{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 1 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #92
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
عزيزي وليد .
تحية طيبة .:97:
أتابع بكل تقدير هذا الموضوع .
هذه المداخلة أعددتها لمناقشة قضية تطوير الفقه الإسلامي لمواجهة تحديات العصر ، و أجد هذه المداخلة ملائمة بشكل كبير لما تثيره في مداخلتك الأخيرة .
اقتباس:أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق ..بالجنة .
(المتفقهين و رعاياهم في الجماعات المسلحة )
أرى أنه من الشاذ أن يطالب البعض بالتطبيق الفوري للشريعة الإسلامية دون أن تكون هناك شريعة إسلامية ملائمة للعصر ، أو حتى فكر تشريعي إسلامي واضح متفق عليه .رغم هذا لابد أن نتوقف عند آراء بعض الفقهاء من يقرون بقصور الفقه الإسلامي ،و لكنهم يرون أنه من الممكن بل الضروري تطوير الشريعة و إخراجها من الاغتراب ،و إعادة تأهيلها للقرن ال 21 . يعكس هذا الرأي التزاما قويا بالدين و رغبة في الحداثة معا ، انطلاقا من فكرة أنه لا يمكن أن نتطور إلا بتطوير العقيدة الإسلامية ذاتها حيث أنها المكون الثقافي الأعمق في تكوين الأمة الإسلامية / العربية . و هذا يدفعني مباشرة لصياغة السؤال المحوري التالي :" هل يمكن عمليا تحديث الفقه الإسلامي ،وهل يمكن أن يكون ذلك بتناول موضوعاته من خلال رؤية عصرية خارج مرجعية النص ؟" .
و لمزيد من الوضوح هل يمكن الاعتماد على المبادئ العامة المتعارف عليها ( لتحصيل المصالح و دفع المفاسد ) أو - نظرية النفعية العامة كما يذهب الفكر الفلسفي- في تطوير الفقه الإسلامي حتى ولو لم ترتبط تلك المبادئ بوحي أو تعتمد على تشريع سابق ؟. أم أن هذا الهدف يستحيل تحقيقه ،و يصبح من المحتم علينا إما الرضوخ للفقه الإسلامي التقليدي و الاصطدام بالعالم و التخاصم مع العصر ، أو فصل التشريع القانوني عن الفقه الإسلامي كلية ؟ .
أؤكد أنه يجب تناول الموضوع بأعلى قدر من المسؤولية ففي الإجابة على هذا السؤال تحديدا يتخبط الفكر التشريعي الإسلامي المعاصر و يضطرب اضطرابا شديدا، وفيه أيضا تتصارع العواطف و الأفكار و يحسم المستقبل .
من الجدير بالملاحظة أن التشريع الإسلامي يقر بأن التغيير ناموس طبيعي ،و أن التشريع لابد أن يلاحق هذا التغيير ، و لكنه يغفل أن يكون لهذا التغيير وجود بعد وفاة النبي ، و يزعم الفقهاء أن الله قد أجرى كل التغييرات خلال 23 سنة هي عمر الرسالة ، فخلال تلك الفترة جرى نسخ الأحكام و تبديلها على الدوام بما يلائم المستجدات ،و يزعمون أنه في الخاتمة بلغت البشرية نهاية المستجدات ،و لا حاجة بعد ذلك إلى تشريع جديد ، و أن الشريعة صالحة لكل زمان و مكان و ملائمة لأي حالة من حالات الإنسان . وهم بهذا يرون أن المستجدات خلال تلك ال 23 سنة احتاجت كل هذا النسخ و التبديل بينما لا حاجة لأي تشريع جديد بعد ذلك ، ولكننا نجد على النقيض من ذلك أن كل المستجدات خلال تلك ال 23 عام لا تعادل 1/ مليون من المستجدات بعد الرسالة إلى اليوم !.
استقرت عقيدة الفقهاء على أن النص الديني قراءنا كان أو سنة هو ((إفصاح من الخالق عن مراده لهذا العالم ،وما يبتغيه منه )) ،وهكذا واجههم السؤال الحتمي : كيف يتناقض هذا العالم مع النص الذي هو المعبر عن رغبة الله و إرادته دون أن يكون هذا العالم فاسدا ؟.إن الإجابة المنطقية كانت أنه لابد من تغيير العالم ليلائم ما يريده الله في شرعه ، ولم يكن ذلك أقل من محاولة صنع إنسان على قدر الرداء ، و صياغة واقع على قدر النص . ولأن هذا محال فإن الواقع الجديد ألح دوما على التشريع إلحاحا ، فلم يجد التشريع الإسلامي - و في ظل مفهوم عقائدي للتشريع - سوى أن يلجا إلى التأويل المتعسف ، ووضع قيود التطبيق ، ثم الاجتهاد بإيجاد رابطة افتراضية بين الحدث المستجد و حدث تراثي نظير له يقع تحت مظلة التشريع ، ومن ثم القياس عليه عبورا إلى مرحلة الاستحسان أو المصلحة و الإجماع ،وغيرها من مصادر التشريع المقبولة فقهيا !.
أدت هذه الرؤية القاصرة إلى انفصال الفقه عن الواقع ،و ذلك بالطبع لم يأت بغتة ،و لكنه نتاج تراكمات طويلة كان خلالها النص جامد بقدسية مرجعيته ، و الواقع متغير دائما بقانون تطوره ،و ذلك هو جوهر المشكلة التي ألزم المسلمون بها أنفسهم لزوما لما لا يلزم ، كيف للفقه القائم على الثبات أن يواجه الواقع بالتحدي لطبيعته دائمة التغير؟ ، وفقا لهذا الطرح فالبدائل محدودة ، فإما أن ينصاع الواقع لجمود الفقه و نسقه ليدخل حظيرة الشرع وهذا عين المحال ، أو يظل الواقع على تمرده فتوصد دونه أبواب الإرادة الإلهية ليدلف مباشرة إلى حظيرة الشرك من باب الضلال.
يفرز هذا العصر واقعا مشفرا بالرموز الرياضية ، ويطرح تحديا غير مسبوق على الفقه الجزائي الإسلامي ،فهناك سيل من الوقائع التي لم يرد في شأنها نص من قرآن أو سنة ،و لم تخطر ببال الفقهاء ، وأصبح مطلوبا الآن استحداث أحكاما لها . إن الإنسان لم يعد مهددا بسرقة رحله بل العبث بشفرته الوراثية ليصبح قردا ،و لم تعد المرأة في حاجة لرجل كي تنجب ، فهي تستنسخ لو شاءت أو عند الضرورة لو أبت ، و الأرحام صارت تؤجر بالدولارات ، و الفقراء يباعون بالتجزئة كقطع غيار ، هناك اليوم من يسرقون البنوك و ينشرون الأوبئة و الغازات القاتلة و النظائر المشعة ، هناك حكام يسرقون أعمار شعوبهم ، هناك قضايا من عينة الاستنساخ ، و الأغذية المعدلة وراثيا و الإجهاض ، هذا العالم لن يسمع منا لو سألناه التوقف عن التغير لأننا قفلنا باب الاجتهاد منذ 1100 عام . بالرغم من صعوبة التحدي ،فالأمر ليس مرسلا بلا قيود ،فهناك اتفاق غير مكتوب بين الفقهاء أن تعتمد الأحكام على مبادئ و أصول أرشدت إليها الشريعة ،و ألا تناقض نصا أو دليلا من الأدلة التفصيلية ( السياسة الشرعية و الفقه الإسلامي – عبد الرحمن تاج ) ،ولا يخرج عن هذا الرأي سوى عدد نادر من المجتهدين الثوريين أو ما يمكن أن نطلق عليهم المعتزلة الجدد ،وهم لا يشكلون تيارا فعالا على الساحة الإسلامية ،ولا تدعمهم أي هيئة دينية أو سلطة رسمية أو جماهيرية كاسحة .
هذا الرأي السابق كما هو واضح أملاه الخوف من الغرق في بحر الأفكار القانونية الوضعية ، و لكنه بالقطع يكبل الاجتهاد تكبيلا و لا يعدو أن يكون التفافا حول القضية ، فهذه السياسة الشرعية بقيودها تلك لا تخرج عن الفقه المعروف سواء في المنهج أو الأسس ، وهي بالتالي تبحث عن الإجابة في أصل بات عاجزا عن احتواء عصر جديد لا يعرف عنه شيئا . إن الاجتهاد الفقهي يبحث دائما عن حل خلال النص ذاته ، و سبيله في هذا إعادة قراءة النص ، ومحاولة استنطاقه لاستيلاد دلالات جديدة ، حتى في حالة الغياب الكامل للرابطة بين الواقعة و النص المقاس عليه .أي أنه يقرأ الواقع خلال النص ، بينما المطلوب هو نص يقرأ الواقع .
و كما رأينا فالتطور أصبح ملحا ،و لكن التطور الوحيد الذي يمكن أن يقبله الفقهاء إسلاميا يصرون أن يكون من خلال نص ، غافلين أن هذا النص لو كان صالحا ما كانت هناك حاجة أصلا لتطويره . إن التطوير الفعال الوحيد هو التطوير من خارج النص بالاعتماد على المبادئ العامة المتعارف عليها ( لتحصيل المصالح و دفع المفاسد ) .، و لكن ذلك لم يدر بخلد الفقهاء لأنه يعني أن تكون المرجعية هي القيم و المبادئ المنتجة في العالم الخارجي المدان فقهيا ، وذلك شيء يستحيل تصوره لمن ينظر إلى النص الديني من خلال الشاخص وراءه ( الله – الرسول ) و ليس من خلال تاريخيته ، و أولئك الرافضين لمرجعية خارجية ذات جذور علمانية هم ( جمهور الفقهاء ) ، و هؤلاء كما نعلم و بحكم ثقافتهم (( يفكرون بالنص ولا يفكرون في النص ! )) كما يقول المفكر الأستاذ رشاد سلام .
إن من يتحدثون عن تحديث الفقه ( فقه المستجدات ) ، يبنون اجتهاداتهم على نفس القواعد القديمة بالاعتماد على علوم التفسير و السنة و اللغة ، منصرفين تماما عن الأسس العلمية للقانون ( وضع قواعد النظرية – صياغة القواعد القانونية ) ،و بهذا يفارقون الروح العلمية التي هي من مقتضيات بناء منظومة تشريعية قابلة للتكيف و النمو .بهذا أرى أن عملية تطوير الفقه الإسلامي التي يعتقد البعض أنها ممكنة لن تكون أبدا مثمرة ، و أنها جهد ضائع .
أرى أن المتشددين الذين يرفضون تجميل الإسلام بما ليس فيه أكثر مصداقية ممن يجملونه بما يناقضه مع حسن نواياهم ،فإن فكرة مثل قطع اليد بمعنى منع السبب في السرقة عن طريق توفير لقمة العيش للفقراء ،وهي التي ذهب إليها الفقيه الدستوري عبد العزيز فهمي باشا واضع دستور 1923 الليبرالي في مصر ، أرى أنها و نظائرها تخريج غير موفق ، فالمسلمون في عهد النبوة و الخلافة قطعوا الأيدي ، و فعل العرب مثل ذلك في جاهليتهم ( قطع الوليد بن المغيرة اليد للسرقة ) ، و بالتالي فإن مثل هذه الفكرة الطوباوية التي ذهب إليها عبد العزيز فهمي قد تصلح كأساس لمذهب اشتراكي و ليس لمذهب إسلامي .
من يقول أن (الله عز و جل أعطانا الحدود العليا حتى لا نتجاوزها .... أما ما دونها فهذا تقرره المجتمعات كل مجتمع حسب ما يناسبه....) هذا التخريج أوافق عليه ، ولكن هل يوافق عليه من يتنادون بقطع الأيدي !، إني أرى كل الأحكام تاريخية مرتبطة بالسبب ، و ليست مطلقة بعموم اللفظ ،وهذا يفسر النسخ ، فالله لا يغير رأيه ، بل يلهم النبي بالحكم وفقا للحالة ، ولأنه لا وحي لدينا الآن ، فقد حان أن نشرع لعصرنا بما يلائمه . أما السادية التي تدفعنا للبحث عن عقوبات جسدية قبلية عنيفة لتطبيقها باسم الله ، فتلك وحشية لا أستطيع قبولها، ولن أقبل من أجلها رشوة السماء . ولكنني في جانب آخر لا أزعم أني فقيها ولا أشرع للمسلمين ، وأما الفقهاء الذين يشرعون لهم فيرفضون كل ما سبق ،و لهذا لا نملك بدورنا سوى رفض تطبيق الشريعة الإسلامية التي يعرضونها علينا معبأة في صندوق تغطيه الدماء .
06-20-2006, 08:59 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - بواسطة بهجت - 06-20-2006, 08:59 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  الحضارة الغربية هي أعظم حضارة في تاريخ البشرية ... العلماني 30 1,784 09-22-2014, 02:54 AM
آخر رد: Dr.xXxXx
  السلفيون يبثون الرعب في مدرسة اعدادية وينزلون العلم التونسي الجواهري 0 571 04-04-2012, 07:06 PM
آخر رد: الجواهري
  أزمة الحداثة الغربية وإبداع الحداثة الإسلامية مراجعة لكتاب: روح الحداثة فارس اللواء 11 1,917 03-06-2012, 09:07 PM
آخر رد: فارس اللواء
  دور العقلانية الإسلامية في إعادة صياغة الوعي الثوري فارس اللواء 3 1,147 03-02-2012, 09:09 PM
آخر رد: فارس اللواء
  نسف نظرية الخلافة الإسلامية نظام الملك 11 3,238 12-26-2011, 01:02 AM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 7 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS