درس في الوطنية للمذيعين والمذيعات العرب
2006/07/01
الغارات الاسرائيلية المتواصلة علي قطاع غزة والحصار الخانق الذي تمارسه الدبابات المحتشدة علي المعابر والحدود استعدادا للاجتياح، فضحت الغطرسة الاسرائيلية امام العالم بأسره، واظهرت حقيقة المعاناة التي يواجهها الفلسطينيون العزل في ظل هذه الممارسات اللاانسانية.
الحكومات الغربية التي ساندت وتساند الدولة العبرية وتتستر علي جرائمها، باتت تواجه هذه الايام حرجا كبيرا، بسبب نقل محطات التلفزة المستقلة للجرائم الاسرائيلية في حق المواطنين والعقوبات الجماعية التي تفرض عليهم، تحت ذريعة الافراج عن الجندي المخطوف، وكلما زاد أمد الحصار، واتسع نطاق الغارات، كلما ازداد الغضب الشعبي ضد الاسرائيليين وآلتهم العسكرية الجبارة التي تستخدم في ترويع الفلسطينيين وتجويعهم.
مساء امس الاول عرضت القناة الرابعة المستقلة في التلفزيون البريطاني تقريرا اخباريا مرعبا يعكس معاناة الفلسطينيين، والغارات الاسرائيلية التي تستهدفهم وترهب اطفالهم، وتدمر محطات الكهرباء والماء، وتحول حياتهم الي جحيم لا يطاق.
المذيع البريطاني الشهير جون سنو استضاف بعد التقرير نائب السفير الاسرائيلي، لكي يطرح وجهة نظر حكومته تجاه ما ورد فيه من مناظر مرعبة، وقد حاول الدبلوماسي الاسرائيلي جاهدا ان يبرر هذه الجرائم بالتركيز علي حكومة حماس وتحميلها المسؤولية عما يجري، فانبري له المذيع البريطاني متسائلا، عما اذا كان يعتبر هذه الممارسات من قبل دولة متحضرة ارهابا، فراوغ الدبلوماسي الاسرائيلي، وقال ان قوات بلاده تتحلي باعلي درجات ضبط النفس ولا تعرض المدنيين للخطر، فرد عليه المذيع نفسه بالقول وما علاقة ضبط النفس والجندي المخطوف بنسف محطة كهرباء وحرمان مليون ونصف المليون شخص منها، فقال الدبلوماسي ان نسف محطة الكهرباء جاء بسبب منع الخاطفين من تهريب الجندي الاسرائيلي المخطوف الي الخارج، فرد عليه بالقول ان وجود الكهرباء يمنع التهريب الذي تخشاه، لان من يريد تهريب الجندي يحتاج الي الظلام الدامس لانجاز مهمته.
الحوار انقطع، بعد ان ابدي المذيع سنو امتعاضه وغضبه الشديدين من الدبلوماسي الاسرائيلي وردوده غير المنطقية وجرائم حكومته ضد الفلسطينيين العزل.
صحيح ان الفلسطينيين محاصرون في قطاع غزة والضفة الغربية، ويواجهون الجوع والحرمان اضافة الي الخذلان العربي، ومعظمهم يعيش علي وجبة واحدة في اليوم، ولكن الصحيح ايضا ان الاسرائيليين باتوا محاصرين ايضا، وسيخرجون خاسرين من هذه المغامرة العسكرية الدموية في قطاع غزة، لانهم دمروا صورتهم في العالم، وفقدوا معظم ما تبقي لهم من تعاطف في اوساط الرأي العام الغربي الذي ساندهم دائما، والفضل في هذا الانجاز لا يعود الي الحكومات العربية وسفرائها ودبلوماسييها، ولا الي ذكاء السلطة الفلسطينية وبعثاتها الدبلوماسية ايضا، وانما الي المجموعة الفدائية الفلسطينية التي نفذت عملية هجوم نوعية ضد هدف عسكري محصن، وأسرت جنديا وهزت اسطورة الجيش والمخابرات الاسرائيلية التي جري تقديمهما دائما علي انهما الاكثر تقدما والاكثر دقة وتنظيما وكفاءة في العالم بأسره.
نتمني لو ان هناك الكثير من المذيعين العرب الذين يتحلون بنزاهة وضمير المذيع البريطاني جون سنو، نتمني ان تتحلي المذيعات والمذيعون العرب بجرأته عندما يستضيفون المسؤولين الاسرائيليين علي محطاتهم، بدل اقدام بعضهم او بعضهن علي تدليلهم والتعامل معهم برفق وكأنهم ضحايا وليسوا جلادين.
ندرك ان بعض هؤلاء لا يتردد في احراج المسؤولين الاسرائيليين اثناء المقابلات، ولكن هؤلاء قلة بل قلة القلة، اما الغالبية فهم من جماعة الرفق بالمسؤولين الاسرائيليين للأسف.