نبدأ بالعنوان..
لا يمكن أن يكون كتاب أو نص مصدرا للتخلف، إذ أن العبرة هي في العين التي تقرأ النص وليس في النص ذاته، المسلمين لا يهربون من ستيريوتايب ليقعوا في غياهب استريوتايب آخر، كثير من الغربيين التغريبيين ، وخصوصا التغريبيين يقدسون بعض المعايير الغربية والتي لا يؤمن بها الجميع حتى في الغرب نفسه ومستعدين لإطلاق الأحكام الجاهزة ضد من لا يوافقهم الرأي دون أن يناقشوه، العقل العلماني يقرأ القران ويتفاعل معه بطريقة تختلف عن الطريقة التي يتعامل معه بها العقل الأصولي صاحب الأحكام الجاهزة المعدة مسبقا .

الآن على أي أساس يقول ديبان هذا أن زوبعة رسوم الدنمارك قد انتهت بهزيمة المسلمين؟ الدنمارك غيرت أرقام منتجاتها بحيث تخفي أنها مصنوعة في الدنمارك واستبدلتها بأرقام تدل على الاتحاد الأوروبي ، الأوروبيون هددوا أيضا بتقليص مساعداتهم للفلسطينيين إذا لم يغير المسلمون موقفهم تجاه منتجات الدنمارك وقالوا كثيرا من الكلام الذي يثبت ضيقهم من موضوع المقاطعة هذا، أما أن يقولوا أن حرية الرأي أهم من بعض المكاسب المادية فهذا مجرد كلام ديكورات مثلما نقول أن الحب أهم من الجنس أو الأخلاق أهم من الجمال أو المال لا يجلب السعادة، إنه نوع من :"ياي ، أنا ميهمنيش الفلوس ! أو :القيم عندي أهم من الماديات"، لابد أن تسمع كلاما مثل هذا في مثل هذا الوقت خصوصا من طرف محرج مثل الحكومة الدنماركية، لقد أحببت رئيس الدنمارك من أول نظرة حين رأيته يتكلم عن هذا الموضوع في التلفزيون، بقدر ما كرهت رئيس تحرير الصحيفة إياها من أول نظرة حين رأيته في برنامج هارد توك على البي بي سي، كان سخيفا ثقيل الظل بقدر ما كان وجه رئيس بلده ينطق بالطيبة والسماحة وكرهت أن يدفع هذا ثمن غلطة ذاك.

أما الخولي بتاع الاتجاه المعاكس فأنا أكره بالفعل هذا الرجل، حتى أن ثمة حلقات قديمة سجلتها من برنامج الإتجاه المعاكس كنت أسرع الحلقة حين يأتي دوره في الحديث وأتابع فقط كلام الضيف الآخر، وكان يضايقني أنه يكرر استضافته له فهو يتمتع بأسلوب متعجرف مقزز جدا في طريقة كلامه يتوجه بوجه قبيح جدا وفظاظة معشر لا شك فيها، باختصار هو شخص لا أطيق رؤيته، ومع ذلك كان أدائه في هذه الحلقة بالذات جيدا بل ممتازا، ربما لأن الظرف أجبره على ذلك، حتى أن السيدة بدا عليها التأثر في نهاية الحلقة وكأنها أدركت أمورا لم تكن انتبهت إليها من قبل، أما كونها تلقت الكثير من الإيميلات فلا أحسب ضيفا واحدا من ضيوف هذا البرنامج لم ولا يتلقى مئات الإيميلات لو أنه كان لديه ميل معلن ومفتوح، هذا طبيعي.. خصوصا كلما كانت القضية تهم عددا أكبر من الناس وتعنى بموضوع عام وليس موضوعا صعبا أو متخصصا.

النصوص التي تدل على سماحة الإسلام لا تلغيها نصوص أخرى لأن ذهن القاريء هو ما يقرر ما الذي يلغي ماذا، والحكم يترك لما يقع بالفعل على أرض الواقع، فالمسلمين مهما بلغ تطرفهم لا يستطيعون إنكار إله المسيحيين واليهود ولا أنبيائهم، لأن دينهم يقر بهم، فشتان بين أن يقولوا عن المسيح أنه نبي وليس بإله وأن يقول المسيحيون أن محمد هو كذاب وأن الله ليس نفسه إله المسيحيين بل هو إله وثني .

إن ما يجعل مقدسات المسلمين قوية هو أن المسلمين عموما أكثر تدينا من أصحاب باقي الديانات، كذلك هم يجمعون على مقدسات معينة حتى لو اختلفت تصوراتهم حول هذه المقدسات نفسها بينما ما يقدسه العلمانيون لا يكاد يجمع عليه اثنين، فما أعتبره أنا موضوعا حساسا ومقدسا قد لا يره علماني آخر كذلك، مما يجعل العلمنة أقل احتواء للرموز المقدسة.

أما الكلام السخيف حول رجال الدين المسلمين الذين لا يستطيعون تصنيع هاتف نقال فهذا خلط مبتذل، أنا لا أستطيع صنع هاتف نقال، وحين أريد شراء لابتوب فلن أستطيع الحكم عليه واختياره إلا من خلال شكله وحجمه ووزنه، أما كارت الشاشة والسرعة وكل تلك المصطلحات التي يجيدها من يفهمون هذه الأمور فأتركها لاستشارة من يفهمون فيها فليجرؤ أحد على اتهامي بمعاداة العلم إذن..

على فكرة الرجل كان قد رد على هذه النقطة بشكل واف ولم يرتبك أو يتلعثم.

أما نسبة العلماء الذين أغلبهم ملحدين أصلا إلى أديانهم فهو سلوك عنصري إلى حد فظيع، الصهيونية استفادت من قصة الهولوكوست كي تبرر فظائع جرائم دولة اسرائيل بحق العرب، ولا أظن أن العالم الذي اكتشف لقاح شلل الأطفال لم يكن سيكتشفه لو لم يكن الهوكوست قد حدث، من ناحية أخرى يدعي المسلمون أن ابن النفيس هو من اكتشف الدورة الدموية الصغرى قبل وليام هارفي الذي تقدسه المصادر الغربية على اعتبار أنه خواجة ويهودي وأنا شخصا لا أجد ما يمنعني أن أصدق زعم المسلمين في هذا الصدد.


الموضوع كله سخيف إلى أبعد حد حتى أنني لا أدري لماذا أقوم بالرد عليه.