{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 2 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مستقبل الدين في عالم ليبرالي .
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #10
مستقبل الدين في عالم ليبرالي .

اقتباس:"أن الله هو عالم الهندسة الخالد و لكن علماء الهندسة لا يعرفون الحب " . فولتير .
" إن العقل أنبل و أكمل و أبدع حاسة يملكها الإنسان ". مونتسكيو
" لست أخمن بوجود قواعد للسلوك و لكني أجد هذه القواعد منحوتة في أعماق قلبي وقد سطرنها الطبيعة بحروف لا تمحى " جان جاك روسو – إميل .
سوف استكمل في هذه المداخلة توجيه بؤرة الضوء على الصراع بين الليبرالية ممثلة في رموزها الكبار و الأفكار المسيحية في القرن 18 ، هذا الصراع الذي أزاح الدين المسيحي من مكان الصدارة في المجتمع إلى دور وظيفي مقيد لا يتخطاه . لن يمكنني بالطبع طرح هذه القضية المحورية بتفصيل كبير و لهذا سوف أقتصر على كل ما هو ضروري فقط لإيضاح الفكرة داعيا زملائي إلى مزيد من القراءة في الفكر الغربي المجيد الذي صنع لنا الحضارة . سوف أقتصر على استعراض العقائد و الآراء الدينية لمجموعة من رموز الفكر الليبرالي في القرن 18 متجاوزا عن أسماء أخرى هامة لا تقل تأثيرا و لكنها أقل شهرة بين العرب ، كما أن الأفكار التي نادت بها متضمنة بشكل عام في أفكار غيرها من النماذج التي نعرضها. أيضا لن أتعرض لموقف المتشككين و الملاحدة غير الليبراليين فهذه المعالجة ستكون خارج مدى الموضوع الذي نناقشه .
اتخذت كل رموز الفكر الليبرالي في القرن 18 تقريبا موقفا معاديا للأفكار الدينية التقليدية ، مع وجود اختلافات ملحوظة في البلاد البروتستانتية حيث شاع المذهب التأليهي و ليس الإلحاد نتيجة انتشار روح التسامح الديني ، و بين المجتمعات الكاثوليكية كفرنسا حيث شاعت المذاهب الإلحادية كرد فعل على تعسف الكنيسة و الإقطاع . و لعل من أهم المفكرين الليبراليين في أوروبا خلال القرن 18 الذين وجهوا نقدا عميقا للفكر الديني كل من دافيد هيوم و إيمانويل كانط و هولباخ و توماس بين و فولتير و مونتسكيو و روسو وبنيامين فرانكلين و آخرون .
1. دافيد هيوم (1711- 1776 ) : لم يكن الفيلسوف الاسكتلندي التجريبي هيوم ملحدا و لكنه ساهم بفلسفته المتشككة في تمهيد الطريق للإلحاد . وقد تأثر هيوم بكل من جون لوك و باركلي في تأكيد أن المدركات الحسية هي أساس المعرفة ، و أدت فلسفة هيوم إلى التشكيك في صحة المسيحية و المعجزات التي قام بها المسيح مؤكدا أنه لا يوجد أي دليل تاريخي على صحة تلك المعجزات ، و من نتائج فلسفة هيوم التي ترى أن السببية هي محض اختراع القضاء على كل دليل ينهض على وجود الله ،فوفقا لفلسفة هيوم التجريبية ، لا ينهض وجود الكون دليلا على وجود صانعه إلا إذا رأينا الصانع و الصناعة كلاهما ، وهو يقول :" إننا لا نعلم عن العلة شيئا سوى أنها الحادثة السابقة التي نشاهدها قبل حدوث معلولها " ، ومن الواضح أن هذه النظرية التشكيكية لا تنسف الدين وحده بل تحيل النظريات العلمية من سببية حتمية إلى احتمالية ترجيحية . و ينكر هيوم دور العقل في تصرفات الإنسان التي يعزوها للعاطفة فقط ، فهو يرى في سلوك الإنسان عملا آليا محضا بهدف إجتناء اللذة و تجنب الألم ، و تساهم نظرية هيوم الأخلاقية في نسف فكرة الأخلاق الدينية القائمة على الاختيار و ليس الجبر .
2. إيمانويل كانط ( 1724- 1804 ) : طغت شهرة كانط كأحد أهم فلاسفة العالم على مواقفه الليبرالية ، لذا من النادر أن يذكره أحد في أعلام الليبرالية . أظهر كانط تعاطفا كبيرا مع حرب الاستقلال الأمريكية و مع الثورة الفرنسية ، ومن العجيب أن كانط الذي أراد أن يدافع عن الدين و وجود الله كان أخطر هادم لهما بسبب فلسفته بالغة الشهرة المنادية بعجز كل من المدركات الحسية و العقل عن فهم العالم الخارجي ، ونحن لا نعرف عن وجود المادة غير ظاهرها ووظيفة ما أسماه كانط الديالكتيك الترانسندنتالي transcendental dialectic،و أن الزمن و المكان و السببية ليس لها وجود خارجي مستقل عنا . وهو يرى في النهاية أنه. لو حاولنا فهم كانط من الله و الدين : " لو حاول اللاهوت أن يبرهن بالعقل النظري أن الروح خالدة لا يجوز عليها الفساد ،و أن الإرادة حرة من قيود السببية و الضرورة فسيجدها كلها صورا عقلية ووسائل يتبعها العقل في تبويب و تنظيم التجربة الحسية ، فهي إذا لا تكون صحيحة إلا إذا طبقناها على الظواهر الحسية التي تأتي بها التجربة . أما إذا طبقناها على المدركات العقلية فهناك الخطأ و التناقض ، وعلى ذلك لا يمكن أن يستدل على الدين بالعقل النظري "
3. بول هولباخ (1723-1789) : وهو فيلسوف مادي من أصل ألماني ارتبط بصلة وثيقة بدوائر الموسوعيين الفرنسيين ، هاجم هولباخ المسيحية بمنتهى الضراوة و اعتبرها أصل كل بلاء ، وعلى عكس التأليهيين آمن هولباخ بالمادية الخالصة و أنكر وجود الله ، وهو يرى أن الدين كان دائما نظاما سلوكيا اخترعه الخيال و الجهل من أجل تهدئة تلك القوى المجهولة التي يعتقد أنها تتحكم في الطبيعة ، فالدين في الأصل يرجع دوما إلى وجود إله غاضب من الممكن تهدئة غضبه بالعبادات ،وكل المنظومة الدينية تقوم على دعائم من تلك الفكرة الصبيانية المضحكة . و قد أثر هولباخ و نظرائه من الفلاسفة الماديين في القرن 18 على الماركسية التي حملت الكثير من خصائص الفكر المادي الفرنسي رغم أن الماديين في القرن 18 جنحوا إلى التفكير الميتافيزيقي و ليس إلى التفكير التاريخي الديالكتيكي كما فعل كارل ماركس و تلاميذه .
4. توماس بين ( 1737-1803 ) :جمع المفكر الإنجليزي/ الأمريكي الراديكالي بين كراهية بالغة للمسيحية و حب دافق للحرية ، فهو من أوائل المدافعين عن حقوق الإنسان ، كما حارب في صفوف الأمريكيين من أجل حصولهم على الاستقلال ، ثم نراه يذهب إلى فرنسا للدفاع عن ثورتها . نذر بين قلمه للدفاع عن الفقراء و المظلومين ، كما دافع عن حق الانتخاب للمواطنين الراشدين كافة و حقهم في تغيير نظام الحكم ، كما أنه أول من طالب بإقامة دولة الرفاهية . أما على جانب العقيدة فكانت زراية توماس بين بالمسيحية لا تقل عن زرايته بالنظام السياسي لبلاده . أصدر بين كتابه ( عصر العقل ) الذي أطلق عليه مؤيدوه الكتاب المقدس الجديد ، و جاء فيه أن المسيحية هي ألد أعداء العقل كما أنها تنطوي على تجديف على الله ،و أن في جميع الأديان التي تم اختراعها لا يوجد دين أشد إهانة لله و مدعاة لجهل الإنسان و عداوة للعقل . كان بين مثل كثير من التأليهيين بتحدث عن المسيح باحترام و حب و لكنه اعتبر ولادة العذراء و قيامة المسيح نوعا من النصب و التحايل .أما بخصوص المعجزات التي تنسب إلى الأنبياء فكان يجد متعة في السخرية بها و يراها نوعا من أعمال الحواة المهرة .صب بين جام غضبه على العهد القديم التي يرى أنه يرسم صورة دموية بشعة لإله غارق في الدماء محرض على ارتكاب جرائم القتل الجماعي .
5. فولتير( 1694-1778 ) . خلال فترة قصيرة استطاع فولتير أن يصبح رمزا للحرية و الثقافة الليبرالية في أوروبا كلها . اكتنف الغموض مواقف فولتير من الكثير من القضايا الميتافيزيقية ،وهذا يمكن ملاحظته من أفكاره حول وجود الله وصفاته و الإرادة و الجبر . كان فولتير يكره في الدين غموضه و قسوته و ضيق أفقه ،و لكنه آمن بوجود خالق قدير يتجاوز برحمته كل الأديان ، و لكن حتى هذا الإيمان كان مشكوكا فيه ، فهناك رائحة إلحادية قوية تفوح في كثير من آرائه ، وهناك كثيرون لاحظوا أن فولتير نادر الإشارة إلى الله ، فهو يرى أن العظماء ملحدين و أن الإيمان بوجود الله لم يمنع الإنسان من إشعال الحروب . ما يمكن الجزم به هو أن فولتير و بالرغم من شكوكه الواضحة ظل يعتقد بفائدة الإيمان بوجود الله و الدور البناء الذي يلعبه هذا الإيمان في بناء المجتمعات الإنسانية ، وهو يرى أن القطع الجازم بعدم وجود الله هو خطأ أخلاقي مروع لا يجب أن تسقط فيه حكومة حكيمة عاقلة ، وهو يقول أن من المصلحة العامة الإيمان بإله قادر على عقاب المجرمين ،وهو القائل ( لو لم يكن لله وجود لتعين اختراعه ) ، وعن صفات الله يقول أنه لا يشك في وجود عقل ذكي في هذا الكون و لكنه يشك في أنه يتصف بالعدل ،وهو يقول : "أن الله هو عالم الهندسة الخالد و لكن علماء الهندسة لا يعرفون الحب " . رغم غموض مواقف فولتير إلا أنه كان شديد الوضوح في إنكار الدين التنزيلي و المعجزات و ألوهية المسيح .
6. مونتسكيو ( 1689-1755 ) .لم يكن مونتسكيو ثائرا و لكن أفكاره مهدت للثورة الأمريكية و الثورة الفرنسية ،و يعود ذلك إلى احترامه العميق لحريات الأفراد الشخصية و إيمانه بالأفكار الليبرالية و الديمقراطية و دعوته إلى التسامح و الرغبة المخلصة في تحريري الإنسان من ربقة العبودية . نادى منوتسكيو بفصل السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية و كان في ذلك متأثرا بجون لوك . أصدر مونتسكيو كتابا فذا هو (روح القوانين) الذي يعتبر من أهم الدراسات في النظريات القانونية ، و انتهى مونسكيو إلى أن الخلافات في القوانين ترجع لأسباب مادية و أن القوانين نسبية و ليست إلهية أو مطلقة ، كما أعلى مونسكيو من شأن العقل : " إن العقل أنبل و أكمل و أبدع حاسة يملكها الإنسان ". .
7. جان جاك روسو ( 1712-1778 ) . كان أثر روسو عظيما في الفكر الأوروبي رغم اعترافاته العلنية الشهيرة بأنه كان وغدا متهتكا ، فروسو هو دائما روسو المدهش .. روسو الأديب و المفكر و الفيلسوف و المصلح الاجتماعي و هو أيضا الأب الروحي للحركة الرومانسية . كان روسو يرى أن الإنسان طبع على الخير و أن ما يرتكبه من شر إنما هو نتيجة المؤسسات الإجتماعية الفاسدة التي ينشأ فيها . كان فولتير فيلسوف العقل و نبي الحكمة هو النقيض من روسو فيلسوف القلب و الفطرة السليمة لهذا تفاقم بينهما نزاع مرير . كان روسو مؤمنا بوجود الله ،و هو القائل :" إنني أؤمن بالله بالقوة نفسها التي أؤمن بها بأي حقيقة أخرى " ،و كان روسو يدلل على الله بذلك الفيض الإيماني الغامر الذي ينبع من القلب بدلا من اللجوء إلى المحاجات القديمة القائمة على العقل . رغم إيمانه بالله أصدر روسو كتابه الشهير ( إميل ) و فيه يعبر عن عقيدته الدينية القائمة على الإيمان بالدين الطبيعي و يرفض الدين المنزل ، كما يرفض أيضا الأخلاق القائمة على الدين ،ويدعو بديلا عنها إلى الأخلاق القائمة على الطبيعة و الفطرة ، يقول روسو :" لست أخمن بوجود قواعد للسلوك و لكني أجد هذه القواعد منحوتة في أعماق قلبي وقد سطرنها الطبيعة بحروف لا تمحى " ، أنكر روسو أبدية الجحيم ،و يرى أن الخلاص من عذابه لن يكون قاصرا على دين أو ملة دون أخرى ، كل هذه الأفكار أثارت رجال الدين ضد روسو مما اضطره إلى الهروب من فرنسا . في نفس الوقت أنكر روسو حق الملوك الإلهي ودعا إلى الديمقراطية في كتابه الشهير ( العقد الاجتماعي ) و قد اعتبر هذا الكتاب انجيل الثورة الفرنسية .
8. بنيامين فرانكلين ( 1706-1790) : يشارك روسو و فولتير شهرتهما المدوية كأعلام للتحرر الفكري و الديني . اشترك بنيامين في صياغة وثيقة الإستقلال الأمريكي ، بالإضافة كونه كاتب مرموق و عالم بارز . كان منذ باكورة حياته متمردا في وجه التزمت الديني البيوريتاني ، أنكر فرانكلين ألوهية المسيح و لكنه عبر عن إعجابه بمبادئه و قيمه الأخلاقية ، وهو أيضا يعتنق نظاما أخلاقيا خاصا بشر به .
سوف أتوقف عند هذه المرحلة ، على أن أخصص المداخلة التالية لإلقاء مزيدا من الضوء على العلاقة الليبرالية المسيحية في القرنين 19 و 20 ، و سيكون ذلك في عجالة مركزا فقط على نماذج محدودة ، و هذا لسببين أولا أن المسيحية لم تعد لاعبا أساسيا في الجدل الغربي خلال تلك الفترة بسبب ما لحق بها من تدمير ، ثانيا لأن الصراع الثقافي المحوري أصبح الصراع بين الليبرالية و المذاهب الشمولية العلمانية و ليست الدينية . يمكنني القول أن المسيحية نجحت في إجراء. مساومة تاريخية كبرى مع الليبرالية ، و أن المجتمعات الليبرالية الحديثة ترحب بدور روحي للمسيحية في نسيجها السوسيولوجي.
03-07-2006, 09:45 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 03-04-2006, 06:49 PM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة neutral - 03-05-2006, 07:01 AM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة بهجت - 03-07-2006, 09:45 PM
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 03-11-2006, 06:54 PM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 03-12-2006, 04:51 PM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 03-20-2006, 06:45 PM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 03-20-2006, 09:01 PM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 03-20-2006, 09:43 PM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة mass - 03-21-2006, 04:08 AM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 03-22-2006, 05:41 PM,
مستقبل الدين في عالم ليبرالي . - بواسطة Waleed - 02-27-2007, 06:00 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  كيف يرى السوريون مستقبل بلادهم؟ -- ممنوع دخول الجنس الثالث الملكة 13 3,360 04-27-2012, 03:18 PM
آخر رد: السلام الروحي
  كيف ترى مستقبل الحرية في العالم العربي ؟. بهجت 20 7,089 03-12-2012, 05:58 PM
آخر رد: بهجت
  مستقبل الجزيرة العربية في زمن الاحتكارات - عبد الله النفيسي عبادة الشايب 2 1,347 12-22-2011, 09:47 PM
آخر رد: Rfik_kamel
  سقوط العالم الإسلامي نظرة في مستقبل أمة تحتضر vodka 6 5,084 07-25-2011, 01:36 AM
آخر رد: بهجت
  هل الدين شر محض أم فيه خير ؟ Sniper + 6 1,828 11-20-2010, 05:15 PM
آخر رد: ماجن

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS