[CENTER]تابع - ما هو اليقين و كيف يستقي الإنسان يقينه؟

في رحلة التطور العقلي للإنسان - سبق تطور و تأسيس العلوم الصورية (المنطق و الرياضة) بفارق هائل - العلوم الطبيعية التجريبية (التي يمكن إعتبارها على إستحياء كانت محاولات غير ممنهجة قاصرة في بعض مجالات العلوم - تختلط بشدة مع التفكير الخرافي).

أضف لذلك أن تعامل الإنسان مع العالم الخارجي تعامل قصري - لا فكاك منه. و العقل الإنساني في مراحله الأولى لا يستطيع إستيعاب ظاهرة لا تفسير لها ( بل و إلى الآن و إن كان من الممكن التعايش مع هذا الوضع لحين - مع الإتجاه الصحيح في البحث لتفسير هذه الظاهرة الغامضة).

و الآن دعنا نطبق المعادلة:
ظاهرة طبيعية في العالم الخارجي بلا تفسير + علوم صورية ناضجة بإمكانها تخليق عدد لا متناهي من التفسيرات الممكنة منطقيا = تفسير أو أفكار صحيحة منطقيا و لا يمكن إختبارها في العالم الخارجي على الإطلاق.

و تفسير العالم الخارجي بالميتافيزيقا كما سبق بيانه أدى لخلط شديد في إستيعاب العلاقات و القوانين التي تحكم العالم المادي من حولنا:

فالإنسان يعلم (بالتجربة) أن العلاقات المادية هي علاقات سببية مثل (إذا عرضت الماء لحرارة 100 مئوية يتحول لحالة البخار) أما و قد دخلت الميتافيزيقا المضمار لتفسر ظواهر لم يمكن تفسيرها حينئذ - فقد إستوجب هذا إدخال نوع جديد من العلاقات و هي علاقة الإنبثاق (العلاقات السحرية) و هي الظهور للوجود من العدم. و عكسها.
فحين لم يعلم الإنسان من أين يأتي النهر بمائه - إفترض أنه يأتي مباشرة من حيث توجد الآلهة - و فسر ظواهر طبيعية بالشياطين و الآلهة .. إلخ.
كمثال على ذلك - علم الإنسان بالمشاهدة أن سبب الأمطار في السحاب و إستطاع أن يستنتج هطول المطر بشكل و كثافة هذا السحاب لكنه عندما لم يستطع أن يعلم كيفية تكون هذه السحب و من أين جاءت فكان أن نسبها للآلهة.

بسبب عدم إمكانية تتبع و تجريب السلسلة السببية التي تحكم العلاقات المادية لعدم قدرة الإنسان حينئذ على ذلك - إنقطعت هذه السلسلة عند فشل الإنسان في إستكمالها و إستبدل بها المخلوقات الميتافيزيقية بإستعمال علاقات الإنبثاق.
أضف لما سبق طبيعة الإنسان و ميله للتشخيص و الغائية - الآن قد خلقت عوالم متكاملة من المخلوقات المشخصة تدخلت بالعالم تفسيرا بل و تحكما. لقد خلق الإنسان الآلهة.

أما يحق لنا أن نسأل الآن ما هو الدين؟؟ و إلى أي إطار فكري من السابق بيانها ينتمي؟؟