البقية في حياتك يا روزا ، تعيشي وتفتكري
تعرفي تذكرت الآن بمجرد مطالعتي لهذا الخبر حادثا آخر لفقد قطب يساري هو الدكتور فؤاد مرسي ، هل عاصرتيه ؟ كنتُ طالبا جامعيا لا أتذكر في أي سنة دراسية حين توفى ، وهو توفي في حادث انقلاب سيارته على طريق الأسكندرية الصحراوي ، موتة بدت لي وقتها أنها لا تليق أبدا بالرجل ولا تصلح ختاما لحياة حافلة مثل حياته ، الموت أوكيه نو بروبلم لكن إخراج المشهد النهائي لم يكن متقنا .
محمد سيد احمد رحل منذ شهور ولم أعلم إلا بعد رحيله بأكثر من أسبوع وهو ـ في رأيي ـ أكبر عقل أفرزته حركة اليسار المصري في النصف الثاني من القرن العشرين ، أكبر حتى من محمود أمين العالم وعبدالعظيم أنيس ومحمود طه وفريدة النقاش .
كبار اليسار رحلوا ويرحلون بإيقاع منتظم ، فماذا عن قيادات الأجيال التالية ؟
بالمناسبة يا روزا هل ما زال الأستاذ أحمد نجيب الهلالي والأستاذ أحمد عيد ـ كلاهما أو أحدهما ـ على قيد الحياة ؟
أنا حاليا متوعك صحيا وملازم فراش المرض ، وأخبار وذكريات الرحيل والفقد ـ في ظرف كهذا ـ تكون الأكثر ثقلا على النفس لكن الأكثر حضورا وإلحاحا في آن .
الشيء المزعج جدا (وهو المزعج دائما بل المدمر لأي اجتماع إنساني أو تيار في الفكر) هو غياب النقد داخل صفوف اليسار المصري ، وعلى الأقل منذ فترة طويلة لم نسمع بمحاولة جريئة مثل تلك التي تصدى لها ....ربما عبدالغفار شكر ، والنتيجة أن الموقف من أشياء أساسية مثل السلام مع إسرائيل مثلا ما زال على تصلبه الأول ، وهناك الطابع الشبابي الروش ولهجة تبشيرية إيمانية لا تخطئها عين وأشياء اخرى كثيرة في حاجة لنقاش .
يوه ، الكلام أخدني في شريط عزاء ، سحقا ، حين أشفى إذا شفيت سيكون هناك متسع من الوقت والجهد لنقاش أمر اليسار المصري في مرحلته هذه .



(f)