اقتباس:نعود لهذين الحبيبين
ولماذا الأسباب كثيرة تلك التي منعت لقائهما........ أو بالأصح التقائهما للأبد أو حتى لأبد حتى إشعار آخر
فأنا لم أعد أؤمن بالأبد
لن أتطرق لموضوع الأبد وإلا سأحتاج مئة صفحة قد لاتسعد طارق بن القداح
لكن هذين الحبيبين قد منعت لقائهما أمور حصلت سنة 570 للميلاد
أو ربما قبل ذلك............ ربما 0 للميلاد
لكنها بدأت عندما قرر البشر أن يؤلفوا الأديان  
وأي أديان...........  
قد اخترعوا وابتكروا المئات بل ربما أكثر....... ثم قرروا أنها كثيرة فأعادوا النظر (بعد اجتماعات طويلة مع الرب الإله احتاجت آلاف السنين) وأنقصوها لتصبح عشرات وثلاث منها سماوية لاتعترف إحداها باثنتيها ولا أخرى بإحداها
ثم وقف في طريقهم المكان........ فلا مكان اللقاء كان مناسبا ولانغيره كان مناسبا
ثم الزمان........ فلا عرفوا متى يمكن أن يكون اللقاء ولا إن كان سيكون
أصلا......... لقائهم أو بالأصح تعارفهم كان في الزمان الغير مناسب
فبذلك أنقصوا فرصة الحب واحد
فجربوا المستحيل ....... لكي يتحايلوا على الزمن وأن يجعلوا الأمر يبدو كقدر مقدر عليهم
لكن هذا لم يفلح أيضا....... ففي يوم من الأيام وهكذا دون سابق إنذار اختفى أحد الطرفين من المكان ولعبت الظروف كلها ضد أن يعاود ظهوره
أو ربما هو (أحد الطرفين) لم يرد هذا
ثم مضت الأيام واستمرت الحياة وفات الأوان
عندما مجددا التقى العاشقين (مثل أغنية ماجدة الرومي -من زمان- وأغنية فيروز -كيفك أنت ملا أنت-)
وعاد الحب أكثر التهابا بينهما لكن الوقت كان قد فات من ناحية كليهما
فاستسلموا للواقع الذي حدث ووقع

هذا حدث لي يا دينا ... قبل 17 عاماً بالضبط ... مع "فتاة سورية" التقيتها في أوروبا في السنوات الأولى لقدومي إلى بلاد الغرب.

ما زلت أذكر لحظة الوداع على باب القطار حتى اليوم ...
ابتعد القطار رويداً رويداً بابتسامتها ودفء يديها وصوتها الذي كان يدخل الصباح إلى قلبي شهوراً طويلة.

أحسست بأن عجلات القطار الباردة الجافة تسحق روحي تحتها، ووجدتني أركض حتى نهاية الرصيف والدمع يغسل وجهي وتعاسة حقيرة تجلبب كياني ولا تترك مني إلا بضعة أصوات مبحوحة ومشروع أمل مفقود.

يومها لعنت السماء وتوسلتها ألف مرة في دقيقة واحدة، فلم تتحرك السماء للعناتي ولا أبهت لتوسلاتي، ولم يبق أمامي سوى أن ألوذ بركن معتم في "مقهى المحطة"، علني أجد في دموعي وكأس البيرة وعلبة السجائر وكلمات أكتبها وتكتبني، بعض ما يخفف عني ويؤنس وحدتي ويعيد إلي تماسكي.

إيه يا دينا ... هيّجت بي ذكريات قديمة خلت نفسي قد دفنتها منذ دهر سحيق. فسلام على صاحبتها في حلها وترحالها، صحوها وإمطارها، صيفها وشتائها. وسلام على ذلك المكان وذلك الزمان الذي جمعنا وشدنا بعضاً إلى بعض مدة ليست بالقصيرة.

صحيح، أتذكر الآن بأنني كنت قد "نظمت قصيدة" (زجلية) يومها وأودعتها أحد قراطيسي. سوف أبحث عنها، ولو وجدتها فلسوف أنشرها في النادي وأهديها لكل من مر بهذه التجربة القاسية - رغم لذتها-.

آسف لو "حشرت" نفسي وذكرياتي في "مجلتك"، ولكن أمري أمر "متمم بن نويرة" حينما قال:
فقال أتبكي كل قبر رأيته
لقبر ثوى بين اللوى والدكادكِ
فقلت له إن الشجا يبعث الشجا
فدعني فهذا كله "قبر مالكِ"

(f)

واسلمي لي
العلماني