{myadvertisements[zone_1]}
عقيدة الفداء كما يراها القمص زكريا بطرس1
غالي غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,762
الانضمام: Mar 2006
مشاركة: #7
عقيدة الفداء كما يراها القمص زكريا بطرس1
إن توجيهنا الكلام إلى جناب القمص لم يكن بغرض اقناعه بما نقول، وإنما لكي نقيم الحجة عليه، ونبين سوء استدلاله وسخافة منطقه، ولو أننا نتمنى بالطبع لو أنه جرّب أن يستعمل عقله، ويفتح بصيرته، ويتعامل مع معتقداته بمنطق المفكر وليس بمنطق الناقل.

لقد ظل جناب القمص يكرر الإهانة والاتهام للمسلمين بأنهم لا يريدون أن يقرأوا ولا يريدون أن يفهموا ولا يريدون أن يقبلوا الحق، كما ظل يحثهم على أن يتخلوا عن أفكارهم القديمة ويفكروا بمنطق القرن الواحد والعشرين. وحبذا لو اتّبع جناب القمص نصيحته هذه فوسّع مجال قراءاته، ولم يقتصر على قراءة ما يكتبه هو فقط، ولو فعل لعرف أن المسيحية التقليدية التي يؤمن بها جناب القمص، والتي يدعونا نحن المسلمين لأن نقبلها بدل الإسلام، هذه المسيحية تحتضر الآن، الأمر الذي دفع أحد رجالات الدين في الولايات المتحدة الأمريكية، هو الأسقف سبونغ، أن يكتب كتابا بعنوان:
“Christianity Must Change or Die” أي: "على المسيحية أن تتغير أو تموت". وليس هذا المفكر مجرد قس في كنيسة أو حتى مجرد قمص من أمثال القمص زكريا بطرس، وإنما هو أسقف من كبار الأساقفة في أمريكا، أي أنه عليم وخبير بالعقائد المسيحية، ويعلم تماما أن هذه العقائد لم تعد تناسب العصر الذي نعيش فيه، ولا بد أن تتغير هذه العقائد ويُعاد النظر فيها مرة أخرى لاستبعاد جميع الخرافات التي تحتويها، والمتناقضات التي تقوم عليها. إن العالم يعيش الآن في القرن الحادي والعشرين، ولم تعد المواد الدينية حكرا على رجال الدين المتخصصين وحدهم كما كان الحال في الماضي، وإنما أصبحت كل المعلومات متاحة للجميع، سواء كان ذلك عن طريق الكلمة المطبوعة في الكتب، أو الكلمة المنشورة على الشبكة العالمية للمعلومات "الإنترنت".

وعلى ذلك فلن يستطيع رجال الدين، في أي دين من الأديان، أن يحتكروا وحدهم العلوم الدينية، كما لن يستطيع أدعياء الدين أن يخدعوا الجماهير كما كان من الممكن أن يفعلوا في الأزمنة الماضية، حينما كانت الكتب المقدسة غير متاحة للجميع أن يقرأوها، ولا كانت في متناول أيدي العامة من الناس ليعرفوا محتوياتها، فكانوا يقنعون بما يُقال لهم، ويؤمنون بما يقرره رجال الدين من عقائد، مهما اختلط بهذه العقائد من تناقضات، ومهما شابها من خرافات.

ومع أننا نؤمن بأن الدين الذي كان يدين به المسيح ابن مريم كان دينا يخلو من الخرافات ويسمو على المتناقضات، إلا أن هذا الدين عبر العصور المتعاقبة قد وقع فريسة للخلافات، وصار ضحية لتنافس رجال الدين على السُلطة، الأمر الذي أدّى إلى الكثير من المتناقضات التي تغلغلت فيه، وإلى انتشار الخرافات التي تسربت إليه. ومن هذه الخرافات التي تقوم عليها المسيحية بوجه عام اليوم، هي خرافة الثالوث والتجسد. وما يدفعنا إلى التحفظ فنتحدث عن المسيحية "بوجه عام"، هو أن بعض الفرق المسيحية قد أدركت خرافية هذه العقيدة فتخلت عنها تماما وأنكرتها، وأقرت بوحدانية الله تعالى دون قيد أو شرط. ومن هذه الفرق المسيحية فرقة الكريستادلفيان واليونيتاريان وشهود يهوه. وهذه الفرق المسيحية قد أنكرت تماما ألوهية المسيح بأي شكل من الأشكال، بينما أدركت بعض الفرق الأخرى سخافة فكرة التثليث، ولكنها لم تستطع بعد أن تجد لديها الشجاعة الكافية لأن تعترف بسخافتها فتنكرها، ولذلك راحت تفسرها وتشرحها وتفلسفها في محاولات يائسة وفاشلة لكي تثبت أنها تؤمن بوحدانية الله، فكانت النتيجة أنها لم تحقق الوحدانية ولا التثليث، وإنما خلقت مسخا مشوها وخليطا من الاثنين، وذلك كما حاول جناب القمص أن يفعل.

يدّعي القمص أن مسيحيته تؤمن بأن الله واحد لا شريك له. ولكنه في نفس الوقت يحاول تبرير الأفكار التقليدية لمسيحية التثليث، فنراه يتكلم عن ثلاثة أقانيم يزعم أنها إله واحد، غير أنه يُعرّف الأقنوم فيقول إنه "كائن قائم بذاته ولا ينفصل عن غيره". وما أعجبه وما أغربه من تعريف لله الواحد الذي لا شريك له!! فهذا الإله الواحد في رأيه يتكون من ثلاثة أقانيم، أي يتكون من ثلاثة كائنات، كل منها قائم بذاته غير منفصل عن غيره. وبذلك فقد عاد مرة أخرى إلى مستنقع المسيحية التقليدية التي تؤمن بالتثليث، والتي تقول إن الله واحد يتكون من ثلاثة آلهة. وإذا سأل أحد كيف يكون الله واحدا وثلاثة في نفس الوقت، يقولون إن هذا هو السر الذي لا يستطيع غير المؤمنين أن يفهموه، ولا بد من الإيمان أولا ثم يأتي الفهم فيما بعد. وبالطبع إذا أقر المرء بالإيمان، فما الداعي لطلب الفهم بعد ذلك؟ إن مجرد المناقشة بعد ذلك تدل على عدم الإيمان والشك، وتؤدي إلى الاتهام بالكفر والهرطقة والزندقة، فمن ذا الذي يجرؤ على المناقشة، أو حتى التساؤل بينه وبين نفسه؟ إن تساؤل العقل في هذه الحالة يكون رجسا من عمل الشيطان فلا بد أن يجتنبوه، ويجب على المؤمن المخلص أن يطرد مثل هذه الأفكار الشيطانية من فكره، ويطهر منها قلبه، وكأن الله قد وهب الإنسان العقل ليفكر به في كل شيء ما عدا العقائد الدينية التي يخترعها رجال من أمثال القمص زكريا بطرس.

والحقيقة أن جناب القمص لم يصل إلى مصاف المخترعين للعقائد، وإنما هو من طبقة المبررين الذين يحاولون تبرير اللامعقول لكي يتفق مع المعقول، وتبرير الخرافة ليجعل منها حقيقة. ولذلك رأيناه يلف ويدور ويختلق لكلمة "الابن" الكثير من المعاني والتفسيرات، بل إنه لا يتورع عن الخداع والتزوير، فيقول من ناحية إنه يتفق مع القرآن حين ينفي أن يكون لله ولد، ثم يزعم من ناحية أخرى أن مسيحيته تؤمن بأن المسيح لم يولد من الله، ولكنه ابن الله، ثم يتحدّى المسلمين فيقول: "احنا بنقول "ابن" ما قلناش "ولد"، يعني آدي الكتاب المقدس، ويجيبولنا إن احنا بنقول المسيح ولد الله، أو الله ولد المسيح، احنا بنقول ابن".

ولو كان جناب القمص أمينا مع نفسه، ومع ضميره، ومع الناس الذين يحدثهم على شاشات التلفاز، لما قال هذه الجملة، لأنه يكذب ويعلم أنه يكذب، إلا إن كان جاهلا ولم يقرأ الترجمة الإنجليزية للأناجيل. ولكن يبدو أن الكذب مسموح به في شريعة القمص، ما دام يستطيع بهذا الكذب والغش والخداع أن يحوّل المسلمين عن الإسلام، ويوقعهم في شباك مسيحيته.

إن جناب القمص يجيد اللغة الإنجليزية، وقد عاش مدة في استراليا، وزار بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وأدلى بالكثير من الأحاديث واللقاءات التلفزيونية باللغة الإنجليزية، ولدينا أحاديث مسجلة لجناب القمص وهو يتحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة. وليس من شك في أنه يعلم ماذا تقول النسخة الإنجليزية لإنجيل يوحنا في الإصحاح الثالث والفقرة 16 التي نصها:
“For God so loved the world, that he gave (his only begotten Son), that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life”.والترجمة العربية التي قام بها المترجمون المسيحيون الأمناء أمانة القمص زكريا بطرس هي كما يلي:
"لانه هكذا أحب الله العالم حتى بذل (ابنه الوحيد) لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية".

حسنا يا جناب القمص. لقد قبلنا التحدّي، وها هو البرهان أمام عينيك، وأمام عيون من يثقون بك ويظنون أنك لكونك رجل دين فلن تكذب عليهم ولن تخدعهم.

غير أن فضيحة الكذب لا تنتهي عند هذا الحد. فهي لا تقتصر على الكتاب المقدس وحده، وذلك لأن العقائد في المسيحية لا تقوم على الكتاب المقدس فقط، وإنما ما يقرره الآباء في مجامعهم الكنسية يصير أيضا من العقائد التي يلتزم المسيحيون بالإيمان بها. وقد نصت جميع قرارات المجامع المسكونية على أن المسيح هو الابن المولود من الآب. ولو تمحك جناب القمص بحجة الجهل وزعم أنه لم يقرأ ولم يسمع الفقرة التي ذكرناها في إنجيل يوحنا باللغة الإنجليزية، فهو بلا شك على علم بقوانين الإيمان التي أصدرتها المجامع المسكونية.

والأمر العجيب والشيء الغريب، أنني بحثت في شبكة المعلومات "الإنترنت" عن ترجمة باللغة العربية لقوانين الإيمان التي نجمت عن هذه المجامع، فلم أجد. وحتى في الموقع الذي نشر فيه جناب القمص كتابه عن انشقاق الكنيسة، نراه يتكلم عن المجامع المسكونية الأربعة التي تؤمن بها مسيحيته، ويذكر عنها كل شيء ما عدا نصوص قوانين الإيمان التي قررتها، وذلك لأنه يعلم أنه لو نشر قوانين الإيمان هذه، فلن يستطيع خداع المسلمين الذين يلف ويدور معهم، ويحاول إقناعهم بأن المسيح مجرد "ابن" ولكنه ليس "مولودا". ولذلك فقد اضطررت أن أقوم بترجمة الأجزاء الهامة من قوانين الإيمان هذه. وإني أتحدى جناب القمص وشركاه، أن ينشروا ترجمتهم العربية الكاملة لقوانين الإيمان هذه، إن كانوا يرون أي خطأ أو نقص في هذه الترجمة التي أقدمها لهم وللمسلمين وللمسيحيين أيضا، حتى يعلموا مدى كذب القمص ومقدار خداعه.
يقول قانون الإيمان الصادر عن مجمع نيقية (The Nicene Creed):
“I believe in one God, the Father Almighty, Maker of heaven and earth, and of all things visible and invisible. And in one Lord Jesus Christ, the only begotten Son of God, begotten of the Father before all worlds; God of God, Light of Light, very God of very God; begotten, not made, being of one substance with the Father, by whom all things were made…etc”. "أؤمن بإله واحد، الآب القدير، صانع السماء والأرض، وكل ما يُرى وما لا يُرى. وبرب واحد يسوع المسيح، الإبن الوحيد المولود لله، المولود من الآب قبل كل العالمين، إله من إله، نور من نور، نفس الإله من نفس الإله؛ مولود، غير مخلوق، من جوهر واحد مع الآب، الذي به خُلق كل شيء... الخ".
وأظن أن الأمر لا يحتاج إلى أي تعليق آخر على كذب وغش وخداع وتزوير جناب القمص.
غير أن مسلسل الكذب لا يقف عند هذا الحد، وجناب القمص.. رجل الدين المحترم، لا يتورّع عن الكذب وعن المزيد من الكذب، فهو يقول في الحلقة السابعة من حلقاته التي قدمها مع السيدة ناهد متولي ما يلي:
"الأستاذ عباس محمود العقاد، الله يرحمه، الكتاب اسمه "الله" صفحة 171، فبيقول: إن الأقنوم جوهر واحد، فإن الكلمة والآب وجود واحد، وأنك حين تقول الآب، لا تدل على ذات منفصلة عن الإبن، لأنه لا تركيب في الذات الإلهية، أي أن الله غير مركب من ذوات أو نفوس متعددة، هو واحد له عقل وله روح".

ومرة أخرى يلجأ القمص إلى أسلوب الكذب والخداع، فيحاول أن يخدع مشاهديه بإفهامهم أن المفكر الكبير الأستاذ عباس محمود العقاد كان يؤمن بعقيدة التثليث ويرى أن الآب والكلمة وجود واحد، بينما الذي ذكره الأستاذ العقاد هو ملخص لرأي كهنة المسيحية الذين اختلف بعضهم مع البعض في القرون الخمسة الأولى. ومن الكذب والخداع أن ينسب القمص هذه الآراء للأستاذ العقاد، ويشوّه بذلك سيرته وعقيدته. وقد سمعت أن بعض المصريين يريدون أن يرفعوا دعوى في المحاكم المصرية يتهمون فيها جناب القمص بالكذب والإساءة إلى أدب الأستاذ العقاد بتزوير كتاباته. وسواء أدانت المحاكم المصرية جناب القمص بسبب كذبه وافتراءاته على كتابات الأستاذ العقاد أو لم تدنه، فهذا أمر متروك لهذه المحاكم. وبطبيعة الحال فإن مثل هذا الحكم لا قيمة له بالنسبة للقمص، لأنه لا يقيم في مصر، ولكن الحكم الحقيقي سوف يصدر عليه في محكمة السماء، حيث يعلم القاضي الأعظم نيّات الكذابين والمفترين، وهو وحده الذي يستطيع أن يوقع العقاب، حيث لا يستطيع جناب القمص أن يهرب من المثول أمامه، ولا أن يتهرّب من الإجابة عند السؤال.

وما زلنا في مستنقع الكذب الذي تردّى فيه جناب القمص، حيث إنه روى عن الشيخ محيي الدين ابن العربي مقولة أخرى كما روى من قبل مقولة الأستاذ عباس محمود العقاد. إذ يقول في الحلقة السادسة التي سجلها مع السيدة ناهد متولي ما يلي:
"الشيخ محيي الدين العربي في كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني صفحة 35، بيقول إيه محيي الدين العربي؟ بيقول: الكلمة هي الله متجليا، وهي عين الذات الإلهية لا غيرها. وقال أيضا في نفس الكتاب صفحة 143: الكلمة هي اللاهوت".

وقد بحث الأصدقاء عن هذه الجمل المنسوبة إلى الشيخ محيي الدين ابن العربي في الكتاب المذكور وفي الصفحات التي ذكرها جناب القمص، ولكن لم يعثروا لها على أثر، لا من قريب ولا من بعيد.
وقد قلنا غير مرة إن آراء العلماء في الإسلام ليست ملزمة للأمة، فليس في الإسلام كهنوت، وليس من حق أحد مهما بلغ علمه ومهما علا مقامه أن يفرض رأيه على المسلمين، والنبي الذي بعثه الله تعالى لهذه الأمة، لم يعط لنفسه هذا الحق وإنما أعطاه الله تعالى له في كتابه العزيز حيث يقول َأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ(المائدة:92)، ويقول مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ(النساء:80)، ويقول وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ(الأحزاب:36)، ويقول أيضا فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (النساء:65). إذن الطاعة الواجبة والاتباع الملزم في الأمور الدينية يكون لله تعالى وللنبي الذي بعثه الله تعالى لهذه الأمة، وأما اتّباع أولي الأمر فيكون في الأمور الدنيوية المنظمة لأحوال المجتمع والتي تقوم على الشورى. أما آراء العلماء فهي كلها اجتهادية، تخضع للصواب كما تخضع للخطأ، وليس من حق أي مجمع للمشايخ أو للعلماء أن يفرض رأيه على الأمة كما هو الحال في المسيحية.

وجناب القمص يعرف ذلك جيدا، ولكنه لا يكف عن محاولاته لخداع المسلمين، ولا يتوقف عن محاولاته التي تهدف إلى إقناعهم باتباع خرافاته وعقائده المغلوطة، اعتمادا على أقوال بعض العلماء، حتى ولو لم يكن لهذه الأقوال من أثر في صفحات الكتب التي يستشهد بها.
وأسلوب الغش والخداع الذي يتبعه جناب القمص يظهر بوضوح حين يستشهد جنابه برأي بعض الفرق المنحرفة أو المغالية، ثم ينسب هذا الرأي إلى المسلمين أو إلى طائفة من المسلمين، وذلك كما فعل عندما أراد أن ينسب إلى المعتزلة أنهم يؤيدون نظرية الحلول والتجسد التي يؤمن بها جنابه، فزعم أن المعتزلة قالوا "إن كلام الله حل في الشجرة، أي تجسّد فيها". أما المرجع الذي نقل عنه هذا الكلام فهو ليس كتابا من كتب المعتزلة، وليس قولا من أقوال رؤسائهم وقادتهم، وإنما هو من كتاب "الملل والأهواء والنّحل"، الذي جمع فيه مؤلفه آراء الفرَق والنّحل المختلفة، بما فيها الفرق الشاذة والنّحل المنحرفة. ويريد القمص بذلك أن يوحي للمسلمين أن الآراء التي ينقلها من ذلك الكتاب تُعبّر عن رأي علماء المسلمين. ويعلم جناب القمص تمام العلم أن في هذا الأسلوب خداع للمسلمين، وخداع لجميع مشاهديه حتى من المسيحيين الذين يسمعون كلامه ويصدقونه. وماذا يمكن أن يقول القمص لو أنني نقلت رأيا من آراء فرقة مسيحية من الفرق المسيحية التي يعتبرها القمص فرقا كافرة ومهرطقة ومنحرفة مثل "شهود يهوه" مثلا، ثم زعمت بعد ذلك أن رأي هذه الفرقة هو رأي المسيحية التي يؤمن بها القمص؟ ألن يعتبرني القمص إنسانا غشاشا ومغالطا ومخادعا؟ وإن لم يكن هذا هو الغش والخداع، فما هو الغش والخداع في نظر جناب القمص؟

إننا لا نهدف هنا أن نبين فقط كذب القمص وخداعه لمجرد إثبات أنه يكذب ويخادع، فالكذب والخداع هذا سوف يحاسبه الله تعالى عليه حسب نيّته، والله تعالى شديد العقاب كما أنه أرحم الراحمين، ولذلك فإننا نترك أمر القمص إلى صاحب الأمر. إن هدفنا من بيان الكذب والخداع في كلام القمص هو أن ننبّه أولئك الذين انخدعوا بكلامه وصدقوه إلى ضرورة مراجعة حساباتهم وعقائدهم، والسيد المسيح يقول: "ماذا ينتفع الإنسان إذا ربح العالم كله وخسر نفسه" (متّى26:16)، ونحن نُذكّر هؤلاء الذين يصدقون القمص بقول السيد المسيح ونقول لهم: ماذا ينتفع الإنسان إذا صدّق كلام القمص كله وخسر نفسه؟
وبعد..

إننا نأسف أن يتصف رجل دين بهذه الصفات، وكنا نتمنى أن يلتزم جناب القمص بأبسط قواعد الأخلاق والصفات الكريمة، التي يحض عليها كل دين من الأديان، مهما شابه من متناقضات، ومهما ناله من خرافات، فإن الأديان جميعها تحترم المبادئ الأخلاقية النبيلة وتحض عليها. ولكن يبدو أن جناب القمص يتّبع بإخلاص النصيحة التي يدّعي متّى أنها من قول المسيح حيث يزعم أنه قال: "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيّات، بسطاء كالحمام" (متّى:16:10). وبطبيعة الحال، فلن يكون هناك أي شعور من حب لدى الغنم تجاه الذئاب، ولكن يملأهم الإحساس بالخوف والحقد والرغبة في الانتقام وإيقاع الأذى والضرر، تعبر عنها الحيّات بملمسها الناعم من الناحية الظاهرية، وسمها القاتل الموجود في داخلها والقابع في أنيابها. وهكذا كان القمص ومن هم على شاكلته من دعاة المسيحية الذين يتحدثون برقة الحمام وينفثون سموم الحيّات.

أضف إلى هذا تأسّيه بما كان يستخدمه بولس من منطق في تبرير الكذب، حيث إنه لا يمانع في التحايل بالكذب طالما كان هذا الكذب يؤدّي إلى ازدياد صدق الله. يقول بولس: "إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده فلماذا أُدان أنا بعد كخاطئ" (رومية7:3). هذه هي السياسة التي برع فيها جناب القمص، سياسة الكذب من أجل صدق الله ومجده الذي يتحدث عنهما بولس. ولكن أي صدق هذا وأي مجد هذا الذي يقوم على الكذب ويتأسس على الغش والخداع؟ ومن هو ذلك الإله الذي يحض الدعاة لدينه أن يلجأوا إلى الكذب من أجل أن يزداد مجده؟ لا يمكن أن يكون هذا الإله هو رب العالمين القدّوس المجيد الذي من أسمائه "الحق" لأن كل كلامه حق، ويقوم على الحق، وجاءت جميع رسله بالحق.

إننا نؤكد احترامنا وتقديرنا وإعزازنا للمسيح عيسى ابن مريم والدين الكريم الذي كان يدين به والذي دعا قومه إليه. ولكننا لا نعرف من هو يسوع الذي اخترعته الأناجيل التي كتبها بشر من أمثال لوقا اليوناني ويوحنا الروماني، ولا نعترف برجال من أمثال بولس الذي يصف سيده وسيدنا المسيح ابن مريم بأنه لعنة حيث يقول: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب ملعون كل من عُلّق على خشبة" (غلاطية13:3). ونحن نقول ملعون كل من لعن نبيا من أنبياء الله.

إننا نربأ بإخواننا المسيحيين أن يتّبعوا مثل هذه العقائد الفاسدة، ونهيب بهم أن يعيدوا التفكير فيها حتى لا يُكتبوا عند الله من لاعني الأنبياء. ولكن إذا كانت هذه هي إرادتهم وهذا هو اختيارهم، فهم أحرار في عقيدتهم، وليس من حقنا أن نحاسبهم على ما يعتقدونه، لأن حسابهم سوف يكون أمام رب العالمين. ونحن لم نتوجه إليهم بأي كلمة إلا كلمة النصيحة المخلصة، ولم نخاطبهم بأي لفظ جارح، وقد تحاشينا ما استطعنا استخدام الألفاظ الجارحة، وكنا نتوجه بالكلام إلى جناب القمص بكل احترام لأنه من رجال الدين، وتركنا السب والشتم لأنه لغة السفهاء من الناس، ولا يلجأ إليه إلا من أعوزته الحجة وافتقد المنطق. ونحن نشكر جناب القمص أنه أتاح لنا فرصة الرد عليه وتفنيد العقائد الباطلة التي يدعو الناس إليها.

إن معركتنا مع جناب القمص لم تنته بعد، وسوف نعود للرد على ما يدّعيه من استحالة تحريف الكتاب المقدس، وسوف نبين له وللجميع من مسلمين ومسيحيين مدى التحريف الذي أصاب الكتاب المقدس، فانتظرونا لكي تشاهدوا بأنفسكم كيف يخبو الباطل أمام الحق، وكيف يقذف الله بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.

سلام
05-17-2006, 08:49 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
عقيدة الفداء كما يراها القمص زكريا بطرس1 - بواسطة غالي - 05-17-2006, 08:49 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  العقيدة الإسلامية ثابتة .لكن ما مصير عقيدة حياة عيسى في السماء؟ جمال الحر 3 2,064 11-11-2011, 11:28 AM
آخر رد: جمال الحر
  إلى الأخوة الأقباط ما هو القمص ??? بسام الخوري 3 2,168 01-24-2011, 04:47 PM
آخر رد: observer
  القمص زكريا بطرس....ما رايك ؟ ( بدون انفعال ) fancyhoney 36 9,913 10-22-2010, 02:06 PM
آخر رد: مؤمن مصلح
  الله ممكن ان يظلم , هل هذه عقيدة اهل السنة و الجماعة ؟؟؟؟ على نور الله 36 8,310 09-03-2009, 11:35 PM
آخر رد: الزعيم رقم صفر
  مناقشة العضو (..) فى عقيدة الولاء والبراء أنا مسلم 69 10,896 10-08-2008, 04:55 PM
آخر رد: Obama

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS