بسم الله الرحمن الرحيم،

مفهوم العلة في الإسلام، وعلاقته بلهو الحديث:

العلة هي الباعث على تشريع الحكم، وهي شرعية حصرا فلا يتسنى للإنسان أن يدرك بعقله الباعث على تشريع الحكم الإلهي.

والعلة هي الأصل في الحكم،وهي تدور مع المعلول وجودا وعدما، فإن وجدت وجد الحكم حتى لو غاب المعلول، وحين يغيب المعلول نسمي ذلك قياسا.

الآية الكريمة المتحدثة عن لهو الحديث هي آية معلولة بالإضلال عن سبيل الله، فكأن الحرمة انصبت على الاضلال عن سبيل الله تعالى وسيق مثل لهو الحديث كأكثر الأمثلة شيوعا.

فالحرمة هنا هي اتخاذ لهو الحديث للاضلال عن سبيل الله، وليس اتخاذ لهو الحديث بمطلفه، على أن لهو الحديث هو كل حجيث يتلهى به أكان غناء أم نثرا.

ويقاس على لهو الحديث كل حديث أو شأن يتخذ للاضلال عن سبيل الله والهزؤ بأمره، ولو كان هذا الحديث في أصله مباحا أو مندوبا.

ومن أمثلة العلة في القرآن الكريم:
(ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)

الحرمة هنا لم تكن للسكر، فقد علمنا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استمروا بشرب الخمر بعد نزول الآية إلا أنهم قد حرصوا أن يجتنبوا شربها قرب أوقات الصلاة. ذلك أن تحريم الخمر أتى في آية أخرى.
العلة في الآية هي (حتى تعلموا ما تقولون) وينصرف حكم الآية إلا كل ما يجعل الإنسان لا يعلم ما يقول، فلا يقرب الصلاة وهو يغالب الأخبثين مغالبة من لا يتضبط، ولا يقربها من كان غضبانا مطبقا، أو نعسا جدا، أو غير ذلك بما يخل بعلم الإنسان بم يقول.

أما عن الغناء، فلاتخاذه في غير الإضلال عن سبيل يرجع إلى ذات الغناء، ذلك أنه كلام موزون مقفى مرجع على مقامات. فهو كلام أولا وأخيرا، وهو كلام مقصود. فما جاز قوله جاز غناؤه وما حرم قوله حرم غناؤه.

هذا البحث لا يتناول الموسيقى التي تترافق مع الغناء أو تنفرد عنه، على أنني أتبنى القول بإباحتها لإقرار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إياها ولإقراره الإيقاع.

هذا أحسن ما قدرنا عليه، فمن أتانا بأحسن منه تركنا رأينا و صرنا إلى قوله.