اخى الفاضل غاد هلب اس:
سلام و محبة (f)

اشكرك لتفضلك بعرض تعاليم الكتاب المقدس فى مسالة التعرض للظلم و الاساءة .
و هى تعاليم جميلة و رائعة و سامية و لا ينكر ذلك من يبتغى العدل و الانصاف .
و لكن هذه التعاليم يا اخى لا يمكن ان تبنى مجتمعا او تقود العالم لانها لا تتعامل مع الواقع العالمى .
فالمحبة و مجابهة الشر بالاحسان لا تكون مجابهة رادعة دائما و لا تعطى الحلول للمجتمع الذى فيه طبقات مختلفة من اهل الخير بمستوياتهم المختلفة و اهل الشر بمستوياتهم المختلفة .
و بذلك فان هذه التعاليم السامية هى تعاليم تربوية و تهذيب للنفس و هى تعاليم مؤقتة لا تحقق العدل و الحق على الارض .
و لذلك نرجع الى صلب الموضوع الذى طرحته عليك سابقا ان المسيحية روحها هو العزلة و الانقطاع الاجتماعى و هو ما يسمى بالرهبنة .
الاسلام اختلف مع المسيحية فى هذا الشان و اراه مثال ناجح لتوضيح الجديد الذى اتى به الرسول الاعظم اذ انه اتى بالجديد و ابقى على ما هو صالح من القديم الصحيح .
لنتعرض لتعاليم الاسلام فى هذه المسالة و لنا بعد ذلك تعليق للمقارنة .
قال تعالى عز و جل :
...........

فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (43)
............
من هذه الايات الشريفة اخى الفاضل تجد ان تعاليم الاسلام تحث على مقاومة الظلم و الوقوف بوجهه بما يسوؤه و يردعه عن ظلمه الى ان يقف الظالم عند حده و يكف الباغى عن بغيه و عند ذلك يامر الاسلام و يحرض على العفو و التسامح عند المقدرة بعد الانتصار من الظالم و ايقافه عند حده .
هذه تعاليم تصلح للحياة الاجتماعية العالمية و هى تعاليم بالفعل تمثل الدين الخاتم الذى رصده الله لقيادة العالم بكل فئاته و اشكاله و الوانه .
نعم لا بد من تهذيب النفس لتكون صبورة و قادرة على العفو و التسامح
و لتحصيل هذه المطالب لا باس بالعزلة للتدريب فقط و لكن على المؤمن الصالح ان ينزل الى ساحة الجهاد الاكبر فى المجتمع للمجابهة و التطبيق .
ارجو ان اكون قد استطعت ان انقل صورة اخرى للجديد من تعاليم الاسلام .
امثلة حية :
عندما سال احدهم الامام على عليه السلام قائلا:
يا امير المؤمنين , لم لا تمتلك حصانا سريعا ؟؟
اجاب الامام على عليه السلام قائلا بما معناه:
و ما حاجتى الى الحصان السريع ؟؟؟
اننى لا افر من القتال
و اذا انهزم عدوى و هرب فاننى لا اطارده .

و خير الامثلة جميعا :
بعد جهاد لعدة سنوات ضد المشركين و بعد تحمل للاذى و الالام فان الرسول الاعظم يدخل مكة فاتحا فيجمع الناس و يقول لهم :
ما ظنكم انى فاعل بكم ؟؟؟
فاجابوا :
اخ كريم و ابن اخ كريم
فقال :
اذهبوا فانتم الطلقاء .
بعد ان صارت اعناقهم فى يده و قد قتلوا احبابه و اصحابه و اذوه و جوعوه و تامروا على قتله و ابادة اهل عقيدته فانه يطلقهم دون ان يؤذيهم .

و اليك ايات اخرى تفيد ما يقرب من هذا المعنى :


الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ

اما ما ورد عن الرسول الاعظم من حديث فانقل لك من كتاب الكافى :

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبته: ألا اخبركم بخير خلائق(2) الدنيا والآخرة؟: العفو عمن طلمك، وتصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك.

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبن فضال، عن ابن بكير عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتي باليهود ية التي سمت الشاة للنبي صلى الله عليه وآله فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت: إن كان نبيا لم يضره وإن كان مللكا أرحت الناس منه، قال: فعفا رسول الله صلى الله عليه وآله عنها.

هذه بعض الامثلة
و لا اريد ان اطيل
ملاحظة :
لم اورد ما يتشابه فى المعنى مع النصوص التى فى الكتاب المقدس التى تفضلت بعرضها .
لانها خارج موضوعنا

تقبل احترامى و محبتى (f)

اللهم صل على محمد و ال محمد
لا فتى الا على و لا سيف الا ذو الفقار