تحية الى زميلي الختيار..


يقول الختيار بعد كل مداخله:

اقتباس:يكفي هذا الآن لأني يجب أن أذهب للنوم


تصبحون على خير

تصر يا سيدي مرة بعد مره أن تخاطبني قبل النوم بلحظات ,اقدر مشاغلك و بنفس الوقت أرغب أن تكون ردودك خالية من الوسن.

لم يكن لي خيار بإيراد الكلام المنسوب الى سطيح فقد ورد في مصادر قديمة جدا تجعل "أنتحالها" قريب عهد بالقرآن ووجدت أنها مناسبة للمقاربة الغريبة بين قصة "سطيح" و قصة يوسف ففي الحالتي هناك ملك يحلم حلما غريبا و يريد تفسيرا و في الحالتين هناك من يدل الملك على المنجم "الفلته",و في الحالتين يطلب المللك من المنجم أن يقص رؤياه و في الحالتين يتألق المنجم بتفسير صحيح,الإختلاف الوحيد و هو بيت القصيد هنا هي طريقة سرد الرؤية و تفسيرها سيطر السجع و التكلف في حكاية سطيح , حتى شابهت النكتة, و كان بيان يوسف منبسطا سلسا لمسنا جميعا جدية و الفرق هو طريقة السرد.

نص سطيح نص كهان فإن صدر عنه أو نحل عليه من قبل مؤرخ أو راوية ففيه أسلوب كهان ذلك العصر و القرآن كتاب كهنوتي "بشكل ما",أبتعد كثيرا عن أسلوب الكهان و خاصة في الفترة المدنية و كان تكلف السجع من العناصر الأولى التي رماها وراء ظهره,فلم يكن في نصوص القرآن الكثير من السجع الملفق و إن حاولت أن تجمع كل سجع القرآن المتكلف, لن تحظى بنسبة معتبره إذا ما قيست بالعدد الكلي لآيات القرآن.و قد دأب الخطباء على تسجيع خطبهم و تحليتها بمقاطع من نغمة واحدة و لكن هل تستطيع أن تتبين في هذه الخطب الموضوع أو الغرض الذي يبتغيه الخطيب بقدر ما تتبين بلاغة النص نفسه و سأورد مقطعا من مقاطعك السابقة المنسوبة بدورها الى علي ابن أبي طالب و أذكرك بأن اسم الكتاب الذي يجمع تلك النصوص نهج البلاغة:

[QUOTE]"الحَمْدُ للهِ الَّذَي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ القَائِلُونَ، وَلاِ يُحْصِي نَعْمَاءَهُ العَادُّونَ، ولاَ يُؤَدِّي حَقَّهُ الُمجْتَهِدُونَ، الَّذِي لاَ يُدْركُهُ بُعْدُ الهِمَمِ، وَلاَ يَنَالُهُ غَوْصُ الفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلا أَجَلٌ مَمْدُودٌ.
فَطَرَ الخَلائِقَ بِقُدْرَتِهَ، وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ."

ماذا ترى في هذا النص الذي "يقترف" السجع عامدا متعمدا؟؟!! هل ترى فيه أكثر من رجل تقصد أن يكون بليغا و استخدم الله و الثناء عليه "مطية" لتمرير بضع جمل مترادفة مسجوعة , و بعد أن يقرأ أي شخص هذاالنص هل يتبقى ذهنه إلا صورة للجمل القصيره ذات الوزن المتقارب و النهايات الموحدة و سيختفي الله و الحمد عليه في غياهب السجع المتكلف على أبشع صورة هنا.ناهيك عن التكرار الممل الى درجة السأم في تكديس الصفات بإيحاء غير مباشر على سعة الخطيب اللغوية..ألم تلاحظ هذا أيها الختيار؟؟!!

لا استطيع أن أنكر سلاسة القافية في الكثير الكثير من النصوص و الأشعار , ويعجبني النص الذي "يحتال" لينجح بتمرير قافية ما دون أن يزعج الأذن ,و القرآن نجح في هذه الصنعه في معظم سوره أختبأ خلف معنى ما ليمرر قافية و قلب ترتيب هارون و موسى و فعل أشياء أخرى في أماكن أخرى و لكنه كان ناجحا بل و ذكيا أحيانا في أخفاء التكلف و هذا كاف لنقول أنه تص متفرد محكاكاته صعبة ليس لإعجاز أو سر "رهيب" يقف خلف صنعته و لكن لشخصية كاتبه و نفسيته التي خط بها القرآن.

تقول:

اقتباس:فكاتبه يعرف أنه لا يكتب شعراً "و لا ينبغي له" ، و يدرك هذا ، و يدرك أنه ليس بكاهن و لا يجب عليه أن يكتب على طريقة الكهّان ، لذلك تجده يكسر السجع في بعض المواقف ، و يستبدله بكلمة ليس لها علاقة بأغلب فواصل السورة ، و تراه ينوّع في السورة الواحدة بعدة فواصل إذا كانت فاصلة لا تُزاد في آخر الكلمات ، كفاصلة الراء مثلاً ، فتجده ينوّع في السورة ، أما غذا كانت تنتهي بياء ونون أو واو و نون سواء من الأفعال الخمسة أو جموع (منتصرون ، راجعون ، يضحكون ، يبكون ، تكذبون ) إلخ فتجده يلتزم بفاصلة واحدة في أغلب السورة.

و هذا الكلام بالذات يصعب أمر تقليده فكيف لك أن تعرف "الحيل و الأبواب" التي يأتي بها كاتب القرآن ليبدع اسجاعة و كيف لك أن تدرك كيف كان يفكر لتخرج شيئا أراده هو بظرف نفسي محدد.نص العاصفه يحوم حول القرآن يحاول أن يضع مرآة أمامه لينسخه تماما دون أن يكون له شخصيه مختلفة و الظل الذي في المرآة قد ينطبق على صاحبة و لكنه قطعا ليس هو.

الزميل العزيز الختيار..

لطالما أعحبت بإنتقادك للفحوى القرآني.من قبيل خواطرك أو تفنديك الذكي للإعجاز العلمي و اشيد بفكرتك بإقامة موقع لكشف اساليب "الحاوي" الذي يقول أن في القرآن علما و فيزياء و فلك,و لكن أختلف معك كثير في أنتقادك "لشكل" القرآن و المتمثل بتأليفك الصورة بعد الأخرى بإصرار غريب لتحطيم طاحونة الهواء.بالتأكيد ستحصد نجاحا و أظنك فعلت بنقدك للمواضيع الواردة في القرآن و قد لا تحتاج لعناء كبير في ذلك و قد تكسب الكثير من المريدين.أما التركيز على الشكل و الشكل كما تعلم قضية "جمالية" لا تخضع لمعيار محدد,فيصبح من السهل الإلتفاف عليها و تحويلها عن مسارها أو حتى تمييعها و قد حصل ذلك في نصك العاصفة.زميلي العزيز أشفق على موهبتك و مقدرتك و أتمنى لك كل التوفيق.

مودتي