رداً على سؤال الزميل العزيز "عوليس"، أستحضر حواري الثنائي مع "العاقل".
فالأخلاق كمنظومة ليست ثابتة أصلاً، هذه المنظومة غير متغيرة بشكل عشوائي أيضاً، هي تتنضد على أساس الوجدان (أساس أخلاقي فطري لدى الإنسان) ثم على مقومات تطورت بتطور المجتمعات الإنسانية.
الأخلاق ومنظومتها لدي هي بشرية بكل الأحوال، لأن ما جاءت به الأديان هي نشاطات بشرية، وهي متغيرة وليست ثابتة ولدى الدينيين أنفسهم، ولكنهم يحيلون أسسها (الوجدان) لتعليلات ما ورائية. بينما تطبيقاتها تتغير في المنظومة ذاتها، وبل هناك تيارات مختلفة يتم فيها تأويل هذه المنظومة بشكل دائم، المشكلة في المنظومات الدينية أنها تعذب نفسها وتعذبنا معها، بالتحايل على نصوصها المقدسة لتستطيع التقدم مع عجلة التطور الإنساني/الاجتماعي ولتتلاءم معه فتهدر الطاقات دون جدوى.


هذا جزء من أحد محاور نقاشي مع العاقل حول هذه المسألة

اقتباس:إن الدين باعتقادي لا يؤسس و لا يحمي و لا يحفظ الأخلاق, إنه يتسلق عليها. أي أن الدين بحاجة لمنظومة أخلاقية و بدونها فإنه لن يكون مقبولاً.
أي أن الأخلاق سابقة على الدين و لا يقوم الدين إلا بطرح منظومته الأخلاقية الخاصة و التي تتوافق بخطوطها الرئيسية مع المقبول(الوجداني) لدى الإنسان ووجدانه. لذا نجد مثلاً أن الأديان الرئيسية الثلاثة بمنطقتنا تؤكد على جريمة قتل الأطفال و إيذاء الآخر(من ضمن نفس المجموعة خصوصاً) كجرائم كبرى و كبائر ما بعدها كبائر.
و الإنسان ليس بحاجة للدين للتقيد بأخلاق,و كما شرحت سابقاً فضمن مفهومي فإن هذه الأخلاق متواجدة و متطورة إن وجدت الديانات أم لم توجد.
بل أن المنظومات الأخلاقية الدينية بالنسبة لي ليست إلا منظومات وضعية إنسانية أنشأها الإنسان نفسه و تعتبر مرحلة من مراحل تطور الإنسان.
لكن مشكلة الأديان و منظوماتها الأخلاقية و لا سيما ما تسمى بالسماوية منها أو الموحدة, هي صفة المطلق التي تصف نفسها بها.. مما يجعل المنتمي للأخلاق الدينية يعيش تناقضاً دائماً يمنعه من التطور بتطور بقية المجتمعات ما لم يطور هذه المنظومة (و هو أمر شديد الصعوبة لطبيعة هذه المنظومة التي تحمي نفسها بادعائها أنها تأتي من أعلى). أو بالتخلص منها نهائياً أو من أساسها المطلق و القول بنسبيتها و انتمائها لعالمه البشري لا بالمنطق "الفوقي" السابق. بما أن ما هو جامد يفقد حيويته و يخرج من حساب التاريخ.
و لأن الإنسان يتطور بكل حال فإن الفرد الديني يصيبه التناقض,بين ما هو متطور (أخلاقه المتفاعلة مع التطور الاجتماعي) و أساس المنظومة الأخلاقية التي يؤمن بها (من أعلى) .
فضرب النساء و تأديب الأطفال و الطلاق العشوائي المستحق للرجل,و زوجاته الأربع. و أهل الذمة أصبحت مفاهيماً غير أخلاقية بمنظار العصر.
لذا فهو دائماً إما يحاول القيام بعمل تبريري و تقليل من شأن هذه الدعوات غير المناسبة لأخلاق اليوم, أو بمحاولة إعادة تفسير النصوص لتتلاءم مع هذه الأخلاق و التي لم تستوِ بعد بشكل فاعل في المجتمع و ذلك بسبب من هذا الميراث الديني الأخلاقي الجامد.