خـَـرِس البيان ، وأُخـْـرِس الفصحاء
و تـقـاصـرت عن مدحه البُـلَغـــــاء

و تـقــزّمت كل اللغــات لذكره
وبدت ــ على ما تحتويه ــ هـــباء !!

وله بحور العلم جـفـت تجتلي
مـنـه الـــمــداد ، وقـد نـفاها الماء

ويطل صوت في الوجود فينبري
منــه الســؤالَ ، فـتـنبري الأنــبـاء

(( ولد الهدى فالكائنات ضـــياء
وفــم الــزمـان تـبـســــــم وثـناء ))


ولد الهدى ؟ إن الشـمـوس إذن هنا
بجلالها حــاطـت بها الأفـــــــياء

ولد الهدى ؟ إن النفوس صحــــيحة ٌ
بعد الضلال ..إذن ..فــلا أعــــــباء

ولد الهدى ؟ إن الحــياةَ جـــــميلة
والكــون والدنيا بـه أضـــــــواء

ولد الهدى ؟ يا روعة الزمن الذي
ولد الهدى فيه .. فطاب غـــــناء

(( الروح والمـلأ الملائك حـــوله
للدين والدنيا بــه بُـشَــــــــــراء ))


الروح يا خــير الأنام رخــيــصـــة ٌ
لجلال مـَقـدمــك العــظيم ... فداء ُ

الروح كانت في الحضيض وفي الغِـوى
فأتيتَها تســمو بــها شـــــمخاء

الروح كانت فـحمةٌ ً فـَـلَمــستــَها
فابـْـيـَـضّ مـنها اللون والأنــحاء

الروح ، والروح الأمين وصحبُــهً
والكائنــات .. تــُميسُــــها الســراء

(( والعرش يزهو ،والحظيرة تزدهي
والمنتهى والســدرة العــصماء ))


والله ما جـاء الربيـع بكــوكب
مثلَ الذي زانت به البـطحاء

والله ما ابـتـســـم الزمان لـمــولــد
كالمـصطـفى . . فلــتــفخــر الـبـيداء

أبــــدا لــه بين القلوب منــــازل
في المخــلصــيـن ، وشــعلة نوراء

أبــدا على مـَـرّ الــزمان بذكــــْـره
وبآله ، تُـســتـَرجَــع الأصــــــــداء

(( وحديقة الفرقان ضاحكةُ الــرّ ُبا
بالترجـمان شـــذيةٌ غــنـــــــــاء ))


البحر حين ولدت يا خـــــير الورى
أضــحى أمانا واســتوت أنـــــواء

والبر قد أمســى دليلا يـَهـتـدي
فيه السّــُـراة ، و أُريـِـفـَـت صحراء

والعشب عَـطـّـــر حـقـلــَه يا سيدي
بللا جميلا فالجفاف هـُـــراء

والأرض قـــــد فـَخـَرت على أقرانها
والسـّعــدُ لم تـُعـرَف له أجــــواء

(( والوحي يقطر سَـلسلا من سلسَـل
واللوح والقلم الـبـديـع رواء ))


كـُشـِـفــَـت لمولدك الشـريف غـُلالة ٌ
قــُدسـيّة مذخــورة بـيــضـــــــاء

فافــترّ عـنها ثـغـر من رُزِقَ الهـُدى
شمسا .. بها كل الوجود ســـــــواء

فبدتْ صـــــحائفُ للديـاجير التـي
قد هـُوّنت من ســودها الـظـلــمـاء

فتهب نحو كهوفها فتـضيـئــها
صحف بها الأسماء والأشــيــاء

(( نُظِمَت أسامي الرسل فهي صحيفة
في اللوح ، واسم (محمد) طـُغراء ))


يا خــير أســــماء الأنام ومن لــهُ
في العرش قــد كـُــتـِـبـَـت به الأسماء

إن كان ( آدم ) للبـريــة َوالـــــِــــداً
فأبـوهُ أنــتَ ، وإنْ نـَـأت آبـــاء !!

قـــــد عـلــّـم اللــهُ الـمـلائكَ كُـلّها
أنّ الحـــروفَ لأحـمــد طـَــوعـــاء

فليقــرؤوا ما شـَـعّ في اللوح الذي
قد طـرّزته السّـورة ُ العــــصـمــــاء

(( إسـم الجلالة في بديع حروفه
( ألـِفٌ ) هنالـِكَ ، واسم طه (الباء ))


المؤمنــون عــيونهم مشـــدودة ٌ
نحو المدينة ما سـَـرَتْ قــصـــواء

َوهـُــمُ لمولدك الشريفِ تباشـــَروا
في عيدهم فـَـلـْــتـَصمـتِ الغــوغاء

المولدُ النبويّ أجــملُ نـغـــــــــمة
نشدو بها ما سَبـّـحـَـت أحـــــــياء

والمولد النبــوي أروع ( بــدعـــة )
ما أن يـُقـام .. يـُـقــال فيه ثــنــــاء

(( يا خير من جـــاء الوجود تحية
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا))


أحمد شوقي - اقتباس من أحد اعضاء جسد الثقافة