هـــــواجـــــس....

‬ثقافة الشراشن‮!‬

عقيل سوار

أصبح من مسلمات الجدل السياسي‮ ‬أنه حتى الظلم الأكيد الواقع على الضعفاء من قبل‮ ‬الأقوياء‮ -‬دولاً‮ ‬وجماعات وأفراداً‮- ‬لا‮ ‬يبرر قيام الضعفاء بعنف‮ ‬غير مبرر أخلاقياً،‮ ‬كقتل المدنيين الأبرياء وما‮ ‬يشاكله من تدمير للممتلكات العامة،‮ ‬وما إليه مما‮ ‬يندرج رفضه تحت أهم قاعدة من قواعد‮ (‬القانون الطبيعي‮)‬،‮ ‬وهي‮ ‬عدم صحة أخذ القاعد بجريرة القائم‮!.. ‬ومع ذلك ليس خافياً‮ ‬أن هذه الحقيقة أصبحت تستغل بوجوه‮ ‬غير شريفة في‮ ‬المغالبات الإعلامية التي‮ ‬أصبحت لا تقل أهمية وخطورة عن أي‮ ‬من أسلحة هدر الدم كالقنابل والرصاص،‮.. ‬وأبرز هذه الوجوه الخلط المتعمد بين الكفاح والإرهاب،‮ ‬لحرمان الناس من حقهم الطبيعي‮ ‬في‮ ‬الدفاع عن أنفســهم والمطالبة بحقوقهم الإنسانية بوسائل طبيعية،‮ ‬ليست سلمية بالضرورة‮ (!).‬

نحن في‮ ‬البحرين معنيون أكثر من أي‮ ‬وقت مضى بهذه الجدلية،‮ ‬لأننا نقف على شفير هاويتها‮. ‬فهناك حقوق مضيعة للناس لا شك في‮ ‬هذا،‮ ‬وهناك حركة مطلبية سلمية ومشروعة من نسيج المشروع الإصلاحي‮ ‬ومن محفزاته،‮ ‬لا‮ ‬ينبغي‮ ‬مواجهتها بالعنف وأسلحة هدر الدم‮.
‬
بالمقابل هناك أسلحة هدر دم لا تقل خطورة،‮ ‬تبرر العنف الأعمى وتحفزه،‮ ‬كالتكفير،‮ ‬والتخويف والتخوين والتسقيط والتأليب وغيرها من أسلحة،‮ ‬لم تعد حصراً‮ ‬في‮ ‬يد السلطة السياسية،‮ ‬فالسلطات الدينية والاجتماعية وأملاكها‮ (‬من جهل،‮ ‬وعصبية،‮ ‬وطائفية‮) ‬أصبحت وصية على هذه الأسلحة بلا منازع‮ .. ‬ومع صحة أن الهدر الذي‮ ‬تمارسه هذه السلطات الإجتماعية والدينية‮ ‬يتم في‮ ‬الغالب بحسن قصد،‮ ‬هو أقرب لفصد الدم منه لهدره،‮ ‬مع ما تعنيه عملية الفصد من مقاصد العلاج وتخفيف الآلام عن الناس،‮ ‬إلا أن الصحيح تاريخياً‮ ‬وموضوعياً،‮ ‬أن هذا النوع من هدر الدم هو من نصيب الحجامات الشرشنيات،‮ ‬غير المؤهلات،‮ ‬اللواتي‮ ‬يبعن‮ - ‬ليس صدفة‮ -‬إضافة لخدمة فصد الدم،‮ ‬مرايا،‮ ‬وكحلاً،‮ ‬وأصباغ،‮ ‬وأدوات تبرج بدائية،‮ ‬وأدوية شعبية،‮ ‬وغير هذا مما‮ ‬يرتبط بثقافة الشعوذة‮! ‬

كم من هؤلاء عندنا في‮ ‬البحرين؟‮.. ‬خلافاً‮ ‬لرغبتي،‮ ‬لن أسمي‮ ‬أحداً،‮ ‬ولن أذكر عدداً‮ ‬في‮ ‬هذه المناسبة التي‮ ‬نقف فيها فعلاً‮ ‬على شفير هاوية،‮ ‬وسأكتفي‮ ‬فقط بالإشارة إلى الاستدراك الوارد في‮ ‬بيانات وتصريحات بعض من أدان لفظياً‮ ‬حوادث العنف الأخيرة المدانة بإجماع من الناس سلفاً،‮ ‬لكنهم ضمنياً‮ ‬استمروا في‮ ‬تبريرها،‮ ‬وتحفيزها،‮ ‬ليس بتذكير الناس،‮ ‬بضرورة البحث فيما أسموه الأسباب الحقيقية والحقوق المضيعة،‮ ‬وهو تذكير لا اعتراض لنا عليه حتى وهو‮ ‬يأتي‮ ‬في‮ ‬غير أوانه الصحيح،‮ ‬ولكن بالتمادي‮ ‬في‮ ‬رفض الاحتكام للقضاء والقانون،‮ ‬واعتبار المحكومين قضائياً‮ ‬بجرائم التخريب في‮ ‬المطار،‮ (‬معتلقين سياسيين وأصحاب رأي‮)‬،‮ ‬وهذا‮ ‬تحديداً‮ ‬ما‮ ‬يطلبه الذين بدأوا زجنا في‮ ‬دوامة عنف جديدة،‮ ‬متيمنين بشعار أثول هو‮ (‬شرعية الحق لا شرعية القانون‮!).‬

bin-swar@hotmail.com