{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مـحـمـد بـعـيـون ألـمـانـيـة " جيته ، ريلكه ، نيتشة "
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #35
مـحـمـد بـعـيـون ألـمـانـيـة " جيته ، ريلكه ، نيتشة "
(4)

" لقد تبدى الملك الكريم الطاهر
ذو الملامح المعروفة والنور الباهر
تبدى رائعا له في خلوته – خلع
كل كبرياء وخيلاء ، وتوسل
إلى ( التاجر) – وقد اضطرب
باطنه إثر الأسفار – توسل إليه أن يبقى ،
لم يكن قارئا – وها هي ذي (كلمة)
كلمة عظيمة حتى على حكيم
لكن الملك وجهه بمهارة
إلى ما كان مسطورا في لوح
ولم ييأس ، بل ظل
يردد دائما : اقرأ!
فقرأ ، حتى انحنى الملك
وأصبح ممن
يعرفون كيف يقرأون
ويستمعون ويتمنون (الرسالة) " – " رسالة محمد " ، راينر ماريا ريلكه

في عام 1875 ، ولد لجوزريف ريلكه - الذي كان قد ترك الخدمة العسكرية في الجيش والتحق بادارة إحدى السكك الحديدية - ولد له ابن لم تكمل أمه ، صوفيا التي كان والدها مستشارا امبراطوريا، لم تكمل مدة الحمل به . فقد وضعت في الشهر السابع راينر ماريا ريلكه . وبعد عشر سنين من الزواج ، لم تتفق صوفيا مع جوزيف فانفصلا عن بعضهما ، وانقطعت صوفيا لحياة التقوى محاطة بالصلبان وكتب الصلوات ، وشجعت ولدها على القراءة والرسم ، اضافة إلى انها –ولكونها كانت تريد بنتا – كانت تلبسه ملابس البنات في صغره.

وفي الحادية عشرة من عمره ، التحق بمدرسة عسكرية ، تركت له ، فيما بعد ، اسوأ الذكريات ، للمضايقات والعذابات والآلام التي تعرض لها هناك . ودفعته تلك البيئة إلى الحرص على مداومة قراءة الكتاب المقدس والانقطاع لمناجاة الإله ، في محاولة لصد شر زملاءه عنه ... حتى قرر أخيرا الانسحاب عنها ، ليلتحق بعدها ببعض الكليات والجامعات ، فينسحب منها مباشرة بعد ذلك .. ليغادر مسقط رأسه : براغ ، إلى ميونخ في ألمانيا .

كان الفتى قبل الوصول إلى ميونخ قد كون له سمعة شعرية جيدة ، فقد نشرت له بعض الصحف – ولم يتم السادسة عشرة – بعض قصائده ، وكذلك نشرت له مجموعتين شعريتين وقام بطبع مجلة أدبية ، وكتب بعض المسرحيات . وعندما وصل ريلكه إلى ميونخ ، كانت هذه منارة أدبية وفنية ، تهدي ذوي الإبداع إليها ، فكان فيها الكثير من المبدعين كتوماس مان صاحب رواية " آل بودنبرك : انحلال أسرة " والحائز على جائزة نوبل عام 1929 ، وكذلك استيفن جيورجه وفرانتس فيدكند وغيرهم .

ومنذ عام 1896 ، استقر ريلكه في ميونخ ، وكتب الكثير من الأقاصيص والأشعار .. حتى دوهم منزله عام 1919 ، بتهمة انتماءه لتنظيم سياسي يسمى " تنظيم المجالس " يدعو لديكتاتورية البروليتاريا ، وبعد هذه الحادثة هجر ريلكه ميونخ ولم يعد إليها أبدا . وتنقل فيما بعد في مدن كثيرة ، وكان دائما ما يحل ضيفا على صديقاته ، وأصدر العديد من المجموعات الشعرية ، وكان صيته يزداد تألقا يوما بعد يوم . وفي أواخر العقد الأول من القرن العشرين ، ابتدأ رحلته إلى الشرق .

ففي رحلته إلى الجزائر وتونس ، تعرف من قريب على " الإسلام " الذي كان هو الصورة التي يراها في كل الجوانب الاجتماعية التي يراها . وبما أن سكان الشمال الأفريقي كانوا ، في غالبهم ، متصوفة ؛ فإن منظر " القيروان " كان مهيبا ، بدراويشها وجامعها .. حتى جعلته تلك القدسية التي استشعرها أن يظن أن القيروان تأتي بعد مكة قدسية بالنسبة للمسلمين . وكانت قصيدته التي صدرنا بها هذه الحلقة ، من جملة انتاجه هناك .

وفي رحلته إلى " الشرق " نجد أن ريلكه ، من خلال رسائله وأوصافه ، لم يستطع التخلص من تلك الثنائية ، ثنائية " الشرق الصوفي ذو القداسة ، والغرب العقلاني العلمي " . ففي زيارته لمصر ، مصر النصف الأول من القرن العشرين ، حيث الحداثة تسير على قدم وساق ، والتقدم يسير سيرا حثيثا ، في كل هذا الخضم .. لم ير الشاعر سوى أسرار الموت المتمثلة في الأهرامات الفرعونية ، والأساطير القديمة المدفونة في أرض مصر .

وهذا الرحالة المتنقل ، بعد أن يعود إلى أوروبا ، ينطلق مسرعا إلى أسبانيا . وعندما يصل قرطبة ، يكتب قائلا : " انظري إلى هذا المسجد – يقصد جامع قرطبة – أي غم ، أي بؤس ، أي عار في تركه هكذا ينحط وينهار! وهذه الكنائس التي تتلوى في داخله المتلبك ، يود المرء أن يجتثها بضربات من المنسط بوصفها عقدا في شعر جميل . والقابلات بقيت كأنها لقم في حلق الظلام الذي فُصد فصدا لابتلاع " الله " باستمرار وبهدوء كأنه عصير فاكهة يذوب . واليوم أيضا لا شيء أشد ازعاجا من سماع الأورغن وترنيمات القساوسة وهي ترن في هذا المكان (الذي يشبه صرخة جبل من اصمت). عن المسيحية لا تكف عن التهام " الله " كأنه كعكة شهية . لكن إله المسلمين بقي ، في مقابل ذلك ، كاملا تاما: إن إله المسلمين سليم ".

ومن قرطبة لاشبيلية لرنده ، التي يكتب فيها هذه الرسالة :
" لا شك انك لاحظت أنني منذ أن زرت قرطبة قد أصبحت فريسة كراهية شديدة للمسيحية : إني اقرأ " القرآن " ، وفي مواضع عديدة منه أجده يتكلم بصوت فيه أدخل أنا بكل قواي مثل الريح في الأورغن . إن المرء هاهنا يعتقد أنه في بلد مسيحي ، لكن المسيحية قد تم التغلب عليها هاهنا منذ زمان طويل. إن هذا البلد كان مسيحيا من غير شك ما دامت هناك شجاعة على الاغتيال على مبعدة مائة خطوة من أبواب المدينة. وعلى هذا الأساس ازدهر العديد من الصلبان الحجرية الخالية من الادعاء والتي كانت تحمل هذا الشاهد البسيط : هنا مات فلان. لقد كانت تلك صورة المسيحية في هذه المواضع. ومنذ ذلك الحين ساد عدم الاكتراث إلى درجة لا حد لها ، ولم يبق ثمّ ما يدعو إلى التوقف طويلا أمام هذه المائدة الخالية من الطعام ، ولا شيء بعد ينتظر منها : لقد صار الوقت هو وقت غسل الأصابع . لقد مص عصير الفاكهة ، فلم يبق إلا بصق القشرة ، إن جاز استعمال هذا التعبير الخشن . وهاهم البروتستنت والمسيحيون الأمريكيون يفكرون في أن يصبوا ، مرة أخرى ، الماء الساخن على أوراق الشاي هذه التي خرجت عصارتها منذ ألفي سنة! لقد كان " محمد " على كل حال هو العنصر الأقرب ، ومثَله مثل نهر يجري خلال جبل من الأصول ، قد شق طريقا إلى الله الواحد الأحد ، الذي يحص للمرء أن يتحادث معه على نحو جليل رائع كل صباح ، دون اللجوء إلى تلفون المسيح الذي فيه يصرخ المرء باستمرار : " ألو! من الذي يتكلم ؟ " دون أن يجيب أحد .

والآن! تصوري ، أيتها الأميرة أنني لا أبعد عن جبل طارق إلا بمسافة تقطع في ثلاث ساعات ، ثم بمسافة تقطع في خمسة ساعات للوصول إلى طنجة إن كان البحر مواتيا . فما أقوى الإغراء ، وأنا على هذه الحال ، كيما اجتاز المضيق للوصول إلى ديار المغاربة غير أني – من ناحية أخرى – أخشى أن يكون من نتائج ذلك أن تعلو طبقة مضيئة جدا على الطين الأحمر الداكن لأسبانيا. "

واستمر ريلكه في السفر والتنقل ، والتعرف على النساء ، اللاتي كان من بينهن سيدة مصرية اسمها " نعمت علوي " كانت من اخريات اللاتي تعرف عليهن قبيل موته نتيجة نزاع من المرض ، أورثه آلاما .. كتب عنها في قصيدته الأخيرة عام 1926 :
" تعال انت ،
يا آخر من أتعرف إليه
أنت أيها الألم ،
الذي لا يمكن برؤه ،
في نسيج الجسم ... "

وأسلم الروح صبيحة التاسع والعشرين من ديسمبر عام 1926 .

وعبد الرحمن بدوي ، هذا الذي يكاد يكون المرجع الأهم في كل هذه الحلقات ، هو الذي استقينا منه جل المعلومات لهذه الحلقة من كتابه " الأدب الألماني في نصف قرن " ، الذي كان العدد رقم 181 من اعداد سلسلة عالم المعرفة الكويتية . بدوي هذا ، بعد وفاة رلكه بثلاثة عشر عاما يكتب كتابه المهم عن " نيتشة " ، الذي سيكون ملهما لكبار المفكرين العرب كمحمود الأمين العالم وأنور عبد الملك واسماعيل المهدوي والشاعر محمد عفيفي مطر وماهر شفيق .

الآن ، أين سنجد محمدا ، في نيتشة ، الذي أنطق نبي المجوس بموت الإله ؟


04-04-2006, 01:11 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مـحـمـد بـعـيـون ألـمـانـيـة " جيته ، ريلكه ، نيتشة " - بواسطة العاقل - 04-04-2006, 01:11 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  "الحكمة المطلقة في تعلّم الضرب بالمطرقة" : نيتشة بن كارل أنا_بذاتو 3 1,620 05-05-2011, 05:50 PM
آخر رد: أنا_بذاتو
  "هي دي مصر ياعبلة " طيف 8 3,068 03-06-2011, 09:37 PM
آخر رد: طيف
  فريدريك نيتشة .. الفيلسوف الشاعر ابن سوريا 60 22,075 12-15-2010, 06:30 PM
آخر رد: بسام الخوري
  ماهو مضمون مفهوم " الحضارة"؟ طريف سردست 15 8,579 06-30-2009, 03:51 AM
آخر رد: tornado
  ومازالت مصر بالمقدمة : أوباما يختار "عالماً مصرياً بارزاً" ضمن مجلسه الاستشاري ابن نجد 63 16,063 05-13-2009, 08:21 PM
آخر رد: السلام الروحي

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS