أحسنت عزيزي عباد،

أريد أن أضيف أن العقوبات هي مؤيد تشريعي للنظام إلا أنها ليست المؤيد التشريعي الوحيد.

امتناع الناس عن الإتيان بالمخالفات لا ينبغي أن يكون منطلقا أساسا من صرامة الدولة وقوة العقوبة، بل ينبغي وجود موانع مجتمعية كافة للناس، كالعرف العام والرأي العام الذي يسيطر على المجتمع بما يجعل الإتيان بالجريمة صعبا إلا للمتحدي.

الدريمة المرتكبة سرا، بما يؤذي المرء فيها نفسه أو غيره مع الموافقة من هذا الغير، كشرب الخمر سرا، أو الزنا مع أخذ التحوطات، أو غيرها... هذه من حياة الناس الخاصة التي لا يجوز الاطلاع عليها بغير إذن، ولو اطلع القاضي بنفسه دون إذن يعاقب، ولا يحل له أن يتخذ ما رآه دون إذن مبررا.

البينات الشرعية التي تؤخذ في المحكمة دون اعتراض هي:
1- الاعتراف: وهي بينة لازمة، ويمكن التراجع عنها في حالة الحدود فقط.
2- الشهود: وهي بينة متعدية، ويلزم عدد شهود معين في كل واقعة، وقج يشترط جنس الشهود إن كان مما لا يطلع عليه غيرهم لزوما أو اختيارا.
3- اليمين: وهي بينة نفي للمنكر، تلزم حين يعجز المدعي عن الاثبات.
4- الوثائق المكتوبة: وهي بينة متعدية، على أن يكون فيها شهود.

غير ذلك من أمور تعتبر قرائن، تدعم البينات ولا تعارضها. وتساهم في التحقيق ولا تشكل دليلا دامغا للادانة.

من ناحية العقوبات التعزيرية، فهي عقوبات اجتهادية، يرجع إلى القاضي المجتهد وحده تقدير غلبة ظن وقوع المتهم في الجريمة، وانطباق العقوبة المناسبة عليه، وتقدير الظرف الذي كان فيه المتهم حين الجريمة. وهي كونها اجتهادية فوقوع الظن فيها ممكن.

أظن أن الموضوع يحتاج إلى اجتهاد جديد لاثبات إمكان وقوع غلبة الظن من وسائل علمية معينة، حتى تستعمل في إثبات العقوبات التعزيرية.