تحياتي العميقة لهذا الحوار .. لانه اقل ما يقال فيه انه حوار..
وليس تجنشات و اتهامات ومشادات الخ.. إني و إن كنت أنأى في هذا التعليق عن ادخال وثيقة النادي و قوانين النادي و ما شابه و التي لم أطلع عليها ابدا و لم التزم بها يوما.. "و لكن ما في نفسي و ما اريد ان اكتبه هنا لم يخل بها حسب تجربتي المتواضعة و التي لم يتخللها يوما تعديلا من المشرفين اولياء تطبيق هذه الوثيقة..."
أريد ان اعلق تعليقا هنا قد يقترب من تعليق المعري العزيز..

إن اعادة نشر او تفسير ما يجري من اساءات لا يعبر ابدا عن رغبة في الاساءة... ولنا في تجربة الصحافة الاردنية مثلا على هذا .. فصحيفة شيحان الاردنية التي تعرف بميلوها الدينية " او على الاقل بمناهضتها للفكر الليبرالي او العلماني الذي يعتبر قطعا نادرا في وسائل الاعلام الاردنية رغم ادعاءاتها بحرية التعبير" لم تعيد نشر الرسوم لنفس الغاية او السبب الذي نشرته الصحيفة الدانماركية الأصل .. ان جهاد المومني رئيس تحرير شيحان ليس عضوا في الحزب الشيوعي الاردني و لا يمثل اي اتجاه ليبرالي بل على العكس كان نشره للرسوم المسيئة بغية نقضها و مهاجمتها و اطلاع جميع الموتورين عليها ليزيد من حدة توترهم ... و قد عاقبته السلطة الاردنية بغض النظر على نياته...
و كذلك حين قامت صحف اوربية باعادة نشر الرسوم كان لاغلبها موقف تفسيري لا بد منه، اساسي و ضروري، يقوم به الاعلام في تغطية اي خبر سياسي او حدث ساخن و خصوصا حين يمس وسائل الاعلام بحد ذاتها.. سوى ما كان منها رغبة من الناشر في تكرار الاساءة او النية القصدية في التحقير...

ان اعادة نشر صور التعذيب في العراق و المجازر هناك لا يدل ابدا على اننا نوافق عليها و على الاغلب هي المواقع المناهضة للاحتلال و المتطرفة في مايسمونه "الارهاب" من أعاد نشر الصور لتعبئة الراي العام ضدها..فاستخدامها هنا لا يمثل ابدا رغبة مصوريها او حتى ناشريها في الاساس، بل هي هنا نية معاكسة تماما..

ان ما نراه على شاشات الفضائيات اليوم من افلام مليئة بالعنف و الدم و الحرائق و القتلى يثير فيّ العجب منذ ازمان .. فانا و كانسان عادي عاش في مناطق متوترة تاريخيا و مليئة بالحروب و المجازر اعترف انني لم اشاهد ابدا هذا الكم من الجثث و الدماء و الحرائق كما نراه يوميا على شاشاتنا التي تدخل منزلنا بكل وقاحة الزائر الغريب... رغم اني عشت اكثر من حرب و اجتياح و كنت قريبا لأكثر من مجزرة..

كم منا من رأى اناسا يقتلون بطلقات رصاص في الشوارع و كم شخص عادي رأى من الحرائق و الانفجارات التي لا يخلو منها فيلم هوليودي مهما بلغت سماحته و رقته؟؟؟

كم منا رأى هذا الكم من الجثث و الدماء التي نراها كل يوم على شاشاتنا؟؟؟

لا انكر وجود القتل و الدمار و الحرائق و التي كانت تفجيرات 11 ايلول و تقطارات مدريد من افظعها و هي برغم ذلك لا تعادل الفظائع التي نراها في ابسط فيلم يمر على شاشاتنا يوميا...

كلا لم اخرج عن الموضوع الاصلي هنا إنما :

المغزى هنا يقول: ان اعادة نشر رسوم تؤذي مشاعر اتباع دين او فكرة او نظرية ما لا تعادل ابدا ما ينشر يوميا من وسائل الاعلام السمعية البصرية باسم الفن من فظائع تمس الجنس البشري قاطبة دون ان يحرك لها ساكنا احد...

طبعا المسؤولية تقع وراء الهدف من نشر هذه الاساءات .. اي النية.. فالنيّة العنصرية و التحقيرية هي ما يحاسب عليه و ليس الرسم بحد ذاته كاريكاتورا كان ام فيلما ام مقالا...
فاذا كتبت مقالا مثلا اهاجم فيه سلمان رشدي لا بد لي حتما ان اعيد نشر ما تفوه به من فظاعات كي اقدر ان اقوم بضحضها و الرد عليها ... تماما كما يحدث مع المجرم حين يعيد تمثيل جريمته .. فهذه الاعادة ليست حبا و تعميما للجريمة انما وسيلة اساسية لتقييم هذه الجريمة...

ان كل ما اود ان اقوله ان العمل الفني او الاثر العلامي لا يقيم ابدا سوى بنية منتجه .. وعليه اقول ان ما يؤذيني في الرسوم الساخرة من الاديان هو الهدف من وراءها فهناك الكثير منها ما يسعى لتوضيح وجهة نظر معينة تستحق النقاش او نقدا لحالة معينة مرتبطة بهذا المبدأ او الدين... وفيها من وجهة النظر او الطرافة او حتى المعلومة الكثير الكثير الذي يغني المعرفة و يفسر الفكرة و يميط اللثام عما تشوه عبر التحريم و المنع و مصادرة الفكر في شأن هذه العقيدة او المسلمة..

الاساءة المقصودة تكون واضحة و معلنة و ليس العمل الذي يمثل هذه الاساءة سوى دليل مادي لا يمكن ابدا استخدامه في غير محله او اعتباره مجردا جريمة في حد ذاته ...
في القضاء "الذي يجب ان يكون هو الوحيد الحكم الفصل في كل نوع من انواع الأساءات موضع البحث" تعتبر النية الجرمية اساسا للمقاضاة فاذا انتفت لا يمكن ابدا تجريم صاحب الاساءة سوى بما يسمى الخطأ غير المقصود او الاهمال و هو في هذه الحالة لا يستحق عقوبة تماثل العقوبة الاصلية بل اقل منها بكثير و بعض الحالات تعتبر محلّة حتى من العقاب كما في البله او السكر الشديد او الظروف الاستثنائية المخلة بالارادة...
و ليس عبثا وجود القاعدة الفقهية القادمة من الشريعة الاسلامية التي تقول :
انما الأعمال بالنيّات

اما فيما يحدث هنا على صفحات النادي في شأن رسم كاريكاتيرات مضادة او استفزازية "أعف عنها شخصيا" لا يعدو شيئا أمام السباب و الشتائم و العنصريات الموجهة للاديان و للاشخاص في اطار ما يسمى حوار الاديان او الفكر الحر.. و خصوصا اذا كانت هذه الدعوات فعلا في اطار امتحان حرية الرأي و التعبير.. على ما قامت به الصحيفة الايرانية او ما صرحت به بعض وسائل الاعلام الغربية التي رفضت الاساءة او النية العنصرية ورفضت في نفس الوقت الحد من حرية التعبير امام طواطم و تابوهات سفح الكثير من الدم و العرق في سبيل تجاوزها.

وعليه ان ما رسمته العربية السعيدة و ان كان يفتقر في رأي الى الحس الفني:D فهو في رأي ايضا يخلو تماما من نية الاساءة بل و يعبر عن وجهة نظر أنثوية طالما حاربت بها و ناطحت و دافعت في كل الاتجاهات عربيتنا السعيدة الغالية..

دمتم جميعا جنودأ في سبيل حرية الرأي و التعبير و الحوار المفتوح الى أقصى الآفاق..

تحية عميقة من القلب الى غرامشي الغالي و الى طارق المحاور الفذ و جميع المشتركين في هذا الحوار
:wr: