مجددا يظهر بعض المتلبررين الجدد جهلهم الفاضح بالتاريخ و السياسة و التحليل, و يخلطون الحابل بالنابل و الدين بالجغرافيا و الاطماع بالفكر, تماما عندما تضع طفل صغير امام الة معقدة, فيبدأ بالضغط على كل الازرار دفعة واحدة بدون ان يفقه شيئا...

الحركات المتطرفة الاسلامية التي البعض مصاب بالرهاب منها (paranoid) هي ظاهرة حديثة التكوين تعود الى اواخر السبعينات و الثمانينات من القرن العشرين, قبلها كانت الساحة مفتوحة امام الفكر العلماني و اليساري التي كانت متجانسة الى حد كبير مع المجتمع, و قبلها اثر قيام اسرائيل, لم يكن هناك اصلا وعي قومي جاد و لا كان هناك اي حركات تهدد الغرب فعليا, لا اسلامية و لا من يحزنون...

لكن الغرب الذي يعرف امكانات و مؤهلات منطقتنا البشرية و الفكرية المستقبلية, خلق دولة اسرائيل السرطانية ليسبب للمنطقة المشاكل و يضع فيها العثرات امام تقدمها, فبررت عندئذ الديكتاتوريات وجودها بتلك المشكلة, وبرزت الحركات القومية و بعدها اليسارية, و بعدها الاسلامية, و كلها جاءت نتيجة و ليس سببا لوجود اسرائيل...
ووجود اسرائيل يسبب و يغذي الارهاب و التطرف في المنطقة , خصوصا مع فشل الانظمة في امعالجة القضايا في المنطقة....و ليس نتيجة له, و تاريخ الصراع في المنطقة يظهر كيف ان الحركات الفدائية "الارهابية" ظهرت فورا اثر هزيمة ال67 و "الارهاب" الاسلامي ظهر فقط اثر انتهاء حرب افغانستان و قمع السلطات و فشل الفكر اليساري و كل ذلك مطلع السبعينات فقط, و قبل ذلك, لم نكن نسمع بمصطلح الاصولية الاسلامية الا كمنهج تشريعي فكري صرف في الكتب فقط...

نقطة اخرى
تفضح مدى الجهل تتعلق بتعايش المسلمين و اليهود جنبا الى جنب طيلة قرون و قرون حتى في يومنا هذا ما زال هناك يهود يعيشون في العديد من بلداننا رغم كل ما مر من اهوال و اعتداءات و ظلم لحق بمنطقتنا من اسرائيل, و حتى استخدام لفظة العدو الصهيوني كان هو المستخدم حتى في ايامنا هذه و لم يتم استبداله بشكل جزئي من قبل الفكر الاصولي الا مؤخرا...

فننصح البعض ممن لا تتجاوز اعمارهم ال25 عاما, ان لا يعتقدوا ان التاريخ ابتدأ فقط اثر وعيهم على الدنيا, و بأن يقرؤوا قليلا