{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 1 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #51
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية .
اقتباس:إن خطورة نظرية المؤامرة كونها معطلة لفهم الحقائق بشكل موضوعي ، فهناك دائما أسباب اقتصادية وسياسية وثقافية وفكرية قادت إلى ما نحن فيه .
عندما نتحدث عن نظرية المؤامرة لا نردد تعبيرا عاطفيا غامضا و لكن نتناول منتجا ثقافيا محدد الملامح لعب دائما دورا محوريا في حميع المذاهب الشمولية بدون استثناء تقريبا ، نتذكر الآن كيف كانت نظرية المؤامرة مكونا عضويا في النازية و الشيوعية الستالينية و المكارثية و الخومينية و الناصرية ، هذا المنتج هو أيضا جزء عضوي من الطرح السني الأصولي الذي يعصف بالوعي العربي حاليا ، تنطلق نظرية المؤامرة في الفكر الأصولي من قراءة تراثية ضيقة للصراعات السياسية و الاجتماعية خلال الإفكار النمطية ، و خطورة تلك النظرية أنها لم تعد محصورة فقط في الأصوليين الإسلاميين و لكنها باتت شائعة في غيرهم من العرب أيضا ، نعم ما زال الخطاب العربي - الأصولي بصفة خاصة - مصرا على أن يكتشف جذور «مؤامرة» خفية تلاحق المسلمين / العرب وتلقي بالتهم عليهم جزافا ، وهو أمر بلغ من كثرة تكراره أن اعتقد به ليس العامة فقط بل اعتنقته النخب أيضاً، إن الأصوليين المؤمنين بنظرية المؤامرة يعتقدون أنهم فقط الأذكياء ، ويمكنهم رؤية عناصر المؤامرة الأبدية و التي لا تظهر إلا لهم وحدهم، بينما هي خافية على غيرهم حتى من مواطنهم العرب ، ومما يؤلم الإنسان أن تجد مؤسسات تدعي أنها تحترم نفسها و بلادا تدعى أنها دولة مؤسسات تقوم بحملة لخداع الذات على أعلى المستويات وتمول خطابا جماهيريا يرسخ نظرية المؤامرة بينما هي أول من يعلم كذبه و خداعه .
لا تخلو نظرية المؤامرة من أبعاد نفسية مرضية يمكن تشخيصها كسلوك بارانويدي جماعي ، فالشخص الذي يعاني من البارانويا يتميز بعدم الاستقرار الوجداني و لا يكون قادرا على فهم الآخرين فهو يعيش في عالم مملوء بالشكوك و يوجه هذه الشكوك و الأوهام نحو جماعة عنصرية معينة يجد فيها متنفسا لإحباطاته و فشله ، وهناك اتحاه قوي لدى علماء النفس الجماعي أن التآمريين (الذين يتبنون نظرية المؤامرة) هم جماعة مصابة بمرض نفسي إجتماعي لا يختلف عن الأمراض النفسية التي تصيب المجتمعات مثل التعصب ، و يميل علماء الطب النفسي إلى دراسة التعصب و التخوف المؤامراتي ضمن الاضطرابات النفسية ، فالبناء اللاشعوري للمتخوف و المتعصب كلاهما يتشابه مع البناء اللاشعوري للباراتويدي كما أشار العالم النفساني ( بلاند ) ،إن التآمريين سواء أفراد أو مجتمعات يظهر عليهم ما يمكن أن نطلق عليه النمط البارانويدي paranoid style وهم أفراد طبيعيون بشكل عام و لكن التعبيرات البارانويدية الموجودة عندهم ما هي إلا وسائل يزيحون خلالها إحباطهم و مشاكهم الداخلية إلى العالم الخارجي ، و يشير العالم النفسي بلوم إلى أن معدلات المرض العقلي تزيد في المجتمعات التي تنتشر فيها نظريات المؤامرة و التعصب ضد الآخر ، وهذا واضح للغاية في مصر خلال العقدين الآخريين ، و لعلنا نتذكر هنا حادث كنيسة الإسكندرية التي قتل فيها شخص بارانويدي كهل مسيحي و أصاب آخرين لأنه يعتقد أن الكنيسة تمارس السحر ضد المسلمين ، كذلك حادث السيدة التي أخذت تحطم التماثيل في متجر و هي تهذي بعبارات دينية !.
لاشك أن البحث عن مؤامرة خفية يحمل على الإحساس المريح بامتلاك العبقرية، وإزاحة displacement المسئولية عن الجريمة وتحميلها لآخر مفترض وعدم بذل الجهد لتصيح الخلل الجسيم في الخطاب الديني و السياسي ، مثل هذا الأمر يبرر لآخرين أن يقوموا بما قام به الإرهابيون من جرائم ، و أن يكسبوا جرائمهم التي تكون عادة ضد المجتمعات العربية ذاتها شرعية تبريرية طالما أن هناك ذلك الآخر المتآمر المسؤول عن كل المصائب خاصة تلك التي نرتكبها في حق أنفسنا ، هكذا نجد أن خطورة نظرية المؤامرة كونها معطلة لفهم الحقائق بشكل موضوعي ، فهناك دائما أسباب اقتصادية وسياسية وثقافية وفكرية قادت إلى ما نحن فيه ، وهي أسباب معقدة و الطريق الأفضل لمعالجتها من الجذور هو الحرص على اكتشافها وتحليلها وتقويمها ، وليس فقط التعاطي مع منتجها النهائي (التخلف و الإرهاب)، فما دامت هناك جذور تضرب في الأرض و ترتوي من الفقر فسوف تزهر أشجار الشر دائما .
ترتكز نظرية المؤامرة الأصولية على أحداث تاريخية يساء فهمها و تفسيرها و التعبير عنها خلال نصوص دينية مبتسرة خارج سياقها التاريخي ، و تقتات تلك النظرية على الأيديولوجيا و الأفكار المسبقة و إطلاق الشعارات بديلا عن التناول العلمي العقلاني للصراع ، هي نظرة يائسة مصابة بهلع مرضي من الآخر و تسقط عليه قدرات خارقة مع عدم الثقة في النفس و القدرة على مواجهة التحديات بنجاح ، هذه النظرية تبرر الأخطاء و القصور بتآمر الآخر و عدم القدرة على التصدي لمؤامراته العديدة ، أيضا تتسم بالتركيز على الحوادث المنعزلة و ترتيب نتائج أساسية عليها ، مع إغفال الحقائق المحورية في نفس الوقت ، إن إعتقاد الأصوليون في المؤامرة هو اعتقاد ديني مصمت حتى أن مناقشتهم تصبح مضيعة للوقت في محاولة اكتشاف ما هو مكشوف أصلا، وبذل الجهد في مناقشة أمور فرعية لا جدوى منها.
إن بديل نظرية المؤامرة هو إدارة الصراع بشكل منهجي عقلاني ، فالصراع هو سنة الحياة ،ومن الخطورة تصور عكس ذلك ، نعم هو عملية وجودية و حضارية شاملة و مستمرة ، طالما هناك تناقضات في المصالح بين أي كائنات متواجدة في نفس الحيز الزماني و المكاني ،و لكن هذه التناقضات ليست على نفس القدر دائما .
وفقا لنظرية الصراع فما نطلق عليه مؤامرات هو في حقيقته ما يمكن أن نسميه (( عدائيات enemities )) مدبرة و متوقعة في ضوء إدارة صراع طويل بين طرفين. إن السرية التي تحيط بالخطط المختلفة أيضا لا تعني صدق نظرية المؤامرة ففي إدارة الصراع هناك خطط سرية و خطط بديلة وخطط خداعية و ....، ذلك كله طبيعي و متوقع في الصراع أو يجب أن يكون متوقعا . إن نظرية الصراع هي التي يجب أن تقود خطانا عندما نفكر على المستوى السياسي أو الثقافي ، و لكن العقل الأصولي كسول جدا و تحقق له نظرية المؤامرة مخدرا ينعم بواسطته بكل المشاعر السلبية من شكوى و رثاء للذات وهروب من المسئولية . إن خطورة نظرية المؤامرة التي يسوقها الأصوليون بشكل أساسي أنها مدمرة تماما للعقل العربي ، فهي تبحث في الغيب عن حلول متغافلة عن تلك التي يقدمها الواقع لو أحسنا التفكير و التصرف .
هناك سبب إضافي و لكنه قد يكون الأهم في تبني العقلية الأصولية لنظرية المؤامرة ، هذا السبب هو ازدواجية الخطاب العربي السياسي و الديني أو بعبارة أصح تعددية هذا الخطاب ، فالعقلية العربية تألف أن تستخدم خطابات متعددة فهناك خطاب نتحدث به إلى الجماهير و آخر نتناقش به مع الزملاء و ثالث للحديث مع الخاصة و رابع مع العائلة وربما خطاب خامس نهمس به لأنفسنا ، هذا الخطاب المخادع و المتعدد علمنا ألا نصدق أحدا و أن نتوقع الخيانة و الخداع من الجميع ، و أن كل إنسان يكذب دائما -مثلنا تماما - خاصة في السياسة.
لم تعد فكرة المؤامرة مجرد أسطورة تغذي الأصولية الإسلامية كما تفعل مع غيرها من المذاهب الشمولية ،و لكنها تلعب الآن دور القاطرة في الحركية الأصولية ، فالأصوليون يعزفون دائما بشكل متلاحق على وتر المؤامرة من أجل تخويف الجماهير وتعبئتها حول قضايا مرتجلة تافهة القيمة و شكلية عادة ، هذه التعبئة مقصودة لذاتها من أجل استلاب عقول الجماهير المنهكة المغيبة و حشدها مسلوبة الإرادة خلف قبادات الأصوليين كما لا يخلو الأمر من ( هبش ) الممكن من أموال البترول السائبة ، و لعل ما تشهده الساحة المصرية هو نموذج فج لهذه اللعبة الوقحة ، فلا تتوقف العقلية الأصولية عن اكتشاف مؤامرة ما كل فترة سرعان ما تدفع الجماهير من أجلها كالذئاب إلى الشوارع ، وهي لا تعدم خبرا حقيقيا أو ملفقا عن مسرحية في كنيسة لم يشاهدها أحد أو رسما كاريكاتيرا في صحيفة دانيماركية لم يسمع بها أحد أو كتابا لم يقرأه أحد أو حتى قبلة طائرة من شباك يرسلها مراهق قبطي لجارته الصبية المسلمة ، هذه الحوادث التي لا يتوقف أحد عندها في بلاد الله الطبيعية تصبح محورا لحياتنا الأصولية المتهووسة .
05-25-2006, 01:08 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الوعي الزائف - الأساطير المؤسسة للأصولية الإسلامية . - بواسطة بهجت - 05-25-2006, 01:08 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  ازمة الوعي الاحول ..... الرؤية المعطوبة ؟! زحل بن شمسين 8 1,093 06-26-2013, 08:16 AM
آخر رد: زحل بن شمسين
  تشكيل مجلس إدارة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا الجديد للربيع العربي الملكة 1 1,037 06-25-2012, 04:14 AM
آخر رد: الملكة
  دور العقلانية الإسلامية في إعادة صياغة الوعي الثوري فارس اللواء 3 1,147 03-02-2012, 09:09 PM
آخر رد: فارس اللواء
  الحسناء السورية والوحش .الأساطير تهاجم الأساطير بالسواطير التلمودية بقلم/ نارام سرجون فارس اللواء 0 664 02-17-2012, 05:41 AM
آخر رد: فارس اللواء
  نسف نظرية الخلافة الإسلامية نظام الملك 11 3,252 12-26-2011, 01:02 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 7 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS