تحليل -آخر- لنص طارق ..

هذه محاولة أخرى لدراسة نص طارق .. بتحليل بعض النقاط الأساسيّة التي استند عليها طارق في كتابة نصّه .. وبالتعرّض للانتقادات التي وجّهها له "العاقل" ..

اعتراضي الرئيسي على النص .. هو على "الأساس" الذي شيّد عليه طارق ما كتب .. حيث أنّ مناقشة أي فكرة .. تتضمّن عادة مقدّمة تشرح "ماهيّة" الفكرة .. وتفرّقعا عن غيرها .. وهذا ما نطلق عليه "التعريف" ..
تعريف طارق للطائفيّة كان : "الحكم على شخص أو مجموعة مسبقاً من خلال ما يعتبره شخص ما تعبيراً عن هوية الشخص المقابل أو المجموعة التي يحكم عليها"

الاعتراضات المقدّمة لهذا التعريف ..
- كلمة "الحكم" تعني التوصّل لنتيجة فكريّة معيّنة بعد مناقشة ذهنيّة شعوريّة .. لذا فهي عبارة عن تسلسل فكري وشعوري خالٍ من "الفعل" .. لم تتدخّل الإرادة فيه لتحوّل الفكرة إلى فعل على أرض الواقع .. وهنا يتّضح لنا أنّ "الطائفيّة" عند طارق هي موقف فكري .. وليس "عملي" حياتي ..
- الحكم على أي شيء ينبع من "معطيات" يعتبرها الإنسان مميّزة لهويّة هذا "الشيء" .. فأنا حينما أقول "الصيف حار" .. ينبع قولي هذا من خلال ما أعتبره هويّة للصيف .. لا يشترط أن تكون "هويّة" هذا الشيء في مخيّلتي مستمدّة من "عمليّة فكريّة منطقيّة" .. بل إنّ هويّة الشيء هي "تداعي ذكريات" عمّا أعلمه عن هذا الشيء وعما يختفي في غياهب لاوعيي عنه ..
أقول هنا .. أنّ تعريف طارق ليس دقيقاً .. وليس "مانعاً" عن الاختلاط .. فحسب تعريفه .. جميع الأحكام الإنسانيّة (التي تسبق التيقّن) هي شكل من أشكال الطائفيّة ..
أما أنا فأرى أنّ : الطائفيّة ليس "حكماً" .. بل تتجاوز ذلك لتصل إلى "الفعل" المعاكس المضاد .. وليست مستندة على "تقييم" لهويّة الشخص المقابل .. بل مستمدّة من حقد على "اختلاف" هذا الشخص عن هويّتي المطلقة ..

بناءً على تعريفي الجديد .. فأنا أهدم قسطاً كبيراً من نص طارق .. لكنني سأصل في النهاية إلى نقطة مشتركة .. نتيجة تجمعنا .. الطائفيّة شرّ .. "مطلق" بالنسبة إلى الأساس الذي أقيّم به الأشياء ..
فعلى أيّ أساس أستند في ذلك .. !!
لا أستند على مواطنتي .. بقدر ما أستند على تقديسي لانتمائي الإنساني .. هذا الانتماء الذي يضع نصب عينيّه تحقيق أكبر قدر ممكن من الحريّة الإنسانيّة .. والعدالة الإنسانيّة ..
بمعنى آخر .. أنا أحكم على أي "فعل" بناءً على جملة المقارنة الخاصّة بي .. انتمائي الإنساني .. الذي اختارني قبل أن أختاره .. والذي يجمعني بأبناء جنسي .. بدل أن يفرّقني عنهم ..

"الفعل" الطائفي .. يتفاوت في درجة تطرّفه وعنفه .. لكنّه في النهاية فعل مضاد .. معاكس .. يهدف إلى تهميش المخالف .. لأنّه مخالف وفقط .. فهو فعل يفتقد لأدنى قدر من "الموضوعيّة" لنضعه على ميزان العدالة الإنسانيّة .. والحريّة الإنسانيّة .. فمقياسي "الإنساني" هو مقياس "دوغماتي" أكثر مما هو "برغماتي" .. يهتم بالكيفيّة التي يقوم بها الفعل .. أكثر من اهتمامه بهدف هذا الفعل ..
أنا قد أحترم أي فعل طالما أنّه "بكيفيّته" لم يخالف مبادئي الإنسانيّة.. ثم أحدّد "قيمة" لهذا الفعل بناءً على النتيجة التي أتى بها .. ومدى نفعها أو ضررها ..
وحتّى اذا ما اضطررت للتصرّف بشكل "برغماتي" .. فذاك لن يكون إلا لحماية "دوغماتيّتي" .. التي تهتمّ بتصرّفي اللحظي .. بغض النظر عن غاياتي –التي قد أراها- سامية ..

لماذا أفضّل الدوغماتيّة عن البرغماتيّة .. !!
الاهتمام بالغاية فحسب .. يعني اهمالاً لمدى "صحّة" للوسيلة .. فالغاية هي "الرغبة بتحقيق نتيجة معيّنة" .. وأن أؤمن بتحقيق الغاية يعني أن أتجنّب "تقييم" الوسيلة .. وبذلك أهمل وجود "نتائج" أخرى (ليست واقعة ضمن الغاية) تتسبب به "وسيلتي" .. وبالتالي فالمذهب البرغماتي سيخترق ثوابتي الإنسانيّة (الحريّة .. العدالة) في أيّ لحظة لتحقيق غايته .. وسيضع أولويّات أكثر أهميّة من –إيماني بالإنسانيّة- .. وهذا ما يجعلني أرفضه .. وأرفض الفعل الذي ينبع لغاية لا تراعي "الوسيلة" ..

لذا .. أنا أرفض أي فعل طائفي .. يهدف لفرض أيدولوجيّة معيّنة .. أو الانتقام من الأيدولوجيّات الأخرى ..

خوليو