اقتباس:  وضاح رؤى   كتب/كتبت  
 
ونفى عنان ـ الممول الرئيسي لحركة كفاية ـ أن تكون القناة منبراً لكفاية أو بوقاً للمعارضة، مؤكداً في الوقت نفسه أنه سيناضل من خلال القناة، حيث أن البطل الرئيسي هو «الشارع المصري» وإعلامه بما يحدث حوله بحيادية، بعيدة عن «الشخصنة» وضغوط الحكومة المصرية. مؤكداً أن اتجاههم هو الليبرالية.

العزيز وضاح رؤى.. (f)

أشك جداً في صحة المعلومات الواردة في المقال المنقول أعلاه. فعنان ليس الممول الرئيسي أو الثانوي لحركة كفاية. هو بوصفه أحد أعضاء الحركة, يساهم بدفع بعض التبرعات للحركة لا أكثر. نحن لا يمولنا أحد ولأغلب التيارات السياسية المشاركة فيها موقف حاسم من فكرة التمويل, سواء من مؤسسات التمويل العالمية او حتى من رجال الأعمال المصريين. ومنهم تيار الإشتراكيين الثوريين الذي أتشرف بإنتمائي له.

في مجموعة شباب من أجل التغيير المنبثقة من كفاية, واليد الفاعلة لها, نجمع تكاليف اللوح والأقلام الملونة وقيمة تصوير البيانات من أعضاء المجموعة أنفسهم بالجنيه والخمسين قرش احياناً. يدفع هذه النقود شباب فقرانين وطالع دينهم بطالة و استبداد وتهميش. يشاركون بقيمة ساندويتش الفول أو طبق الكشري - وجبتهم الوحيدة في الكثير من الأحيان- في بناء حركة التغيير المصرية, وهو مايزيد من مصداقيتهم كمناضلين ومن مصداقيتها السياسية وبلأكثر قيمتها الإنسانية.

من المخجل أن نسرق مجهود هؤلاء المناضلون لننسبه لمن لا يستحقه ولا يعرف معناه.

هاني عنان, مع كل الإحترام لشخصه, يبقى رجل أعمال وله حساباته المبنية على الربح والخسارة والتي لم ولن يتخلى عنها أبداً, ولا نطلب منه ذلك. لذلك, فهو, لا بكل أمواله وتبرعاته, ولا بوجاهته الإجتماعية والقابه الرنانة, ولا بمشروعاته الرأسمالية الطموحة, يتساوى بتضحياته مع فتاة تتعرض للتحرش الجنسي أمام نقابة الصحفيين فلا تنكسر أو تتراجع عن موقفها الشجاع في المطالبة بالتغيير. من قلبي اقول أن أصغر شاب في مجموعة شباب من أجل تغيير, اقلهم حنكة سياسية وقدرة على التنظير, هو أكثر نضالية بما لا يقاس بمن يكتفي بعقد اللقاءات التلفزيونية على الفضائيات وبدفع بعض التبرعات المادية التي مهما زادت قيمتها فهي بالفعل تافهة ويمكن الإستغناء عنها. رأيي -الشخصي- هذا والذي يعرفه عنان نفسه, لا ينطبق عليه فقط, بل ينطبق عليه وجورج اسحق وماضي وغيرهم من القيادات "الشكلية" والأسماء اللامعة إعلامياً في حركة كفاية.

النقطة الثانية التي أود الإشارة اليها هي فكرة القناة. القناة فكرة قديمة, ولنكون أكثر دقة, هي فكرة مطروحة منذ تأسيس "الحملة الشعبية من أجل التغيير" وهي مجموعة تضم فصائل اليسار المختلفة وبعض المستقلين -اليساريين بالطبع- من قبل تأسيس حركة كفاية التي تشكلت من إتجاهات سياسية متمايزة بدرجة كبيرة وهذا بالمناسبة أحد اسباب نجاحها وفشلها أيضاً في رأيي الشخصي.

الفكرة بدأت كالتالي, الإستفادة من تجارب المجموعات المناهضة للعولمة والحرب في العالم بشراء عدد ساعات محددة اسبوعياً من احدى المحطات الفضائية وبث أفكارها وأخبار نشاطاتها من خلالها, الفكرة طبعاً نجحت في الخارج. لكننا لم نستطع تنفيذها لضيق ذات اليد وتواضع خبراتنا في هذا المجال وعددنا. لذلك انتهت الفكرة وتحولت لحلم يراود نا أحياناً فنبستم أملاً وغماً في نفس الوقت.

الفكرة في رأيي مهمة جداً وقادرة على إحداث نقلة نوعية على مستوى عدد المشاركين في الحركة وبالطبع تأثيرها السياسي, سواء على الجماهير المصرية, أو على النظام نفسه. لكنها مازالت حلم بعيد, فالنظام المصري الذي يتحرش ويضرب صحفيي وكالات الأنباء العالمية لمنعهم من نقل فضائح مبارك, يغلق الصحف ويمسك بالصحففين من رقابهم بقانون حبس الصحفيين في قضايا النشر, صاحب الإعلام الموجه, حيث تبدأ نشرة الأخبار بخبر دخول السيد الرئيس التواليت وخروج الست سوزان مراته من عند الكوافير بينما يشتعل العالم من حولنا ولا نعلم عنه شيئاً إلا من قناة الجزيرة والسي ان ان, النظام الذي يمهد لإصدار قانون يمنع شباب المدونين المصريين من نقل أخبار مصر الحقيقية, وله في مجال قمع حقوق الإنسان المصري وحرياته وتسميم وعيه باعاً طويلاً وحنكة حقيرة لا نحسده عليها, سيسمح بذلك.
النظام المصري الذي فقد أعصابه بعد أن ترنح من ضربة القضاة الباسلة ليختطف ويسحل ويضرب الناس لتضامنهم الصامت والسلمي مع مطالب القضاة, لن يتورع عن شن حرب إبادة حقيقية ولا أعتقد اني أبالغ عندما أقول هذا التعبير تحديداً.

هذا على مستوى رد فعل النظام, أما إذا نظرنا لطبيعة الحركة والمشاركون بها, فسنجد -مرة أخرى- أن عدد نشطاء حركة كفاية بجانب كل حركات التغيير الأخرى -إذا ما استثنينا الإخوان المسلمين- عددهم لا يتجاوز بضعة آلاف قليلة جداً حتى الأن. أي أننا -للأسف الشديد مرة أخرى- لا نملك الإمكانات المادية ولا البشرية ولا الخبرة للقيام بهذه الخطوة في المرحلة الحالية.


اعتقد أن الصحفية كاتبة المقال لم تكن دقيقة, أو ربما أراد عنان أن -يتفشخر- إعلامياً بما لا يملكه ولا يملك الحق أو القدرة على تقريره منفرداً.



تحياتي