كم كانت تلك اللحظات قاتلة ... وكم هي الآن مضحكة ومُنفّرة ... تلك اللحظات التي عشقت فيها وهما جلفا قاسيا كالصخر ... أحببت كطفل صغير يجري وراء لعبة ... حتى أعياني العشق، وألقت بي الأوهام في غياهب الوهن والمرض، فأفقت في غرفة مظلمة والأسلاك تلفني من كل حدب وصوب!!!

لحظات هي لا زالت عالقة في ذهني كأنها البارحة، مرّت عليها سنوات ثلاث لكن مرارتها لا زالت تهين أحلامي ... ساعات قضيتها أجول بخواطري بين متأمل ومستسلم، أصحوا مستبشرا لأعود إلى فراشي باكيا واهنا .... لحظات ولحظات، كادت تملي علي حياتي لولا إفاقة شبه متأخرة!!!!

الأسبوع الماضي صادف ذكرى ذلك اليوم المشؤوم، عدت وقلّبت ذكرياتي لأجد ما كتبته على فراش الشفاء ليلتها، ضعيف البناء والإنشاء، لكنه أعاد إلي ذكرى ما كان ينبغي لها أن تعود، هاكم ما كتبت:

[CENTER]...

تبا لضَعْفي وأحْلامي
تبا لهُما ما عرفتُ يوماً أن أنامَ اللّيالي
تبا لهُما ما جَعَلاني إلا قائلاً
دعوني لوحدي ... دَعوني أعيشُ أوْهامي
دعوني أشربُ الكؤوسَ في ذِكرى حُبّي لها
دعوني أسكَرُ في عِشقي وهِيامي
دعوني في ذِكرى حُبّي لها
أقتُلُ روحَ عاطِفَتي وأحْلامي
أدوسُ ما تَبقّى من هَيبَتي واحتِرامي
أنحِلُ الجَسَدَ وأجعَلهُ يُعاني
أمَزّقُ كُتُبي وأحرّق أوراقي
أبكي أمامَ الدُّنيا بأسْرِها
لا أرى إلا خيالها أمامي
دعوني أفقدُ كل إحساسٍ
دعوني أزيدُ همّي هُموماً، ووَهْماً إليها أوْهامي

دعوني أبني قصوراً لا عمادَ لها
قصوراً بعثَرَتْها رياحُ الحَقِيقَةِ كما بَعْثَرَتْ آمالي
دعوني أعلّقُ عُيونَها قَنَاديلَ لِقَصري
أُنيرُ بها وحدتي وظَلامي
دعوني أفرِشُ الأرضَ من شَفتَيْها لَعلّي
أضُمُّها أُقبِّلُ أرضَها إذا يوماً فَقَدْتُ احتمالي
دعوني أجعلُ أبوابي جُفُونَ عُيُونِها
أفتحُ الأبوابَ لأرى العيونَ قمراً كلما مللتُ أيّامي
دعوني أجعلُ شَعرَها نافورَةَ حُبّي وهِيامي
دعوني أرسمُ وَجهَها بالطّبْشورِ عليها جُدراني
دعوني أحفرُ اسمها في قلبي ووِجداني

دعوني أُخَطِّطُ رُموشَها على دفاتِري لعلّي
لرُموشِ عُيونِها أبكي وأشكي لها همّي وأحزاني
دَعوني أُزَيِّنُ قَصري بجَسَدِها كأنَّها مريَمُ العذراءُ
دعوني إليها أُوَجِّهُ ابتِهالاتي واحتِرامي
دعوني أُؤلِّفُها مَعْزوفَةَ حزني وآلامي
دعوني على العود أعزفها ... لَعَلّهُ يُجَسِّدُها أمامي

دعوني أكتُبُها قصيدةَ خوفي وغَرامي
دعوني أُغَنّيها كلمةً كلمة ... أعيش عليها أيّامي واللّيالي
دعوني أجعَلُ أصابِعَها سَكاكينَ تغرزُ في أعماقِ وِجداني
دَعوها تُمَزّقُ الشرايينَ لَعَلّي أشفي غليلي واحتِراقي
دعوني أعيشُ لها، أو لا أعيشُ لِغَيرِها
دعوني أُقَبِّلُ سَرابَها، لا أُقَبّلُ فتاةً تَقِفُ أمامي
دعوني أبكي هُمومي وأُلَمْلِمُ فُتاتَ قلبي
دعوني أُحَطِّمُ النفْسَ في داخلي لعلّي
بتحطيم النّفْسِ أنسى همومي

دعوني أرحلُ إلى دُنيا كلُّ من فيها يَبْكي ويُعاني
دعوني أَموتُ في تابوتِ وَجَعي وكلامي
دعوني أصيحُ باسمِها حتى تَسمَعَ الدُّنيا كُلّها
سبب مرضي وهيامي
دعوني أُرسِلُ الدّمعَ أنهارا أروي بها
ظَمَأَ قلبي وروحي ووِجداني
دعوني ألْعَنُ الدُّنيا لوحدي
لعلي باللّعْنِ أُعيدُ هَيْبَتي واحترامي
دعوني أسُبُّ قَيساً وليلي
لعلّي بالسّبابِ أشفي غليلي واشتِعالي
دعوني أشيخُ في عِزِّ الشبابِ لعلّي
أموتُ قَبْلَ أن تُفارقَ عيناها عُيوني
جَعَلْتُم مجنون ليلى، ولِبُثَيْنَةَ مجنونُها
أحَرامٌ عَليْها لُما أن تكون عِشقي وهيامي؟؟؟

دعوني لهمي ... دعوني لوحدي
دعوني لأبكي ... دعوني لأعاني[/CENTER]

(إلى الفتاة التي جنت بها كل جوارحي ... إلى الفتاة التي أحرقت قلبي .... وجعلت الرماد مداد لتقول كلمة "أحبك")

(f)