ومن لا يبكي على المحرومين المعدمين منا؟!

أرحمهم ولكنني لا أملك لهم حيلة

أحبهم ولكن: (إنك لا تهدي من أحببت)

الإيمان نفحات حب

دفقة عاطفة

خلجات نفس

إشراقات روح

وهم لا يؤمنون بهذا الغيب كله، لأن الإنسان عندهم مادة فحسب

أدخلوا أنفسهم في متاهة منذ البداية، وهي متاهة تؤدي إلى كل شيئ إلا أن تهديهم للإيمان!

فقد ظنوا ابتداء أن الفلسفة طريقهم للعقلانية، وماكانت الفلسفة قط طريقا إلا للتشكيك، فعلى ضفافها قامت ثورات الشك وتناقضات الجنون والنسبية

وليت شعري هل أفلحت الفلسفة بإثبات حقيقة عقلية أو دينية، مادية أو معنوية لم تثبت بغير طريقها؟!!

إن كان لديكم ما تثبته الفلسفات فآتونا بإثارة من علم فنقتبس منه؟!

أما إن كانت طريقا للتشكيك حتى في الحقائق المادية فضلا عن الغيب ولا شيئ غير التشكيك...

وإن كانت لا تستطيع الوصول إلى الماوراء برغم كل بسطها ومكابدتها...

وإن كان منتهاها إلى أن إقدام العقول عقال، وأن غاية سعي العالمين ضلال، وأن كل الحقائق نسبية، وكل الحقائق هي ظلالها، وانه لا مطلق ولا ثابت، إلى غير ذلك من السفسطات والجدليات التي تسكر العقول وتشغلها عن إنسانيتها، حتى لا يكون بينها وبين الجماد إلا شعرة، بل راح بعضهم يتباهى بحيوانية الإنسان! وحتى الأنسنة هي الأخرى لما فلسفوها خرجوا منها بأجمل ما فيها وهي صفاء الروح، وفضائل القيم والأخلاق، فكل هذا خرافة، وكل ما كان وكنا وسيكون هباء منثورا!!

وجايين في الدنيا لا نعرف ليه ولا عاوزين إيه

ولست أدري

وأنا موجود وغير موجود

وعالم بلا علم وخارج العالم وداخله وحادث غير مخلوق وقديم وحادث وووو إلى غير ذلك من الكلاميات التي أضلت من قبلهم

ثم جازفوا قليلا فظنوا أنهم سيقتحمون عقبة الروح، ويدخلوها معهم في مختبراتهم، فلما أعياهم السبيل ولم يخرجوا بأكثر من خارطة لأصغر كرومويسوم صرخوا كما صرخ من قبلهم حين وصلوا القمر، وكما صرخ فرعون القديم حين بنى له هامان الصرح، وظنوا أنهم عرفوا كل شيئ أو انهم في طريقهم إلى هذا، وهم منذ بدؤوا طريق الإلحاد يبحثون عن إكسير الحياة، وسر السعادة، غير أنهم في عنفوان الصبا يظنونه بعض متعة هنا وهناك يقضونها، ثم لا يصلون من بعدها إلى عشر معشار المتعة التي يشعر بها المؤمن حتى وهو في أضيق أحواله!!

ليتهم أقحموا عقولهم ليكشفوا عن سنن الله في الأرض فيستثمرونها ويعمرون الأرض بها

ليت عقولهم قادتهم لتفجير النواة وتحويلها لطاقة مدنية مفيدة

ليت عقولهم حققت لهم رفاهية ولمجتمعاتهم

ليتهم أغنوا أمتهم عما بها من وهن وذل واستلاب

لولا أن عقولهم دأبت الكسل والاسترخاء إلا في الماوراء وكل ما لا يقدم لأمتهم نفعا ولا لأنفسهم!

أبكي عليهم والله شفقة ورحمة ومحبة للإنسان كل الإنسان...

لأنهم سلكوا في الوصول إلى الحقيقة طريقا وعرا زلقا زلت به أقدامهم في أول مخاضته، وضاعوا في مفازته ومتاهاتها!!

إنه أسلوبهم منذ كان رهانهم أن يكسبوا المعركة بتنقيص الآخر...

ظنوا أن ما لديهم من الإيمان -يوم كان لديهم بقية من إيمان-يخولهم بأن يهينوا الآخر ويسخروا من معتقداته

ولم يعلموا منذ بداية الطريق أنهم يجب أن يكونوا رسل محبة، ودعاة هداية وأن طريقهم للدعوة والتبشير هو المحبة لا غير

لأجل هذا سخر الله منهم، وأوكلهم إلى عقولهم القاصرة

ونسوا الله فنسيهم

وغاب عنهم يوم يرجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس بما عملت

غاب عنهم في صخب من الحياة وسكرة من الصبا، لولا أنهم في قرارة أنفسهم موقنون

وستكشف إيمانهم عند أول بادرة خوف ينقطع فيها رجاؤهم من أسباب الدنيا المادية

وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا

ظلموا أنفسهم وما أظلم من الشرك والإلحاد؟ (إن الشرك لظلم عظيم)

ظلموا أنفسهم إذ لم يتركوا كوة الإيمان تنير لقلوبهم مسالك الحب والرحمة

وما ذاك إلا أنهم محرومون ابتداء لم يتذوقوا حلاوة الإيمان

فشغلتهم التهكمات بدين المسلمين والمسيحيين

شغلهم التهكم بعيسى ومحمد

شغلهم التناطح بما في القرآن والكتاب المقدس
فظنوا أن غاية نصرهم للدين أن يعيشوا بهذا الحدل العقيم

وظنوا الأديان إذ تنهاهم عن التلهي بمخاضة الجدل إنما تمنعهم لأنها تخشى على حقائقها من كشفهم!

وما علموا أنها وصية الخبير الذي خلقهم وهو أدرى بما يهديهم وما يضلهم ولا ينبئك مثل الخبير

وأنه قال لهم ابتداء أنكم لن تحيطوا بشئ مما لدي علما فلا تضلوا أنفسكم بما لا قبل لكم به

خلقت لكم عقولا لتعمروا بها الأرض (هو أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها) ولتنتفعوا بها وتنفعوا العالمين، ولم أخلق لكم عقولكم لتفكروا فيها بما وراءها فهي أعجز من أن تصل إلى حقيقة في هذا الخبط العشوائي بلا دليل!

غير أن جمعكم أودى بكم، وكم أغرت الجموع بالقبائح!

فعاقروا النادي اجتمعوا قديما وكان اجتماعهم هو المحرض لهم على عقرها الذي كان به ذهابهم!

وقوم لوط كانوا يأتون بناديهم المنكر

وقريش في دار ندوتها اجتمعت لحرب محمد صلى الله عليه وآله وسلم

وهكذا يهلك الناس حتى في وجود الصالحين إذا كثر الخبث

وإني أعظكم بواحدة

أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا

تفكروا بفيض من قلوبكم ولا تجعلوا أدمغتكم مجردة تلغو وتماري وتناظر!...

افقهوا بقلوبكم، فكم عاب ربكم على من (لهم قلوب لا يفقهون بها)

أعملوا قلوبكم فهي أصدق نبضا من أدمغتكم...

وما يغذي الدماغ إلا القلب....

أقولها بمحبة

إن سلكتم طريق الإيمان أو طريق الشك أو طريق الإلحاد البات، فاتركوا لأنفسكم فرصة مريحة من التفكير والاحترام قبل أن تتهكموا بسواكم، فوالله إن الله لا ينظر نظر رحمة إلى كل متكبر يبطر الحق ويزدري النعمة..

ولا ينظر نظر هداية لمن تنكب الطريق وسلك الوعر من الاستهزاء بالآخرين وسبابهم..

لأجل هذاخاطب المؤمنين بقوله: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) حتى لا يضحكوا فيضحك منهم، ويستهزئوا فيستهزأ بهم ونتحول من تعارف أراده الله بين الناس جميعا (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) إلى صراع وفساد وسفك للدماء!

لو عرفتم الله حق المعرفة ما كفرتموه والله

اللهم اغفر لقومنا فإنهم لا يعلمون:hony:

سأحترم إنسانية الإنسان فيكم، وأسمح لنفسي أن أبقى صديقا للجميع مهما اختلفنا

واسلموا لود واحترام(f)