طبعا أنت لم تقرا ردي بكامله ..
هذا واضح لأنك لم ترد على كل نقاطه ...
انا اتهمك ان أفعالك مهما كان نفعها للإنسان فهي ليست أخلاقية ..
لو كنت لا تجد ردا فسأعتبر ان تلك النقطة منتهية و ادخل في النقطة التي تريدها.

المفروض ان المرجعية التي تسن بها الدول قوانينها هي "تنظيم حياة الناس".
بمعنى ان أن أي فعل هو قانوني مادام لا يؤذي آخر أو لا يؤذي مجموع الناس او لا يؤذي نظام صنع لحماية أو صيانة المجتمع.
يعني لو إفترضنا ان من مصلحتك أذيتي لسبب ما (طبعا لا إنت و لا عشرة زي حضرتك يستطيعون أذيتي لأنني بلطجي و واخدها بالدراع :10: ) أو إنك تستمتع باذية الناس بوجه عام (و في تلك الحالة أستطيع أن أعطيك درسا في ذلك) لا مشاكل في هذة الأفعال لولا أنها تؤذي الناس.
يعني القوانين لا تسن تفصيلا لمصلحة شخص بعينه (جنابك يعني) لأن القوانين يجب أن تسعني معك ..
تحميني و تحميك ..
تعمل لمصلحتي بما لا يتعارض مع مصلحتك و العكس ..

هل يصعب فهم هذا .. ؟


في كل هذا لم اتكلم عن الاخلاق ..
الأخلاق هي أكثر من مجرد قوانين تنظيمية تستطيع أن تتلاعب بها بمساعدة محامي شاطر ..
الأخلاق هي قيود و القيود ضد الحرية .. فما الذي يجعل شخصا يحيا بلا سوط يلهب ظهره أو خوفا مريض من ان يشوى في جهنم أو طمعا في مزز نضيفة في الجنة, يدخل بكامل وعي و إرادة حرة إلي قفص الأخلاق ... اتفهم كيف يصعب عليك فهم ذلك.
و اتصور أنك لو فهمت تلك المسالة قد تكفر حالا ..
و انا بقا هاقولك ..

أولا لكي تكون شخصا أخلاقيا يجب ان تكون لديك نظرة إيجابية عن نفسك ... بمعنى أنك ترى نفسك جميلا.
حين تنظر في المرآة تجد إنسانا تحبه و تحترمه ..
و هذا يحتاج لمقاييس للجمال, يعني كيف تستطيع أن تعتقد أنك جميل و محترم بدون أن تكون مسنودا على مقاييس معينة ؟
طبعا عليك هنا ان تجد معايير او مقاييس التي على أساسها تستطيع أن تعتبر نفسك جميل.
تخيل انك بلا دين و بلا مقاييس تعطيك مجالا لتعتقد أنك جميل و بالتالي تحب ذاتك و تحترمها ..
بكل بساطها ستخترعها ..
انا أعتبر نفسي شخصا جميلا ( تستطيع ان تفهم هذا من إسمي في النادي) .. بأمارة ايه ؟
وضعت لنفسي مقاييس أعقلها و تناسبني ..
أحاول ألا اقوم بأي فعل يجعلني أحتقر نفسي من ناحية و أن تساعدني تصرفاتي على الشعور بأنني إنسان طيب و فاضل من ناحية اخرى.
و يهمني جدا أن أصدق ذلك .. أستطيع أن اتكبد مشقة الالتزام بالمعايير التي وضعتها لنفسي لكي ارضى عن ذاتي.
أما عن كيف وضعت المقاييس و هل هي مقاييس سهلة أضعها لكي أريح و أرفه ذاتي فأشعر بالرضا بدون مجهود أم لا ..

و بهذا ارجع إلي النقطة الأساسية في موضوعي ..
لب الأخلاق و الأساس الذي قامت عليه ألا و هو ... التواصل.
يعني أن تتواصل بمشاعرك و أفكارك مع البشر الآخرين و الدنيا من حولك ..
و هذا هو الأنسان الأصيل .. او ذروة الإنسان.
يعني الحيوان حين يقتل غزالا و يأكله .. لا يمكن ان نعتبر فعلته لا أخلاقية أو شريرة.
لماذا ؟
لأن قدرته على التواصل محدودة بطبيعته الحيوانية و قدرتها المحدودة على التواصل ..
يستطيع أن يجرح الغزال دون ان يتواصل معها و يشعر بألمها ..
يستطيع أن يسلبها حياتها دون ان يشعر بأحاسيسها ..
هو هنا فاقد لأي تواصل بينه و بينها ..
هو فقط يلبي غريزته الجوعانة بأي وسيلة ..
ربما يكون التواصل هنا ضد الغريزة .. ربما لو كان أكثر تواصلا لكان يأكل العشب, العشب على أي حال لا يحس أو يشعر او يفكر.
طبعا لا يمكن أن نطلب من الاسد أن يكون نباتيا لكي يكون متواصلا مع الغزلان او الأرانب ..

و لكن الإنسان يختلف ..
تخيل كيف تستطيع أن تعتدي على طفل حين تحس بنفس أحاسيسه وقت الإعتداء ..
تخيل انك تشعر باللكمة التي تعطيها له على وجهك انت ..
ربما لو غرزت سكينا في قلبه تشعر به ينغرز في قلبك أنت ..
بوجه عام : هل لو رأيت طفلا يضرب تشعر بكل ضربة يشعر بها كما يشعر بها تقريبا ؟
هناك بشر لديهم هذا التواصل و و لكنهم مع ذلك قساة ... لأنهم يحتقرون أنفسهم و يكرهون أنفسهم.
لأنهم تعلموا منذ الصغر أنهم وحوش و بلا قيمة فلا يستحقون خيرا ..
لهذا فالشر هو فعل منعزل لفاعل لا يستطيع ان يشعر أو يحس بمشاعر الآخرين و لا يستطيع أن يفكر بأفكارهم أيضا ..
و هو فعل أناني لشخص يحيا لوحده في عالم يخصه وحده ..
و الإنعزال و الأنانية هي معاني ضد التواصل في كل الاحوال ..
يعني مهما حزنت و تأثرت لن يشعر بك حجر بجانبك أو كرسي تجلس عليه لأنه جماد ..
ربما لو بالقرب منك شخص يستطيع التواصل مع من حوله سيحس بك و بما تعانيه و ربما يواسيك أو يحتضنك أو يبحث عن طريقة تناسبك لتحل مشاكلك او يلهيك عن التفكير فيها.
هل تلك الممارسات اخلاقية ؟
هل تعتبر من يربت على كتفك في تلك اللحظة اخلاقيا ؟
هل تظن ان شخص لديه تواصل جيد بالناس يستطيع ان يمارس معهم أنشطة منعزلة عنهم و عن مشاعرهم و احاسيسهم ؟
ما هي المشاعر التي سترسلها إليه وقتها بنظراتك او إيماءاتك أو إبتسامة تبتسمها له ؟
هو لانه شعر بحزنك حاول مساعدتك .. لان حزنك مسه.
و لانك حين تتخلص من تلك المشاعر السلبية .. سيشعر بهذا حاول مساعدتك, يعني لكي يساعد نفسه.

قرات في كتاب يتحدث عن الغرائب ان هناك حالات توائم متطابقة (بويضة منقسمة) كان لو آذيت أحدهما و لو كان بعيد عن الثاني جدا فإنه يشعر به بطريقة ما.
بتلك الطريقة أتصور ان الإنسان اللاإخلاقي هو إما أن يكون قدرته على التواصل محدودة و إما لديه إحتقار شديد لنفسه ..
و لا توجد إحتمالات أخرى ..

و أنا تركت الدين لانه لم يكسبني هذا الإحساس الجميل الذي أعيشه باخلاقي الحرة المريدة ..
بل و تعلمت ان اعذر من لا يستطيع ان يكون أخلاقيا أكثر لانه بكل بساطة لا يستطيع أن يكون متواصلا أكثر ...
يعني ..
الأسد يصعب عليه هذا النوع من التواصل ..
في بعض الأحيان أشعر أن العامة يمشون بحسب القوانين التي تسنها المجالس التشريعية بينما الخاصة فقط هم من يلتزمون بمعاييرهم الاخلاقية.
يعني في بعض الأحيان أشعر أن هناك أخلاقا ثقيلة و عبثية بالنسبة لبعض الناس لانهم ببساطة ليس لديهم هذا التواصل الذي يجعلهم يعرفون قيمة تلك المعايير.
في الواقع لا يمكن ان اطالبهم بها ..

في كل هذا لم اتكلم عن الدين ..
انا تركت الدين لأنه بكل بساطة نظام لا أخلاقي ..
يعني حين أقرأ الموعظة على الجبل مثلا لأجد بها وصايا جميلة و كل حاجة ..
فاقرأ ان من قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع و من قال لأخيه يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم.
و ماذا إذا كنت لا أخاف المجمع او جهنم .. هل أسبه و أقسو عليه ؟
و ماذا إذا لا أريد أن أؤذيه باي كلمة او ان أجرحه لأنني أحبه و اهتم لمشاعره ؟
كنت أفضل أن يقول المسيح أن من قال لأخيه رقا يكون قاسيا و من قال لأخيه يا احمق يكون ذو قلب متجر.
أنا لا يهمني جهنم و كل ما يهمني ألا أتهم بالقسوة أو التحجر او الإنعزال .. أنا أحب اخي و أريده أن يحبني لهذا لن أسبه.
فهكذا قد يقول المسيح وصايا جيدة لكن نظام التخويف مابيمشيش معايا ..
يعني إما ان اكون مقتنعا بالفعل و أريده و احب عمله و إما لن أفعل شيئا.
هكذا انا حر ..
هكذا انا أحب الناس من حولي ..
هكذا انا إنسان اخلاقي أتحسن كل يوم عن الذي سبقه.
فإذا كانت لادينيتي ساعدتني لكي اكون كذلك ...

حدثني أنت عن اخلاق الدينيين الأجراء الآن ... لو كان يجوز لنا تسميتها أخلاق.