الوهابية ليست بذلك التبسيط الذي نتوقعه..
هناك أولا مسببات لظهورها بحسب الظروف التاريخية التي سبقتها..
ثانيا هناك ارهاصات لها تفوق في تأثيرها التاريخي أحداث تاريخية أخرى منذ صدر الإسلام

نحن نتحدث عن تقويض للدين في اتجاه مصالح الدولة..
ثم نتحدث عن أزمة على مستوى العامة من أتباع الوهابية والخاصة أيضا..
ثم نتحدث عن أزمة بين الفكر الوهابي والدولة.. وهما متلازمان وكيانهما مرتبط كل بالآخر
كما لا ننسى أن نتحدث عن صحوة في أوساط الوهابيين لتصحيح مسارها وإبعادها عما يشوبها من تشكيك في النوايا.. ادى ذلك إلى نشوء حركة معتدلة بين "السلفيين" تحاول التملص من تجاوزات الوهابية والتمسك بمنجزاتها..

ليس كل الوهابية في اتجاه واحد..
وليسوا كلهم يتبعون شيخا واحدا..

لقد أصبح الوهابيون جماعات واحزاب يكفرون بعضهم بعضا..
ولمن يريد التأكد فليزر موقع الساحات ويتأكد بنفسه..

يقول أعداء الوهابية أن العقيدة الفاسدة لا بد وأن تنجرف لهذا المنحى..
أنا أقول نعم بشرط.. أن أتباعها ليسوا كلهم متأكدين منها..
ومن أجندتها الخفية..
وبعض من هؤلاء مخلصون لله كما يبدو... واكتشفوا اللعبة مبكرا..فعادوا إلى الاعتدال.. وأساس الدين الاعتدال..


أما مقارنتها بالتحور في المسيحية واليهودية.. فهي مقارنة نسبية..
الوهابية وحتى العقدين الماضيين لم يكن لها رواج في أوساط العقلاء بل كانت تتجه نحو طلاب العلم من الصغار في الجوامع والطرقات..ونحو الجهلاء وأصحاب المهن المتواضعة..

وحتى اليوم لم يكن لهذا الفكر تأثير على الجماعات الأخرى إلا فيما ندر.. أي أن الكثيرين من الصوفية والمعتزلة والأباضية وغيرهم لم يغيروا مفاهيمهم رغم شراسة الحملات الوهابية التي تمولها الحكومة السعودية والكتب المجانية التي توزع بالصناديق والمنح والمساعدات المختلفة داخل العالم الإسلامي وخارجه
هذا ما جعل الحركة الوهابية شهيرة إلى هذا الحد ومؤثرة في الفكر الإسلامي المعاصر..
أنها تجاوزت حدود المساجد وباتت شعار دولة..وليست أي دولة


نعم كانت الخطورة الأكبر لهذه الحركة متمثلة في سيطرتها على البقاع المقدسة في الحجاز وانطلاقها من هناك لبسط سيطرتها ونشر أفكارها بين المسلمين خاصة الأعاجم منهم..لكنني أجد نفسي مضطرا للتقليل من شأن الحركة الوهابية "المتطرفة" والجماعات المنبثقة منها..
لسبب واحد..
أنها سرعان ما ستنتحر وسط كل هذا العداء والكراهية التي تسببت بهما في السنوات الأخيرة..

الفكر الإقصائي الذي تؤصله الحركة الوهابية بين أتباعها يجعل منهم منبوذين دائما... مهما تمكنوا من الوصول إلى بعض أهدافهم.. لكن الوصول مؤقت.. ودائما ما يعقبه الانهيار..

أما التطرف في المسيحية فلم تتح له الفرصة لبسط سيطرته إلى هذا الحد حسب اعتقادي..
وبالتالي فإن التطرف الوهابي يعد في رأيي أسوأ بكثير من التطرف اليهودي والمسيحي من ناحية أنه شوه صورة الإسلام أكثر مما شوهت مثيلتها في المسيحية واليهودية الرسالة الأصلية
لماذا؟؟
لأن الوهابيين يدعون حمل راية الإسلام.. ويعلو صوتهم فوق الجميع لسنين طويلة. حتى باتت صورة الإسلام والمسلم.. هي السعودية.. وصاحب اللحية الطويلة الشعثاء والثوب القصير والنظرة المتجهمة..


واختم بالقول أن الوهابيين ليسوا كلهم ارهابيون ومتطرفون.. ولكن هذا كانت البداية وهكذا وجب أن تصبح الصورة العامة..
أفكار محمد عبدالوهاب بدت جميلة على الورق.. لكنها وعندما طبقت وصارت ملازمة للسيف..
أراقت دماء الأبرياء والمسلمين بغير حق..
واتهمت الجميع بالشرك..
وقطعت أوصال القبائل والقرى..
وأصلت لحكم فاسد متمثل في حكم آل سعود..