حبيبي قلبي دكتور بسام (f)


اخشى ان ننقرض جميعا.. اسمع ايها العزيز..

"... وكان مدير شركة الكومبيوتر الاميركية ميكروسيستمز جون غيج قد بدأ المناقشات بتقرير حول "التكنولوجيا والعمل في الاقتصاد المعولم". وتعتبر شركته النجم الجديد في عالم الكومبيوتر فقد طورن لغة الحاسوب الجديدة : جافا Java الامر الذي ادى الى ان ترتفع اسهم سان سيستمز ارتفاعا حطم كل الارقام القياسية في الوول ستريت. وفي هذا الاجتماع قال غيج :" بمستطاع كل فرد ان يعمل لدينا المدة التي تناسبه اننا لا نحتاج الى الحصول على تاشيرات السفر للعاملين لدينا من الاجانب". فالحكومات ولوائحها لم تعد لها اهمية في عالم العمل. انه يشغل من هو بحاجة اليه، وهو يفضل الان "عقول الهند الحية" التي تعمل من دون جهد اة كلل. ان الشركة تتسلم بواسطة الكومبيوتر طلبات للعمل جيدة من كل انحاء المعمورة "اننا نتعاقد مع العاملين لدينا بواسطة الكومبيوتر وهم يعملون لدينا بالكومبيوتر ويطردون من العمل بواسطة الكومبيوتر ايضا"

واستمر غيج وقد رفعت السيدة المسؤولة عن ضبط الزمن اللوحة منبهة اياه بانه تبقى لديه 30 ثانية، فقط، واستمر يقول :"اننا وبكل بساطة نأخذ افضل المهارات والمواهب فبأدائنا استطعنا ان نرفع حجم مبيعاتنا منذ بدأنا العمل لاول مرة قبل 13 عاما، من الصفر الى ما يزيد على 6 مليار دولار" وراح غيج يستغل ما تبقى لديه من الثواني ليلتفت صوب جاره على الطاولة ليقول له بلهجة الراضي عن نفسه ومع ابتسامة تنم عن رغبة في توجيه وخزة رقيقة :"اليس كذلك با دافيد؟ انك لم تحقق مثل هذا النجاح بهذه السرعة"

لقد كان المقصود هنا دافيد بكارد احد المؤسسين لعملاق التقنية العالمية هولت بكارد. الا ان الملياردر العجوز لم يبد منقبضا لهذه الوخزة بل فضل ان يطرح السؤال المركزي :"كم عدد العمال الذين انت بحاجة اليهم فعلا يا جون؟"

ورد جون ببرود :"ستة ولربما ثمانية، فمن دون هؤلاء يتوقف عملنا بلا مراء ولعله تجدر الاشارة الى ان الامر يستوي بالنسبة لنا في اي مكان من هذه المعمورة" اما الان فقد جاء دور مدير الجلسة البروفسور رستم روي، من جامعة بنسلفانيا ستيت للسؤال بدقة اكثر :"وكم هو عدد العاملين الان لدى يان سيستمز؟" فيرد عليه غيج :"16 الف.. واذا ما استثنينا قلة ضئيلة منهم فان جل هؤلاء احتياطي يمكن الاستغناء عته عند اعادة التنظيم"

لم يهمس احد ببنت شفة، فبالنسبة للحاضرين فان الجموع الغفيرة من العاطلين عن العمل التي تلوح في الافق امر بديهي. فلا يوجد احد من بين هؤلاء المديرين الذين يحصلون على اعلى الرواتب في قطاعات صتاعات المستقبل وفي بلدان المستقبل يعتقد بانه ستكون هناك فرص عمل جديدة كافية، توفر للعاملين اجورا معقولة في الاسواق النامية التي تستخدم احدث واغلى الاساليب التكنولوجية في الدول التي ما زالت حتى الان دول الرفاهية الاقتصادية..

ويختزل البراغماتيون في فيرمونت المستقبل الى العددين 20 الى 80 والى مصطلح Tittytainment
فحسب ما يقولون فان 20 % من السكان العاملين ستكفي في القرن القادم للحفاظ على نشاط الاقتصاد الدولي، ويؤكد عملاق التجارة Washington Sy Cip هذا الرأي اذ يقول :"لن تكون هناك حاجة الى ايد عاملة اكثر من هذا" فخمس قوة العمل سيكفي لانتاج جميع السلع ولسد حاجة الخدمات الرفيعة القيمة التي يحتاج اليها المجتمع العالمي. ان هذه الـ20% هي التي ستعمل وتكسب المال وتستهلك وسيكون الامر كذلك عن اي بلد انت تتحدث.. ولربما زادت النسبة بمقدار نقطة او نقطتين اذا ما اضفنا الورثة الاثرياء..

ولكن ماذا عن الاخرين؟ ماذا عن 80% من العاطلين وان كانوا يرغبون بالعمل؟ "ان الثمانين بالمئة من الطبقة السفلى ستواجه بالتأكيد مشاكل عظيمة" كما يرى الكاتب الاميركي جريمي ريفكن في كتابه "نهاية العمل".. ويعزز رئيس مؤسسة سان هذا الراي مستشهدا بمدير شركته سكوت ماكنيلي اذ يقول ان المسألة ستكون في المستقلا :"اما ان تأكل او تؤكل"..

......... ثم بعد ذلك نال اهتمامهم العريض مصطلح tittytainment الذي طرحه زبغينيو برجينسكي للمناقشة (مستشار الامن القومي لكارتر) وبحسب ما قال فان tittytainment مصطلح منحوت من الكلمتين entertainment (تسلية) و tits (حلمة الثدي) ... ولا يفكر بريجنسكي هنا بالجنس طبعا ((( ولعله يفعل - زينيادس))) بل هو يستخدم للاشارة الى الحليب الذي يفيض من ثدي الام المرضع.. فبخليط من التسبية المخدرة والتغذية الكافية يمكن تهدئة خواطر سكان المعمورة المحبطين"

المصدر: عالم المعرفة - فخ العولمة - 238
(تاليف - هانس بيترمارتين هارلد شومان - ترجمة د. عدنان عباس علي - مراجعة وتقديم : د. رمزي زكي)