اقتباس:  beammer   كتب/كتبت  
و من المعلوم أن أهل الكتاب يؤمنون بالله و اليوم الآخر !!!!!!

إذن الآية تحث على قتال المنافقين منهم ، الذين يزعمون أنهم من أهل الكتاب و لا يؤمنون بالله و اليوم الآخر.

أظنك ذهبت بعيدا بعض الشيء في تفسيرك للآية .

ما قاله الله وما يمثله بالنسبة للمؤمنيين ليس مثل ما قاله داروين مثلا وما يمثله بالنسبة للعلمانيين ، وإلا فهل قال علماني ذات مرة أن دارون هو خالق الكون وواهب الحياة وأن كلماته هي مطلق الحق ؟؟ المؤمنون يقول ذلك عن الله وعن كلامه .

وفى الواقع نحن حين نتحدث عن أشياء مثل "احترام المقدسات" فإننا نتحدث أساساً عن احترام بشر آخرين فى نظرتهم لشيء ما يعتبرونه مقدسا بأكثر مما نتحدث عن الشيء "المقدس" نفسه ، فأنا مثلاً لا يعني لي الصليب (ولا الهلال ولا أي رمز ديني آخر) شيئا ، ولكن رغم ذلك لا أستطيع أبدا أن أتجاهل أنه يعني الكثير بالنسبة لآخرين ، وهؤلاء الآخرون يستحقون أن أحترمهم ، وكذلك العَلم الوطني لجمهورية الهند مثلا ، تستحق الأمة الهندية أن أحترم مشاعرها تجاه ما تعتبره رمزا لها .

وبالطبع لا يعني الاحترام المقصود هنا بأي حال التسليمَ بقداسة "المقدس" أو تنزيهه عن النقد ، أبدا لكن هناك فارقا يجب ـ في رأيي ـ أن يبقى واضحا بين النقد والإهانة وبين الرأي والاستهزاء والسخرية ، وليس من "الشطارة" فى شيء أن أتلذذ بتجريح مشاعر الناس على سبيل التسلية أو غير التسلية .

وإن قيل أن أصحاب المقدس لا يبدون مثل هذا الاحترام تجاه غيرهم ففي رأيي هذا لا يصلح مبررا أن نعاملهم بالمثل ، أن ننزل إلى الوحل الذي انغرست اقدامهم فيه ، وخصوصا أن جماعتنا العلمانين ـ ملحدين وغير ملحدين ـ لا يكفون عن التعالي وادعاء العقلانية والاستنارة في مواجهة "الظلاميين" و "أتباع الخرافات" وما إلى ذلك من توصيفات مستهلكة ، فما بالهم يسقطون فيما يأخذونه على "خصومهم" ونكون جميعا "في الهوا سوا " : أوساخ ومتخلفون وغرائزيون .

الحق أننا جميعا ـ مؤمنين وملحدين ـ قد بنينا لأنفسنا موقفا من الله ومن الدين على أساس أوهى من خيوط العنكبوت (لا إعجاز علميا هنا) ، وما زلت لم أفهم ما قاله ذات مرة قطب صوفي كبير : "نحن في شك أقرب لليقين ويقين أقرب للشك" ، تماما كما ما زلت لم أفهم ما قاله كارل ماركس مع أنفاسه الأخيرة قبل موته : "ليس لدي ذرة خوف واحدة" ، فعن أي خوف يتحدث هذا العقل الجبار وما معنى حديثه عن الخوف وهو يموت ؟؟

وطالما أننا جميعا عابرون فلا اقل أن نحاول أن نستمتع بعبورنا القصير هذا بعيدا عن التجريح والإساءات ، والعلمانيون أولى من غيرهم بممارسة التعالي والرقي بالذات ، وعلى الأقل ليس لهم إله يُخشى غضبه ولا تنتظرهم جهنماً يُرتعب من نيرانها ، هم ـ بمعنى ما ـ الطرف الأقوى ، أقوى لدرجة تسمح لهم بإبداء قدر أكبر من الاحترام لحساسيات ومشاعر غيرهم .