تعقيب
حملة النقد... والتجاهل


منذ ان صدرت دراسة <<اللوبي الاسرائيلي والسياسة الخارجية الاميركية>> في اذار الماضي ، اثيرت زوبعة من الجدل حولها بين الاكاديميين والسياسيين والصحافيين بالاضافة الى اوساط اللوبي الاسرائيلي.
واعد الدراسة أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو جون ميرشايمر، بالاشتراك مع عميد <<معهد كنيدي للحكم>> في جامعة هارفرد، ستيفان والت.
وسرعان ما سحبت جامعة هارفرد و<<معهد كنيدي للحكم>> ختميهما عن الدراسة، بعدما كانا اشترطا الاشارة في متنها إلى أنها <<تعكس أفكار الكاتبين وليس بالضرورة آراء الجامعة والمعهد>>.
وتعدد مقالة بعنوان <<اللوبي يرد الضربة>>، نشرها موقع <<مكافحة الحرب دوت كوم>>، يوم الجمعة الماضي، أسلحة دفاع اللوبي المعتادة في كل هجوم مماثل: فالسلاح الاول يكمن في الصمت والتجاهل التام، بحيث يكون نصيب مؤلف الدراسة او الكتاب العزل إعلاميا، أما السلاح الثاني فيتركز في إطلاق حملة تشهير عنيفة. أضاف الموقع أنه <<للمرة الاولى يقدم أكاديميان بارزان على تحدي اللوبي>>.
وقد تم تجاهل الدراسة في جميع الصحف الاميركية الرئيسية، وهي في الحقيقة من بين تلك التي وصفتها الدراسة بانها ضمن بعض الاعلام الخاضع لسيطرة اللوبي الاسرائيلي. إلا أن بعض الصحف والمجلات اليهودية و<<المسيحية الصهيونية>>، فضلت اتخاذ دور الهجوم على الاحتواء السلبي، كصحيفة <<كريستيان ساينس مونيتور>> التي وصفت الكاتبين بانهما يفتقران الى الكفاءة.
وهناك أيضا صحيفة <<فوروارد>> التي نقلت عمن وصفتهم ب<<جماعات من النقاد والمراسلين الاجانب والاكاديميين>> تأكيدهم للصحيفة اليهودية بأنهم <<لم يسمعوا قط بهذه الدراسة>>، وبأن <<الخلاصة التي توصلت إليها هي غير مهمة>>. كما حاولت الصحيفة اليهودية التشكيك في مصداقية المصادر التي استندت عليها الدراسة، موردة بأن ميرشايمر <<اعترف>> لها بان ليس هناك وثائق <<أصلية>> ضمن مراجع الدراسة، التي هي مستندات مستخلصة من الصحف والكتب والمقالات.
هجوم آخر أطلقته <<نيويورك صان>> التي احتل الخبر صفحاتها الاولى لايام متتالية، حاشدة بعض الأقلام لمهاجمة الكاتبين بضراوة.
من جهتها، أعلنت <<رابطة مكافحة التشهير>> اليهودية خشيتها من أن تجذب الدراسة انتباه الاعلام، واستدراج <<هجوم أشد>> على اللوبي الاسرائيلي، فيما اتهمت صحيفة <<نيو ريبابليك>> الدراسة بأنها <<نتاج مهووسين ذوي عقول مظلمة ومؤامراتية>>.
وقالت <<فوروارد>> بأن <<المنظمات اليهودية تكتم ردات فعلها لعدم إتاحة الفرصة أمام الترويج والدعاية للاتهامات الموجهة ضدها>>. ووصلت حملة التشهير إلى القارة الاسترالية حيث هاجمت صحيفة <<ذي أوستراليان>>، قبل ايام، الدراسة ومن وصفتهم ب<<المدافعين>> عنها مثل صحيفة <<فاينانشال تايمز>> البريطانية.
وبالرجوع إلى <<فاينانشال تايمز>>، تبين أن هذه الصحيفة البريطانية لم تفعل اكثر من نشر خبر عن الدراسة والاشارة إلى <<الهجوم العنيف>> الذي يتعرض له الكاتبان البارزان.
أما صحيفة <<جيروزاليم بوست>> الاسرائيلية، شنت في نهاية الاسبوع الماضي حملة ضد كل من الادارة الاميركية والدراسة، في مقالة بعنوان <<هؤلاء اللوبيون اليهود الاقوياء>> لاجئة إلى كيل تهم <<معاداة السامية>>.
وحاولت الصحيفة الاسرائيلية، في معرض الكشف عن خبر <<ضغط>> إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش على شركة <<شيك بوينت>> الإسرائيلية، لمنعها من شراء شركة برامج كومبيوتر أميركية، أن تظهر إسرائيل بمظهر المغلوب على امرها، ثم استعانت بقضية <<شيك بوينت>>، لتشكك في صحة مقولة اللوبي الاسرائيلي <<القوي>>، وتساءلت عن سر غياب أية إشارة إلى دور النفط العربي ودول الخليج النفطية ذات التأثير على إدارة بوش، كالسعودية مثلا.
من جهته، مدح المفكر اليساري نعوم تشومسكي، اليهودي، كاتبي الدراسة قائلا إنهما <<يستحقان التقدير لاتخاذهما موقفا يعرضهما بكل تأكيد لنوبات غضب المتعصبين الهستيرية وكذبهم وافترائهم>>.
ولم تخرج <<واشنطن بوست>> عن صمتها، أمس الاول، سوى لتنقل عن <<جيروزاليم بوست>> تقريرها حول خبر شركة <<شيك بوينت>> الاسرائيلية، ولتبرز شهادات منددة لأكاديميين <<زملاء>> لميرشايمر. وبين هؤلاء أستاذ القانون في هارفرد، ألان ديرشويتز، الذي قال إن مؤلفي الدراسة <<دمرا سمعتهما المهنية>>.
أما الاستاذ في جامعة ماريلاند ومعهد <<بروكينغز>>، شبلي تلحمي، فقد وصف مؤلفي الدراسة بأنهما <<فائقا الشجاعة>>، معتبرا بأنه رغم تشجيع اللوبي الاسرائيلي لحرب العراق، <<ولكن في النهاية، فالقرار صدر عن رئيس امتلك قوة عظمى بعد أحداث 11 أيلول، بحيث أنه كان بإمكانه تجاهلهم>>.