ليرى جوتام و أمه . بعينين منخفضتين خرج من البيت دون أن ينجح في إخفاء تنهيدة يأس


02-16-2006, 10:06 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
رواية العار أو لاجا لتسليمة نصرين ( كاملة ) - بواسطة eyad 65 - 02-16-2006, 10:06 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  قصة الحضارة - ول وايرل ديورانت . ( لأول مرة - كاملة ، منسقة ، مفهرسة - 42 جزء -) ali alik 2 2,103 06-22-2012, 05:33 PM
آخر رد: نبع الحياة
  خماسية نور العادلين - هنري ترويا - الأجزاء الخمسة كاملة . ali alik 0 1,403 01-26-2012, 09:38 AM
آخر رد: ali alik
  الكوميديا الألهية - دانتي - ترجمة كاملة 1050 صفحة و ومجلد كتب منوعة جديدة ali alik 3 4,838 07-14-2011, 08:08 PM
آخر رد: الحوت الأبيض
  رواية عالم صوفي/ عرض للدكتور محمد الرميحي بسام الخوري 1 2,574 06-15-2011, 08:50 AM
آخر رد: بسام الخوري
  ايه العقل من رآك (عبدالله القصيمي) نسخة كاملة هدية لفرسان التنوير الوهيم 5 3,956 04-15-2011, 12:53 AM
آخر رد: قارع الأجراس

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS