اقتباس: إسماعيل أحمد كتب/كتبت
ثمة ثابت في القيم والأفكار والمبادئ والأخلاق والعقائد والشرائع والعادات، وثمة متغير...
كثير مما يحيط بالإنسان قد تغير بالفعل، مأكله، وملبسه، ومسكنه، ومركبه، وآلاته، وسلاحه، كما تغيرت معرفته للطبيعة، وإمكاناته لتسخيرها..
ولكن الواقع أن الإنسان في جوهره وحقيقته بقي هو الإنسان، منذ عهد أبي البشر آدم إلى اليوم، لم تتبدل فطرته، ولم تتغير دوافعه الأصلية، ولم تبطل حاجاته الأساسية، التي كانت مكفولة له في الجنة، وأصبح عليه بعد هبوطه منها أن يسعى لإشباعها، وهي التي أشار إليها القرآن في قصة آدم: (أن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى)،
حاج اسماعين،
أنت هنا تغرّد خارج السرب. ولا أعتقد أنه بإمكانك "التملـّص" من تعريف الرجعية الذي طرحه العلماني المرتكز على قول "خير العصور عصري". أسئلة أرجو منك الإجابة عليها بأختصار (يعني بدون لف ودوران):
1. في اعتقادك، ألم يكن خير العصور هو عصر الرسول؟
2. في اعتقادك، هل العودة الى سنن الرسول وصحابته (خير العصور) أمر مرغوب أم غير مرغوب.
لا يمكن عقلانيا أثبات أن ثمة ثوابت في القيم أوالأفكار أوالمبادئ أوالأخلاق أوالعقائد أوالشرائع أوالعادات. هذه الأمور الفلسفية تصارع فيها الفلاسفة لآلاف السنين وأنتهت بإنتاج الفكر الوجودي الذي يقول بالنسبية. ولو عاينا كل من هذه الأمور التي ذكرتها أعلاه مستخدمين أمثلة من الواقع لتبيّن أن هذه الثوابت المفترضة ليست متماسكة داخليا حتى. ما يؤمن به البعض من وجود هذه الثوابت هو في حقيقته مقتبس من الإيمان بالله .. الثابت تعريفا. فإذا كانت القيم والعقائد والشرائع هي إرادة الله الثابتة، فلا بد أنها ثوابت. غير أن إرادة الله لم تكن ثابتة عبر العصور فالخمر حُرّمت ولم تكن محرمة قبل تحريمها، كمثال.
حتى الإنسان ذاته تغيّر منذ الخلق. ألم يكن طول سيدنا آدم ستون ذراعا :23:؟ لماذا البشر سود في افريقيا وبيض في أوروبا وسمر في الصحراء؟ اليست هي تغيرات على المستوى البيولوجي فرضتها البيئة؟ وهل الفطرة -أو الإحتياجات- هي ذاتها لدى إنسان الذي لا يجد قوت يومه كما هي لدى إنسان أمن الخوف والجوع؟ بالتأكيد لا. حتى احتياجات الإنسان الفطرية تتغير بتغيّر وضع الإنسان. حتى ولو كان هذا الإنسان في جنة الخلد ذاتها فهو ما يزال بحاجة الى أمور نابعة من قراره نفسه كالإبداع ومن حاجته الى التفاعل الإجتماعي مع غيره من البشر كالإحترام .. وهذه أمور خاصة بالإنسان ولا توفرها جنان عدن ذاتها.
اقتباس:سيظل في حاجة إلى تحريم الربا، وتحريم الخمر والميسر، وتحريم الزنى والشذوذ، وتحريم السرقة والرشوة، وأكل أموال الناس بالباطل، وتحريم الظلم بكل صوره وأنواعه.لا أعتقد ان شيئا من ذلكم الشرائع القطعية يمكن أن يطاله التبديل لمجرد أننا نعيش في عصر جديد!
لا يوجد شرائع قطعية. فالمتعة مشروعة لدى فرق من المسلمين وإن اقتربت بنظري الى الدعارة .. والسلب وغنائم الحرب هي نوع من السرقة المشروعة. وأخذ السراري لا يختلف كثيرا عن الإغتصاب المشروع. كذلك أكل أموال الناس بالباطل يصبح مشروعا إذا ألبس لباس التجارة.
اقتباس:فلا عجب أن تأتي شريعة الإسلام ملائمة لفطرة الإنسان وفطرة الوجود، جامعة بين عنصر الثبات وعنصر المرونة.
هي ليست كذلك حجي. ليس في فطرة الإنسان العبودية وقد شرّع الإسلام العبودية لله وكذلك الرق ولو أنه هذّبه الى أن حرّمته شريعة الأنجلوساكسون البريطانيين. وليس في فطرة الإنسان إيقام الصلاة خمسة مرات في اليوم، ولا في في فطرته التخلي عن أمواله، ولا في فطرته الجوع والعطش أو تحمّل مشاق السفر وقد فرضها الإسلام جميعا كأركأن شريعته. لو كانت هذه الأمور في فطرة الإنسان لفعلها الناس جميعا تلقائيا.
تحياتي ومودتي (f)
--
إضافة: هاك نقاش لنا في موضع آخر حول موضوع الثوابت والمتغيرات: "
الأخلاق: ثوابت عالمية أم متغيرات نسبية ؟"